عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 12:00 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}


تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّثل الجنّة الّتي وعد المتّقون...}
يقول: صفات الجنة
قال الفراء: وحدثني بعض المشيخة عن الكلبيّ عن أبي عبد الرحمن السّلمي أن عليّاً قرأها: (أمثال الجنّة) قال الفراء: أظن دون أبي عبد الرحمن رجلا قال: وجاء عن أبي عبد الرحمن ذلك والجماعة على كتاب المصحف.
وقوله: {تجري من تحتها الأنهار} هو الرافع. وإن شئت للمثل الأمثال في المعنى كقولك: حلية فلان أسمر وكذا وكذا. فليس الأسمر بمرفوع بالحلية، إنما هو ابتداء أي هو أحمر أسمر، هو كذا.
ولو دخل في مثل هذا أنّ كان صواباً. ومثله في الكلام مثلك أنك كذا وأنك كذا. وقوله: {فلينظر الإنسان إلى طعامه إنّا} من وجه {مّثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار} ومن قال {أنّا صببنا الماء} بالفتح أظهر الاسم؛ لأنه مردود على الطعام بالخفض أو مستأنف أي طعامه أنا صببنا ثم فعلنا). [معاني القرآن: 2/65]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {مثل الجنة التي وعد المتقون} ثم قال {تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم} ولم يخبر عن المثل؛ وكذلك قوله {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم}؛ وكقوله {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار} ولم يذكر المثل؛ وكقوله عز وجل {ولله المثل الأعلى}.
فأما قول ابن عباس {مثل الذين كفروا} أي صفة الذين كفروا، وقوله {ولله المثل الأعلى} قال الصفة العليا.
وقالوا: هذا مثل بين المثل والمثلية، ونظير بين النظارة؛ وكأن معنى قوله: بين المثل، (وهو قوله {ولله المثل الأعلى} أي الصفة العليا؛ لأنه لا مثل له ولا مثل.
وكذلك قوله {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له} كأنه قال ضرب وصف فاستمعوا له، ثم وصف ذلك فقال {إن الذين تدعون من دون الله} وكأنه قال {مثل الجنة التي وعد المتقون} كأنه قال: صفة الجنة تجري من تحتها الأنهار، أو صفة فيه أنهار فحذف ذلك كما قال النابغة:
كأنك من جمال بني أقيش = يقعقع خلف رجليه بشن
أي جمل؛ فحذف ذلك.
[معاني القرآن لقطرب: 771]
ومثل ذلك قول الراجز:
لو قلت ما في قومها لم تيثم = يفضلها في حسب وميسم
كأنه قال: لو قلت ما في قومها أحد يفضلها.
وقال المتلمس:
الغدر والآفات شيمته = فاعلم وعرقوب له مثل
كأنه قال: صفة وشبه.
وفيها وجه آخر: كأنه إذا قال: مثل الجنة، قال: الجنة التي وعد المتقون.
وكذلك قوله {وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} كأنه قال بالله الرحمن الرحيم وهو المعنى؛ وكذلك قوله {ليس كمثله شيء} إنما المعنى: ليس كهو شيء، وليس مثله شيء لأنه لا مثل له، ولس هذا كقولك: ليس كمثلك شيء، أو أحد؛ لأنه يجوز أن يكون للرجل مثل، ولا يجوز ذلك على الله عز وجل.
قال أبو علي: ومثل ما ذكرنا قول لبيد بن ربيعة:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما = ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
قال أبو علي: فسر لنا أنه أراد ثم السلام عليكما؛ وكأنه لم يذكر الاسم.
وقال أوس بن حجر:
وقتلى كرام كمثل الجذوع = يغشاهم سبل منهمر
والمعنى عندنا: كالجذوع؛ لأنه لم يرد أن يجعل للجذوع مثلاً، ثم يشبه القتلى به.
[معاني القرآن لقطرب: 772]
ومثل ذلك قول أمية:
رجل وثور تحت رجل يمينه = والنسر للأخرى وليث مرصد
كأنه قال: تحت رجله، أو رجله اليمنى.
قال لبيد أيضًا:
أضل صوارة وتضيفته = نطوف أمرها بيد الشمال
كأنه: أمرها بالشمال، وإلى الشمال؛ لأنه لا يد هاهنا.
ومثله قوله:
حتى إذا ألقت يدًا في كافر = وأجن عورات الثغور ظلامها
فكأنه قال: حتى وقعت في كافر، ولم يذكر يدًا).
وكذلك {يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله} كأنه قال في الله، أو في ذات الله) ). [معاني القرآن لقطرب: 773]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}، ولم يأت بالشيء الذي جعل له الجنة مثلا- فإن أصل المثل ما ذهبوا إليه من معنى المثل، تقول: هذا مثل الشيء ومثله، كما تقول: هذا شبه الشيء وشبهه.
ثم قد يصير المثل بمعنى الشيء وصفته، وكذلك المثال والتّمثال، يقال للمرأة الرّائقة: كأنها مثال، وكأنها تمثال، أي صورة، كما يقال: كأنها دمية، أي صورة، وإنما هي مثل، وقد مثّلت لك كذا، أي صوّرته ووصفته.
فأراد الله بقوله: مثل الجنّة، أي صورتها وصفتها.
وروي أن عليّا رحمه الله كان يقرأ: مثال الجنة أو أمثال الجنة، وهو بمنزلة مثل، إلا أنه أوضح وأقرب في أفهام الناس إلى المعنى الذي تأوّلناه في مثل.
ونحوه قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} أي ذلك وصفهم، لأنه لم يضرب لهم مثلا في أوّل الكلام، فيقول: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} وإنما وصفهم وحلّاهم، ثم قال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} أي وصفهم.
وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}، ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}، ولم يأت بالمثل، لأن في الكلام معناه،
كأنه قال: يا أيها الناس، مثلكم مثل من عبد آلهة اجتمعت لأن تخلق ذبابا لم تقدر عليه، وسلبها الذباب شيئا فلم تستنقذه منه.
ومثل هذا في القرآن وكلام العرب أشياء قد اقتصصناها في (أبواب المجاز) ). [تأويل مشكل القرآن: 83-84]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلّها تلك عقبى الّذين اتّقوا وعقبى الكافرين النّار}
قال سيبويه: المعنى فيما يقص عليكم مثل الجنّة، أو مثل الجنّة فيما يقصّ عليكم، فرفعه عنده على الابتداء.
وقال غيره: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون} مرفوع على الابتداء.
وخبره {تجري من تحتها الأنهار}
كما تقول:
صفة فلان أسمر كقولك: فلان أسمر.
وقالوا معناها صفة الجنة التي وعد المتقون.
وكلا القولين حسن جميل.
والذي عندي - واللّه أعلم - أن اللّه عزّ وجلّ، عرفنا أمور الجنة التي لم نرها. ولم نشاهدها بما شاهدناه من أمور الدنيا وعاينّاه.
فالمعنى {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون} جنة {تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلّها} ). [معاني القرآن: 3/150-149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون}
روى النضر بن شميل عن الخليل قال مثل بمعنى صفة فالمعنى على هذا صفة الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار كما تقول صفة فلان أسمر لأن معناه فلان أسمر
وقال أبو إسحاق مثل الله لنا ما غاب بما نراه وكذلك كلام العرب فالمعنى مثل الجنة التي وعد المتقون جنة تجري من تحتها الأنهار). [معاني القرآن: 3/501]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مَثَلُ الْجَنَّةِ} أي: صفة الجنة). [ياقوتة الصراط: 283]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {وإليه مآب}
قال قتادة أي إليه مصير كل عبد). [معاني القرآن: 3/502]

تفسير قوله تعالى: {وكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حكماً عربياً} أي ديناً عربياً أنزل على رجل عربي). [مجاز القرآن: 1/334]


رد مع اقتباس