عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:26 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {والسّماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهدٍ ومشهودٍ * قتل أصحاب الأخدود * النّار ذات الوقود * إذ هم عليها قعودٌ * وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ * وما نقموا منهم إلّا أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد * الّذي له ملك السّماوات والأرض واللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ}
اختلف الناس في {البروج}؛ فقال الضّحّاك وقتادة: هي القصور. ومنه قول الأخطل:
كأنّها برج روميٍّ يشيّده ..... بانٍ بجصٍّ وآجرٍّ وأحجار
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: البروج: النجوم؛ لأنها تتبرّج بنورها. والتّبرّج: التظاهر والتّبدّي.
وقال الجمهور وابن عبّاسٍ أيضاً: البروج: هي المنازل التي عرفتها العرب، وهي اثنا عشر على ما قسّمته، وهي التي تقطعها الشمس في سنةٍ والقمر في ثمانيةٍ وعشرين يوماً.
وقال قتادة: معناه: ذات الرّمل والماء. يريد أنها مبنيّةٌ في السماء. وهذا قولٌ ضعيفٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 575]

تفسير قوله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ({واليوم الموعود}؛ هو يوم القيامة باتّفاقٍ، قاله النبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم]، ومعناه: الموعود به). [المحرر الوجيز: 8/ 575]

تفسير قوله تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ومشهودٍ} معناه: عليه، أو به، أو فيه، وهذا يترتّب بحسب الخلاف في تعيين المراد بـ(شاهدٍ ومشهودٍ)؛ فقد اختلف الناس في المشار إليه بهما؛ فقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: الشاهد: اللّه تعالى، والمشهود: يوم القيامة.
وقال ابن عبّاسٍ أيضاً، والحسن بن عليٍّ، وعكرمة: الشاهد: محمّدٌ [صلّى اللّه عليه وسلّم]، والمشهود: يوم القيامة؛ قال اللّه تعالى: {إنّا أرسلناك شاهداً}، وقال تعالى في يوم القيامة: {ذلك يومٌ مشهودٌ}.
وقال مجاهدٌ وعكرمة أيضاً: الشاهد: آدم عليه السلام وجميع ذرّيّته، والمشهود: يوم القيامة. و(شاهدٍ) اسم جنسٍ على هذا.
وقال بعض من بسط قول مجاهدٍ وعكرمة: (شاهدٍ) يراد به رجلٌ فردٌ، أو نسمةٌ من النّسم، ففي هذا تذكيرٌ لحقارة المسكين ابن آدم.
والمشهود: يوم القيامة، وقال الحسن بن أبي الحسن، وابن عبّاسٍ أيضاً: الشاهد: يوم عرفة ويوم الجمعة، والمشهود: يوم القيامة. وقال عليٌّ، وابن عبّاسٍ، وأبو هريرة، والحسن، وابن المسيّب، وقتادة: (شاهدٍ) يوم الجمعة، و (مشهودٍ) يوم عرفة.
وقال ابن عمر: (شاهدٌ) يوم الجمعة، و (مشهودٌ) يوم النّحر.
وقال جابرٌ: (شاهدٍ) يوم القيامة، و(مشهودٌ) الناس.
وقال محمّد بن كعبٍ: الشاهد: أنت يا بن آدم، والمشهود: اللّه تعالى.
وقال ابن جبيرٍ بالعكس، وتلا: {وكفى باللّه شهيداً}.
وقال أبو مالكٍ: الشاهد: عيسى عليه السلام، والمشهود: أمّته؛ قال اللّه تعالى: {وكنت عليهم شهيداً}.
وقال ابن المسيّب: (شاهدٌ) يوم التّروية، و (مشهودٌ): يوم عرفة.
وقال بعض الناس في كتاب النقّاش: الشاهد: يوم الإثنين، والمشهود: يوم الجمعة. وذكره الثّعلبيّ، وقال عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه: الشاهد: يوم عرفة، والمشهود: يوم النّحر. وعنه أيضاً: (شاهدٌ) يوم القيامة، و (مشهودٌ): يوم عرفة.
وقال أبو هريرة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «{شاهدٍ}: يوم الجمعة، و {مشهودٍ}: يوم عرفة
». قاله عليٌّ، وأبو بكرٍ، والحسن، وقال إبراهيم النّخعيّ: الشاهد: يوم الأضحى، والمشهود: يوم عرفة.
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
ووصف هذه الأيام بشاهدٍ؛ لأنها تشهد لحاضريها بالأعمال، والمشهود فيما مضى من الأقوال بمعنى المشاهد –بفتح الهاء–.
وقال التّرمذيّ: الشاهد: الملائكة الحفظة، والمشهود عليهم: الناس. وقال عبد العزيز بن يحيى –عند الثّعلبيّ-: الشاهد: محمّدٌ عليه الصلاة والسلام، والمشهود وعليهم: أمّته، نحو قوله تعالى: {وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}؛ أي: شاهداً.
وقيل: الشاهد: الأنبياء عليهم السلام، والمشهود عليهم: أممهم.
وقال الحسن بن الفضل: الشاهد: أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمشهود عليهم: قوم نوحٍ عليه السلام وسائر الأمم؛ حسب الحديث المنصوص في ذلك.
وقال ابن جبيرٍ أيضاً: الشاهد: الجوارح التي تنطق يوم القيامة فتشهد على أصحابها، والمشهود عليهم: أصحابها.
وقال بعض العلماء: الشاهد: الملائكة المتعاقبون في الأمّة، والمشهود: قرآن الفجر، وتفسيره: {إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً}.
وقال بعض العلماء: الشاهد: النّجم، والمشهود عليه: الليل والنهار، أي: يشهد النّجم بإقبال هذا وإدبار هذا، ومنه قول النبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم]:
«حتّى يطلع الشّاهد». (الشاهد: النّجم).
وقال بعض العلماء: الشاهد: هو اللّه تعالى والملائكة وأولو العلم، والمشهود به: الوحدانيّة، وأنّ الدّين عند اللّه الإسلام.
وقيل: الشاهد: مخلوقات اللّه تعالى، والمشهود به: وحدانيّته. وأنشد الثّعلبيّ في هذا المعنى قول الشاعر:
وفي كلّ شيءٍ له آيةٌ = تدلّ على أنه الواحد). [المحرر الوجيز: 8/ 576-577]

تفسير قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{قتل} معناه: فعل اللّه تعالى بهم ذلك؛ لأنهم أهلٌ له، فهو على جهة الدعاء بحسب البشر، لا أنّ اللّه تعالى يدعو على أحدٍ.
وقيل عن ابن عبّاسٍ: معناه: لعن. وهذا تفسيرٌ بالمعنى.
وقيل: هو إخبارٌ بأنّ النار قتلتهم. قاله الرّبيع بن أنسٍ، وسيأتي بيانه.
واختلف الناس في أصحاب الأخدود؛ فقيل: هم قومٌ كانوا على دينٍ، وكان لهم ملكٌ، فزنى بأخته، ثمّ حمله بعض الناس على أن يسنّ في النّاس نكاح الأخوات والبنات، فحمل الناس على ذلك فأطاعه كثيرٌ وعصته فرقٌ، فخدّ لهم أخاديد –وهي حفائر طويلةٌ كالخنادق – وأضرم لهم ناراً وطرحهم فيها، ثمّ استمرّت المجوسيّة في مطيعيه.
وقال عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه: صاحب الأخدود ملكٌ من حمير، كان بمزارع من اليمن، اقتتل هو والكفّار مع المؤمنين، ثمّ غلب في آخر الأمر، فحرّقهم على دينه إذ أبوا دينه، ومنهم كانت المرأة ذات الطفل التي تلكّأت، فقال لها الطفل: امضي في النار؛ فإنك على الحقّ.
وحكى النقّاش عن عليٍّ رضي اللّه عنه، أنّ نبيّ أصحاب الأخدود كان حبشيًّا، وأنّ الحبشة بقيّة أصحاب الأخدود.
وقيل: صاحب الأخدود ذو نواسٍ في قصّة عبد اللّه بن الثامر التي وقعت في السّير. وقيل: كان صاحب الأخدود في بني إسرائيل.
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه: ورأيت في بعض الكتب أن صاحب الأخدود هو محرّقٌ، وأنه الذي حرّق من بني تميمٍ المائة. ويعترض هذا القول بقوله تعالى: {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ}، فينفصل عن هذا الاعتراض بأنّ هذا الكلام منقطعٌ من قصّة أصحاب الأخدود، وأنّ المراد بقوله تعالى: (هم) قريشٌ الذين كانوا يفتنون الناس المؤمنين والمؤمنات.
واختلف الناس في جواب القسم؛
فقال بعض النّحاة: هو محذوفٌ؛ لعلم السّامع به.
وقال آخرون: هو قوله تعالى: {قتل}، والتقدير: لقتل.
وقال قتادة: هو في قوله تعالى: {إنّ بطش ربّك لشديدٌ}.
وقال آخرون: هو في قوله تعالى: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين}). [المحرر الوجيز: 8/ 578]

تفسير قوله تعالى: {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {النّار} بدلٌ من {الأخدود} وهو بدل اشتمالٍ، وهذه قراءة الجمهور: {النّار} بخفض الراء، وقرأ قومٌ: (النّار) بالرفع على معنى: قتلتهم النار.
و(الوقود) بالضمّ: مصدرٌ من وقدت النّار إذا اضطرمت، و {الوقود} بفتح الواو: ما توقد به، وقرأ الجمهور بفتح الواو، وقرأ الحسن وأبو رجاءٍ وأبو حيوة بضمّها). [المحرر الوجيز: 8/ 578-579]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وكان من قصّة هؤلاء أنّ الكفّار قعدوا، وضمّ المؤمنون فعرض عليهم الدّخول في الكفر، فمن أبى رمي في أخدود النار فاحترق، فروي أنه احترق عشرون ألفاً.
قال الرّبيع بن أنسٍ، وابن إسحاق، وأبو العالية: بعث اللّه تعالى على المؤمنين ريحاً فقبضت أرواحهم، أو نحو هذا، فخرجت النار وأحرقت الكافرين الذين كانوا على حافّتي الأخدود، وعلى هذا يجيء {قتل} خبراً لا دعاءً.
وقال قتادة: {إذ هم عليها قعودٌ} يعني المؤمنين). [المحرر الوجيز: 8/ 579]

تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(نقموا) معناه: اعتدوا وتعدّوا. وقرأ جمهور الناس: {نقموا} بفتح القاف، وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة: (نقموا) بكسر القاف). [المحرر الوجيز: 8/ 579]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ:{إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثمّ لم يتوبوا فلهم عذاب جهنّم ولهم عذاب الحريق * إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير * إنّ بطش ربّك لشديدٌ * إنّه هو يبدئ ويعيد * وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد * فعّالٌ لّما يريد}.
{فتنوا} معناه: أحرقوا، وفتنت الذهب والفضّة في النار: أحرقتها. والفتين: حجارة الحرّة السّود؛ لأنّ الشمس كأنها أحرقتها، ومن قال: إن هذه الآيات الأواخر في قريشٍ. جعل الفتنة الامتحان والتعذيب، ويقوّي هذا التأويل بعض التقوية قوله تعالى: {ثمّ لم يتوبوا}؛ لأنّ هذا اللفظ في قريشٍ أحكم منه في أولئك الذين قد علم أنهم ماتوا على كفرهم، وأمّا قريشٌ فكان فيهم وقت نزول الآية من تاب بعد ذلك وآمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
و{جهنّم} و{الحريق} طبقتان من النار، ومن قال: إن النار خرجت فأحرقت الكفّار القعود. جعل الحريق في الدنيا). [المحرر الوجيز: 8/ 579]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)}


رد مع اقتباس