عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:47 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {والنّازعات غرقًا * والنّاشطات نشطًا * والسّابحات سبحًا * فالسّابقات سبقًا * فالمدبّرات أمرًا * يوم ترجف الرّاجفة * تتبعها الرّادفة * قلوبٌ يومئذٍ واجفةٌ * أبصارها خاشعةٌ * يقولون أئنّا لمردودون في الحافرة * أئذا كنّا عظامًا نّخرةً}.
قال ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ: {النّازعات}: الملائكة تنزع نفوس بني آدم. و {غرقاً} على هذا القول إما أن يكون مصدراً بمعنى الإغراق والمبالغة في الفعل، وإما أن يكون كما قال عليٌّ وابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: تغرق نفوس الكفرة في نار جهنّم. وقال السّدّيّ وجماعةٌ: النازعات: النفوس تنزع بالموت إلى ربّها. و {غرقاً} هنا بمعنى الإغراق، أي: تغرق في الصّدور.
وقال عطاءٌ -فيما روي عنه-: النّازعات: الجماعات النازعات بالقسيّ، و{غرقاً} بمعنى الإغراق.
وقال الحسن، وقتادة، وأبو عبيدة، وابن كيسان، والأخفش: النازعات: النجوم؛ لأنها تنزع من أفقٍ إلى أفقٍ.
وقال قتادة: النازعات: النفوس التي تحنّ إلى أوطانها وتنزع إلى مذاهبها، ولها نزعٌ عند الموت،.
وقال مجاهدٌ: النازعات: المنايا؛ لأنها تنزع نفوس الحيوان.
وقال عطاءٌ وعكرمة: النازعات: القسيّ أنفسها؛ لأنها تنزع بالسّهام). [المحرر الوجيز: 8/ 525]

تفسير قوله تعالى: {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف في {النّاشطات}؛ فقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ: هي الملائكة؛ لأنها تنشط النفوس عند الموت، أي: تحلّها كحلّ العقال، وتنشط بأمر اللّه تعالى إلى حيث كان.
وقال مجاهدٌ: الناشطات: المنايا. وقال ابن عبّاسٍ أيضاً، وقتادة، والأخفش، والحسن: الناشطات: النجوم؛ لأنّها تنشط من أفقٍ إلى أفقٍ، أي: تذهب وتسير بسرعةٍ، ومن ذلك قيل لبقر الوحش: النّواشط؛ لأنّهن يذهبن بسرعةٍ من موضعٍ إلى آخر.
وقال عطاءٌ: الناشطات في الآية: البقر الوحشيّة، وما جرى مجراها من الحيوان الذي ينشط من قطرٍ إلى قطرٍ، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
أمست همومي تنشط المناشطا ....... الشّام بي طوراً وطوراً واسطا
وكأنّ هذه اللّفظة في هذا التأويل مأخوذةٌ من النّشاط.
وقال عطاءٌ أيضاً وعكرمة: النّاشطات: الأوهاق، تقول: نشطت البعير والإنسان، إذا ربطته، وأنشطته، إذا حللته. حكاه الفرّاء وخولف فيه، ومنه الحديث: (كأنّما أنشط من عقالٍ).
وقال ابن عبّاسٍ أيضاً: الناشطات: النفوس المؤمنة، تنشط عند الموت للخروج). [المحرر الوجيز: 8/ 525-526]

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والسّبح: العوم في الماء، وقد يستعمل مجازاً في خرق الهواء والتقلّب فيه.
واختلف في (السّابحات) في الآية، ما هي؟ فقال قتادة والحسن: هي النجوم؛ لأنها تسبح في فلكٍ. وقال عليٌّ ومجاهدٌ رضي اللّه عنهما: هي الملائكة؛ لأنها تتصرّف في الآفاق بأمر اللّه تعالى؛ تجيء وتذهب. وقال أبو روقٍ: {السّابحات}: الشمس والقمر والليل والنهار.
وقال بعض المتأوّلين: {السابحات}: السّحاب؛ لأنها كالعائمة في الهواء. وقال عطاءٌ وجماعةٌ: السّابحات: الخيل. ويقال للفرس: سابحٌ.
وقال آخرون: {السابحات}: الحيتان دوابّ البحر فما دونها. وذلك من عظيم المخلوقات، فيروى أنّ اللّه تعالى بثّ في الدنيا ألف نوعٍ من الحيوان؛ منها أربعمائةٍ في البرّ، وستّمائةٍ في البحر.
وقال عطاءٌ أيضاً: {السابحات}: السفن. وقال مجاهدٌ أيضاً: السابحات: المنايا تسبح في نفوس الحيوان). [المحرر الوجيز: 8/ 526]

تفسير قوله تعالى: {فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف في {السّابقات}؛ فقال مجاهدٌ: هي الملائكة. وقيل: هي الرياح. وقال عطاءٌ: هي الخيل. وقيل: النجوم. وقيل: المنايا تسبق الآمال. وقال الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيءٌ).
[المحرر الوجيز: 8/ 526-527]

تفسير قوله تعالى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأمّا (المدبّرات) فلا أحفظ خلافاً أنها الملائكة، ومعناها أنها تدبّر الأمور التي يسخّرها اللّه تعالى لها، وصرفها فيها، كالرياح والسّحاب وسائر المخلوقات). [المحرر الوجيز: 8/ 527]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قال ابن زيدٍ: {الرّاجفة}: الأرض بأهلها، تهتزّ بنفخة الصّور الأولى. وقيل: الراجفة: النفخة نفسها. و{الرّادفة} النفخة الأخرى. ويروى أن بينهما أربعين سنةً.
وقال عطاءٌ: الراجفة: القيامة، و{الرّادفة}: البعث. وقال ابن زيدٍ: الراجفة: الموت، و{الردافة}: الساعة. وقال أبيّ بن كعبٍ: كان النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا ذهب ربع الليل قام وقال: «يا أيّها النّاس اذكروا اللّه، جاءت الرّاجفة تتبعها الرّادفة، جاء الموت بما فيه» ). [المحرر الوجيز: 8/ 527]

تفسير قوله تعالى: {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن قلوبٍ تجف ذلك اليوم، أي: ترتعد؛ خوفاً وفرقاً من العذاب. ووجيف القلب يكون من الفزع، ويكون من الإشفاق، ومنه قول الشاعر قيس بن الخطيم:
إنّ بني جحجبى وأسرتهم ....... أكبادنا من ورائهم تجف
ورفع {قلوبٌ} بالابتداء، وجاز ذلك وهو نكرةٌ؛ لأنها قد تخصّصت بقوله تعالى: {يومئذٍ}.
واختلف الناس في جواب القسم، أين هو؟ فقال الفرّاء والزّجّاج: هو محذوفٌ، دلّ الظاهر عليه، تقديره: لتبعثنّ، أو لتعاقبنّ يوم القيامة. وقال بعض النّحاة: هو في قوله تعالى: {إنّ في ذلك لعبرةً لمن يخشى}. وهذا ضعيفٌ؛ لبعد القول، ولأن المعنى هنالك يستحقّ (إنّ).
وقال آخرون: هو في قوله تعالى: {يوم} على تقدير حذف اللام، كأنه تعالى قال: ليوم. وقال آخرون: هو موجودٌ في جملة قوله تعالى: {يوم ترجف الرّاجفة...... قلوبٌ يومئذٍ واجفةٌ}. كأنه تعالى قال: لتجفنّ قلوبٌ يوم كذا). [المحرر الوجيز: 8/ 527-528]

تفسير قوله تعالى: {أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولمّا دلّت القلوب على أصحابها ذكر بعد ذلك أبصارها، وخشوعها: ذلّها وما يظهر منها من الهمّ بالحال). [المحرر الوجيز: 8/ 528]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يقولون}؛ هي حكاية حالهم في الدنيا، معناه: هم الذين يقولون. وقولهم: {أئنّا} هو على جهة الاستخفاف والعجب والتكذيب. وقرأ ابن أبي إسحاق، وابن يعمر: (آئنّا) بهمزتين ومدّةٍ، على الاستفهام.
وقرأ جمهور القرّاء: (أئنّا) باستفهامٍ وهمزةٍ واحدةٍ.
و{الحافرة} لفظةٌ توقعها العرب على أول أمرٍ رجع إليه من آخره، يقال: عاد فلانٌ في الحافرة. إذا ارتكس في حالٍ من الأحوال، ومنه قول الشاعر:
أحافرةً على صلعٍ وشيبٍ ....... معاذ اللّه من سفهٍ وعار
والمعنى: أئنّا لمردودون إلى الحياة بعد مفارقتها بالموت؟ وقال مجاهدٌ والخليل: الحافرة: الأرض، فاعلةٌ بمعنى مفعولةٍ. وقيل: بل هو على النّسب، أي: ذات حفرٍ، والمراد القبور؛ لأنها حفرت للموتى، فالمعنى: أئنّا لمردودون أحياءً في قبورنا؟
وقال زيد بن أسلم: الحافرة: النار. وقرأ أبو حيوة: (في الحفرة) بغير ألفٍ، فقيل: هو بمعنى الحافرة. وقيل: هي الأرض المنتنة المتغيّرة بأجساد موتاها، من قولهم: حفرت أسنانه. إذا تآكلت وتغيّر ريحها). [المحرر الوجيز: 8/ 528]

تفسير قوله تعالى: {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(النّاخرة) المصوّتة بالرّيح المجوّفة، ومنه قول الشاعر:
وأخليتها من مخّها فكأنّها ....... قوارير في أجوافها الرّيح تنخر
وروي: تصفر.
و(ناخرةً) هي قراءة حمزة، وعاصمٍ، في رواية أبي بكرٍ، وعمر بن الخطّاب، وابن مسعودٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وابن عبّاسٍ، وابن الزّبير، ومسروقٍ، ومجاهدٍ، وجماعةٍ سواهم، وقرأ الباقون، وحفصٌ عن عاصمٍ، وعمر بن الخطّاب، وعليّ بن أبي طالبٍ، وابن مسعودٍ، والحسن، والأعرج، وأبو رجاءٍ، وأبو جعفرٍ، وشيبة، وأبو عبد الرحمن، وابن جبيرٍ، وأهل مكة، وشبلٌ، وقتادة، وأيوب، والنّخعيّ، وابن وثّابٍ: {نخرةً} دون ألفٍ بعد النون؛ ومعناه: باليةً متعفّنةً، قد صارت رميماً، يقال: نخر العود والعظم؛ إذا بلي وصار يتفتّت.
وحكي عن أبي عبيدة، وأبي حاتمٍ، والفرّاء وغيرهم، أن الناخرة والنّخرة بمعنًى واحدٍ، كطامعٍ وطمعٍ، وحاذرٍ وحذرٍ. والأكثر من الناس على ما قدّمناه، قال أبو عمرو بن العلاء: الناخرة: التي لم تنخر بعد، والنّخرة: التي قد بليت). [المحرر الوجيز: 8/ 528-529]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {قالوا تلك إذًا كرّةٌ خاسرةٌ * فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ * فإذا هم بالسّاهرة * هل أتاك حديث موسى * إذ ناداه ربّه بالواد المقدّس طوًى * اذهب إلى فرعون إنّه طغى * فقل هل لّك إلى أن تزكّى * وأهديك إلى ربّك فتخشى * فأراه الآية الكبرى * فكذّب وعصى * ثمّ أدبر يسعى * فحشر فنادى * فقال أنا ربّكم الأعلى}.
ذكر اللّه تعالى عنهم قولهم: {تلك إذاً كرّةٌ خاسرةٌ}؛ وذلك أنهم لتكذيبهم بالبعث وإنكارهم قالوا: لو كان هذا حقًّا لكانت كرّتنا ورجعتنا خاسرةً؛ إذ هي إلى النار.
وقال الحسن: {خاسرةٌ} معناه: كاذبةٌ، أي: ليست بكافيةٍ. وروي أن بعض صناديد قريشٍ قال ذلك). [المحرر الوجيز: 8/ 529]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر اللّه تعالى عن حال القيامة فقال: {إنّما هي زجرةٌ واحدةٌ} أي: نفخةٌ في الصّور، فإذا الناس قد نشروا وصاروا أحياءً على وجه الأرض.
وفي قراءة عبد اللّه: (فإنّما هي وقعةٌ واحدةٌ) ). [المحرر الوجيز: 8/ 529-530]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{السّاهرة}: وجه الأرض. ومنه قول أميّة بن أبي الصّلت:
وفيها لحم ساهرةٍ وبحرٍ ....... وما فاهوا به لهم مقيم
وقال وهب بن منبّهٍ: {الساهرة}: جبلٌ بالشام يمدّه اللّه تعالى لحشر الناس يوم القيامة كيف شاء.
وقال أبو العالية وسفيان: {الساهرة}: أرضٌ قريبةٌ من بيت المقدس.
وقال قتادة: {الساهرة}: جهنّم؛ لأنه لا نوم لمن فيها.
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: {الساهرة}: أرض مكّة.
وقال الزّهريّ: {الساهرة}: الأرض كلّها). [المحرر الوجيز: 8/ 530]


رد مع اقتباس