عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيّها الإنسان}؛ مخاطبةٌ للجنس.
و(الكادح) العامل بشدةٍ وسرعةٍ واجتهادٍ مؤثّرٍ، ومنه قول النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته حدوثاً أو كدوحاً في وجهه يوم القيامة».
والمعنى: إنك عاملٌ خيراً أو شرًّا وأنت لا محالة في ذلك سائرٌ إلى ربّك؛ لأنّ الزمن يطير بعمر الإنسان، وإنما هو في مدّة عمره في سيرٍ حثيثٍ إلى ربّه.
وهذه آية وعظٍ وتذكيرٍ، أي: فكن على حذرٍ من هذه الحال، واعمل عملاً صالحاً تجده. وقرأ طلحة بإدغام كاف {إنّك} في كاف {كادحٌ}. ومن هذه اللّفظة قول الشاعر:
وما الإنسان إلاّ ذو اغترارٍ ....... طوال الدّهر يكدح في سفال
وقال قتادة: من استطاع أن يكون كدحه في طاعة اللّه تعالى فليفعل.
وقوله تعالى: {فملاقيه} معناه: فملاقٍ عذابه أو تنعيمه.
واختلف النّحاة في العامل في {إذا}؛ فقال بعض النّحاة: العامل {انشقّت}. وأبى ذلك كثيرٌ من أئمّتهم؛ لأنّ {إذا} مضافةٌ إلى {انشقّت}، ومن يجيز ذلك تضعف عنده الإضافة ويقوى معنى الجزاء.
وقال آخرون منهم: العامل {فملاقيه}؛ وقال بعض حذّاقهم: العامل فعلٌ مضمرٌ.
وكذلك اختلفوا في جواب {إذا}؛ فقال كثيرٌ من النّحاة: هو محذوفٌ لعلم السامع به. وقال أبو العبّاس المبرّد والأخفش: هو في قوله تعالى: {يا أيّها الإنسان إنّك كادحٌ إلى ربّك كدحاً فملاقيه}؛ أي: إذا انشقّت السماء فأنت ملاقي اللّه تعالى.
وقيل: التقدير: فيا أيّها الإنسان.
وجواب {إذا} في الفاء المقدّرة، وقال الفرّاء عن بعض النحاة: هو (أذنت) على تقدير زيادة الواو. فأمّا الضّمير في {فملاقيه} فقال جمهور المتأوّلين: هو عائدٌ على الربّ تعالى فالفاء على هذا عاطفةٌ (ملاقٍ) على {كادحٌ}، وقال بعض الناس: هو عائدٌ على الكدح؛ فالفاء على هذا هي عاطفةٌ جملة الكلام على التي قبلها، والتقدير: فأنت ملاقيه، والمعنى: ملاقٍ جزاءه؛ خيراً كان أو شرًّا). [المحرر الوجيز: 8/ 568-569]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قسّم تعالى الناس إلى المؤمن والكافر؛ فالمؤمنون يعطون كتبهم بأيمانهم، ومن ينفذ عليه الوعيد من عصاتهم فإنه يعطى كتابه عند خروجه من النّار.
وقد جوّز قومٌ أن يعطاه أوّلاً قبل دخول النار، وهذه الآية تردّ على هذا القول). [المحرر الوجيز: 8/ 569]

تفسير قوله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الحساب اليسير) هو العرض، وأما من نوقش الحساب فإنه يهلك ويعذّب، كذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعائشة رضي اللّه عنها؛ وذلك أنّ رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] قال:
«من حوسب عذّب». فقالت عائشة رضي اللّه عنها: ألم يقل اللّه تعالى: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً} الآية؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «إنّما ذلك العرض؛ وأمّا من نوقش الحساب فإنّه يهلك».
وفي الحديث من طريق ابن عمر رضي اللّه عنه، قال:
«يدني اللّه تعالى العبد حتّى يضع عليه كنفه، فيقول: ألم أفعل بك كذا وكذا؟ - يعدّد عليه نعمه- ثمّ يقول له: فلم فعلت كذا وكذا؟ - لمعاصيه- فيقف العبد خزياناً، فيقول اللّه تعالى: سترتها عليك في الدّنيا وأنا أغفرها لك اليوم».
وقالت عائشة رضي اللّه عنها: سمعت رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] يقول:
«اللّهمّ حاسبني حساباً يسيراً». فقلت: يا رسول اللّه، وما هو؟ فقال: «أن يتجاوز عن السّيّئات».
وروى ابن عمر أنّ النبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] قال:
«من حاسب نفسه في الدّنيا هوّن اللّه حسابه يوم القيامة» ). [المحرر الوجيز: 8/ 569-570]

تفسير قوله تعالى: {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إلى أهله}؛ أي: الذين أعدّ اللّه تعالى له في الجنّة؛ إمّا من نساء الدّنيا، وإمّا من الحور العين، وإمّا من الجميع). [المحرر الوجيز: 8/ 570]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والكافر يؤتى كتابه من ورائه؛ لأنّ يديه مغلولتان، وروي أنّ يده تدخل من صدره حتى تخرج من وراء ظهره، فيأخذ كتابه بها.
ويقال: إن هاتين الآيتين نزلتا في أبي سلمة بن عبد الأسد، وفي أخيه الأسود، وكان أبو سلمة من أفضل المسلمين، وأخوه من عتاة الكافرين). [المحرر الوجيز: 8/ 571]

تفسير قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{يدعو ثبوراً} معناه: يصيح منتحباً: واثبوراه واحزناه، ونحو هذا مما معناه: هذا وقتك وأوانك، أي: احضرني، والثّبور اسمٌ جامعٌ للمكاره، كالويل). [المحرر الوجيز: 8/ 571]

تفسير قوله تعالى: {وَيَصْلَى سَعِيرًا (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثيرٍ، ونافعٌ، وابن عامرٍ، والكسائيّ، وعمر بن عبد العزيز، والجحدريّ، وأبو الشّعثاء، والأعرج: (ويصلّى) بشدّ اللام وضمّ الياء على المبالغة.
وقرأ نافعٌ أيضاً وعاصمٌ – في رواية أبانٍ – بضمّ الياء وتخفيف اللام، وهي قراءة أبي الأشهب وعيسى وهارون، عن أبي عمرٍو، وقرأ عاصمٌ، وأبو عمرٍو، وحمزة، وأبو جعفرٍ، وقتادة، وعيسى، وطلحة، والأعمش بفتح الياء على بناء الفعل للفاعل.
وفي مصحف ابن مسعودٍ، (وسيصلى) ). [المحرر الوجيز: 8/ 571]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {في أهله} يريد في الدنيا، أي: تملّكه ذلك، لا يدري إلا السرور بأهله دون معرفة اللّه تعالى، والمؤمن إن سرّ بأهله لا حرج عليه). [المحرر الوجيز: 8/ 571]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنّه ظنّ أن لن يحور} معناه: أن لن يرجع إلى اللّه تعالى مبعوثاً محشوراً، قال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: لم أعلم ما معنى {يحور} حتى سمعت أعرابيّةً تقول لبنيّةٍ لها: حوري. أي: ارجعي.
والظنّ هنا على بابه. و {أن} وما بعدها تسدّ مسدّ مفعولي {ظنّ}، وهي (أن) المخفّفة من الثّقيلة.
و(الحور): الرجوع على الأدراج، ومنه: (اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الحور بعد الكور) ). [المحرر الوجيز: 8/ 571]

تفسير قوله تعالى: {بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم ردّ اللّه تعالى على ظنّ هذا الكافر بقوله سبحانه: {بلى}؛ أي: يحور ويرجع.
ثمّ أعلمهم أنّ اللّه تعالى لم يزل بصيراً بهم، لا تخفى عليه أفعال أحدٍ منهم، وفي هذا وعيدٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 572]


رد مع اقتباس