عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ({يوم الفصل} هو يوم القيامة؛ لأنّ اللّه تعالى يفصل فيه بين المؤمنين والكافرين، وبين الحقّ والباطل. و (الميقات) مفعالٌ من الوقت، كميعادٍ من الوعد). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يوم ينفخ} بدلٌ من {يوم} الأول، والصّور: القرن الذي ينفخ فيه لبعث الناس. هذا قول الجمهور، ويحتمل هذا الموضع أن يكون (الصّور) فيه جمع (صورةٍ)، أي: يوم يردّ اللّه تعالى الأرواح إلى الأبدان. هذا قول بعضهم في (الصّور)، وجوّزه أبو حاتمٍ، والأول أشهر، وبه تظاهرت الآثار، وهو ظاهر كتاب اللّه تعالى في قوله سبحانه: {ثمّ نفخ فيه أخرى}.
وقرأ ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: في الصّور بفتح الواو.
و(الأفواج) الجماعات يتلو بعضها بعضاً، واحدها: فوجٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثيرٍ، ونافعٌ، وأبو عمرٍو، وابن عامرٍ، وأبو جعفرٍ، وشيبة، والحسن: (وفتّحت) بشدّ التاء على المبالغة، وقرأ عاصمٌ، وحمزة، والكسائيّ: {وفتحت} دون شدٍّ.
وقوله تعالى: {فكانت أبواباً} معناه: تنفطر وتتشقّق حتى يكون فيها فتوحٌ كالأبواب في الجدران. وقال آخرون – فيما حكى مكّيّ بن أبي طالبٍ -: الأبواب هنا: فلق الخشب التي تجعل أبواباً لفتوح الجدران، أي: تتقطّع السماء قطعاً صغاراً حتى تكون كألواح الأبواب. والقول الأول أحسن. وقال بعض أهل العلم: تنفتح في السماء أبوابٌ للملائكة، من حيث ينزلون ويصعدون). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فكانت سراباً}؛ عبارةٌ عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباءً منبثًّا، ولم يرد تعالى أنّ الجبال تعود تشبه الماء على بعدٍ من الناظر إليها). [المحرر الوجيز: 8/ 516]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{مرصاداً}: موضع الرّصد، ومنه قوله تعالى: {إنّ ربّك لبالمرصاد}. ويروى عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال: لا يدخل أحدٌ حتى يجوز على جهنّم، فمن كانت له أسباب نجاةٍ نجا، وإلا هلك. وقال قتادة: تعلّموا أنه لا سبيل إلى الجنّة حتى تقطع النار.
وفي الحديث الصحيح: ((إنّ الصّراط جسرٌ ينصب على متن جهنّم، ثمّ يجوز عليه النّاس؛ فناجٍ ومكدوسٌ)).
وقال بعض المتأوّلين: (مرصادٌ): مفعالٌ بمعنى راصدٍ. وقرأ أبو معمرٍ المنقريّ: (أنّ جهنّم) بفتح الألف، والجمهور على كسرها). [المحرر الوجيز: 8/ 516-517]

تفسير قوله تعالى: {لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الطّاغون): الكافرون، و المآب: المرجع). [المحرر الوجيز: 8/ 517]

تفسير قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الأحقاب) جمع (حقبٍ) بضمّ الحاء وفتح القاف، و(حقبٍ) بكسر الحاء، وحقبٍ بضمّها وضمّ القاف، وهو جمع حقبةٍ، ومنه قول متمّمٍ:
وكنّا كندماني جذيمة حقبةً ....... من الدّهر حتّى قيل لن يتصدّعا
وهي المدّة الطويلة من الدهر غير محدودةٍ، ويقال للسنة أيضاً: حقبةٌ. وقال بشر بن كعبٍ: حدّها على ما ورد في الكتب المنزّلة ثلاثمائة سنةٍ. وقال هلالٌ الهجريّ: ثمانون سنةً. قالا: في كلّ سنةٍ ثلاثمائةٍ وستّون يوماً. وقال ابن عبّاسٍ، وابن عمر رضي اللّه عنهم: ثمانون ألف سنةٍ. وقال الحسن: سبعون ألف سنةٍ. وقيل: خمسون ألف سنةٍ.
وقال أبو أمامة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّه ثلاثون ألف سنةٍ». وأكثر الناس في هذا، واللازم أنّ اللّه تعالى أخبر عن الكفّار أنهم يلبثون أحقاباً، كلّما مرّ حقبٌ جاء غيره، إلى غير نهايةٍ. قال الحسن: ليس لها عدّةٌ إلاّ الخلود في النار.
ومن الناس من ظنّ لذكر الأحقاب أنّ مدّة العذاب تنحصر وتتمّ، فطلبوا التأويل لذلك؛ فقال مقاتل بن حيّان: الحقب سبعة عشر ألف سنةٍ، وهي منسوخةٌ بقوله تعالى : {فذوقوا فلن نّزيدكم إلاّ عذاباً}؛ وقد ذكرنا فساد هذا القول.
وقال آخرون: الموصوف باللّبث أحقاباً هم عصاة المؤمنين.
وهذا أيضاً ضعيفٌ؛ ما بعده في السورة يردّ عليه.
وقال آخرون: إنما المعنى: لابثين فيها أحقاباً غير ذائقين برداً ولا شراباً، فبهذه الحال يلبثون أحقاباً، ثمّ يبقى العذاب سرمداً وهم يشربون أشربة جهنّم.
وقرأ الجمهور: {لابثين}، وقرأ حمزة وحده، وابن مسعودٍ، وعلقمة، وابن وثّابٍ، وعمرو بن ميمونٍ، وعمرو بن شرحبيل: (لبثين) جمع (لبثٍ)، وهي قراءةٌ معترضةٌ؛ لأنّ (فعلاً) إنما يكون لما صار خلقاً، كحذرٍ وفرقٍ، وقد جاء شاذًّا فيما ليس بخلقٍ، وأنشد الطّبريّ وغيره في ذلك بيت لبيدٍ:
أو مسحلٍ عملٍ عضادة سمحجٍ ....... بسراتها ندبٌ له وكلوم
قال المعترض في القراءة: لا حجّة في هذا البيت؛ لأنّ (عملاً) قد صار كالخلق، الذي يواظب على العمل به، حتى إنه ليسمّى به في وقتٍ لا يعمل فيه، كما تقول: (كاتبٌ). لمن كانت له صناعةً، وإن لم يكتب أكثر أحيانه. قال المحتجّ لها: شبّه (لبثٌ) لدوامه بالخلق لمّا صار اللّبث من شأنه). [المحرر الوجيز: 8/ 517-519]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :(قال أبو عبيدة، والكسائيّ، والفضل بن خالدٍ، ومعاذٌ النّحويّ: البرد في هذه الآية النوم، والعرب تسمّيه بذلك؛ لأنه يبرّد سورة العطش، ومن كلامهم: (منع البرد البرد).
وقال جمهور الناس: البرد في الآية مسّ الهواء البارد، وهو القرّ، أي: لا يمسّهم منه ما يستلذّ ويكسر عذاب الحرّ. فالذّوق على هذين القولين مستعارٌ.
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: البرد: الشراب البارد المستلذّ، ومنه قول حسّان بن ثابتٍ:
يسقون من ورد البريص عليهم ....... بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل
ومنه قول الآخر:
أمانيّ من سعدى حسانٌ كأنّما ....... سقتك بها سعدى على ظمأٍ بردا.
ثم قال تعالى: {ولا شراباً * إلاّ حميماً}؛ فالاستثناء متّصلٌ، و (الحميم): الحارّ الذائب، وأكثر استعماله في الماء السّخن والعرق، ومنه الحمّام. وقال ابن دريدٍ: الحميم: دموع أعينهم. وقال النّقّاش: الحميم: الصّفر المذاب المتناهي الحرّ.
واختلف الناس في (الغسّاق)؛ فقال قتادة، والنّخعيّ، وجماعةٌ: هو ما يسيل من أجسام أهل النار من صديدٍ ونحوه. يقال: غسق الجرح. إذا سال منه قيحٌ ودمٌ. وغسقت العين. إذا دمعت وخرج قذاها.
وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ: الغسّاق: مشروبٌ لهم مفرط الزّمهرير. كأنه في الطّرف الثاني من الحميم، يشوي الوجوه ببرده. وقال عبد اللّه بن بريدة: الغسّاق: المنتن.
وقرأ ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، ونافعٌ، وابن عامرٍ، وعاصمٌ، وجماعةٌ من الجمهور: (غساقاً) مخففة السين، وهو اسمٌ على ما قدّمناه.
وقرأ حمزة، والكسائيّ، وحفصٌ عن عاصمٍ، وابن أبي إسحاق، والشّعبيّ، والحكم بن عيينة، وقتادة، وابن وثّابٍ: {غسّاقاً} مشددة السين. وهي صفةٌ أقيمت مقام الموصوف، كأنه تعالى قال: ومشروباً غسّاقاً، أي: كأنه سائلٌ من أبدانهم). [المحرر الوجيز: 8/ 519-520]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {جزاءً وفاقاً}؛ معناه: لأعمالهم وكفرهم، أي: هو جزاؤهم الجدير بهم، الموافق مع التحذير لأعمالهم، فهي كفرٌ والجزاء نارٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 520]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{يرجون}؛ قال أبو عبيدة وغيره: معناه: يخافون. وقال غيره: الرّجاء هنا على بابه، ولا رجاء إلا وهو مقترنٌ بخوفٍ، ولا خوف إلا وهو مقترنٌ برجاءٍ، فذكر أحد القسمين؛ لأنّ المقصد العبارة عن تكذيبهم، كأنه تعالى قال: إنهم كانوا لا يصدّقون بالحساب، فهم لذلك لا يرجونه ولا يخافونه). [المحرر الوجيز: 8/ 520-521]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: {كذّاباً} بشدّ الذال وكسر الكاف، وهو مصدرٌ بلغة بعض العرب، وهي يمانيةٌ، ومنه قول أحدهم وهو يستفتيني: (الحلق أحبّ إليك أم القصّار).
ومنه قول الشاعر:
لقد طالما ثبّطتني عن صحابتي ....... وعن حوجٍ قضّاؤها من شفائيا
وهذا عندهم مصدرٌ من فعّل. وقال الطّبريّ: لم يختلف القرّاء في هذا الموضع في (كذّابٍ). وأراه أراد السبعة، وأما في الشاذّ فقرأ عليّ بن أبي طالبٍ، وعوفٌ الأعرابيّ، وعيسى- بخلافٍ – والأعمش، وأبو رجاءٍ: (كذاباً) بكسر الكاف، وتخفيف الذال.
وقرأ عبد اللّه بن عمر بن عبد العزيز: (كذّاباً) بضمّ الكاف وشدّ الذال، على أنه جمع كاذبٍ، ونصبه على الحال. قاله أبو حاتمٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 521]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وكلّ شيءٍ أحصيناه} يريد: كلّ شيءٍ شأنه أن يحصى، وفي هذا الخبر ربطٌ لأجزاء القصة بأولّها، أي: هم مكذّبون كافرون ونحن قد أحصينا بالقول لهم في الآخرة: (ذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً).
وكان عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما يقول: ما نزلت في أهل النار آيةٌ أشدّ من قوله تعالى: {فذوقوا فلن نزيدكم إلاّ عذاباً}. ورواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [المحرر الوجيز: 8/ 521]


رد مع اقتباس