عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10 ذو القعدة 1431هـ/17-10-2010م, 09:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [لآيات من 76 إلى آخر السورة]

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85) وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِأُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ قارون كان من قوم موسى} [القصص: 76] كان ابن عمّه أخي أبيه.
{فبغى عليهم} [القصص: 76] وكان عاملا لفرعون فتعدّى عليهم وظلمهم.
قال: {وآتيناه} [القصص: 76]، يعني: قارون، أي: أعطيناه.
{من الكنوز} [القصص: 76]، أي: من الأموال.
{ما إنّ مفاتحه} [القصص: 76] قال بعضهم: خزائنه، يعني: أمواله.
وقال بعضهم: مفاتح خزائنه.
{لتنوء بالعصبة} [القصص: 76] لتثقل العصبة، الجماعة.
{أولي القوّة} [القصص: 76] من الرّجال.
وقال السّدّيّ: {أولي القوّة} [القصص: 76]، يعني: أولي الشّدّة، والعصبة، الجماعة.
وهم هاهنا أربعون رجلا.
قال: {إذ قال له قومه} [القصص: 76] قال له موسى والمؤمنون بنو إسرائيل.
{لا تفرح} [القصص: 76] لا تبطر.
{إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين} [القصص: 76]
[تفسير القرآن العظيم: 2/608]
وقال السّدّيّ: {لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين} [القصص: 76]، يعني: لا تبطر و{لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين} [القصص: 76] المرحين البطرين المشركين، أي: الّذين يفرحون بالدّنيا لا يفرحون بالآخرة، لا يؤمنون بها، ولا يرجونها.
وقال في آيةٍ أخرى: {وفرحوا بالحياة الدّنيا} [الرعد: 26] وهم المشركون.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: الأشرّين، البطرين الّذين لا يشكرون فيما أعطاهم وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/609]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم...}

وكان ابن عمّه {فبغى عليهم}, وبغيه عليهم: أنه قال: إذا كانت النبوّة لموسى، وكان المذبح , والقربان الذي يقرّب في يد هارون فمالي؟.
وقوله: {وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة} : نوؤها بالعصبة , أن: تثقلهم، والعصبة ها هنا: أربعون رجلاً ومفاتحه: خزائنه, والمعنى: ما إن مفاتحه لتنيء العصبة , أي: تميلهم من ثقلها , فإذا أدخلت الباء قلت: تنوء بهم , وتنيء بهم، كما قال: {آتوني أفرغ عليه قطراً}, والمعنى: ائتونى بقطرٍ أفرغ عليه، فإذا حذفت الباء , زدت في الفعل ألفاً في أوّله, ومثله: {فأجاءها المخاض} : معناه: فجاء بها المخاض, وقد قال رجل من أهل العربية: إن المعنى: ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه , فحوّل الفعل إلى المفاتح , كما قال الشاعر:

إن سراجاً لكريم مفخره = تحلى به العين إذا ما تجهره
وهو الذي يحلى بالعين,فإن كان سمع بهذا أثراً فهو وجه؛ وإلاّ فإنّ الرجل جهل المعنى, ولقد أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما التأمت مواصله = وناء في شقٍّ الثّمال كاهله
يعني الرامي لمّا أخذ القوس , ونزع مال على شقّه, فذلك نوؤه عليها.
ونرى أن قول العرب: ما ساءك وناءك من ذلك، ومعناه : ما ساءك وأناءك، إلا أنّه ألقى الألف؛ لأنه متبع لساءك، كما قالت العرب: أكلت طعاماً فهنأني ومرأني، ومعناه، إذا أفردت: وأمرأني، فحذفت منه الألف لمّا أن أتبع ما لا ألف فيه.
وقوله: {إذ قال له قومه لا تفرح} , ذكروا أن موسى الذي قال له ذلك؛ لأنه من قومه وإن كان على غير دينه. وجمعه ها هنا وهو واحد , كقول الله : {الّذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم}, وإنما كان رجلاً من أشجع .
وقوله: {الفرحين} , ولو قيل: الفارحين كان صواباً، كأنّ الفارحين: الذين يفرحون فيما يستقبلون، والفرحين الذين هم فيه السّاعة، مثل الطامع والطمع، والمائت والميّت، والسّالس والسّلس, أنشدني بعض بني دبير، وهم فصحاء بني أسدٍ:
ممكورةٌ غرثي الوشاح السّالس = تضحك عن ذي أشر عضارس
العضارس البارد , وهو مأخوذ من العضرس , وهو البرد, يقال: سالس وسلس ). [معاني القرآن: 2/311]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوّة}: أي: مفاتح خزائته، ومجازه: ما إن العصبة ذوى القوة لتنوء بمفاتح نعمه ؛
ويقال في الكلام: إنها لتنوء بها عجيزتها، وإنما هي تنوء بعجيزتها كما ينوء البعير بحمله، , والعرب قد تفعل مثل هذا،
قال الشاعر:
فديت بنفسه نفسي ومالي= ولا ألوك إلّا ما أطيق
والمعنى فديت بنفسي وبمالي نفسه وقال:
وتركب خيلٌ لا هوادة بينها= وتشقى الرماح بالضّياطرة الحمر
الخيل: هاهنا الرجال، وإنما تشقى الضياطرة بالرماح، وقال أبو زبيد:والصّدر منه في عاملٍ مقصود
وإنما الرمح في الصدر، ويقال: أعرض الناقةً على الحوض , وإنما يعرض من الحوض على الناقة.
{لا تفرح}:أي : لا تأشر , ولا تمرح، قال هدبة:
ولست بمفراحٍ إذا الدهر سرّني= ولا جازعٍ من صرفه المتقلّب
وقال ابن أحمر:
ولا ينسيني الحدثان عرضي= ولا ألقى من الفرح إلازارا
أي: لا أبدي عورتي للناس.). [مجاز القرآن: 2/110-111]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة إذ قال له قومه لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين}
وقال: {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة}: يريد: إنّ الذي مفاتحه. وهذا موضع لا يبتدئ فيه "أنّ" وقد قال: {قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم} ,
وقوله: {تنوء بالعصبة} : إنّما العصبة تنوء بها.
وفي الشعر:
تنوء بها فتثقلها = عجيزتها............
وليست العجيزة تنوء بها , ولكنها هي تنوء بالعجيزة, وقال:
ما كنت في الحرب العوان مغمّراً = إذ شبّ حرّ وقودها أجزالها.).
[معاني القرآن: 3/24]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لتنوء بالعصبة}: لتثقلهم وتميلهم، ويقال نؤت بالحمل وناء بي إذا أثقلني، ويقال ناء بي الحمل وأناء بي كقولك:
ذهبت ببصره وأذهبت به وأتيته وأتيت به. وقال بعضهم: معناه لتنوء العصبة به، إن العصبة لتنوء بمفاتحه وهذا هو الكلام المنكوس.
وقال الشاعر:
إن سراجا لكريم مفخره = تحلا به العين إذا ما تجهره
{لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}: الأشرين البطرين). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({ما إنّ مفاتحه لتنوأ بالعصبة} : أي: تميل بها العصبة - إذا حملتها - من ثقلها, يقال: ناءت بالعصبة، أي: مالت بها, وأناءت العصبة: أمالتها, ونحوه في المعنى قوله: {ولا يؤده حفظهما} : أي : لا يثقله حتى يؤوده، أي : يميله, و«العصبة»: ما بين العشرة إلى الأربعين, وفي تفسير أبي صالح: {ما إنّ مفاتحه} يعني: الكنز نفسه» وقد تكون «المفاتح»: مكان الخزائن, قال في موضع آخر: {أو ما ملكتم مفاتحه} ، أي ما ملكتموه: من المخزون, وقال: {وعنده مفاتح الغيب} ،
نرى: أنها خزائنه.
{لا تفرح}: لا تأشر، ولا تبطر. قال الشاعر:
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني = ولا جازع من صرفه المتحوّل
أي : لست بأشر, فأمّا السرور , فليس بمكروه). [تفسير غريب القرآن: 334-335]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: البطر والأشر، لأن ذلك عن إفراط السرور، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}
وقال: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} وقال: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ}.
وقد تبدل (الحاء) في هذا المعنى (هاء) فيقال: فره أي بطر، قال الله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي: أشرين بطرين. و(الهاء) تبدل من (الحاء)
لقرب مخرجيهما، تقول: (مدحته) و(مدهته)، بمعنى واحد). [تأويل مشكل القرآن: 491]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة إذ قال له قومه لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين}
قارون : اسم أعجمي لا ينصرف، ولو كان فاعولا من العربيّة، من قرنت الشّيء لا يصرف فلذلك لم ينوّن.
وجاء في التفسير : أن قارون كان ابن عمّ موسى، وكان من العلماء بالتوراة, فبغى على موسى , وقصد إلى الإفساد عليه, وتكذيبه, وكان من طلبه للإفساد عليه : أن بغيّا كانت مشهورة في بني إسرائيل, فوجّه إليها قارون - وكان أيسر أهل زمانه - يأمرها أن تصير إليه، وهو في ملأ من أصحابه , لتتكذّب على موسى وتقول: إنه طلبني للفساد والرّيبة، وضمن لها قارون إن فعلت ذلك أن يخلطها بنسائه، وأن يعطيها على ذلك عطاء كبيراً، فجاءت المرأة - وقارون جالس مع أصحابه - ورزقها اللّه التوبة فقالت في نفسها : مالي مقام توبة مثل هذا، فأقبلت على أهل المجلس وقارون حاضر، فقالت لهم : إن قارون هذا وجّه إليّ يأمرني ويسألني أن أتكذّب على موسى، وأن أقول إنه أرادني للفساد، وإنّ قارون كاذب في ذلك، فلما سمع قارون كلامها تحيّر و أبلس, واتصل الخبر بموسى عليه السلام , فجعل اللّه أمر قارون إلى موسى , وأمر الأرض أن تطيعه فيه، فورد موسى على قارون، فأحس قارون بالبلاء، فقال: يا موسى ارحمني؟
فقال: يا أرض خذيه، فخسف به، وبداره إلى ركبتيه.
فقال: يا موسى ارحمني؟.
فقال: يا أرض خذيه، فخسف به إلى سرته.
ثم قال: يا أرض خذيه، فخسف به إلى عنقه، واسترحم موسى، فقال: يا أرض خذيه، فخسف به حتى ساخت الأرض به وبداره، قال الله عزّ وجلّ: {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون اللّه وما كان من المنتصرين}
وقوله تعالى: {وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة}
روي في التفسير : أن مفاتحه كانت من جلود على مقدار الإصبع، وكانت تحمل على سبعين بغلاً أو ستين بغلًا، وجاء أيضا ً: أن مفاتحه
: خزائنه، وقيل : إن العصبة ههنا سبعون رجلاً، وقيل: أربعون، وقيل: ما بين الخمسة عشر إلى الأربعين، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشرة.
والعصبة في اللغة : الجماعة الذين أمرهم واحد يتابع بعضهم بعضا في الفعل، ويتعصّب بعضهم لبعض.
والأشبه فيما جاء في التفسير : أن مفاتحه خزائنه، وأنها خزائن المال الذي يحمل على سبعين، أو على أربعين بغلًا - واللّه أعلم - لأن مفاتح جلود على مقدار الإصبع، تحمل على سبعين بغلاً للخزائن أمر عظيم - واللّه أعلم -.
ومعنى {لتنوء بالعصبة}: لتثقل العصبة.
قال أبو زيد: يقال نؤت بالحمل، أنوء به نوءا إذا نهضت به، وناء بي الحمل إذا أثقلني.
وقوله: {إذ قال له قومه لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين}
جاء في التفسير : لا تأشر، إن اللّه لا يحبّ الأشرين.
{ولا تفرح } ههنا - واللّه أعلم - : أي : لا تفرح لكثرة المال في الدنيا ؛ لأن الذي يفرح بالمال، ويصرفه في غير أمر الآخرة مذموم فيه.
قال اللّه عز وجل: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم}
والدليل على أنهم أرادوا لا تفرح بالمال في الدنيا : قولهم: {وابتغ فيما آتاك اللّه الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدّنيا وأحسن كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ اللّه لا يحبّ المفسدين} ). [معاني القرآن: 4/153-154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم}
قال إبراهيم النخعي : كان ابن عمه.
وقوله جل وعز: {فبغى عليهم} : أي: تجاوز الحد في مساندة موسى صلى الله عليه وسلم، والتكذيب به، وقوله جل وعز: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة}
روى الأعمش , عن خيثمة قال: كانت مفاتحه من جلود، كل مفتاح منها على قدر الإصبع لخزانة يحملها ستون بغلا إذا ركب.
وقال مجاهد : كانت من جلود الإبل .
قال أبو صالح : كانت تحملها أربعون بغلاً.
وروى علي بن الحكم , عن الضحاك قال : كانت مفاتيح قارون يحملها أربعون رجلاً.
قال ابن عيينة: العصبة: أربعون رجلاً.
وقال مجاهد : العصبة من العشرة إلى الخمسة عشر .
قال أبو جعفر : العصبة في اللغة : الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض .
قال أبو عبيدة :{لتنوء بالعصبة }: تأويله أن العصبة لتنوء بها , كما قال:
= وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر
الضياطرة : التباع , والأجراء.
قال أبو جعفر : يذهب أبو عبيدة إلى أن هذا من المقلوب وهذا غلط، والصحيح فيه ما قال أبو زيد قال: يقال نؤت بالحمل إذا نهضت به على ثقل، وناءني إذا أثقلني .
قال أبو العباس : سئل الأصمعي عن قوله: {وتشقى}, قال : نعم، هي تشقى بالرجال.
ثم قال جل وعز: {إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: الفرحين : البطرين الذين لا يشكرون الله جل وعز فيما أعطاهم.). [معاني القرآن: 5/197-199]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}: أي: تميل بالعصبة من الثقل، والعصبة من العشرة إلى الأربعين, {لَا تَفْرَحْ}: أي : لا تبطر , ولا تأشر من الفرح , وليس السرور بمكروه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 183]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {لَتَنُوءُ}: لتثقل, {الْفَرِحِينَ}: البطرين.). [العمدة في غريب القرآن: 236]


تفسير قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وابتغ فيما آتاك اللّه} [القصص: 77] من هذه النّعم والخزائن.
{الدّار الآخرة} [القصص: 83] الجنّة.
{ولا تنس نصيبك من الدّنيا} [القصص: 77]، أي: اعمل في دنياك لآخرتك، في تفسير بعضهم.
قرّة بن خالدٍ، عن عون بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ قال: {ولا تنس نصيبك من الدّنيا} [القصص: 77]، أي: طاعة ربّك وعبادته.
{وأحسن} [القصص: 77] فيما افترض اللّه عليك.
{كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ اللّه لا يحبّ المفسدين} [القصص: 77] المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/609]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({ولا تنس نصيبك من الدّنيا }: مجازه: لا تدع حظك, وطلب الرزق الحلال منها).
[مجاز القرآن: 2/111]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تنس نصيبك من الدّنيا}:أي: لا تترك حظّك منها). [تفسير غريب القرآن: 335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وابتغ فيما آتاك اللّه الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدّنيا وأحسن كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ اللّه لا يحبّ المفسدين}
{ولا تنس نصيبك من الدنيا}: أي : لا تنس أن تعمل به لآخرتك, لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا الذي يعمل به لآخرته.). [معاني القرآن: 4/155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تنس نصيبك من الدنيا}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: نصيبه من الدنيا : العمل بطاعة الله جل وعز الذي يثاب عليه يوم القيامة .
وروى أشعث , عن الحسن قال : أمسك القوت , وقدم ما فضل.
وروى معمر , عن قتادة قال: ابتغ الحلال.
قال أبو جعفر : قول مجاهد حسن جدا ؛ لأن نصيب الإنسان في الدنيا على الحقيقة هو الذي يؤديه إلى الجنة.
وروى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس :{ولا تنس نصيبك من الدنيا }, يقول: لا تترك أن تعمل لله جل وعز في الدنيا , وقد قيل المعنى: ولا تنس شكر نصيبك.).
[معاني القرآن: 5/199-200]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قارون:
{إنّما أوتيته} [القصص: 78] أعطيته، يعني: ما أعطي من الدّنيا.
{على علمٍ عندي} [القصص: 78]، أي: بقوّتي وعلمي وهي مثل قوله: {ثمّ إذا خوّلناه نعمةً منّا قال إنّما أوتيته على علمٍ} [الزمر: 49] قال اللّه: {بل هي فتنةٌ} [الزمر: 49] بليّةٌ{ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [القصص: 57].
قال: {أولم يعلم} [القصص: 78] قارون، أي: بلى قد علم، وهذا على الاستفهام.
{أنّ اللّه قد أهلك من قبله من القرون من هو أشدّ منه قوّةً وأكثر جمعًا} [القصص: 78]
[تفسير القرآن العظيم: 2/609]
من الجبابر والرّجال.
قال اللّه: {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} [القصص: 78] المشركون ليعلم ذنوبهم منهم، يعرفون بسواد وجوههم، وزرقة أعينهم مثل قوله: {فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ {39} فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان {40} يعرف المجرمون بسيماهم} [الرحمن: 39-41] بسواد وجوههم وزرقة أعينهم {فيؤخذ بالنّواصي والأقدام} [الرحمن: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/610]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّما أوتيته على علمٍ عندي...}:

على فضلٍ عندي، أي: كنت أهله , ومستحقّا له، إذ أعطيته , لفضل علمي, ويقال: {أوتيته على علمٍ}, ثم قال: {عندي}: أي: كذاك أرى، كما قال: {إنّما أوتيته على علمٍ بل هي فتنةٌ}.
وقوله: {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} , يقول: لا يسأل المجرم عن ذنبه, الهاء والميم للمجرمين, يقول: يعرفون بسيماهم, وهو كقوله: {فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ} , ثم بيّن , فقال: {يعرف المجرمون بسيماهم}). [معاني القرآن: 2/311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال إنّما أوتيته على علمٍ عندي} أي : لفضل عندي, وروي في التفسير: أنه كان أقرأ بني إسرائيل للتوراة.
{ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}, قال قتادة: يدخلون النار بغير حساب, وقال غيره: يعرفون بسيماهم). [تفسير غريب القرآن: 335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال إنّما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أنّ اللّه قد أهلك من قبله من القرون من هو أشدّ منه قوّة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}
ادّعى أن المال أعطية لعلمه بالتوراة، والذي روي: أنه كان يعمل الكيمياء، وهذا لا يصح ؛ لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له.). [معاني القرآن: 4/155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال إنما أوتيته على علم عندي}
يروى: أن قارون كان من قراء بني إسرائيل للتوراة , والمعنى : إنما أوتيته على علم فيما أرى.
فأما ما روي أنه كان يعمل الكيمياء , فلا يصح
وقيل : المعنى على علم بالوجوه التي تكسب منها الأموال , وترك الشكر .
وقال ابن زيد , قال: أي: قارون , لولا رضى الله عني , ومعرفته بفضلي , ما أعطاني هذا , وهذا أولاها , يدل عليه ما بعده .
وقوله جل وعز: {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}
قال مجاهد : هو مثل قوله تعالى: {يعرف المجرمون بسيماهم} : زرقاً, سود الوجوه لا تسأل عنهم الملائكة ؛ لأنها تعرفهم .
وقال قتادة : ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون, أي: يدخلون النار بغير حساب .
قال محمد بن كعب : {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}: أي: لا يسأل الآخر لم هلك الأول , فيعتبر , وقيل : لا يسأل عنها سؤال استعلام.). [معاني القرآن: 5/201-202]

تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فخرج على قومه} [القصص: 79]، يعني: قارون.
{في زينته} [القصص: 79] تفسير الكلبيّ: أنّه خرج وعليه ثيابٌ حمرٌ مصبوغةٌ بالأرجوان على بغلةٍ بيضاء، ومعه أربع مائة جاريةٍ عليهنّ ثيابٌ حمرٌ على بغالٍ بيضٍ.
وتفسير عمرٍو، عن الحسن: أنّه خرج في صنوف ماله من درّه، وذهبه، وفضّته.
وفي حديث المبارك بن فضالة، عن الحسن: أنّه خرج في الحمرة والصّفرة.
وفي حديث الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن: أنّ قارون خرج في زينته، فكانت ثيابه وسروجه الأرجوان والحمرة.
{قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا} [القصص: 79] المشركون، لا يقرّون بالآخرة.
{يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ} [القصص: 79] لذو نصيبٍ عظيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/610]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم}

جاء في التفسير : أنه خرج هو وأصحابه على خيلهم، وعليهم , وعلى الخيل: الأرجوان, والأرجوان في اللغة : صبغ أحمر.
وقيل: كان عليهم , وعلى خيلهم الديباج الأحمر.). [معاني القرآن: 4/155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخرج على قومه في زينته}
روى عثمان بن الأسود , عن مجاهد قال: خرج هو , وأصحابه على براذين بيض عليها سروج أرجوان , وعليهم المعصفر .
قال قتادة : خرجوا على أربعة آلاف دابة , عليها ثياب حمرة , منها ألف بغل بيض عليها قطف حمر .
وقوله جل وعز: {ولا يلقاها إلا الصابرون}: أي: لا يلقى هذه الفعلة , وهي القول: ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلا الصابرون.). [معاني القرآن: 5/203]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقال الّذين أوتوا العلم} [القصص: 80] وهم المؤمنون للمشركين.
{ويلكم ثواب اللّه} [القصص: 80] جزاء اللّه، الجنّة.
{خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا} [القصص: 80] ممّا أوتي قارون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/610]
{ولا يلقّاها} [القصص: 80] ولا يعطاها، الجنّة.
{إلا الصّابرون} [القصص: 80] وهم المؤمنون.
وقال السّدّيّ: {ولا يلقّاها إلا الصّابرون} [القصص: 80]، يعني: وما يؤتاها إلا ذو حظٍّ عظيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/611]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون...}

يقول: ولا يلقّى أن يقول ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلاّ الصابرون, ولو كانت: ولا يلقّاه لكان صوباً؛ لأنه كلام والكلام يذهب به إلى التأنيث والتذكير, وفي قراءة عبد الله :{بل هي آيات بيّنات}, وفي قراءتنا: {بل هو آياتٌ} , فمن قال: {هي}: ذهب إلى الآيات، ومن قال :{هو} : ذهب إلى القرآن, وكذلك {تلك من أنباء الغيب} , و{ذلك من أنباء الغيب}, ومثله في الكلام: قد غمّني ذاك , وغمّتني تلك منك.). [معاني القرآن: 2/311-312]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولا يلقّاها إلّا الصّابرون}: مجازه: لا يوقف لها, ولا يرزقها, ولا يلقاها ). [مجاز القرآن: 2/111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يلقّاها}: أي : لا يوفّق لها, ويقال: يرزقها.). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقّاها إلّا الصّابرون }
{ولا يلقّاها إلّا الصّابرون}:أي : لا يلقى هذه الفعلة، وهذه الكلمة ,يعني قولهم: {ويلكم ثواب اللّه خير لمن آمن وعمل صالحاً} .). [معاني القرآن: 4/155]

تفسير قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فخسفنا به} [القصص: 81] بقارون.
{وبداره} [القصص: 81]، أي: ومسكنه.
{الأرض} فهو يخسف به كلّ يومٍ قامةٌ إلى أن تقوم السّاعة في تفسير سعيدٍ عن قتادة.
قال: {فما كان له من فئةٍ ينصرونه} [القصص: 81] يمنعونه.
{من دون اللّه وما كان من المنتصرين} [القصص: 81]، أي: من الممتنعين من عذاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/611]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({فما كان له من فئة}: أي : من أعوان وظهراء، قال خفاف:

فلم أر مثلهم حيّاً لقاحا= وجدّك بين قاسية وحجرٍ
أشدّ على صروف الدهر آداً= وآمر منهم فيئة بصبرٍ). [مجاز القرآن: 2/111-112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخسفنا به وبداره الأرض}
قال ابن عباس : خسف به إلى الأرض السفلى , {فما كان له من فئة }, أي: من فرقة.). [معاني القرآن: 5/203]

تفسير قوله تعالى:{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه} [القصص: 82]، أي: أنّ اللّه.
{يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا} [القصص: 82] قوله عزّ وجلّ: {ويكأنّه لا يفلح الكافرون} [القصص: 82]، أي: وأنّه لا يفلح الكافرون.
قال: وبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لرجلٍ في شيءٍ يكلّمه به: «ويكأنّك لم تكن لتعلمه».
[تفسير القرآن العظيم: 2/611]
وبعضهم يقول ويكأنّ اللّه، ولكنّ اللّه{ويكأنّه} [القصص: 82] ولكنّه{لا يفلح الكافرون} [القصص: 82]، يعني: لا يفوزون في الآخرة، هو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/612]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ويكأنّ اللّه...}في كلام العرب تقرير, كقول الرجل: أما ترى إلى صنع الله, وأنشدني:

ويكأن من يكن له نشبٌ يحـ = ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
... وأخبرني شيخ من أهل البصرة , قال: سمعت أعرابيّة تقول لزوجها: أين ابنك ويلك؟ .
فقال: ويكأنّه وراء البيت, معناه: أما ترينه وراء البيت, وقد يذهب بعض النحوّيين إلى أنهما كلمتان يريد : ويك أنّه، أراد : ويلك، فحذف اللام , وجعل (أنّ) مفتوحةً بفعلٍ مضمرٍ، كأنه قال: ويلك أعلم أنه وراء البيت، فأضمر (اعلم), ولم نجد العرب تعمل الظنّ والعلم بإضمارٍ مضمرٍ في أنّ. وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين أو في آخر الكلمة، فلمّا أضمره جرى مجرى الترك؛ ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء أن تقول: يا هذا أنك قائم، ولا يا هذا أن قمت تريد: علمت أو أعلم أو ظننت أو أظنّ. وأمّا حذف اللام من (ويلك) حتى تصير (ويك) فقد تقوله العرب لكثرتها في الكلام قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قول الفوارس ويك عنتر أقدم
وقد قال آخرون: أن معنى (وي كأنّ) : أنّ (وي) منفصلة من (كأنّ) , كقولك للرجل: وي، أما ترى ما بين يديك، فقال: وي، ثم استأنف (كأنّ) يعني : {كأنّ اللّه يبسط الرّزق} , وهي تعجّب، و(كأنّ) في مذهب الظنّ والعلم. فهذا وجه مستقيم, ولم تكتبها العرب منفصلةً، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلةً, وقد يجوز أن تكون كثر بها الكلام , فوصلت بما ليست منه؛ كما اجتمعت العرب على كتاب {يا بن أمّ} , {يابنؤمّ} قال: وكذا رأيتها في مصحف عبد الله, وهي في مصاحفنا أيضاً.
وقوله: {لخسف بنا} قراءة العامة : {خسف}, وقد قرأها شيبة , والحسن - فيما أعلم - {لخسف بنا}, وهي في قراءة عبد الله : {لانخسف بنا}, فهذا حجّةٌ لمن قرأ {لخسف} ). [معاني القرآن: 2/312-313]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ويكأنّ الله }: مجازه: ألم تر أن الله يبسط الرزق، قال الشاعر:
وى كأنّ من يكن له نشبٌ يجب = ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
{إنّ الّذي فرض عليك القرآن }:مجازه: أنزل عليك). [مجاز القرآن: 2/112]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن مّنّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}
وقال: {ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء} , المفسرون يفسرونها: "ألم تر أنّ الله" , وقال: {ويكأنّه لا يفلح الكافرون},
وفي الشعر:

سالتاني الطّلاق أن رأتا ما = لي قليلاً قد جئتماني بنكر
ويكأن من يكن له نشبٌ يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ).
[معاني القرآن: 3/24-25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ويكأن}: معناه ألم تروا وقالوا أعلمك وقالوا ذلك أن الله). [غريب القرآن وتفسيره: 294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ويكأنّ اللّه}, قال قتادة: هي: «ألم تعلم!», وقال أبو عبيدة: سبيلها سبيل «ألم تر؟», وقد ذكرت الحرف والاختلاف فيه في كتاب «تأويل المشكل».). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكأن
ويكأنّ. قد اختلف فيها: فقال الكسائي: معناها: ألم تر، قال الله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}
وقال: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، يريد: ألم تر.
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة أنه قال: ويكأنّ: أولا يعلم أن الله يبسط الرزق لمن يشاء. وهذا شاهد لقول الكسائي.
وذكر الخليل أنها مفصولة: وي، ثم تبتدئ فتقول: كأنّ الله.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: هي: كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء، كأنه لا يفلح الكافرون. وقال: وي صلة في الكلام.
وهذا شاهد لقول الخليل.[تأويل مشكل القرآن: 526]
ومما يدل على أنها كأنّ: أنها قد تخفف أيضا كما تخفّف كأن قال الشاعر:
ويكأنّ من يكن له نشب يح =بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
وقال (بعضهم): ويكأن: أي رحمة لك، بلغة حمير). [تأويل مشكل القرآن: 527]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}
يعني الذين قالوا: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون}
{يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}هذه اللفظة لفظة " ويك " قد أشكلت على جماعة من أهل اللغة , وجاء في التفسير أن معناها : ألم تر أنه لا يفلح الكافرون.
وقال بعضهم معناها : ما ترى أنه لا يفلح الكافرون.
وقال بعض النحويين - وهذا غلط عظيم - إنّ معناها : ويلك , اعلم أنه لا يفلح الكافرون , فحذف اللام , فبقيت ويك وحذف أعلم أنه لا يفلح الكافرون، وهذا خطأ من غير جهة، لو كان كما قال , لكانت أن مكسورة كما تقول: ويلك إنه قد كان كذا وكذا، ومن جهة أخرى: أن يقال لمن خاطب القوم بهذا .
فقالوا: ويلك { إنه لا يفلح الكافرون}, ومن جهة أخرى أنه حذف اللام من ويل, والقول الصحيح في هذا ما ذكره سيبويه عن الخليل , ويونس.
قال سألت عنها الخليل : فزعم أنها " وي " مفصولة من كأنّ, وأن القوم تنبهوا , فقالوا: وي، متندّمين على ما سلف منهم، وكل من تندم , أو ندم , فإظهار تندمه وندامته
أن يقول " وي " كما تعاتب الرجل على ما سلف منه , فقول: وي، كأنك قصدت مكروهي، فحقيقة الوقف عليها وي، وهو أجود في الكلام، ومعناه: التنبيه والتندم.
قال الشاعر:

سألتاني إلى طلاق إذ رأتانني= قلّ مالي قد جئتما في بنكر
وي كأن من يكن له نشب يح= بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
فهذا تفسير الخليل، وهو مشاكل لما جاء في التفسير، لأن قول المفسرين : هو تنبيه.). [معاني القرآن: 4/156-157]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر}
قوله: {ويكأن} , قيل: هي ويك أن : ويك: بمعنى : ويلك.
قال أبو جعفر : وهذا لا يصح لأن هذه اللام لا تحذف , ولو كان هكذا لوجب أن يقال : ويلك إنه , ولا يجوز أن يضمر اعلم , وليس ههنا مخاطبة لواحد .
والصحيح في هذا ما قال الخليل , وسيبويه , والكسائي .
قال الكسائي : وي : ههنا صلة , وفيها معنى التعجب .
وقال سيبويه : سألت الخليل عن قوله جل وعز: {ويكأنه لا يفلح الكافرون} , وقوله: {ويكأن الله} , فزعم أنها وي مفصولة من كأن.
والمعنى : وقع على أن القوم انتبهوا , فتكلموا على قدر علمهم , أو نبهوا , فقيل لهم : أما يشبه أن يكون ذا عندكم هكذا , والله أعلم, وأما المفسرون ,
فقالوا معناها : ألم تر أن الله.
قال قتادة : ويكأن : المعنى : أو لا تعلم .
قال أبو جعفر , وقول الخليل موافق لهذا , وأنشد أهل اللغة:
وي كأن من يكن له نشب = يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقد كتبت في المصحف متصلة ؛ كأنهم لما كثر استعمالهم إياها , جعلوها مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد.). [معاني القرآن: 5/203-205]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ويكأن الله}: أي: أعلم ). [ياقوتة الصراط: 400]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَيْكَأَنَّ الله}: قيل معناه: ألم يعلم، وقيل: ألم تر، وقيل: ويلك.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 183]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({وَيْكَأَنَّهُ}: ألم تر أن ، اعلم أن.). [العمدة في غريب القرآن: 236]

تفسير قوله تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {تلك الدّار الآخرة} [القصص: 83]، يعني: الجنّة.
{نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض} [القصص: 83]، يعني: الشّرك.
{ولا فسادًا} [القصص: 83] قتل الأنبياء والمؤمنين وانتهاك حرمتهم.
{والعاقبة} [القصص: 83]، أي: الثّواب.
{للمتّقين}وهي الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/612]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا}

روى سفيان , عن منصور, عن مسلم البطين, قال: العلو : التكبر بغير الحق , والفساد: أخذ الأموال بغير الحق , قال الثوري : ولا فساداً: المعاصي .
وقوله جل وعز: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال : إلى معاد: إلى مكة .وكذلك روى يونس بن إسحاق , عن مجاهد.
وروى سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال: إلى الموت .
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : إلى أن يحييك يوم القيامة .
وقال الزهري, والحسن : المعاد : يوم القيامة .
قال أبو جعفر : وهذا معروف في اللغة , يقال: بيني , وبينك المعاد , أي : يوم القيامة , لأن الناس يعودون فيه أحياء , والقول الأول : حسن كثير , والله أعلم بما أراد .
ويكون المعنى : إن الذي نزل عليك القرآن , وما كنت ترجو أن يلقى إليك , لرادك إلى معاد , أي: إلى وطنك, ومعادك , يعني: مكة , ويقال: رجع فلان إلى معاده , أي: إلى بيته).[معاني القرآن: 5/205-207]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {من جاء بالحسنة} [القصص: 84] لا إله إلا اللّه مخلصًا بها قلبه.
{فله خيرٌ منها} [القصص: 84]، أي: فله منها خيرٌ، يعني: فله منها الجنّة، وفيها تقديمٌ: فله منها خيرٌ، وهي الجنّة.
{ومن جاء بالسّيّئة} [القصص: 84] بالشّرك.
{فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات} [القصص: 84] الشّرك.
{إلا ما كانوا يعملون} [القصص: 84] جزاؤهم النّار خالدين فيها.
وقال قتادة: {من جاء بالحسنة} [القصص: 84]، يعني: التّوحيد{فله خيرٌ منها} [القصص: 84]، يعني: فله منها خيرٌ{ومن جاء بالسّيّئة} [القصص: 84]، يعني: الشّرك.
وقال قتادة: {من جاء بالحسنة [القصص: 84] بالإخلاص.
الحارث بن نبهان، عن حبيب بن الشّهيد، عن الحسن، قال: لا إله إلا اللّه ثمن الجنّة.
- سفيان الثّوريّ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الموجبتين فقال: «من مات لا يشرك باللّه شيئًا دخل
[تفسير القرآن العظيم: 2/612]
الجنّة، ومن مات يشرك باللّه دخل النّار»). [تفسير القرآن العظيم: 2/613]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذي فرض عليك} [القصص: 85]، يعني: أنزل عليك.
{القرءان} وقال مجاهدٌ: أعطاكه.
{لرادّك إلى معادٍ} [القصص: 85]، يعني: إلى مكّة، تفسير السّدّيّ، وقال: ليس في القرآن آيةٌ إلا وهي مكّيّةٌ أو مدنيّةٌ إلا هذه الآية فإنّها ليست بمكّيّةٍ ولا مدنيّةٍ، وذلك أنّها نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالجحفة في هجرته إلى المدينة قبل بلوغه.
يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهدٍ، قال: لرادّك إلى مولدك، إلى مكّة.
قال يحيى: بلغني أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو موجّهٌ من مكّة إلى المدينة حين هاجر نزل عليه جبريل وهو بالجحفة فقال: أتشتاق يا محمّد إلى بلادك الّتي ولدت بها؟ فقال: نعم، فقال: {إنّ الّذي فرض عليك القرءان لرادّك إلى معادٍ} [القصص: 85] إلى مولدك الّذي خرجت منه ظاهرًا على أهله.
- وفي حديث عبد الوهّاب بن مجاهدٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {لرادّك إلى معادٍ} [القصص: 85] إلى الجنّة.
قوله عزّ وجلّ: {قل ربّي أعلم} [القصص: 85] قال اللّه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {قل ربّي أعلم من جاء بالهدى} [القصص: 85]، أي: أنّ محمّدًا جاء بالهدى، فآمن به المؤمنون، فعلموا أنّ محمّدًا هو الّذي جاء بالهدى، وأنّه على الهدى.
{ومن هو} [القصص: 85]، أي: وأعلم من هو.
[تفسير القرآن العظيم: 2/613]
{في ضلالٍ مبينٍ} [القصص: 85] المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ الّذي فرض عليك...}

يقول:الذي أنزل عليك القرآن {لرادّك إلى معاد} .ذكروا أن جبريل قال : يا محمّد اشتقت إلى مولدك ووطنك؟ .
قال: نعم, قال : فقال له : ما أنزل عليه :{إنّ الّذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معادٍ}, يعني: إلى مكّة, والمعاد ها هنا : إنما أراد به حيث ولدت , وليس من العود, وقد يكون أن يجعل قوله: {لرادّك} لمصيرك إلى أن تعود إلى مكّة مفتوحةً لك , فيكون المعاد تعجّباً , {إلى معادٍ}: أيّما معادٍ! لما وعده من فتح مكّة). [معاني القرآن: 2/313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({إنّ الّذي فرض عليك القرآن}: أي : أوجب عليك العمل به, وقال بعض المفسرين: أنزله عليك.
{لرادّك إلى معادٍ} : قال مجاهد: يعني مكة, وفي تفسير أبي صالح: «أنّ جبريل - عليه السّلام - أتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: أتشتاق إلى مولدك ووطنك، يعني: مكة؟ , قال: نعم , فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية: وهو فيما بين مكة والمدينة».
وقال الحسن والزّهريّ - أحدهما -: «معاده: يوم القيامة»، والآخر: «معاده: الجنة», وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس , يكتمه.). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}.
معاد الرّجل: بلده، لأنه يتصرّف في البلاد، ويضرب في الأرض ثم يعود إلى بلده. يقال: ردّ فلان إلى معاده، أي ردّ إلى بلده. ومثله قولهم لمنزل الرجل: مثاب ومثابة، لأنّه يتصرّف في حوائجه ثم يثوب إليه.
وكان رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، حين خرج من مكة إلى المدينة اغتم بمفارقة مكة، لأنّها مولده وموطنه ومنشؤه، وبها أهله وعشيرته، واستوحش. فأخبره الله سبحانه في طريقه أنّه سيردّه إلى مكة، وبشّره بالظهور والغلبة.
وفي الآية تقديم وتأخير، والمعنى: إنّ الذي فرض عليك القرآن، أي جعلك نبيّا ينزل عليك القرآن وما كنت ترجو قبل ذلك أن تكون نبيّا يوحى إليك الكتاب- لرادّك إلى مكة ظاهرا قاهرا. وهو معنى تفسير أبي صالح ومجاهد.
وقال الحسن: معاده: يوم القيامة ووافقه على ذلك الزّهري وروى عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة، قال: هذا مما كان ابن عباس يكتمه). [تأويل مشكل القرآن: 425]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}.
قال المفسرون: فيه أنزل عليك القرآن.
وقد يجوز في اللغة أن يكون أوجب عليك العمل بما فيه). [تأويل مشكل القرآن: 476-475]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى:{إنّ الّذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد قل ربّي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين}
معنى :{فرض عليك القرآن }:أنزله عليك , وألزمك، وفرض عليك العمل بما يوجبه القرآن.
{لرادّك إلى معاد}: جاء في التفسير: لرادّك إلى مكانك بمكة.
وقيل : إلى معاد إلى مكانك في الجنة، وأكثر التفسير : لباعثك، وعلى هذا كلام الناس: اذكر المعاد, أي: اذكر مبعثك في الآخرة.). [معاني القرآن: 4/157-158]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}: أي: أوجبه , وقيل: أنزله, {إِلَى مَعَادٍ}: أي إلى مكة، وقيل: يوم القيامة, وقيل: الجنة.).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 183]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت ترجو} [القصص: 86] يقوله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{أن يلقى إليك} [القصص: 86] أن ينزّل إليك.
{الكتاب} القرآن.
{إلا رحمةً من ربّك} [القصص: 86]، أي: ولكن أنزل عليك الكتاب رحمةً من ربّك.
{فلا تكوننّ ظهيرًا} [القصص: 86]، أي: عوينًا.
{للكافرين {86}). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلاّ رحمةً مّن رّبّك...}: إلاّ أن ربّك رحمك {فأنزل عليك} , فهو استثناء منقطع. ومعناه: وما كنت ترجو أن تعلم كتب الأولين وقصصهم تتلوها على أهل مكّة , ولم تحضرها , ولم تشهدها, والشاهد على ذلك قوله في هذه السّورة : {وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا} : أي: إنك تتلو على أهل مكّة قصص مدين , وموسى , ولم تكن هنالك ثاوياً : مقيماً , فنراه , تسمعه, وكذلك قوله: {وما كنت بجانب الغربي} , وهأنت ذا تتلو قصصهم وأمرهم, فهذه الرّحمة من ربّه.).
[معاني القرآن: 2/313]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلاّ رحمةً مّن رّبّك فلا تكوننّ ظهيراً لّلكافرين}
وقال: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلاّ رحمةً}: استثناء خارج من أول الكلام في معنى "لكن".). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلّا رحمة من ربّك فلا تكوننّ ظهيرا للكافرين}
{فلا تكوننّ ظهيرا للكافرين}:أي : معينا ًللكافرين، ويجوز فلا تكونن ظهيرا، ولكني أكرهها ؛ لأنها تخالف المصحف، ويجب أن تكتب بالتخفيف بالألف.). [معاني القرآن: 4/158]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا يصدّنّك عن آيات اللّه بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربّك} [القصص: 87] إلى عبادة ربّك.
{ولا تكوننّ من المشركين {87}). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]

تفسير قوله تعالى:{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا تدع مع اللّه إلهًا آخر لا إله إلا هو كلّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه} [القصص: 88] هو كقوله: {ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن: 27].
وقال السّدّيّ: {كلّ شيءٍ هالكٌ} [القصص: 88]، يعني: كلّ شيءٍ من الحيوان ميّتٌ.
قال: {إلا وجهه} [القصص: 88] إلا اللّه فإنّه لا يموت تبارك وتعالى.
قال: {له الحكم} [القصص: 88] القضاء.
{وإليه ترجعون} [القصص: 88] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كلّ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهه...}

إلاّ هو, وقال الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه = ربّ العباد إليه الوجه والعمل
أي إليه أوجّه عملي ). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كلّ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهه}: مجازه: إلا هو ما استثنوه من جميع , فهو منصوب , وهذا المعنى بين النفختين، فإذا هلك كل شيء من جنةٍ , ونار, وملك , وسماء , وأرض , وملك الموت , فإذا بقي وحده , نفخ في الصور النفخة الآخرة ’ وأعاد كل جنة , ونار , وملك , وما أراد، فتم خلود أهل الجنة في الجنة , وأهل النار في النار.). [مجاز القرآن: 2/112]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومما يزاد في الكلام: (الوجه)، يقول الله عز وجل: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. أي: يريدونه بالدعاء.
و{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} أي: إلا هو.
و{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي: فثمّ الله.
و{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي: لله). [تأويل مشكل القرآن: 254] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإسلام: هو الدخول في السّلم، أي: في الانقياد والمتابعة.
قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} أي: انقاد لكم وتابعكم.
والاستسلام مثله. يقال: سلّم فلان لأمرك واستسلم وأسلم. أي دخل في السّلم.
كما تقول: أشتى الرجل: إذا دخل في الشتاء، وأربع: دخل في الربيع، وأقحط: دخل في القحط.
فمن الإسلام متابعة وانقياد باللّسان دون القلب.
ومنه قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي: أنقذنا من خوف السيف.
وكذلك قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}، أي: انقاد له وأقرّ به المؤمن والكافر.
ومن الإسلام: متابعة وانقياد باللسان والقلب، ومنه قوله حكاية عن إبراهيم: {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وقوله: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أي: انقدت لله بلساني وعقدي.[تأويل مشكل القرآن: 479]
والوجه زيادة. كما قال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، يريد: إلا هو. وقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}، أي لله. قال زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية:
أسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
أي: انقادت له المزن). [تأويل مشكل القرآن: 480] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولا تدع مع اللّه إلها آخر لا إله إلّا هو كلّ شيء هالك إلّا وجهه له الحكم وإليه ترجعون}
{كلّ شيء هالك إلّا وجهه}:{وجهه} منصوب بالاستثناء، ومعنى{إلّا وجهه} إلا إياه، ويجوز{إلّا وجهه}بالرفع، ولكن لا ينبغي أن يقرأ بها، ويكون المعنى كل شيء غير وجهه هالك.
وهو مثل قول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه= لعمر أبيك إلا الفرقدان
المعنى : وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه.). [معاني القرآن: 4/158]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {كل شيء هالك إلا وجهه}
قال سفيان : أي إلا ما أريد به وجهه .
قال محمد بن يزيد : حدثني الثوري , قال: سألت أبا عبيدة عن قوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} , فقال: إلا جاهه , كما تقول لفلان وجه في الناس , أي:جاه.
وقيل :{إلا وجهه }:أي: إلا إياه جل وعز .
وتقول : أكرم الله وجهه , وفلان وجه القوم .
وقول سفيان : معروف في اللغة : أي : كل ما فعله العباد يهلك إلا الوجه الذي يتوجهون به إلى الله جل وعز). [معاني القرآن: 5/207-208]


رد مع اقتباس