عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 11:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (لمّا ذكر تعالى أمر كتاب الفجّار عقّب ذلك بذكر كتاب ضدّهم؛ ليبيّن الفرق.
والأبرار: جمع برٍّ.
وقرأ ابن عامرٍ بكسر الراء، وقرأ ابن كثيرٍ ونافعٌ بفتحها، وقرأ أبو عمرٍو، وحمزة، والكسائيّ بإمالتها.
و{علّيّون} هو جمع (علّيٍّ)، على وزن فعّيلٍ بناء مبالغةٍ، يريد بذلك الملائكة، فلذلك أعرب بالواو والنّون.
وقيل: يريد المواضع العليّة؛ لأنه علوٌّ فوق علوٍّ، فلمّا كان هذا الاسم على هذا الوزن لا واحد له أشبه (عشرين) فأعرب إعراب الجموع إذ أشبهها، وهو أيضاً مثل (قنّسرين) فإنّك تقول: طابت قنّسرون، ودخلت قنّسرين.
واختلف الناس في الموضع المعروف بعلّيّين، ما هو؟ فقال قتادة: قائمة العرش اليمنى. وقال ابن عبّاسٍ: السماء السابعة تحت العرش. وروي ذلك عن النبيّ عليه الصلاة والسلام، وقال الضّحّاك: هو عند {سدرة المنتهى}. وقال ابن عبّاسٍ: {العلّيّون}: الجنّة. وقال مكّيٌّ: وقيل: هو في السماء الرابعة. وقال الفرّاء عن بعض العلماء: هو في السماء الدنيا.
والمعنى: أن كتابهم الذي فيه أعمالهم هنالك تهمّماً بها ترفيعاً لها، وأعمال الفجّار في سجّينٍ في أسفل سافلين؛ لأنه روي عن أبيّ بن كعبٍ وابن عبّاسٍ أنّ أعمالهم يصعد بها إلى السماء فتأباها، ثمّ تردّ إلى الأرض فتأباها أرضٌ بعد أرضٍ، حتى تنتهي في سجّينٍ تحت الأرض السابعة). [المحرر الوجيز: 8/ 562]

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{كتابٌ مرقومٌ} في هذه الآية خبر {إنّ}، والظّرف ملغًى). [المحرر الوجيز: 8/ 562]

تفسير قوله تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{المقرّبون} في هذا الموضع الملائكة المقربون عند اللّه تعالى، أهل كلّ سماءٍ. قاله ابن عبّاسٍ وغيره). [المحرر الوجيز: 8/ 562-563]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)}

تفسير قوله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{الأرائك} جمع أريكةٍ، وهي السّرر في الحجال.
و{ينظرون} معناه: إلى ما عندهم من النّعيم، ويحتمل أن يريد: بعضهم إلى بعضٍ. وقيل عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ينظرون إلى أعدائهم في النّار كيف يعذّبون). [المحرر الوجيز: 8/ 563]

تفسير قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: {تعرف} على مخاطبة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، بفتح التاء وكسر الراء {نضرة} نصباً.
وقرأ أبو جعفرٍ، وابن أبي إسحاق، وطلحة، ويعقوب: (تعرف) بضمّ التاء وفتح الراء (نضرة) رفعاً.
وقرأ قومٌ: (يعرف) بالياء؛ لأنّ تأنيث (النّضرة) ليس بحقيقيٍّ، و (النّضرة): النعمة والرّونق). [المحرر الوجيز: 8/ 563]

تفسير قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الرّحيق): الخمر الصافية، ومنه قول حسّان:
يسقون من ورد البريص عليهم.......بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل
و{مختومٍ} يحتمل أن يختم على كئوسه التي يشرب بها تهمّماً وتنظّفاً، والأظهر أنه مختومٌ شربه بالرائحة المسكيّة حسب ما فسّره قوله تعالى: {ختامه مسكٌ}).[المحرر الوجيز: 8/ 563]

تفسير قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المفسّرون في قوله تعالى: {ختامه مسكٌ}؛ فقال ابن مسعودٍ وعلقمة: معناه: خلطه ومزاجه. وقال ابن عبّاسٍ، والحسن، وسعيد بن جبيرٍ: معناه: خاتمته، أي: تجد الرائحة عند خاتمة الشّرب رائحة المسك.
وقال أبو عليٍّ: المراد لذاذة المقطع وذكاء الرائحة مع طيب المطعم، وكذلك هو قوله تعالى:{كان مزاجها كافوراً}.
وقوله تعالى: {زنجبيلاً} أي: تجد في اللسان. وقد قال ابن مقبلٍ:
ممّا يعتّق في الحانوت باطنها.......بالفلفل الجون والرّمّان مختوم
وقال مجاهدٌ: معناه: طينه الذي يختم به مسكٌ بدل الطّين الذي في الدّنيا، وهذا إنما يكون في الكئوس؛ لأنّ خمر الآخرة ليست في دنانٍ، إنما هي في أنهارٍ.
وقرأ الجمهور: {ختامه}. وقرأ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، والكسائيّ، والضّحّاك، والنّخعيّ: (خاتمه) وهذه بيّنة المعنى: أنه يراد بها الطبع على الرّحيق، وروي عنهم أيضاً كسر التاء.
ثم حرّض تعالى على الجنّة بقوله: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}. والتنافس في الشيء المغالاة فيه، وأن يتبعه كلّ واحدٍ نفسه، فكأنّ نفسيهما تتباريان فيه. وقيل: هو من قولك: شيءٌ نفيسٌ. فكأنّ هذا يعظّمه ويعظّمه الآخر، ويستبقان إليه). [المحرر الوجيز: 8/ 563-564]

تفسير قوله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(المزاج) الخلط، والضمير عائدٌ على (الرّحيق).
واختلف الناس في {تسنيمٍ}؛ فقال ابن عبّاسٍ وابن مسعودٍ رضي اللّه عنهم: التّسنيم أشرف ترابٍ في الجنّة، وهو اسمٌ مذكّرٌ لماء عينٍ في الجنّة، هي عينٌ يشربها المقرّبون صرفاً، ويمزج رحيق الأبرار بها. قاله ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، والحسن، وأبو صالحٍ وغيرهم. وقال مجاهدٌ ما معناه: إنّ (تسنيماً) مصدرٌ من (سنّمت) إذا علوت، ومنه السّنام، فكأنها عينٌ قد علت على أهل الجنّة، فهي تنحدر. وقاله مقاتل بن سليمان). [المحرر الوجيز: 8/ 564]

تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وذهب قومٌ إلى أنّ الأبرار والمقرّبين في هذه الآية بمعنًى واحدٍ يقع لكلّ من نعّم في الجنة، وذهب الجمهور من المتأوّلين إلى أنّ منزلة الأبرار دون منزلة المقرّبين، وأنّ الأبرار هم أصحاب اليمين، وأنّ المقرّبين هم السابقون.
و{عيناً} منصوبٌ إما على المدح، وإما أن يعمل فيه {تسنيمٍ} على رأى من رآه مصدراً، وينتصب على الحال من {تسنيمٍ} أو {يسقون}. قاله الأخفش، وفيه بعدٌ.
وقوله تعالى: {يشرب بها} معناه: يشربها، كقول الشاعر:
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت.......متى لججٍ خضرٍ لهنّ نئيج
[المحرر الوجيز: 8/ 564-565]


رد مع اقتباس