عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في قوله: وقالوا لقريش، قال ابن مسعود: والمتكلم بذلك منهم الحارث بن نوفل، وقصد الإخبار بأن العرب تنكر عليهم رفض الأوثان وفراق حكم الجاهلية بتخطفهم من أرضهم. وقوله: {الهدى} معناه: على زعمك، وحكى الثعلبي عنه أنه قال: إنا لنعلم أن الذي تقول حق، ولكن إن اتبعناك يتخطفنا العرب، فقطعهم الله تعالى بالحجة، أي: أليس كون الحرم لكم مما يسرناه وكففنا عنكم الأيدي فيه؟ فكيف بكم لو أسلمتم واتبعتم شرعي وديني؟ وروي عن أبي عمرو: "نتخطف" بضم الفاء، و"أمن الحرم" هو ألا يغزى ولا يؤذى فيه أحد. وقوله تعالى: {يجبى إليه ثمرات كل شيء} أي: يجمع ويجلب، وقرأ نافع وحده: "تجبى" بالتاء من فوق، وقرأ الباقون: "يجبى" أي: يجمع، بياء من تحت، ورويت التاء من فوق عن أبي عمرو، وأبي جعفر، وشيبة بن نصاح. وقوله تعالى: {كل شيء} يريد مما به صلاح حالهم وقوام أمرهم، وليس العموم فيه على الإطلاق. وقرأ أبان بن تغلب: "ثمرات" بضم الثاء والميم.
ثم توعد تعالى قريشا بضرب المثل بالقرى المهلكة، أي: فلا تغتروا بالحرم والأمن والثمرات التي تجبى، فإن الله تعالى مهلك الكفرة على ما سلف في الأمم. و"بطرت" معناه: سفهت وأشرت وطغت، قاله ابن زيد وغيره، و"معيشتها" نصبت على التفسير، مثل قوله: {سفه نفسه}، وقال الأخفش: هو على إسقاط حرف الجر، أي: بطرت في معيشتها، ثم أحالهم على الاعتبار في خراب ديار الأمم المهلكة كحجر ثمود وغيره، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/ 600-601]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين}
إن كانت الإبادة للقرى بالإطلاق في كل زمن فأمها في هذا الموضع عظيمها وأفضلها التي هي بمثابة مكة في عصر محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كانت مكة أم القرى كلها أيضا من حيث هي أول ما خلق من الأرض، ومن حيث فيها البيت، ومعنى الآية أن الله تبارك وتعالى يقيم الحجة على عباده بالرسل، فلا يعذب إلا بعد نذارة، وبعد أن يتمادى أهل القرى في ظلم وطغيان. والظلم: -هنا- يجمع الكفر والمعاصي والتقصير في الجهاد، وبالجملة وضع الباطل موضع الحق). [المحرر الوجيز: 6/ 601]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم خاطب تعالى قريشا محقرا لما كانوا يفخرون به من مال وبنين وغير ذلك من قوة لم تكن عند محمد صلى الله عليه وسلم ولا عند من آمن به، فأخبر الله تعالى قريشا أن ذلك متاع الدنيا الفاني، وأن الآخرة وما فيها من النعم التي أعدها الله لهؤلاء المؤمنين خير وأبقى. ثم وبخهم بقوله تعالى: {أفلا تعقلون}، وقرأ الجمهور: "يعقلون" بالياء، وقرأ أبو عمرو وحده: "تعقلون" بالتاء من فوق، وهي قراءة الأعرج، والحسن، وعيسى). [المحرر الوجيز: 6/ 602]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم زادهم توبيخا بقوله: {أفمن وعدناه} الآية. وقوله: {أفمن وعدناه} يعم معناها جميع العالم، لكن اختلف الناس فيمن نزلت، فقال مجاهد: الذي وعد الحسن هو محمد صلى الله عليه وسلم، وضده أبو جهل لعنه الله، وقال مجاهد: نزلت في حمزة رضي الله تعالى عنه وأبي جهل، وقال قتادة: نزلت في المؤمن والكافر، كما أن معناها عام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ونزولها عام بين الاتساق بما قبله من توبيخ قريش.
و من المحضرين معناه: في عذاب الله تعالى، قاله مجاهد وقتادة، ولفظة "محضرين" مشيرة إلى سوق وجر. وقرأ طلحة: "أمن وعدناه" بغير فاء، وقرأ مسروق: "أفمن وعدناه نعمة منا فهو لاقيه").[المحرر الوجيز: 6/ 602]

رد مع اقتباس