عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:54 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
{عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعلّه يزّكّى * أو يذّكّر فتنفعه الذّكرى * أمّا من استغنى * فأنت له تصدّى * وما عليك ألّا يزّكّى * وأمّا من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهّى * كلّا إنّها تذكرةٌ * فمن شاء ذكره * في صحفٍ مّكرّمةٍ * مّرفوعةٍ مّطهّرةٍ * بأيدي سفرةٍ * كرامٍ بررةٍ}.
ذكر غير واحدٍ من المفسّرين أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريشٍ، وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أمّ مكتومٍ، وكان ممّن أسلم قديماً، فجعل يسأل رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن شيءٍ ويلحّ عليه، وودّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن لو كفّ ساعته تلك؛ ليتمكّن من مخاطبة ذلك الرّجل طمعاً ورغبة ًفي هدايته، وعبس في وجه ابن أمّ مكتومٍ وأعرض عنه وأقبل على الآخر؛ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعلّه يزّكّى} أي: يحصل له زكاةٌ وطهارةٌ في نفسه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 319]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أو يذّكّر فتنفعه الذّكرى}؛ أي: يحصل له اتّعاظٌ وانزجارٌ عن المحارم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 319]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أمّا من استغنى * فأنت له تصدّى}؛ أي: أمّا الغنيّ فأنت تتعرّض له لعلّه يهتدي). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 319]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما عليك ألاّ يزّكّى} أي: ما أنت بمطالبٍ به إذا لم يحصل له زكاةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 319]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأمّا من جاءك يسعى * وهو يخشى} أي: يقصدك ويؤمّك ليهتدي بما تقول له). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 319]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأنت عنه تلهّى} أي: تتشاغل، ومن ههنا أمر اللّه عزّ وجلّ رسوله -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن لا يخصّ بالإنذار أحداً، بل يساوي فيه بين الشّريف والضّعيف، والفقير والغنيّ، والسّادة والعبيد، والرّجال والنّساء، والصّغار والكبار، ثمّ اللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ، وله الحكمة البالغة والحجّة الدّامغة.
قال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدّثنا محمّدٌ -هو ابن مهديٍّ- حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، عن أنسٍ في قوله: {عبس وتولّى}؛ جاء ابن أمّ مكتومٍ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يكلّم أبيّ بن خلفٍ، فأعرض عنه؛ فأنزل اللّه: {عبس وتولّى أن جاءه الأعمى}؛ فكان النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- بعد ذلك يكرمه.
قال قتادة: وأخبرني أنس بن مالكٍ قال: رأيته يوم القادسيّة وعليه درعٌ، ومعه رايةٌ سوداء. يعني ابن أمّ مكتومٍ.
وقال أبو يعلى وابن جريرٍ: حدّثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، حدّثني أبي، عن هشام بن عروة ممّا عرضه عليه، عن عروة، عن عائشة قالت: أنزلت: {عبس وتولّى} في ابن أمّ مكتومٍ الأعمى، أتى إلى رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، فجعل يقول: أرشدني. قالت: وعند رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- رجلٌ من عظماء المشركين. قالت: فجعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول:«أترى بما أقول بأساً؟». فيقول: لا. ففي هذا أنزلت: {عبس وتولّى}.
وقد روى التّرمذيّ هذا الحديث عن سعيد بن يحيى الأمويّ بإسناده مثله، ثمّ قال: وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أنزلت {عبس وتولّى} في ابن أمّ مكتومٍ. ولم يذكر فيه عن عائشة.
قلت: كذلك هو في "الموطّأ".
ثمّ روى ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ أيضاً من طريق العوفيّ عن ابن عبّاسٍ قوله: {عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى}؛ قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشامٍ، والعبّاس بن عبد المطّلب، وكان يتصدّى لهم كثيراً ويحرص عليهم أن يؤمنوا، فأقبل إليه رجلٌ أعمى يقال له: عبد اللّه ابن أمّ مكتومٍ يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد اللّه يستقرئ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم آيةً من القرآن، وقال: يا رسول اللّه علّمني ممّا علّمك اللّه؛ فأعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعبس في وجهه وتولّى وكره كلامه، وأقبل على الآخرين، فلمّا قضى رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله، فأمسك اللّه بعض بصره وخفق برأسه، ثمّ أنزل اللّه: {عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعلّه يزّكّى * أو يذّكّر فتنفعه الذّكرى}.
فلمّا نزل فيه ما نزل أكرمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكلّمه، وقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ما حاجتك؟ هل تريد من شيءٍ؟)). وإذا ذهب من عنده قال: «هل لك حاجةٌ في شيءٍ؟». وذلك لمّا أنزل اللّه تعالى: {أمّا من استغنى * فأنت له تصدّى * وما عليك ألاّ يزّكّى}. فيه غرابةٌ ونكارةٌ، وقد تكلّم في إسناده.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن منصورٍ الرّماديّ، حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، حدّثنا اللّيث، حدّثني يونس، عن ابن شهابٍ قال: قال سالم بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن عمر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ بلالاً يؤذّن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتّى تسمعوا أذان ابن أمّ مكتومٍ». وهو الأعمى الذي أنزل اللّه تعالى فيه: {عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى}، وكان يؤذّن مع بلالٍ. قال سالمٌ: وكان رجلاً ضرير البصر، فلم يكن يؤذّن حتّى يقول له النّاس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر: أذّن.
وهكذا ذكر عروة بن الزّبير ومجاهدٌ وأبو مالكٍ وقتادة والضّحّاك وابن زيدٍ وغير واحدٍ من السّلف والخلف أنّها نزلت في ابن أمّ مكتومٍ، والمشهور أنّ اسمه عبد اللّه، ويقال: عمرٌو. واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 319-321]


رد مع اقتباس