عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كلّا إذا دكّت الأرض دكًّا دكًّا * وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا * وجيء يومئذٍ بجهنّم يومئذٍ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذّكرى * يقول يا ليتني قدّمت لحياتي * فيومئذٍ لّا يعذّب عذابه أحدٌ * ولا يوثق وثاقه أحدٌ * يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك راضيةً مّرضيّةً * فادخلي في عبادي * وادخلي جنّتي}
يخبر تعالى عمّا يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة، فقال: {كلاّ}؛ أي: حقًّا، {إذا دكّت الأرض دكًّا دكًّا}؛ أي: وطئت ومهّدت وسوّيت الأرض والجبال، وقام الخلائق من قبورهم لربّهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 399]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وجاء ربّك}؛ يعني: لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعدما يستشفعون إليه بسيّد ولد آدم على الإطلاق: محمّدٍ صلوات الله وسلامه عليه، بعدما يسألون أولي العزم من الرسل واحداً بعد واحدٍ، فكلّهم يقول: لست بصاحب ذاكم. حتى تنتهي النّوبة إلى محمدٍ [صلّى الله عليه وسلّم] فيقول:
«أنا لها، أنا لها». فيذهب فيشفع عند الله تعالى في أن يأتي لفصل القضاء، فيشفّعه الله تعالى في ذلك.
وهي أوّل الشفاعات، وهي المقام المحمود، كما تقدّم في بيانه، وفي سورة (سبحان). فيجيء الربّ تعالى لفصل القضاء كما يشاء، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفاً صفوفاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 399]

تفسير قوله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وجيء يومئذٍ بجهنّم}؛ قال الإمام مسلم بن الحجّاج في صحيحه: حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي، عن العلاء بن خالدٍ الكاهليّ، عن شقيقٍ، عن عبد الله - هو ابن مسعودٍ - قال: قال رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]:
«يؤتى بجهنّم يومئذٍ لها سبعون ألف زمامٍ، مع كلّ زمامٍ سبعون ألف ملكٍ يجرّونها».
وهكذا رواه التّرمذيّ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدّارميّ، عن عمر بن حفصٍ به، ورواه أيضاً عن عبد بن حميدٍ، عن أبي عامرٍ، عن سفيان الثّوريّ، عن العلاء بن خالدٍ، عن شقيق بن سلمة - وهو أبو وائلٍ - عن عبد الله بن مسعودٍ قوله، ولم يرفعه.
وكذا رواه ابن جريرٍ، عن الحسن بن عرفة، عن مروان بن معاوية الفزاريّ، عن العلاء بن خالدٍ، عن شقيقٍ، عن عبد الله قوله.
وقوله: {يومئذٍ يتذكّر الإنسان}؛ أي: عمله، وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه. {وأنّى له الذّكرى}؛ أي: وكيف تنفعه الذكرى). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 399-400]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يقول يا ليتني قدّمت لحياتي} يعني: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي - إن كان عاصياً - ويودّ لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعاً؛ كما قال الإمام أحمد بن حنبلٍ: حدّثنا عليّ بن إسحاق، حدّثنا عبد الله - يعني: ابن المبارك - حدّثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفيرٍ، عن محمد بن أبي عميرة، وكان من أصحاب رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]، قال: لو أنّ عبداً خرّ على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت في طاعة الله لحقره يوم القيامة، ولودّ أنه ردّ إلى الدنيا؛ كيما يزداد من الأجر والثواب.
ورواه بحير بن سعدٍ، عن خالد بن معدان، عن عتبة بن عبدٍ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 400]

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال الله تعالى: {فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحدٌ}؛ أي: ليس أحدٌ أشدّ عذاباً من تعذيب الله من عصاه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 400]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا يوثق وثاقه أحدٌ}؛ أي: وليس أحدٌ أشدّ قبضاً ووثقاً من الزبانية لمن كفر بربّهم عزّ وجلّ. هذا في حقّ المجرمين من الخلائق والظالمين، فأمّا النفس الزّكيّة المطمئنّة، وهي الساكنة الثابتة، الدائرة مع الحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 400]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فيقال لها: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك}؛ أي: إلى جواره وثوابه، وما أعدّ لعباده في جنّته.
{راضيةً}؛ أي: في نفسها.
{مرضيّةً}؛ أي: قد رضيت عن الله ورضي عنها وأرضاها.
{فادخلي في عبادي}؛ أي: في جملتهم.
{وادخلي جنّتي}؛ وهذا يقال لها عند الاحتضار، وفي يوم القيامة أيضاً، كما أنّ الملائكة يبشّرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره فكذلك ههنا.
ثمّ اختلف المفسّرون فيمن نزلت هذه الآية، فروى الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: نزلت في عثمان بن عفّان.
وعن بريدة بن الحصيب: نزلت في حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنه.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: يقال للأرواح المطمئنّة يوم القيامة: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك} يعني: صاحبك، وهو بدنها الذي كانت تعمره في الدنيا {راضيةً مرضيّةً}.
وروي عنه أنه كان يقرؤها: (فادخلي في عبدي وادخلي جنّتي) وكذا قال عكرمة والكلبيّ، واختاره ابن جريرٍ. وهو غريبٌ، والظاهر الأول؛ لقوله: {ثمّ ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ}، {وأنّ مردّنا إلى الله} أي: إلى حكمه والوقوف بين يديه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكيّ، حدّثني أبي، عن أبيه، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضيّةً} قال: نزلت وأبو بكرٍ جالسٌ، فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذا! فقال:
«أما إنّه سيقال لك هذا».
ثمّ قال: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قرئت عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضيّةً}؛ فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: إن هذا لحسنٌ!. فقال له النبيّ [صلّى الله عليه وسلّم]:
«أما إنّ الملك سيقول لك هذا عند الموت».
وكذا رواه ابن جريرٍ، عن أبي كريبٍ، عن ابن يمانٍ به، وهذا مرسلٌ حسنٌ.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ: وحدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا مروان بن شجاعٍ الجزريّ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: مات ابن عبّاسٍ بالطائف، فجاء طيرٌ لم ير على خلقه، فدخل نعشه، ثمّ لم ير خارجاً منه، فلمّا دفن تليت هذه الآية على شفير القبر، لا يدرى من تلاها: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضيّةً * فادخلي في عبادي * وادخلي جنّتي}.
رواه الطّبرانيّ، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن مروان بن شجاعٍ، عن سالم بن عجلان الأفطس به، فذكره.
وقد ذكر الحافظ محمد بن المنذر الهرويّ - المعروف بشكّر - في كتاب العجائب، بسنده عن قباث بن رزينٍ أبي هاشمٍ، قال: أسرت في بلاد الرّوم، فجمعنا الملك وعرض علينا دينه على أنّ من امتنع ضربت عنقه، فارتدّ ثلاثةٌ، وجاء الرابع فامتنع فضربت عنقه وألقي رأسه في نهرٍ هناك، فرسب في الماء، ثمّ طفا على وجه الماء ونظر إلى أولئك، فقال: يا فلان، ويا فلان، ويا فلان - يناديهم بأسمائهم - قال الله تعالى في كتابه: {يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضيّةً * فادخلي في عبادي * وادخلي جنّتي}؛ ثمّ غاص بالماء.
قال: فكادت النّصارى أن يسلموا، ووقع سرير الملك، ورجع أولئك الثلاثة إلى الإسلام. قال: وجاء الفداء من عند الخليفة أبي جعفرٍ المنصور، فخلّصنا.
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة رواحة بنت أبي عمرٍو الأوزاعيّ، عن أبيها، حدّثني سليمان بن حبيبٍ المحاربيّ، حدّثني أبو أمامة، أن رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم] قال لرجلٍ:
«قل اللّهمّ إنّي أسألك نفساً بك مطمئنّةٌ، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك». ثمّ روى عن أبي سليمان بن زبرٍ، أنه قال: حديث رواحة هذا واحد أمّه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 400-401]


رد مع اقتباس