عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:36 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولما فرغ من ذكر المنافقين بالأشياء التي ينبغي أن تصرف عن النفاق وتنهى عنه عقب ذلك بذكر المؤمنين بالأشياء التي ترغب في الإيمان وتنشط إليه تلطفا منه تعالى بعباده لا رب غيره، وذكرت هنا «الولاية» إذ لا ولاية بين المنافقين لا شفاعة لهم ولا يدعو بعضهم لبعض وكان المراد هنا الولاية في الله خاصة، وقوله بالمعروف يريد بعبادة الله وتوحيده وكل ما اتبع ذلك، وقوله عن المنكر يريد عن عبادة الأوثان وكل ما اتبع ذلك، وذكر الطبري عن أبي العالية أنه قال كل ما ذكر الله في القرآن من الأمر بالمعروف فهو دعاء من الشرك إلى الإسلام وكل ما ذكر من النهي عن المنكر فهو النهي عن عبادة الأوثان والشياطين، وقال ابن عباس في قوله ويقيمون الصّلاة هي الصلوات الخمس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وبحسب هذا تكون الزّكاة المفروضة، والمدح عندي بالنوافل أبلغ، إذ من يقيم النوافل أحرى بإقامة الفرض، وقوله ويطيعون اللّه ورسوله جامع للمندوبات، والسين في قوله سيرحمهم مدخلة في الوعد مهلة لتكون النفوس تنعم برجائه، وفضله تعالى زعيم بالإنجاز). [المحرر الوجيز: 4/ 360-361]

تفسير قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى وعد اللّه المؤمنين الآية، وعد في هذه الآية صريحة في الخير، وقوله من تحتها إما من تحت أشجارها وإما من تحت علياتها وإما من تحتها بالإضافة إلى مبدأ كما تقول في دارين متجاورتين متساويتي المكان هذه تحت هذه، وذكر الطبري في قوله ومساكن طيّبةً عن الحسن أنه قال سألت عنها عمران بن الحصين وأبا هريرة فقالا على الخبير سقطت، سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قصر في الجنة من اللؤلؤ فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا، ونحو هذا مما يشبه هذه الألفاظ أو يقرب منها فاختصرتها طلب الإيجاز، وأما قوله في جنّات عدنٍ فمعناه في جنات إقامة وثبوت يقال عدن الشيء في المكان إذا أقام به وثبت، ومنه المعدن أي موضع ثبوت الشيء، ومنه قول الأعشى:
وإن يستضيفوا إلى حلمه = يضافوا إلى راجح قد عدن
هذا الكلام اللغوي، وقال كعب الأحبار جنّات عدنٍ هي بالفارسية جنات الكروم والأعناب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأظن هذا وهما اختلط بالفردوس، وقال الضحاك جنّات عدنٍ هي مدينة الجنة وعظمها فيها الأنبياء والعلماء والشهداء وأئمة العدل والناس حولهم بعد، والجنات حولها، وقال ابن مسعود: «عدن» هي بطنان الجنة وسرتها، وقال عطاء: «عدن» نهر في الجنة جناته على حافته، وقال الحسن: «عدن» قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل ومد بها صوته.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والآية تأبى هذا التخصيص إذ قد وعد الله بها جمع المؤمنين، وأما قوله ورضوانٌ من اللّه أكبر فروي فيه أن الله عز وجل يقول لعباده إذا استقروا في الجنة هل رضيتم؟ فيقولون وكيف لا نرضى يا ربنا؟ فيقول إني سأعطيكم أفضل من هذا كله، رضواني أرضى عليكم فلا أسخط عليكم أبدا، الحديث، وقوله أكبر يريد أكبر من جميع ما تقدم، ومعنى الآية والحديث متفق، وقال الحسن بن أبي الحسن وصل إلى قلوبهم برضوان الله من اللذة والسرور ما هو ألذ عندهم وأقر لأعينهم من كل شيء أصابوه من لذة الجنة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويظهر أن يكون قوله تعالى: ورضوانٌ من اللّه أكبر إشارة إلى منازل المقربين الشاربين من تسنيم والذين يرون كما يرى النجم الفائر في الأفق، وجميع من في الجنة راض والمنازل مختلفة، وفضل الله تعالى متسع، والفوز النجاة والخلاص ومن أدخل الجنّة فقد فاز [آل عمران: 185] والمقربون هم في الفوز العظيم، والعبارة عندي عن حالهم بسرور وكمال أجود من العبارة عنها بلذة، واللذة أيضا مستعملة في هذا). [المحرر الوجيز: 4/ 361-363]


رد مع اقتباس