عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:53 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {مثل الجنة} الآية، قال قوم: "مثل" معناه: صفة، وهذا من قولك:
[المحرر الوجيز: 5/208]
"مثلت الشيء" إذا وصفته لأحد وقربت عليه فهم أمره، وليس بضرب مثل لها، وهو كقوله سبحانه: {وله المثل الأعلى} أي الوصف الأعلى، ويظهر أن المعنى الذي يتحصل في النفس مثالا للجنة هو جري الأنهار وأن أكلها دائم، ورافعه عند سيبويه مقدر قيل: تقديره: فيما يتلى عليكم أو ينص عليكم مثل الجنة، ورافعه عند الفراء قوله: "تجري" أي: صفة الجنة أنها تجري من تحتها الأنهار، ونحو هذا موجود في كلام العرب، وتأول عليه قوم أن "مثل" مقحم، وأن التقدير: الجنة التي وعد المتقون بها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قلق، وقرأ علي بن أبي طالب، وابن مسعود: "أمثال الجنة"، وقد تقدم غير مرة معنى قوله: {تجري من تحتها الأنهار}.
وقوله: "أكلها" معناه: ما يؤكل فيها، و"العقبى" والعاقبة والعاقب: حال تتلو أخرى قبلها. وباقي الآية بين.،وقيل: التقدير في صدر الآية: "مثل الجنة جنة تجري"، قاله الزجاج، فتكون الآية -على هذا- ضرب مثل لجنة النعيم في الآخرة). [المحرر الوجيز: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
اختلف المتأولون فيمن عني بهذه الآية -فقال ابن زيد: عني به من آمن من أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام وشبهه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمعنى مدحهم بأنهم لشدة إيمانهم يسرون بما يرد على النبي صلى الله عليه وسلم من مباحات الشرع، وقال قتادة: عني به جميع المؤمنين، و"الكتاب" هو القرآن، و" ما أنزل إليك " يراد به جميع الشرع، وقالت فرقة: المراد:" بالذين آتيناهم الكتاب" اليهود والنصارى، وذلك أنهم لهم فرح بما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من تصديق شرائعهم وذكر أوائلهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويضعف هذا التأويل بأن همهم به أكثر من فرحهم فلا يعتد بفرحهم، ويضعف أيضا بأن اليهود والنصارى ينكرون بعضه وقد فرق الله في هذه الآية بين الذين ينكرون بعضه وبين الذين آتيناهم الكتاب.
و"الأحزاب" قال مجاهد: هم اليهود والنصارى والمجوس، وقالت فرقة: أحزاب الجاهلية من العرب، وأمره الله تعالى أن يطرح اختلافهم، وأن يصدع بأنه إنما أمر بعبادة الله وترك الإشراك والدعاء إليه، اعتقاد المآب إليه، وهو الرجوع عند البعث يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 5/210]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "وكذلك"، المعنى: كما يسرنا هؤلاء للفرح وهؤلاء لإنكار البعض، كذلك
[المحرر الوجيز: 5/210]
أنزلناه حكما عربيا، ويحتمل المعنى: والمؤمنون آتيناهم الكتاب يفرحون به لفهمهم له وسرعة تلقيهم، ثم عدد النعمة بقوله: {كذلك جعلناه}، أي: سهلناه عليهم في ذلك وتفضلنا. و"حكما" نصب على الحال، والحكم: ما تضمنه القرآن من المعاني، وجعله عربيا لما كانت العبارة عنه بالعربية. ثم خاطب محذرا من اتباع أهواء هذه الفرق الضالة، والخطاب لمحمد عليه الصلاة والسلام وهو بالمعنى يتناول المؤمنين إلى يوم القيامة. ووقف ابن كثير وحده على: "واقي" و"هادي" و"والي" بالياء، قال أبو علي: "والجمهور يقفون بغير ياء، وهو الوجه"، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/211]

رد مع اقتباس