عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 12:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

نزول سورة الفتح:
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ (ت: 256هـ): (حدّثنا أحمد بن إسحاق السّلميّ، حدّثنا يعلى، حدّثنا عبد العزيز بن سياهٍ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، قال: أتيت أبا وائلٍ أسأله، فقال: كنّا بصفّين، فقال رجلٌ: ألم تر إلى الّذين يدعون إلى كتاب اللّه؟،
فقال عليٌّ: (نعم)،
فقال سهل بن حنيفٍ: (اتّهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية -يعني: الصّلح الّذي كان بين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمشركين- ولو نرى قتالًا لقاتلنا، فجاء عمر فقال: ألسنا على الحقّ وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنّة، وقتلاهم في النّار؟، قال: ((بلى))،
قال: ففيم نعطي الدّنيّة في ديننا ونرجع، ولمّا يحكم اللّه بيننا،
فقال: ((يا ابن الخطّاب! إنّي رسول اللّه، ولن يضيّعني اللّه أبدًا))،
فرجع متغيّظًا، فلم يصبر، حتّى جاء أبا بكرٍ، فقال: يا أبا بكرٍ! ألسنا على الحقّ وهم على الباطل؟،
قال: يا ابن الخطّاب! إنّه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ولن يضيّعه اللّه أبدًا، فنزلت سورة الفتح) ). [صحيح البخاري:6/136]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: (حدّثنا يعلى) هو ابن عبيدٍ الطّنافسيّ، قوله: (حدّثنا عبد العزيز بن سياهٍ) بمهملةٍ مكسورةٍ، ثمّ تحتانيّةٍ خفيفةٍ، وآخره هاءٌ منوّنةٌ، تقدّم في أواخر الجزية.
قوله: (أتيت أبا وائلٍ أسأله) لم يذكر المسئول عنه، وبيّنه أحمد في روايته عن يعلى بن عبيدٍ، ولفظه: (أتيت أبا وائلٍ في مسجد أهله، أسأله عن هؤلاء القوم الّذين قتلهم عليٌّ) يعني: الخوارج، (قال: كنّا بصفّين، فقال رجلٌ) فذكره.
قوله: (فقال: كنّا بصفّين): هي مدينةٌ قديمةٌ على شاطئ الفرات بين الرّقّة ومنبج، كانت بها الواقعة المشهورة بين عليٍّ ومعاوية.
قوله: (فقال رجلٌ: ألم تر إلى الّذين يدعون إلى كتاب اللّه): ساق أحمد إلى آخر الآية، هذا الرّجل هو عبد اللّه بن الكوّاء، ذكره الطّبريّ، وكان سبب ذلك أنّ أهل الشّام لمّا كاد أهل العراق يغلبونهم، أشار عليهم عمرو بن العاص برفع المصاحف والدّعاء إلى العمل بما فيها، وأراد بذلك أن تقع المطاولة فيستريحوا من الشّدّة الّتي وقعوا فيها، فكان كما ظنّ، فلمّا رفعوها وقالوا: بيننا وبينكم كتاب اللّه، وسمع من بعسكر عليٍّ -وغالبهم ممّن يتديّن- قال قائلهم ما ذكر، فأذعن عليٌّ إلى التّحكيم موافقةً لهم، واثقًا بأنّ الحقّ بيده.
وقد أخرج النّسائيّ هذا الحديث عن أحمد بن سليمان، عن يعلى بن عبيدٍ، بالإسناد الّذي أخرجه البخاريّ، فذكر الزّيادة نحو ما أخرجها أحمد، وزاد بعد قوله: (كنّا بصفّين، قال: فلمّا استحرّ القتل بأهل الشّام، قال عمرو بن العاص لمعاوية: (أرسل المصحف إلى عليٍّ فادعه إلى كتاب اللّه، فإنّه لن يأبى عليك)،
فأتى به رجلٌ: فقال بيننا وبينكم كتاب اللّه،
فقال عليٌّ: (أنا أولى بذلك بيننا كتاب اللّه)،
فجاءته الخوارج -ونحن يومئذٍ نسمّيهم القرّاء- وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما ننتظر بهؤلاء القوم ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتّى يحكم اللّه بيننا وبينهم فقام سهل بن حنيفٍ.
قوله: (فقال عليٌّ: (نعم) )، زاد أحمد والنّسائيّ (أنا أولى بذلك) أي: بالإجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب اللّه، لأنّني واثقٌ بأنّ الحقّ بيدي.
قوله: (وقال سهل بن حنيفٍ: (اتّهموا أنفسكم) أي: في هذا الرّأي؛ لأنّ كثيرًا منهم أنكروا التّحكيم وقالوا: لا حكم إلّا للّه، فقال عليٌّ: (كلمة حقٍّ أريد بها باطلٌ)، وأشار عليهم كبار الصّحابة بمطاوعة عليٍّ، وأن لا يخالفما يشير به، لكونه أعلم بالمصلحة.
وذكر لهم سهل بن حنيفٍ ما وقع لهم بالحديبية، وأنّهم رأوا يومئذٍ أن يستمرّوا على القتال، ويخالفوا ما دعوا إليه من الصّلح، ثمّ ظهر أنّ الأصلح هو الّذي كان شرع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيه، وسيأتي ما يتعلّق بهذه القصّة في كتاب استتابة المرتدّين إن شاء اللّه تعالى، وسبق ما يتعلّق بالحديبية مستوفى في كتاب الشّروط).[فتح الباري:589-8/588]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا أحمد بن إسحاق السّلميّ حدّثنا يعلى حدّثنا عبد العزيز بن سياهٍ عن حبيب بن أبي ثابتٍ قال أتيت أبا وائلٍ أسأله فقال كنّا بصفّين فقال رجلٌ ألم تر إلى الّذين يدعون إلى كتاب الله فقال عليٌّ نعم فقال سهل بن حنيفٍ اتّهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبيّة يعني الصّلح الّذي كان بين النبيّ صلى الله عليه وسلم والمشركين ولو نرى قتالاً لقاتلنا فجاء عمر فقال ألسنا على الحقّ وهم على الباطل أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النّار قال بلى قال ففيم أعطي الدّنيّة في ديننا ونرجع ولم يحكم الله بيننا فقال يا ابن الخطّاب إنّي رسول الله ولن يضيّعني الله أبدا فرجع متغيّظا فلم يعتبر حتّى جاء أبا بكرٍ فقال يا أبا بكرٍ ألسنا على الحقّ وهم على الباطل قال يا ابن الخطّاب إنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يضيّعه الله أبدا فنزلت سورة الفتح..
مطابقته للتّرجمة من حيث أنه في قضيّة الحديبية وأحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر بن جندل أبو إسحاق السّلميّ بضم السّين المهملة وفتح اللّام السرماري نسبة إلى سرمارة قرية من قرى بخاري، ويعلى بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وبالقصر ابن عبيد، وعبد العزيز بن سياه، بكسر السّين المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالهاء بعد الألف، لفظ فارسي. ومعناه بالعربيّة الأسود، وهو منصرف، وحبيب بن أبي ثابت واسمه قيس بن دينار الكوفي، وأبو وائل بالهمز بعد الألف اسمه شقيق بن سلمة.
والحديث مر في باب الشّروط في الجهاد مطولا جدا وفيه قضيّة عمر، رضي الله تعالى عنه، وقضيّة سهل بن حنيف مضت مختصرة في غزوة الحديبية وذكره البخاريّ أيضا في الجزية والاعتصام وفي المغازي وأخرجه مسلم والنّسائيّ أيضا.
قوله: (بصفين) ، بكسر الصّاد المهملة والفاء المشدّدة: بقعة بقرب الفرات كانت بها وقعة بين عليّ ومعاوية، وهو غير منصرف. قوله: (فقال رجل: ألم تر إلى الّذين يدعون إلى كتاب الله} ، وذكر صاحب (التّلويح) الرّواية هنا بفتح الياء من: يدعون، وضم العين وكان هذا الرجل الّذي هو من أصحاب عليّ، رضي الله تعالى عنه، لم يرد التّلاوة وساق الكرماني الآية. {ألم تر إلى الّذين يدعون} إلى قوله تعالى: {معرضون} (الحجرات: 9) ثمّ قال: فقال الرجل مقتبسا منه ذلك وغرضه إمّا أن الله تعالى قال في كتابه: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي} فيم يدعون إلى القتال وهم لا يقاتلون.
قوله: (فقال عليّ: نعم) ، زاد أحمد والنّسائيّ: أنا أولى بذلك. أي: بالإجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب الله لأنني واثق بأن الحق بيدي. قوله: (فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم) ، ويروى: رأيكم يريد أن الإنسان قد يرى رأيا والصّواب غيره، والمعنى: لا تعملوا بآرائكم، يعني: مضى النّاس إلى الصّلح بين عليّ ومعاوية وذلك أن سهلاً ظهر له من أصحاب عليّ، رضي الله تعالى عنه، كراهة التّحكيم وقال الكرماني: كان سهل يتهم بالتقصير في القتال. فقال: اتهموا أنفسكم فإنّي لا أقصر وما كنت مقصرا وقت الحاجة. كما في يوم الحديبية، فإنّي رأيت نفسي يومئذٍ بحيث لو قدرت مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلت قتالاً عظيما. لكن اليوم لا نرى المصلحة في القتال بل التّوقّف أولى لمصالح المسلمين، وأما الإنكار على التّحكيم أفليس ذلك في كتاب الله تعالى؟ فقال عليّ، رضي الله تعالى عنه، نعم، المنكرون هم الّذين عدلوا عن كتاب الله لأن المجتهد لما رأى أن ظنّه أدّى إلى جواز التّحكيم فهو حكم الله، وقال سهل: اتهموا أنفسكم في الإنكار لأنا أيضا كنّا كارهين لترك القتال يوم الحديبية وقهرنا النّبي صلى الله عليه وسلم على الصّلح. وقد أعقب خيرا عظيما قوله: {ولقد رأيتنا} أي: ولقد رأيت أنفسنا. قوله: (ولو نرى) بنون المتكلّم مع غيره. قوله: (أعطي) ، بضم الهمزة وكسر الطّاء ويروى: نعطي، بالنّون. قوله: (الدنية) بكسر النّون وتشديد الياء آخر الحروف أي: الخصلة الدنية وهي المصالحة بهذه الشّروط الّتي تدل على العجز، والضعف. قوله: (فلم يصبر حتّى جاء أبا بكر) قال الدّاوديّ: ليس بمحفوظ إنّما كلم أبا بكر أولا ثمّ كلم النّبي صلى الله عليه وسلم). [عمدة القاري: 19/180-181]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا أحمد بن إسحاق السّلميّ، حدّثنا يعلى، حدّثنا عبد العزيز بن سياهٍ عن حبيب بن أبي ثابتٍ قال: أتيت أبا وائلٍ أسأله فقال: كنّا بصفّين، فقال رجلٌ: ألم تر إلى الّذين يدعون إلى كتاب اللّه تعالى، فقال عليٌّ: نعم. فقال سهل بن حنيفٍ: اتّهموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبية، يعني الصّلح الّذي كان بين النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- والمشركين ولو نرى قتالًا لقاتلنا فجاء عمر فقال ألسنا على الحقّ وهم على الباطل أليس قتلانا في الجنّة، وقتلاهم في النّار؟ قال: بلى، قال: ففيم أعطي الدّنيّة في ديننا. ونرجع ولمّا يحكم اللّه بيننا؟ فقال: «يا ابن الخطّاب: إنّي رسول اللّه، ولن يضيّعني اللّه أبدًا، فرجع متغيّظًا فلم يصبر حتّى جاء أبا بكرٍ، فقال يا أبا بكرٍ: ألسنا على الحقّ وهم على الباطل؟ قال: يا ابن الخطّاب: إنّه رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، ولن يضيّعه اللّه أبدًا، فنزلت سورة الفتح.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن إسحاق) بن الحصين أبو إسحاق (السلمي) بضم السين وفتح اللام السرماري البخاري نسبة إلى سرماري بفتح السين قرية من قرى بخارى قال: (حدّثنا يعلى) بفتح التحتية وسكون المهملة وفتح اللام ابن عبيد الطنافسي قال: (حدّثنا عبد العزيز بن سياه) بكسر المهملة وبعد التحتية المخففة ألف فهاء منوّنة فارسي معرب معناه الأسود (عن حبيب بن أبي ثابت) واسمه قيس بن دينار الكوفي أنه (قال أتيت أبا وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة (أسأله) لم يذكر المسؤول عنه وفي رواية أحمد أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي يعني الخوارج (فقال: كنا بصفين) بكسر الصاد المهملة والفاء المشددة موضع بقرب الفرات كان به الوقعة بين علي ومعاوية (فقال رجل) هو عبد الله بن الكوّاء: (ألم تر إلى الذين يدعون) بضم الياء وفتح العين وفي اليونينية بفتح الياء وضم العين (إلى كتاب الله تعالى فقال علي: نعم) أنا أولى بالإجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب الله وعند النسائي بعد قوله بصفين فلما استحرّ القتل بأهل الشام قال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل المصحف إلى علي فادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى
عليك فأتى به رجل فقال: بيننا وبينكم كتاب الله. فقال علي: أنا أولى بذلك بيننا كتاب الله فجاءته الخوارج ونحن نسميهم يومئذٍ القراء وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما ننتظر لهؤلاء القوم ألا نمشي إليهم بسيوفنا.
(فقال سهل بن حنيف): بضم الحاء وفتح النون (اتهموا أنفسكم) في هذا الرأي وإنما قال ذلك لأن كثيرًا منهم أنكروا التحكيم وقالوا لا حكم إلا لله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل (فلقد رأيتنا) يريد رأيت أنفسنا (يوم الحديبية يعني الصلح الذي كان بين النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- و) بين (المشركين ولو نرى) بنون المتكلم مع غيره (قتالًا لقاتلنا فجاء عمر) إلى النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- (فقال: ألسنا على الحق وهم) يريد المشركين (على الباطل أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال) عليه الصلاة والسلام:
(بلى، قال) عمر (ففيم أعطي) بضم الهمزة وكسر الطاء ولأبي ذر نعطي بالنون بدل الهمزة (الدنية) بكسر النون وتشديد التحتية أي الخصلة الدنية وهي المصالحة بهذه الشروط الدالة على العجز (في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا فقال) عليه الصلاة والسلام: (يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا، فرجع) عمر حال كونه (متغيظًا) لأجل إذلال المشركين كما عرف من قوّته في نصرة الدين وإذلال المشركين (فلم يصبر حتى جاء أبا بكر) -رضي الله عنهما- (فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بل ابن الخطاب أنه رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) سقطت التصلية لأبي ذر (ولن يضيعه الله أبدًا فنزلت سورة الفتح). ومراد سهل بن حنيف بما ذكره أنهم أرادوا يوم الحديبية أن يقاتلوا ويخالفوا ما دعوا إليه من الصلح ثم ظهر أن الأصلح ما شرعه الرسول -صلّى اللّه عليه وسلّم- من الصلح ليقتدوا بذلك ويطيعوا عليًّا فيما أجاب إليه من التحكيم). [إرشاد الساري: 7/349]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ): (أخبرنا عبيد الله بن محمّد الزاهد بقراءتي عليه، حدّثنا أبو العبّاس السرّاج، حدّثنا أبو الأشعث، حدّثنا أبو المعتمر، قال: سمعت أبي يحدث عن قتادة، عن أنس قال: لمّا رجعنا من غزوة الحديبية، قد حيل بيننا وبين نسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة، فأنزل الله تعالى عليه {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} الآية كلّها، فقال رسول الله: ((لقد نزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدّنيا جميعا)) ). [الكشف والبيان:9/40]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (أخبرنا منصور بن أبي منصورٍ السّامانيّ، أنا عبيد اللّه بن محمّدٍ الفاميّ، أنا محمّد بن إسحاق الثّقفيّ، نا أبو الأشعث، نا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدّث، عن قتادة، عن أنسٍ، قال: لمّا رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة، أنزل اللّه عزّ وجلّ{إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا} [الفتح: 1]فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم:((لقد أنزلت عليّ آيةٌ هي أحبّ إليّ من الدّنيا كلّها)).) [الوسيط:4/132-133]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (أخبرنا أحمد بن عبد اللّه الصّالحيّ، أخبرنا أبو عمر بكر بن محمّدٍ المزنيّ، حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه حفيد العبّاس بن حمزة، حدّثنا الحسين بن الفضل البجليّ، حدّثنا عفّان، حدّثنا همّام، حدّثنا قتادة، حدّثنا أنسٌ قال: نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:{إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا} إلى آخر الآية، مرجعه من الحديبية وأصحابه مخالطهم الحزن والكآبة، فقال: ((نزلت عليّ آيةٌ هي أحبّ إليّ من الدّنيا جميعًا))، فلمّا تلاها نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال رجلٌ من القوم: هنيئًا مريئًا لك قد بيّن اللّه لك ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل اللّه الآية الّتي بعدها:{ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار}، حتّى ختم الآية). [معالم التنزيل:7/295]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (نزلت هذه السّورة الكريمة لمّا رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الحديبية في ذي القعدة من سنة ستٍّ من الهجرة، حين صدّه المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام ليقضي عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك، ثمّ مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثمّ يأتي من قابلٍ، فأجابهم إلى ذلك على تكرّهٍ من جماعةٍ من الصّحابة، منهم عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، كما سيأتي تفصيله في موضعه من تفسير هذه السّورة إن شاء اللّه. فلمّا نحر هديه حيث أحصر، ورجع، أنزل اللّه، عزّ وجلّ، هذه السّورة فيما كان من أمره وأمرهم، وجعل ذلك الصّلح فتحًا باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روي عن ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، وغيره أنّه قال: (إنّكم تعدّون الفتح فتح مكّة، ونحن نعدّ الفتح صلح الحديبية)). [تفسير القرآن العظيم: 7/325]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو نوحٍ، حدّثنا مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطّاب قال: (كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سفرٍ، قال: فسألته عن شيءٍ -ثلاث مرّاتٍ-فلم يردّ عليّ، قال: فقلت لنفسي: ثكلتك أمّك يا ابن الخطّاب، نزرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثٌ مرّاتٍ فلم يردّ عليك؟ قال: فركبت راحلتي فتقدّمت مخافة أن يكون نزل فيّ شيءٌ، قال: فإذا أنا بمنادٍ ينادي: يا عمر، أين عمر؟ قال: فرجعت وأنا أظنّ أنّه نزل فيّ شيءٍ، قال: فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:((نزلت عليّ اللّيلة سورةٌ هي أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها:{إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا. ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر}[الفتح: 1-2])))).
ورواه البخاريّ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ من طرقٍ، عن مالكٍ، رحمه اللّه، وقال عليّ بن المدينيّ: هذا إسنادٌ مدينيٌّ [جيّدٌ] لم نجده إلّا عندهم). [تفسير القرآن العظيم: 7/325-326]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وفي صحيح مسلمٍ عن قتادة أنّ أنس بن مالكٍ حدّثهم قال: لمّا نزلت{إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً} الآية إلى قوله: {فوزاً عظيماً}مرجعه من الحديبية، وهم يخالطهم الحزن والكآبة، وقد نحر الهدي بالحديبية، فقال:((لقد أنزلت عليّ آيةٌ هي أحبّ إليّ من الدّنيا جميعها)) ). [فتح القدير:5/58]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وسبب نزولها ما رواه الواحديّ وابن إسحاق عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: (نزلت سورة الفتح بين مكّة والمدينة في شأن الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكآبة أنزل اللّه تعالى{إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً} فقال رسول اللّه:((لقد أنزلت عليّ آيةٌ أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها))) وفي روايةٍ ( ((من أوّلها إلى آخرها)) )). [التحرير والتنوير: 26/142]

ما ورد في نزول وفضل سورة الفتح:
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ (ت: 256هـ): (حدّثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالكٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم كان يسير في بعض أسفاره، وعمر بن الخطّاب يسير معه ليلًا، فسأله عمر بن الخطّاب عن شيءٍ فلم يجبه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ سأله فلم يجبه، ثمّ سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطّاب: ثكلت أمّ عمر، نزرت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرّاتٍ، كلّ ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحرّكت بعيري ثمّ تقدّمت أمام النّاس، وخشيت أن ينزل فيّ قرآنٌ، فما نشبت أن سمعت صارخًا يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآنٌ، فجئت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فسلّمت عليه فقال: ((لقد أنزلت عليّ اللّيلة سورةٌ لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس))، ثمّ قرأ:{إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا}[الفتح:1]). [صحيح البخاري:6/135]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله عن زيد بن أسلم عن أبيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان في سفرٍ)
هذا السّياق صورته الإرسال لأنّ أسلم لم يدرك زمان هذه القصّة لكنّه محمولٌ على أنّه سمعه من عمر بدليل قوله في أثنائه "قال عمر فحرّكت بعيري" إلخ وإلى ذلك أشار القابسيّ
وقد جاء من طريقٍ أخرى سمعت عمر أخرجه البزّار من طريق محمّد بن خالد بن عثمة عن مالكٍ ثمّ قال لا نعلم رواه عن مالك هكذا إلّا ابن عثمة وبن غزوان انتهى ورواية ابن غزوان وهو عبد الرّحمن أبو نوحٍ المعروف بقرادٍ قد أخرجها أحمد عنه واستدركها مغلطاي على البزّار ظانّا أنه غير ابن غزوان وأورده الدّارقطنيّ في غرائب مالكٍ من طريق هذين ومن طريق يزيد بن أبي حكيمٍ ومحمّد بن حربٍ وإسحاق الحنينيّ أيضًا فهولاء خمسةٌ رووه عن مالكٍ بصريح الاتّصال وقد تقدّم في المغازي أنّ الإسماعيليّ أيضًا أخرج طريق ابن عثمة وكذا أخرجها التّرمذيّ
وجاء في رواية الطّبرانيّ من طريق عبد الرّحمن بن أبي علقمة عن ابن مسعودٍ أنّ السّفر المذكور هو عمرة الحديبية
وكذا في رواية معتمرٍ عن أبيه عن قتادة عن أنسٍ قال "لمّا رجعنا من الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكآبة فنزلت" وسيأتي حديث سهل بن حنيفٍ في ذلك قريبًا واختلف في المكان الّذي نزلت فيه فوقع عند محمّد بن سعدٍ بضجنان وهي بفتح المعجمة وسكون الجيم ونونٍ خفيفةٍ وعند الحاكم في الإكليل بكراع الغميم وعن أبي معشرٍ بالجحفة والأماكن الثّلاثة متقاربةٌ قوله "فسأله عمر بن الخطّاب عن شيءٍ فلم يجبه" يستفاد منه أنّه ليس لكلّ كلامٍ جوابٌ بل السّكوت قد يكون جوابًا لبعض الكلام
وتكرير عمر السّؤال إمّا لكونه خشي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يسمعه أو لأنّ الأمر الّذي كان يسأل عنه كان مهمًّا عنده ولعلّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أجابه بعد ذلك وإنّما ترك إجابته أوّلًا لشغله بما كان فيه من نزول الوحي
قوله "ثكلت" بكسر الكاف أمّ عمر في رواية الكشميهنيّ "ثكلتك أمّ عمر"
والثّكل: فقدان المرأة ولدها دعا عمر على نفسه بسبب ما وقع منه من الإلحاح ويحتمل أن يكون لم يرد الدّعاء على نفسه حقيقةً وإنّما هي من الألفاظ الّتي تقال عند الغضب من غير قصد معناها قوله نزرت بزايٍ ثمّ راءٍ بالتّخفيف والتّثقيل والتّخفيف أشهر أي ألححت عليه قاله ابن فارسٍ والخطّابيّ وقال الدّاوديّ معنى المثقل أقللت كلامه إذا سألته ما لا يجب أن يجيب عنه وأبعد من فسّر نزرت براجعت قوله فما نشبت بكسر المعجمة بعدها موحّدةٌ ساكنةٌ أي لم أتعلّق بشيءٍ غير ما ذكرت
قوله "أن سمعت صارخًا يصرخ بي" لم أقف على اسمه قوله لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس أي لما فيها من البشارة بالمغفرة والفتح
قال ابن العربيّ: أطلق المفاضلة بين المنزلة الّتي أعطيها وبين ما طلعت عليه الشّمس ومن شرط المفاضلة استواء الشّيئين في أصل المعنى ثمّ يزيد أحدهما على الآخر ولا استواء بين تلك المنزلة والدّنيا بأسرها.
وأجاب ابن بطّالٍ بأنّ معناه: أنّها أحبّ إليه من كلّ شيءٍ لأنّه لا شيء إلّا الدّنيا والآخرة فأخرج الخبر عن ذكر الشّيء بذكر الدّنيا إذ لا شيء سواها إلّا الآخرة.
وأجاب ابن العربيّ: بما حاصله أنّ أفعل قد لا يراد بها المفاضلة كقوله {خيرٌ مستقرًّا وأحسن مقيلا} ولا مفاضلة بين الجنّة والنّار أو الخطاب وقع على ما استقرّ في أنفس أكثر النّاس فإنّهم يعتقدون أنّ الدّنيا لا شيء مثلها أو أنّها المقصودة فأخبر بأنّها عنده خيرٌ ممّا يظنّون أن لا شيء أفضل منه انتهى ويحتمل أن يراد المفاضلة بين ما دلّت عليه وبين ما دلّ عليه غيرها من الآيات المتعلّقة به فرجّحها وجميع الآيات وإن لم تكن من أمور الدّنيا لكنّها أنزلت لأهل الدّنيا فدخلت كلّها فيما طلعت عليه الشّمس). [فتح الباري:584-8/583]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ): (أخبرنا أبو الحسن بن أبي الفضل القهندري بقراءتي عليه، أخبرنا مكي بن عبدان، حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: وفيما قرأت على عبد الله بن نافع وحدّثني مطرف، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيهأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطّاب رضي الله عنه يسير معه ليلا، فسأله عمر عن شيء فلم يجبه، ثمّ سأله فلم يجبه، قال عمر: فحرّكت بعيري حتّى تقدّمت أمام الناس، وخشيت أن يكون نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ((لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس))، ثمّ قرأ {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ}). [الكشف والبيان:9/40]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (أخبرنا عبد الرّحمن بن حمدان العدل، أنا أبو بكرٍ القطيعيّ، نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، نا أبو نوحٍ، أنا مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في سفرٍ، فقال:((نزلت عليّ البارحة سورةٌ هي أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها {إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا * ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر}))[الفتح:1-2] .رواه البخاريّ، عن القعنبيّ، عن مالكٍ). [الوسيط:4/132]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (أخبرنا أبو الحسن محمّد بن محمّدٍ السّرخسيّ، أخبرنا أبو عليٍّ زاهر بن أحمد السّرخسيّ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشميّ، أخبرنا أبو مصعبٍ، عن مالكٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه كان يسير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في بعض أسفاره فسأله عمر عن شيءٍ فلم يجبه، ثمّ سأله فلم يجبه، ثمّ سأله فلم يجبه، فقال عمر: ثكلتك أمّك يا عمر نزرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاث مرّاتٍ، كلّ ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحرّكت بعيري ثمّ تقدّمت أمام النّاس، وخشيت أن ينزل فيّ قرآنٌ، فما لبثت أن سمعت صارخًا يصرخ بي، فجئت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسلّمت عليه، فقال: ((لقد أنزلت عليّ اللّيلة سورةٌ لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس))، ثمّ قرأ: {إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر} ). [معالم التنزيل:7/295]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر وهما راجعان إلى المدينة: ((لقد نزلت عليّ سورة هي أحب إليّ من الدنيا وما فيها،{إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً}[الفتح: 1]))). [التسهيل: 2/286]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو نوحٍ، حدّثنا مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطّاب قال: (كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سفرٍ، قال: فسألته عن شيءٍ -ثلاث مرّاتٍ-فلم يردّ عليّ، قال: فقلت لنفسي: ثكلتك أمّك يا ابن الخطّاب، نزرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثٌ مرّاتٍ فلم يردّ عليك؟ قال: فركبت راحلتي فتقدّمت مخافة أن يكون نزل فيّ شيءٌ، قال: فإذا أنا بمنادٍ ينادي: يا عمر، أين عمر؟ قال: فرجعت وأنا أظنّ أنّه نزل فيّ شيءٍ، قال: فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:((نزلت عليّ اللّيلة سورةٌ هي أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها:{إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا. ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر}[الفتح: 1-2])).
ورواه البخاريّ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ من طرقٍ، عن مالكٍ، رحمه اللّه، وقال عليّ بن المدينيّ: هذا إسنادٌ مدينيٌّ [جيّدٌ] لم نجده إلّا عندهم). [تفسير القرآن العظيم: 7/325-326]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: (نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:{ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر}الآية [الفتح: 2] مرجعه من الحديبية، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:((لقد أنزلت عليّ آيةٌ أحبّ إليّ ممّا على الأرض))، ثمّ قرأها عليهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: هنيئًا مريئًا يا نبيّ اللّه، لقد بيّن اللّه، عزّ وجلّ، ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه:{ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنّاتٍ}حتّى بلغ:{فوزًا عظيمًا}[الفتح: 5]). أخرجاه في الصّحيحين من رواية قتادة به). [تفسير القرآن العظيم: 7/326]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وفي الصّحيحين عن زيد بن أسلم عن أبيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطّاب يسير معه ليلًا، فسأله عمر عن شيءٍ فلم يجبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ سأله فلم يجبه ثمّ سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطّاب: هلكت أمّ عمر، نزرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاث مرّاتٍ كلّ ذلك لا يجيبك، فقال عمر: فحرّكت بعيري ثمّ تقدّمت أمام النّاس وخشيت أن ينزل فيّ قرآنٌ، فما نشبت أن سمعت صارخًا يصرخ بي فقلت: لقد خشيت أن يكون قد نزل فيّ قرآنٌ، فجئت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسلّمت عليه، فقال:((لقد أنزلت عليّ سورةٌ لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس))، ثمّ قرأ:{إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً}). [فتح القدير:5/58]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وفي "الموطّأ" عن عمر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يسير في بعض أسفاره -أي منصرفه من الحديبية- ليلًا وعمر بن الخطّاب يسير معه فسأله عمر بن الخطّاب عن شيءٍ فلم يجبه ثمّ سأله فلم يجبه ثمّ سأله فلم يجبه فقال: عمر ثكلت أمّ عمر نزرت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرّاتٍ كلّ ذلك لا يجيبك. قال عمر: فحرّكت بعيري وتقدّمت أمام النّاس وخشيت أن ينزل فيّ القرآن فما نشبت أن سمعت صارخًا يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآنٌ، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّمت عليه فقال:((لقد أنزلت عليّ اللّيلة سورةٌ لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس))ثمّ قرأ{إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً}[الفتح: 1].
ومعنى قوله: ((لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس لما اشتملت عليه)) من قوله: {ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك}[الفتح: 2]).
[التحرير والتنوير: 26/141-142]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وأخرج مسلمٌ والتّرمذيّ عن أنسٍ قال: (أنزل على النّبي{ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك} إلى قوله: {فوزاً عظيماً}[الفتح: 2- 5] مرجعه من الحديبية فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:((لقد أنزلت عليّ آيةٌ أحبّ إليّ ممّا على وجه الأرض))ثمّ قرأها)). [التحرير والتنوير: 26/142]


رد مع اقتباس