عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 35]

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}

تفسير قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1] قد سعد المؤمنون، والسّعداء أهل الجنّة.
سعيدٌ عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ كعبًا قال: لم يخلق اللّه بيده إلا ثلاثةً، خلق آدم بيده، وكتب التّوراة بيده، وغرس الجنّة بيده ثمّ قال لها: تكلّمي، فقالت: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1] المعلّى بن هلالٍ ذكره بإسنادٍ قال: إنّ اللّه خلق الجنّة بيده، فجعل لبنة ذهبٍ، ولبنة فضّةٍ، وملاطها المسك، ثمّ جعل فيها ما جعل ثمّ نظر فيها فقال: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1]، ثمّ أغلق بابها فليس يعلم ما فيها ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ.
قال: فالّذي يوجد من برد السّحر وطيبه فهو ما يخرج من خلل الباب). [تفسير القرآن العظيم: 1/392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون}

أي قد نالوا البقاء الدائم في الخير، ومن قرأ قد أفلح المؤمنون.
كان معناه: قد أصيروا إلى الفلاح.
ويروى عن كعب الحبر: أن الله عزّ وجلّ لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء، خلق آدم - صلى الله عليه وسلم - بيده وخلق جنّة عدن بيده، وكتب التوراة بيده،
فقال لجنّة عدن تكلمي فقالت {قد أفلح المؤمنون} لما رأت فيها من الكرامة لأهلها،
و{المؤمنون} المصدّقون بما أتى من عند اللّه، وبأنه واحد لا شريك له.
وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - نبيّه). [معاني القرآن: 4/6-5]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قول الله جل وعز: {قد أفلح المؤمنون} أي قد نالوا الفلاح وهو دوام البقاء في الجنة). [معاني القرآن: 4/441]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَدْ أَفْلَـحَ}: قد فـاز). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 2] عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن قال: الخشوع: الخوف الثّابت في القلب.
عثمان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: الخشوع: غضّ البصر وخفض الجناح.
وقال مجاهدٌ: كان أهل العلم يكرهون إذا قام الرّجل في صلاته أن يعبث بشيءٍ من هكذا يديه، أو يلتفت، أو يهتمّ بشيءٍ من أمر الدّنيا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/392]
- المسعوديّ، عن قتادة، عن أبي مجلزٍ، عن أبي عبيدة أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ كان إذا قام في الصّلاة خفض فيها بصره، ويديه وصوته.
خداشٌ، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين قال: كانوا يلتفتون في صلاتهم حتّى نزلت هذه الآية، فغضّوا أبصارهم.
فكأنّ أحدهم ينظر إلى موضع سجوده.
وقال الحسن: {الّذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 2] أي خائفون). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {في صلاتهم خاشعون} أي لا تطمح أبصارهم ولا يلتفتون مكبون). [مجاز القرآن: 2/55]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله عزّ وجلّ: {الّذين هم في صلاتهم خاشعون}
أصل الخشوع في اللغة الخضوع والتواضع، ودليل ذلك قوله: {وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلّا همسا}.
وقال الحسن وقتادة: خاشعون خائفون.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا وقف في صلاته رفع بصره نحو السماء، فلما نزلت (الّذين هم في صلاتهم خاشعون) جعل نظره موضع سجوده). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {الذين هم في صلاتهم خاشعون}
قال إبراهيم وقتادة الخشوع في القلب قال إبراهيم وهو السكون
وقال قتادة وهو الخوف وغض البصر في الصلاة
قال مجاهد هو السكون
والخشوع عند بعض أهل اللغة في القلب والبصر كأنه تفريغ القلب للصلاة والتواضع باللسان والفعل
قال أبو جعفر وقول مجاهد وإبراهيم في هذا حسن وإذا سكن الإنسان تذلل ولم يطمح ببصره ولم يحرك يديه فأما وضع البصر موضع السجود فتحديد شديد
وقد روى عن علي عليه السلام الخشوع أن لا يلتفت في الصلاة
وحقيقته المنكسر قلبه إجلالا لله ورهبة منه ليؤدي ما يجب عليه). [معاني القرآن: 4/442-441]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم عن اللّغو معرضون} [المؤمنون: 3] واللّغو: الباطل.
وهو تفسير السّدّيّ.
ويقال: الكذب.
وهو واحدٌ، وهو الشّرك). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {اللّغو}: باطل الكلام والمزاح). [تفسير غريب القرآن: 296]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والّذين هم عن اللّغو معرضون}
اللغو كل لعب وهزل، وكلّ معصية فمطّرحة ملغاة، وهم الذين قد شغلهم الجد فيما أمرهم اللّه به عن اللغو). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {والذين هم عن اللغو معرضون}
قال الحسن عن المعاصي
قال أبو جعفر واللغو عند أهل اللغة ما يجب أن يلغى
أي يطرح ويترك من اللعب والهزل والمعاصي
أي شغلهم الجد عن هذا). [معاني القرآن: 4/443-442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اللَّغْوِ}: باطل الكلام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اللَّغْوِ}: الباطـل). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم للزّكاة فاعلون} [المؤمنون: 4] يؤدّون الزّكاة المفروضة). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {والّذين هم للزّكاة فاعلون}

معنى {فاعلون} مؤتون). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والذين هم للزكاة فاعلون} أي مؤدون
ومدح الله جل وعز من أخرج من ماله الزكاة وإن لم يخرج منها غيرها). [معاني القرآن: 4/443]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم لفروجهم حافظون} [المؤمنون: 5] من الزّنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {والّذين هم لفروجهم حافظون}

أي يحفظون فروجهم عن المعاصي). [معاني القرآن: 4/6]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إلا على أزواجهم} [المؤمنون: 6] إن شاء تزوّج واحدةً، وإن شاء تزوّج اثنتين، وإن شاء ثلاثًا، وإن شاء أربعًا، لا يحلّ له ما فوق ذلك.
قوله: {أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون: 6] يطأ بملك يمينه كم شاء.
قال: {فإنّهم غير ملومين} [المؤمنون: 6] في أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، لا لوم عليهم في ذلك، أي لا إثم عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين هم لفروجهم حافظون...}

{إلاّ على أزواجهم...}
المعنى: إلاّ من أزواجهم اللاتي أحلّ الله من الأربع لا تجاوز.
وقوله: {أو ما ملكت أيمانهم} (ما) في موضع خفض. يقول: ليس عليهم في الإماء وقت، ينكحون ما شاءوا. فذلك قوله: حفظوا فروجهم إلاّ من هذين {فإنّهم غير ملومين} فيه. يقول: غير مذنبين). [معاني القرآن: 2/231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين}
موضع " ما " خفض ودخلت " على " ههنا لأن المعنى أنهم يلامون في إطلاق ما حظر عليهم، (إلّا على أزواجهم فإنهم لا يلامون على ما أحلّ لهم من تزوج أربع، ومن ملك اليمين، والمعنى أنهم يلامون على ما سوى أزواجهم وملك أيمانهم). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}
قال الفراء أي إلا من اللاتي أحل الله جل وعز لهم الأربع لا تجاوزه
{أو ما ملكت أيمانهم} في موضع خفض معطوفة على أزواجهم وما مصدر أي ينكحون ما شاءوا من الإماء حفظوا فروجهم إلا من هذين). [معاني القرآن: 4/444-443]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فمن ابتغى وراء ذلك} [المؤمنون: 7] وراء أزواجه أو ما ملكت يمينه.
{فأولئك هم العادون} [المؤمنون: 7] الزّناة تعدّوا الحلال إلى الحرام.
وكان قتادة يقول: من تعدّى الحلال أصاب الحرام.
وقال السّدّيّ: {فأولئك هم العادون} [المؤمنون: 7] أي: فأولئك هم المعتدون، أي: الظّالمون أنفسهم بركوب المعصية). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}
أي: فمن طلب ما بعد ذلك.
{فأولئك هم العادون} ومعنى {العادون} الجائرون الظالمون الذين قد تعدّوا في الظلم). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}
أي: فمن طلب سوى أربع نسوة وما ملكت يمينه فأولئك هم العادون أي الجائرون إلى ما لا يحل الذين قد تعدوا). [معاني القرآن: 4/444]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فمن ابتغى وراء ذلك} أي: فمن طلب سوى ذلك). [ياقوتة الصراط: 373]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فأولئك هم العادون} أي: العاصون). [ياقوتة الصراط: 373]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} [المؤمنون: 8] يؤدّون الأمانة ويوفون بالعهد). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {والّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون}

ويقرأ لأمانتهم واحدا وجمعا.
{وعهدهم راعون}ىأي: يقومون على حفظ أمانتهم وعهدهم، يرعون ذلك، وأصل الرّعي في اللغة القيام على إصلاح ما يتولّاه الراعي من كل شيء تقول: الإمام يرعى رعيته،
والقيّم بالغنم يرعى غنمه، وفلان يرعى ما بينه وبين فلان، أي يقوم على إصلاح ما بينه وبينه). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي :حافظون
يقال رعيت الشيء أي قمت بصلاحه ومنه فلان يرعى ما بينه وبين فلان). [معاني القرآن: 4/444]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم على صلواتهم يحافظون} [المؤمنون: 9] يحافظون على الصّلوات الخمس.
قال قتادة: على وضوئها، ومواقيتها، وركوعها، وسجودها.
- سعيدٌ وهمّامٌ، عن قتادة، عن حنظلة الكاتب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " من حافظ على الصّلوات الخمس، على وضوئهنّ ومواقيتهنّ وركوعهنّ وسجودهنّ، وعلم أنّه حقٌّ للّه عليه دخل الجنّة، أو قال: وجبت له الجنّة ".
[تفسير القرآن العظيم: 1/393]
وقال سعيدٌ: حرّم على النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {والّذين هم على صلواتهم يحافظون}

{والّذين هم على صلاتهم}وصلواتهم يقرأ أن جميعا.
{يحافظون} معناه يصلونها لوقتها، والمحافظة على الصلوات أن تصلّى في أوقاتها.
فأمّا الترك فداخل في باب الخروج عن الدّين.
والذين وصفوا بالمحافظة هم الذين يرعون أوقاتها). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {والذين هم على صلواتهم يحافظون}
قال مسروق أي يصلونها لوقتها
وليس من جهة الترك لأن الترك كفر). [معاني القرآن: 4/445-444]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولئك هم الوارثون} [المؤمنون: 10] ليس من واحدٍ إلا قد أعدّ اللّه له منزلًا وأهلًا في الجنّة، فإن أطاع اللّه صار إلى ما أعدّ له، وإن عصى اللّه صرف اللّه ذلك المنزل عنه فأعطاه المؤمن، ما أعدّ اللّه للمؤمنين، فورّث المؤمنين تلك المنازل والأزواج.
فهو قوله: {أولئك هم الوارثون} [المؤمنون: 10] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {أولئك هم الوارثون}

أي من وصف بما جرى من الإيمان والعمل بما يلزم المؤمن أولئك هم الوارثون). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أولئك هم الوارثون}
يقال إنما الوارث من ورث ما كان لغيره فكيف يقال لمن دخل الجنة وارث
ففي هذا أجوبة يستغنى عن ذكرها بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {أولئك هم الوارثون} قال ليس من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار،
فإن هو أدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله تعالى: {أولئك هم الوارثون} ). [معاني القرآن: 4/445]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} [المؤمنون: 11] والفردوس اسمٌ من أسماء الجنّة في تفسير الحسن.
قال يحيى: وبلغني أنّها بالرّوميّة.
سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: هي ربوة الجنّة، وأوسطها، وأفضلها.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صالحٍ مولى التّوأمة، عن أبي هريرة قال: الفردوس: جبلٌ في الجنّة تفجّر منه أنهار الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الفردوس...}

قال الكلبيّ: هو البستان بلغة الروم. ... وهو عربي أيضاً. العرب تسمي البستان الفردوس). [معاني القرآن: 2/231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أولئك هم الوارثون * الّذين يرثون الفردوس} قال مجاهد: هو البستان المخصوص بالحسن، بلسان الرّوم).
[تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( ثم قال: {هم فيها خالدون} فأنث. ذهب إلى الجنة). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون } [معاني القرآن: 4/7]
روي أن اللّه - جل ثناؤه - جعل لكل امرئ بيتا في الجنّة وبيتا في النّار فمن عمل عمل أهل النّار ورث بيته من الجنّة من عمل عمل أهل الجنّة، ومن عمل عمل أهل الجنّة ورث بيته من النار من عمل عمل أهل النّار، والفردوس: أصله رومي أعرب وهو البستان، كذلك جاء في التفسير.
وقد قيل إنّ الفردوس يعرفه العرب، وسمّى الموضع الذي فيه كرم فردوسا.
قال أبو إسحاق: روينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه " كتاب التفسير "، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه أن اللّه عزّ وجلّ، بنى جنّة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل جبالها المسك الأذفر.
وروينا عن غيره أن اللّه - جلّ ثناؤه - كنس جنّة الفردوس بيده، وبناها لبنة من ذهب مصفّى ولبنة من مسك مذرّى، وغرس فيها من جيّد الفاكهة وجيّد الريحان). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {الذين يرثون الفردوس هو فيها خالدون}
في حديث سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعا والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها
ثم قال هم فيها خالدون فأنث على معنى الجنة). [معاني القرآن: 4/446]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ} [المؤمنون: 12] قال: والسّلالة النّطفة تنسلّ من الرّجل، وكان بدء ذلك من طينٍ.
خلق اللّه آدم من طينٍ، ثمّ جعل نسله بعد من سلالةٍ من ماءٍ مهينٍ، ضعيفٍ يعني النّطفة). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {من سلالةٍ...}

والسّلالة التي تسلّ من كلّ تربة). [معاني القرآن: 2/231]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ " مجازها الولد والنطفة قالت بنت النعمان بن بشير الأنصارية:


وهل كنت إلاّ مهرةً عربيّة=سلالة أفراسٍ تجلّلها بغل
فإن نتجت مهراً كريماً فبالحرى=وإن يك إقرافٌ فمن قبل الفحل
تقول لزوجها روح بن زنباع الجذامي.
ويقال: سليلة وقال:
يقذفن في اسلائها بالسلايل
وقال حسان:
فجاءت به عضب الأديم غضنفراً=سلالة فرج كان غير حصين
ويقال لبن غضنفر أي خائر غليظ والأسد سمي غضنفر لكثافته وعظم هامته وأذنيه، والغضنفر الغليظ من اللبن ومن كل شيء). [مجاز القرآن: 2/56-55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {من سلالة من ماء مهين}: (السلالة) صفوة الماء (الماء المهين) النطفة). [غريب القرآن وتفسيره: 264]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {من سلالةٍ} قال قتادة: استلّ آدم من طين، وخلقت ذريته من ماء مهين.
ويقال للولد: سلالة أبيه، وللنّطفة: سلالة، وللخمر: سلالة.
ويقال: إنما جعل آدم من سلالة، لأنه سلّ من كل تربة). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}
سلالة: فعالة. فخلق اللّه آدم - عليه السلام - من طين). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}
قال قتادة استل آدم صلى الله عليه وسلم من طين وقال غيره إنما قيل لآدم سلالة لأنه سل من كل تربة
ويقال للولد سلالة أبيه
وهو فعالة من أنسل وفعالة تأتي للقليل من الشيء نحو القلامة والنخالة
وقد قيل إن السلالة إنما هي نطفة آدم صلى الله عليه وسلم كذا قال مجاهد
وهو أصح ما قيل فيه ولقد خلقنا ابن آدم من سلالة آدم وآدم هو الطين لأنه خلق منه). [معاني القرآن: 4/447-446]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سُلَالَةٍ}: أي استل آدم من الطين، وخلقت ذريته من ماءِ مهين. يقال للولد (سلالة أبيه) ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سُلاَلَـةٍ}: صفو الماء). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ} [المؤمنون: 13] الرّحم). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين}

على هذا القول يعني ولد آدم.
وقيل من سلالة من طين، من منيّ آدم - صلى الله عليه وسلم - وسلالة: القليل فيما ينسل. وكل مبنى على فعالة، يراد به القليل.
فمن ذلك الفضالة والنّخالة والقلامة. فعلى هذا قياسه). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ويدل على ذلك قوله عز وجل: {ثم جعلناه نطفة في قرار مكين}
ولم يصر في قرار مكين إلا بعد خلقه في صلب الفحل
وقوله تعالى: {ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} يراد ولده ثم خلقنا النطفة علقة وهي واحدة العلق وهو الدم قبل أن ييبس
فخلقنا العلقة مضغة، المضغة القطعة الصغيرة من اللحم مقدار ما يمضغ كما يقال غرفة لمقدار ما يغرف وحسوة لمقدار ما يحسى). [معاني القرآن: 4/447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (النُّطْفَةُ): الماء المهين). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ خلقنا النّطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً} [المؤمنون: 14] يكون في بطن أمّه نطفةً أربعين ليلةً، ثمّ علقةً أربعين ليلةً، ثمّ يكون مضغةً أربعين ليلةً.
قال: فخلقنا المضغة عظمًا يعني جماعة العظام في قراءة من قرأها: عظمًا.
وهي تقرأ: عظامًا يعني جماعة العظام عظمًا عظمًا.
{فكسونا العظام} [المؤمنون: 14] وبعضهم يقرأها العظم.
{لحمًا} [المؤمنون: 14] وهي مثل الأولى.
قال: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} [المؤمنون: 14] أبو سهلٍ، عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ، عن قتادة قال: أنبت عليه الشّعر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/394]
سعيدٌ عن قتادة: قال أنبت به الشّعر.
قال قتادة: وقال الحسن: الرّوح.
وفي تفسير عمرٍو عن الحسن: ذكرًا وأنثى.
وقال الكلبيّ: الرّوح وهو في بطن أمّه.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: حين استوى به الشّباب.
قال: {فتبارك اللّه} [المؤمنون: 14] وهو من باب البركة كقوله: {فتعالى اللّه} [المؤمنون: 116] قوله: {أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14] إنّ العباد قد يخلقون، يشبّهون بخلق اللّه، ولا يستطيعون أن ينفخوا فيه الرّوح.
- الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " المصوّرون يعذّبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم ".
- أبو أميّة بن يعلى الثّقفيّ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " قال اللّه: من أظلم ممّن يخلق كخلقي، فليخلقوا ذبّانًا أو ذرّةً، أو بعوضةً ".
- حمّادٌ، عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ أشدّ النّاس عذابًا يوم القيامة الّذين يضاهون بخلق اللّه».
- حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن أنس بن مالكٍ أنّ عمر بن الخطّاب قال: " وافقني ربّي، أو وافقت ربّي في أربعٍ، قال لمّا نزلت: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ} [المؤمنون: 12] إلى آخر الآية قلت: تبارك اللّه أحسن الخالقين.
فقال رسول اللّه: يا عمر لقد ختمها اللّه بما قلت.
وقلت: يا رسول اللّه، لو اتّخذنا من مقام إبراهيم مصلًّى.
فأنزل اللّه: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى} [البقرة: 125] قلت: يا رسول اللّه، لو حجبت النّساء فإنّه يدخل عليهنّ الصّالح وغيره، فأنزل اللّه آية الحجاب.
وكان بين
[تفسير القرآن العظيم: 1/395]
نبيّ اللّه وبين نسائه شيءٌ فقلت: لتنتهنّ أو ليبدّلنّه اللّه أزواجًا خيرًا منكنّ، فأنزل اللّه: {عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجًا خيرًا منكنّ} [التحريم: 5). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فكسونا العظام لحماً...}

و (العظم) وهي في قراءة عبد الله {ثم جعلنا النطفة عظماً وعصباً فكسوناه لحماً} فهذه حجّة لمن قال: عظماً وقد قرأها بعضهم (عظما).
وقوله: {ثمّ أنشأناه خلقاً آخر} يذهب إلى الإنسان وإن شئت: إلى العظم والنطفة والعصب، تجعله كالشيء الواحد). [معاني القرآن: 2/232]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ثمّ خلقنا النّطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثمّ أنشأناه خلقاً آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين}
وقال: {أحسن الخالقين} لأن الخالقين هم الصانعون.
وقال الشاعر:
* وأراك تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري *). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {علقةً} واحدة العلق، وهو الدم.
و(المضغة) اللّحمة الصغيرة. سميت بذلك لأنها بقدر ما يمضغ، كما قيل غرفة، بقدر ما يغرف.
{ثمّ أنشأناه خلقاً آخر} أي خلقناه بنفخ الروح فيه خلقا آخر). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثمّ أنشأناه خلقا آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين}
{فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما} وتقرأ على أربعة أوجه:
أحدها ما ذكرنا. وتقرأ: (فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظم لحما)
ويقرأ: (فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظم لحما)
ويقرأ: (فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظام لحما).
والتوحيد والجمع ههنا جائزان، لأنه يعلم أن الإنسان ذو عظام، فإذا ذكر على التوحيد فلأنه يدلّ على الجمع، ولأنّه معه اللحم، ولفظه لفظ الواحد، فقد علم أن العظم يراد به العظام.
وقد يجوز من التوحيد إذا كان في الكلام دليل على الجمع ما هو أشدّ من هذا قال الشاعر:
في حلقكم عظم وقد شجينا
يريد في حلوقكم عظام.
وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ أنشأناه خلقا آخر}.
فيه ثلاثة أقوال:
قيل جعل ذكرا أو أنثى، وقيل نفخ فيه الروح، وقيل أنبت عليه الشعر.
ويروى أن عمر كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت هذه الآية، فقال عمر: فتبارك الله أحسن الخالقين، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر إن الله قد ختم بها الآية). [معاني القرآن: 4/9-8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فخلقنا المضغة عظاما}
ويقرأ عظما وهو واحد يدل على جمع لأنه قد علم أن للإنسان عظاما فكسونا العظام لحما ويجوز العظم على ذلك
وقوله جل وعز: {ثم أنشأناه خلقا آخر} روى عطاء عن ابن عباس والربيع بن أنس، عن أبي العالية وسعيد عن قتادة، عن الحسن وعلي بن الحكم،
عن الضحاك في قوله: {ثم أنشأناه خلقا آخر} قالوا نفخ فيه الروح
وروى هشيم عن منصور عن الحسن {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال ذكرا وأنثى
وروي عن الضحاك قال الأسنان وخروج الشعر
قال أبو جعفر وأولى ما قيل فيه أنه نفخ الروح فيه لأنه يتحول عن تلك المعاني إلى أن يصير إنسانا
والهاء في أنشأناه تعود على الإنسان أو على ذكر العظام والمضغة والنطفة أي أنشأنا ذلك وقوله: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون}
ونقول في هذا المعنى لمائتون). [معاني القرآن: 4/449-448]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ إنّكم بعد ذلك} [المؤمنون: 15] بعدما ينفخ فيه الرّوح.
{لميّتون} [المؤمنون: 15] إذا جاء أجله). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {بعد ذلك لميّتون...}

تقرأ (لميتون) و(لمائتون) وميّتون أكثر، والعرب تقول لمن لم يمت: إنك ميّت عن قليلٍ ومائت. ولا يقولون للميت الذي قد مات، هذا مائت؛ إنما يقال في الاستقبال،
ولا يجاوز به الاستقبال. وكذلك يقال: هذا سيّد قومه اليوم، فإذا أخبرت أنه يكون سيّدهم عن قليل قلت: هذا سائد قومه عن قليلٍ وسيّد. وكذلك الطمع،
تقول: هو طامع فيما قبلك غداً. فإذا وصفته بالطمع قلت: هوطمع. وكذلك الشريف، تقول: إنه لشريف قومه، وهو شارف عن قليل.
وهذا الباب كلّه في العربية على ما وصفت لك). [معاني القرآن: 2/232]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون}
ويجوز لمائتون، ويجوز لميتون.
وأجودها (لميّتون)، وعليها القراءة.
وجاءت مائتون لأنها لما يستقبل). [معاني القرآن: 4/9]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} [المؤمنون: 17] تفسير مجاهدٍ سبع سمواتٍ، طبقةً طبقةً بعضها فوق بعضٍ كقوله: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سمواتٍ طباقًا} [نوح: 15] طبقةً، بعضها فوق بعضٍ.
قوله: {وما كنّا عن الخلق غافلين} [المؤمنون: 17] أن ننزّل عليهم ما يحييهم وما يصلحهم من هذا المطر). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق...}

يعني السموات كلّ سماء طريقة {وما كنّا عن الخلق غافلين} عمّا خلقنا (غافلين) يقول: كنا له حافظين). [معاني القرآن: 2/232]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سبع طرائق} مجازها أن كل شيء فوق شيء فهو طريقة من كل شيء والمعنى هنا السموات لأن بعضهن فوق بعض).
[مجاز القرآن: 2/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سبع طرائق} سبع سموات كل سماء طريقة. ويقال: هي الأفلاك كلّ واحد طريقة. وإنما سميت طرائق بالتّطارق،
لأن بعضها فوق بعض. يقال: طارقت الشيء، إذا جعلت بعضه فوق بعض. يقال: ريش طرائق). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنّا عن الخلق غافلين}
يعنى به سبع سموات، فكل واحدة طريقة.
{وما كنّا عن الخلق غافلين}، أي لم نكن لنغفل عن حفظهنّ، كما قال: {وجعلنا السّماء سقفا محفوظا}.
وجائز أن يكون {وما كنّا عن الخلق غافلين} أي : إنا لحفظنا إيّاهم خلقنا هذا الخلق). [معاني القرآن: 4/9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق}
قال أبو عبيدة أي سبع سموات وحكى غيره أنه يقال طارقت الشيء أي جعلت بعضه فوق بعض فقيل للسموات طرائق لأن بعضها فوق بعض). [معاني القرآن: 4/450-449]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأنزلنا من السّماء ماءً بقدرٍ} [المؤمنون: 18] عاصم بن حكيمٍ، عن سليمان التّيميّ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ما عامٌ بأكثر من عامٍ مطرًا.
أو قال: ما من عامٍ، ولكنّ اللّه يصرّفه حيث شاء.
وقرأ هذه الآية: {ولقد صرّفناه بينهم} [الفرقان: 50]
- الخليل بن مرّة عن عمرٍو أنّ عليًّا قال: إنّ هذا الرّزق يتنزّل من السّماء كقطر المطر إلى كلّ نفسٍ بما كتب اللّه لها.
- عمّارٌ، عن المسعوديّ أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ قال: كلّ النّخل ينبت في مستنقع الماء الأوّل إلا العجوة فإنّها من الجنّة.
قال: {فأسكنّاه في الأرض} [المؤمنون: 18] قال الكلبيّ: يعني الأنهار، والعيون، والرّكيّ، يعني الآبار.
{وإنّا على ذهابٍ به} [المؤمنون: 18] على أن نذهب بذلك الماء.
{لقادرون} [المؤمنون: 18] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {وأنزلنا من السّماء ماء بقدر فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون}

ويروى أن أربعة أنهار من الجنة، دجلة والفرات وسيحان وجيحان.
ومعنى {فأسكنّاه في الأرض} جعلناه ثابتا فيها لا يزول). [معاني القرآن: 4/10]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض}
معنى فأسكناه في الأرض جعلناه فيها ثابتا
كما روي أربعة أنهار من الجنة في الدنيا الفرات ودجلة وسيحان وجيحان
قرئ على أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس، عن جامع بن سوادة قال: حدثنا سعيد بن سابق، قال: حدثنا مسلمة بن علي، عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنزل الله جل وعز من الجنة خمسة أنهار سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا الفرات، والنيل وهو نهر مصر، أنزلهما الله جل وعز من غير واحدة من عيون الجنة في أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل صلى الله عليه وسلم فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعل فيها منافع للناس من أصناف معايشهم وذلك قوله جل وعز: {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض} فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جل وعز جبريل عليه السلام فرفع من الأرض القرآن والعلم وهذه الأنهار الخمسة فيرفع ذلك إلى السماء وذلك قوله تعالى: {وإنا على ذهاب به لقادرون} فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض إلى السماء فقد أهلها خير الدين والدنيا والآخرة). [معاني القرآن: 4/451-450]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأنشأنا لكم به} [المؤمنون: 19] خلقنا لكم به، أي أنبتنا لكم به، بذلك الماء.
[تفسير القرآن العظيم: 1/396]
{جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ لكم فيها} [المؤمنون: 19] في تلك الجنّات.
{فواكه كثيرةٌ} [المؤمنون: 19] يعني أنواع الفاكهة.
{ومنها تأكلون} [المؤمنون: 19] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومنها تأكلون} [المؤمنون: 19] يعني لحومها). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]

تفسير قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وشجرةً تخرج من طور سيناء} [المؤمنون: 20] وهي الزّيتونة.
والطّور: الجبل وسيناء: الحسن، كقوله {وطور سينين} [التين: 2] الجبل الحسن في تفسير قتادة.
يعني جبل بيت المقدس.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه، سيناء: المبارك، أي الجبل المبارك، طور سينين.
قوله: {تنبت بالدّهن} [المؤمنون: 20] وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: تثمر به.
{وصبغٍ للآكلين} [المؤمنون: 20]
- عثمان، عن زيد بن أسلم قال: قال رسول اللّه: «الزّيت شجرةٌ مباركةٌ فائتدموا به وادّهنوا»). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وشجرةً تخرج من طور سيناء...}

وهي شجرة الزيتون {تنبت بالدّهن} وقرأ الحسن (تنبت بالدهن) وهما لغتان يقال نبتت وأنبتت؛ كقول زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم =قطيناً لهم حتّي إذا أنبت البقل
(ونبت) وهو كقولك: مطرت السماء وأمطرت. وقد قرأ أهل الحجاز. (فاسر بأهلك) موصولة من سريت. وقراءتنا {فأسر بأهلك} (من أسريت)
وقال الله {سبّحان الذي أسرى بعبده ليلاً} (وهو أجود) وفي قراءة عبد الله (تخرج الدهن).
وقوله: {وصبغٍ لّلآكلين} يقول: (الآكلون يصطبغون بالزيت. ولو كان (وصبغا) على (وصبغاً أنبتناه) فيكون). بمنزلة قوله: {إنّا زيّنّا السماء الدنيا بزينةٍ الكواكب وحفظاً}.
وذلك أن الصّبغ هو الزيت بعينه. ولو كان خلافه لكان خفضاً لا يجوز غيره. فمن ذلك أن تقول: مررت بعبد الله ورجلا ما شئت من رجل، إذا جعلت الرجل من صفة عبد الله نصبته. وإن كان خلافه خفضته لأنك تريد: مررت بعبد الله وآخر.
وقرأ أهل الحجاز (سيناء) بكسر السّين والمدّ، وقرأ عاصم وغيره (سيناء) ممدودةً مفتوحة السّين. والشجرة منصوبة بالردّ على الجنات، ولوكانت مرفوعة إذ لم يصحبها الفعل كان صواباً. كمن قرأ {وحورٌ عينٌ} أنشدني بعضهم:
ومن يأت ممشانا يصادف غنيمة =سواراً وخلخالاً وبردٌ مفوّف
كأنة قال: ومع ذلك برد مفوّف. وأنشدني آخر:
هزئت حميدة أن رأت بي رتّة =وفماً به قصم وجلدٌ أسود
كأنه قال: ومع ذلك جلد أسود). [معاني القرآن: 2/234-232]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تنبت بالدّهن} مجازه تنبت الدهن والباء من حروف الزوائد وفي آية آخرى: {ومن يرد فيه بإلحادٍ} مجازه يريد فيه إلحاداً،
قال الراجز:
نحن بنو جعدة أصحاب الفلج=نضرب بالبيض ونرجو بالفرج
أي نرجو الفرج). [مجاز القرآن: 2/57-56]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {طور سيناء} الطور الجبل قال العجاج:
داني جناحيه من الطّور فمرّ
و " سيناء " اسم). [مجاز القرآن: 2/57]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وشجرةً تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغٍ لّلآكلين}
وقال: {وشجرةً تخرج} على "فأنشأنا جنّاتٍ" {وشجرةً} ). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {طور سيناء}: الطور الجبل، وسيناء اسم وسيناء أيضا). [غريب القرآن وتفسيره: 264]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وصبغٍ للآكلين} مثل الصّباغ. كما يقال: دبغ ودباغ لبس ولباس). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها.
كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} ). [تأويل مشكل القرآن: 248] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغ للآكلين}
(شجرة) منصوب، عطف على قوله: {فأنشأنا لكم به جنّات} أي، وأنشأنا لكم به شجرة.
ويقرأ (من طور سيناء) بفتح السين، وبكسر السين، والطور الجبل، وقيل إن سيناء حجارة، وهو - واللّه أعلم - اسم لمكان.
فمن قال سيناء، فهو على وصف صحراء، لا ينصرف، ومن قال سيناء - بكسر السين - فليس في الكلام على وزن فعلاء على أن الألف للتأنيث، لأنه ليس في الكلام ما فيه ألف التأنيث على وزن فعلاء، وفي الكلام نحو علباء منصرف.
إلا أن سيناء ههنا اسم للبقعة فلا ينصرف.
قوله: {تنبت بالذهن}
يقال نبت الشجر وأنبت في معنى واحد، قال زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
ومعنى {تنبت بالدّهن} أي: تنبت وفيها دهن ومعها دهن كما تقول: جاءني زيد. بالسيف، تريد جاءني ومعه السيف.
وقوله تعالى: {وصبغ للآكلين} يعنى: بها الزيتون). [معاني القرآن: 4/11-10]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وشجرة تخرج من طور سيناء}
المعنى وأنشأنا شجرة
قال أبو عبيدة الطور الجبل وسيناء اسم
وقال الضحاك سيناء الحسن
قال أبو جعفر والمعروف أن سينا اسم الموضع
ثم قال جل وعز: {تنبت بالدهن}
ويقرأ تنبت بالدهن
وفيه ثلاثة أقوال
أحدها أن الباء زائدة وهذا مذهب أبي عبيدة كما قال الشاعر:
هن الحرائر لا ربات أحمرة = سوء المحاجر لا يقرأن بالسور
وقيل الباء متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل فقيل نبت وأنبت بمعنى كما قال الشاعر:
أيت ذوي الحاجات حول بيوتهم = قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
وهذا القول مذهب الفراء وأبي إسحاق ومعنى تنبت بالدهن وتنبت بالدهن عندهما واحد
والمعنى تنبت ومعها الدهن كما تقول جاء فلان بالسيف أي ومعه السيف
ثم قال جل وعز: {وصبغ للآكلين}
وصبغ وصباغ بمعنى واحد
قال قتادة يعني الزيتون). [معاني القرآن: 4/453-451]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طُورِ سِينَـاءَ}: جبل، موضع). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً} [المؤمنون: 21] الآية.
{نسقيكم ممّا في بطونها} [المؤمنون: 21] يعني اللّبن.
{ولكم فيها منافع كثيرةٌ} [المؤمنون: 21] في ألبانها، وظهورها، وكلّ ما ينتفع به منها). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعليها} [المؤمنون: 22] أي وعلى الإبل.
{وعلى الفلك} [المؤمنون: 22] السّفن.
{تحملون} [المؤمنون: 22] وقد يقال إنّها سفن البرّ.
وقد قال في آيةٍ أخرى: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون {41}
[تفسير القرآن العظيم: 1/397]
وخلقنا لهم من مثله ما يركبون {42}} [يس: 41-42].
وقال في آيةٍ أخرى: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون} [الزخرف: 12] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23)}

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتّقون {23} فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشرٌ مثلكم} [المؤمنون: 23-24] يقوله بعضهم لبعضٍ.
{يريد أن يتفضّل عليكم} [المؤمنون: 24] بالرّسالة وما له عليكم من فضلٍ.
{ولو شاء اللّه لأنزل ملائكةً} [المؤمنون: 24] ولو أنزل ملائكةً لآمنّا.
{ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين} [المؤمنون: 24] أنّ رجلًا ادّعى النّبوّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إن هو إلا رجلٌ به جنّةٌ} [المؤمنون: 25] جنونٌ.
{فتربّصوا به حتّى حينٍ} [المؤمنون: 25] قال بعضهم: حتّى يموت، وقال بعضهم: حتّى يستبين جنونه). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {جنّةٌ...}

هو الجنون. وقد يقال للجن الجنّة، فيتّفق الاسم والمصدر.
وقوله: {فتربّصوا به حتّى حينٍ} لم يرد بالحين حين موقّت. وهو في المعني كقولك. دعه إلى يوم ولم ترد: إلى يوم معلوم واحدٍ من ذي قبل: ولا إلى مقدار يوم معلوم.
إنما هو كقولك إلى يوم مّا). [معاني القرآن: 2/234]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (الجنة): والجنون واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {إن هو إلّا رجل به جنّة فتربّصوا به حتّى حين}
{جنّة} في معنى جنون، والجنّة اسم للجن). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن هو إلا رجل به جنة}جنة أي جنون
فتربصوا به حتى حين قال الفراء ليس يراد بالحين وقت بعينه إنما هو كما تقول دعه إلى يوم ما). [معاني القرآن: 4/454]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [المؤمنون: 26] نوحٌ: {ربّ انصرني بما كذّبون} [المؤمنون: 26] وقال في آيةٍ أخرى: {مغلوبٌ فانتصر} [القمر: 10] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]

تفسير قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التّنّور فاسلك فيها من كلٍّ زوجين اثنين} [المؤمنون: 27] وقد فسّرنا ذلك كلّه في سورة هودٍ.
قوله: {فاسلك فيها} [المؤمنون: 27] أي: فاحمل فيها.
{من كلٍّ زوجين اثنين} [المؤمنون: 27] من كلّ صنفين اثنين.
يزيد بن إبراهيم والحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين قال: نبّئت أنّ بعض أمراء المؤمنين سأل صاحبًا لكعبٍ: هل سمعت كعبًا يقول في الطّلاء شيئًا؟
[تفسير القرآن العظيم: 1/398]
قال: نعم سمعته يقول: لمّا هبط نوحٌ من السّفينة أعطي مثالًا، فجعل ينظر فيه وجعل يأمرهم أن يخرجوا، فأخرجوا حتّى بقي حبلتان من عنبٍ.
فجاء الرّسول فقال: لا أجدهما.
فأمره، فرجع فقال: لا أجدهما، ثمّ أمره فرجع فقال: لا أجدهما: فقام قائمًا واستقبله ملكٌ أو جبريل فقال له: ارجع فقد ذهب بهما الشّيطان، وقد ذهب من يجيء بهما.
فجيء بالحبلتين وبالشّيطان فقال لنوحٍ: إنّه شريكك فأحسن شركه.
فقال: لي الثّلثان وله الثّلث.
فقيل: إنّه شريكك فأحسن شركه.
قال: لي النّصف وله النّصف.
فقيل: إنّه شريكك فأحسن شركه فقال: لي الثّلث وله الثّلثان فقيل: أحسنت وأنت محسانٌ، تأكله عنبًا، وتأكله زبيبًا، وتشربه عصيرًا وتطبخه حتّى يذهب ثلثاه ثمّ تشربه.
قوله: {وأهلك} [المؤمنون: 27] أي: واحمل فيها أهلك.
{إلا من سبق عليه القول منهم} [المؤمنون: 27] ابنه الّذي غرق.
والقول: الغضب.
{ولا تخاطبني} [المؤمنون: 27] أي: ولا تراجعني). [تفسير القرآن العظيم: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فاسلك فيها من كلّ زوجين اثنين} مجازها فاجعل واحمل وفي آية أخرى {ما سلككم في سقر}

قال عدي بن زيد:
وكنت لزاز خصمك لم أعرّد= وقد سلكوك في يوم عصيب
وبعضهم يقول اسلك بالألف قال:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة=شلأ كما تطرد الجمالة الشردا).
[مجاز القرآن: 2/57]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاسلك فيها} أي أدخل فيها. يقال: سلكت الخيط في الإبرة وأسلكته). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَاسْلُكْ}: أي: أدخل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون {27} فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} [المؤمنون: 27-28] كان معه امرأته وثلاثٌ هكذا بنين له: سامٌ، وحامٌ، ويافث، ونساؤهم.
فجميع من كان في السّفينة ثمانيةٌ.
{فقل الحمد للّه الّذي نجّانا من القوم الظّالمين} [المؤمنون: 28] المشركين.
وقال في آيةٍ أخرى: {وقال اركبوا فيها بسم اللّه مجراها ومرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيمٌ} [هود: 41] عثمان عن قتادة قال: قد بيّن اللّه لكم ما تقولون إذا ركبتم في البرّ، وما تقولون إذا ركبتم في البحر.
إذا ركبتم في البرّ قلتم: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين {13} وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون {14}} [الزخرف: 13-14] وإذا ركبتم في البحر قلتم: {بسم اللّه مجراها ومرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيمٌ} [هود: 41] وقال سعيدٌ عن قتادة: يعلّمكم كيف تقولون إذا ركبتم، فإذا ركبتم قلتم عند الرّكوب: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا} [الزخرف: 13] و{بسم اللّه مجراها ومرساها} [هود: 41]، وعند
[تفسير القرآن العظيم: 1/399]
النّزول: {ربّ أنزلني منزلا مباركًا وأنت خير المنزلين} [المؤمنون: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فإذا استويت أنت ومّن معك على الفلك} مجازه إذا علوت على السفينة وفي آية أخرى: {على العرش استوى} أي: علا وقال آخرون: حتى إذا كنت أنت ومن معك في الفلك " لأن " في " و " على " واحد كقوله " ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل " أي على جذوع النخل
والفلك هاهنا السفينة،
وقد يقع على الواحد والجميع بلفظ واحد). [مجاز القرآن: 2/58-57]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فقل الحمد لله} مرفوع لأنه حكاية يأمره أن يلفظ بهذا اللفظ ولم يعملوا فيه " قل خيرا " فينصبونه). [مجاز القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الفلك}: السفن، الواحد والجمع فيه سواء). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الفُلْـكُ}: السفن). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال سعيدٌ عن قتادة: يعلّمكم كيف تقولون إذا ركبتم، فإذا ركبتم قلتم عند الرّكوب: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا} [الزخرف: 13] و{بسم اللّه مجراها ومرساها} [هود: 41]، وعند
[تفسير القرآن العظيم: 1/399]
النّزول: {ربّ أنزلني منزلا مباركًا وأنت خير المنزلين} [المؤمنون: 29] ابن مجاهدٍ عن أبيه قال: {منزلا مباركًا} [المؤمنون: 29] لنوحٍ حين نزل من السّفينة.
قال يحيى: وسمعت النّاس إذا نزلوا منزلا قالوا هذا القول). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وقل ربّ أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين}

تقرأ منزلا ومنزلا جميعا، فالمنزل اسم لكل ما نزلت فيه، والمنزل المصدر بمعنى الإنزال، يقول: أنزلته إنزالا ومنزلا ويجوز منزلا، ولم يقرأ بها - فلا تقرأن بها -.
على معنى نزلت نزولا ومنزلا). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقل رب أنزلني منزلا مباركا}
منزل وإنزال واحد والمنزل موضع النزول والمنزل بمعنى النزول كما تقول جلس مجلسا والمجلس الموضع الذي يجلس فيه). [معاني القرآن: 4/454]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ} [المؤمنون: 30] من أمر قوم نوحٍ وغرقهم {لآياتٍ} [المؤمنون: 30] لمن بعدهم {وإن كنّا لمبتلين} [المؤمنون: 30] بالدّين، يعني ما أرسل به الرّسل من عبادته.
وهو تفسير الحسن). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :
( {لمبتلين} أي: لمختبرين). [ياقوتة الصراط: 373]


تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ أنشأنا من بعدهم} [المؤمنون: 31] من بعد نوحٍ.
{قرنًا آخرين} [المؤمنون: 31] يعني عادًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فأرسلنا فيهم رسولا منهم} [المؤمنون: 32] يعني هودًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أن اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتّقون {32} وقال الملأ من قومه الّذين كفروا وكذّبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدّنيا} [المؤمنون: 32-33] وسّعنا الدّنيا عليهم، أي في الرّزق). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويشرب ممّا تشربون...}

المعنى ممّا تشربون منه. وجاز حذف (منه) لأنك تقول: شربت من مائك. فصارت (ما تشربون) بمنزلة شرابكم. ولوحذفت (من) (تأكلون) "منه" كان صواباً). [معاني القرآن: 2/234]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأترفناهم في الحياة الدّنيا} مجازه وسعنا عليهم فأترفوا فيها وبغوا ونظروا فكفروا وأعجبوا قال العجاج:
وقد أراني بالديار مترفا). [مجاز القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أترفناهم}: وسعنا عليهم معايشهم). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأترفناهم في الحياة الدّنيا} وسّعنا عليهم حتى أترفوا، والتّرفه [منه]، ونحوها: التّحفة، كأن المترف هو الذي يتحف). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأترفناهم في الحياة الدنيا} [معاني القرآن: 4/454]
معناه وسعنا عليهم حتى صاروا يؤتون بالترفه وهي مثل التحفة). [معاني القرآن: 4/455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَتْرَفْنَاهُمْ}: أي وسع عليهم حتى أترفوا والمترف: المنعم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَتْرَفْنَـاهم}: نعّمناهم). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يأكل ممّا تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون {33} ولئن أطعتم بشرًا مثلكم} [المؤمنون: 33-34] فيما يدعوكم إليه.
{إنّكم إذًا لخاسرون} [المؤمنون: 34] يعني لعجزةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أيعدكم} [المؤمنون: 35] يقوله بعضهم لبعضٍ على الاستفهام.
{أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون} [المؤمنون: 35] مبعوثون.
أي قد وعدكم ذلك، تكذّبون بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أيعدكم أنّكم إذا متٌّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مّخرجون...}

أعيدت (أنكم) مرّتين ومعناهما واحد. إلاّ أن ذلك حسن لمّا فرقت بين (أنكم) وبين خبرها بإذا. وهي في قراءة عبد الله {أيعدكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} وكذلك تفعل بكل اسمٍ أوقعت عليه (أن) بالظنّ وأخوات الظنّ، ثم اعترض عله الجزاء دون خبره. فإن شئت كرّرت اسمه، وإن شئت حذفته أوّلا وآخراً. فتقول: أظنّ أنك إن خرجت أنك نادم. فإن حذفت (أنك) الأولى أو الثانية صلح. وإن ثبتتا صلح. وإن لم تعرض بينهما بشيء لم يجز. فخطأٌ أن تقول أظن أنك أنك نادم إلاّ أن تكرّر كالتوكيد). [معاني القرآن: 2/235-234]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما أنّكم مخرجون* هيهات هيهات لما توعدون}
وهذا جواب الملأ من قوم ثمود.
فأمّا " أنّكم " الأولى، فموضعها نصب على معنى أيعدكم بأنكم إذا متم، وموضع " أنّ " الثانية عند قوم كموضع الأولى، وإنما ذكرت توكيدا.
فالمعنى على هذا القول: أيعدكم أنكم تخرجون إذا متم، فلما بعد ما بين أن الأولى والثانية بقوله: {إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما} أعيد ذكر " أنّ "،
كما قال عزّ وجلّ: {ألم يعلموا أنّه من يحادد اللّه ورسوله فأنّ له نار جهنّم} المعنى فله نار جهنم.
هذا على مذهب سيبويه، وفيها قولان آخران أجودهما أن تكون أن الثانية وما عملت فيه في موضع رفع ويكون المعنى أيعدكم أنكم إخراجكم إذا متم.
فيكون أنكم مخرجون في معنى إخراجكم، كأنّه قيل: أيعدكم أنكم إخراجكم وقت موتكم وبعد موتكم، ويكون العامل في " إذا " إخراجكم، على أن " إذا " ظرف،
والمعنى أنكم يكون إخراجكم إذا متم.
الثالث أن يكون إذا العامل فيها " متم "، فيكون المعنى إنكم متى متم يقع إخراجكم، فيكون خبر إنّ مضمرا، والقولان الأولان جيدان.
ويجوز : أيعدكم أنكم إذا متّم أنكم مخرجون، ولم يقرأ بها فلا تقرأنّ بها. ويكون المعنى في يعدكم يقول لكم ولكنها لا تجوز في القراءة لأنّ القراءة سنة). [معاني القرآن: 4/12-11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
قال سيبويه وهما جاء مبدلا من هذا الباب قوله تعالى: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
يذهب إلى أن أن الثانية مبدلة من الأولى وأن المعنى عنده أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم
قال سيبويه وكذلك أريد بها وجئ ب أن الأولى لتدل على وقت الإخراج
والفراء والجرمي وأبو العباس يذهبون إلى أن الثانية مكررة للتوكيد لما طال الكلام كان تكريرها حسنا
والأخفش يذهب إلى أن الثانية في موضع رفع بفعل مضمر دل عليه إذا والمعنى أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما يحدث إخراجكم كما تقول اليوم القتال والمعنى عنده اليوم يحدث القتال ويقع القتال
قال الفراء وفي قراءة ابن مسعود أيعدكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون
قال أبو إسحاق ويجوز أيعدكم إنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون لأن معنى أيعدكم أيقول لكم). [معاني القرآن: 4/456-455]


رد مع اقتباس