عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى حرما آمنا قال كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا فإذا خرج أحدهم قال أنا من أهل الحرم فلم يعرض له وكان غيرهم من الناس إذا خرج أحدهم قتل أو سلب). [تفسير عبد الرزاق: 2/92]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({يجبى} [القصص: 57] : «يجلب»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يجبى يجلب هو بسكون الجيم وفتح اللّام ثمّ موحّدةٌ وقال أبو عبيدة في قوله يجبي إليه ثمرات كل شيء أي يجمع كما يجمع الماء في الجابية فيجمع للوارد). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يجبى: يجلب
أشار به إلى قوله تعالى: {يجبى إليه ثمرات كل شيء} (القصص: 57) وفسّر: يجبى بقوله: (يجلب) وقرأ نافع: تجبى، بالتّاء المثنّاة من فوق والباقون بالياء. قوله: (إليه) أي: إلى الحرم، والمعنى: يجلب ويحمل من النواحي ثمرات كل شيء رزقا من لدنا أي: من عندنا). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يجبى}) في قوله: {أو لم نمكّن لهم حرفًا آمنًا يجبى} [القصص: 57] أي (يجلب) إليه ثمرات كل شيء). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا}
- أخبرنا الحسن بن محمّدٍ، حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، قال: قال عمرو بن شعيبٍ، عن ابن عبّاسٍ، ولم يسمعه منه، أنّ الحارث بن عامر بن نوفلٍ الّذي قال: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} [القصص: 57]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/210]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا، ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: وقالت كفّار قريشٍ: إن نتّبع الحقّ الّذي جئتنا به معك، ونتبرّأ من الأنداد والآلهة، يتخطّفنا النّاس من أرضنا بإجماع جميعهم على خلافنا وحربنا، يقول اللّه لنبيّه: فقل {أولم نمكّن لهم حرمًا} يقول: أو لم نوطّئ لهم بلدًا حرّمنا على النّاس سفك الدّماء فيه، ومنعناهم من أن يتناولوا سكّانه فيه بسوءٍ، وأمّنّا على أهله من أن يصيبهم بها غارةٌ، أو قتلٌ، أو سباءٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ الحارث بن نوفلٍ الّذي، قال: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} وزعموا أنّهم قالوا: قد علمنا أنّك رسول اللّه، ولكنّا نخاف أن نتخطّف من أرضنا، {أو لم نمكّن لهم} الآية.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} قال: هم أناسٌ من قريشٍ قالوا لمحمّدٍ: إن نتّبعك يتخطّفنا النّاس، فقال اللّه {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ويتخطّف النّاس من حولهم}: قال: كان يغير بعضهم على بعضٍ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} قال اللّه {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} يقول: أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزون فيه ولا يخافون، يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، {أو م نمكّن لهم حرمًا آمنًا} قال: كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا، إذا خرج أحدهم فقال: إنّي من أهل الحرم لم يعرض له، وكان غيرهم من النّاس إذا خرج أحدهم قتل.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا} قال: آمنّاكم به، قال: هي مكّة، وهم قريشٌ.
وقوله: {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} يقول: يجمع إليه، وهو من قولهم: جبيت الماء في الحوض: إذا جمعته فيه، وإنّما أريد بذلك: يحمل إليه ثمرات كلّ بلدٍ.
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال حدّثنا ابن عطيّة، عن شريكٍ، عن عثمان بن أبي زرعة، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} قال: ثمرات الأرض.
وقوله: {رزقًا من لدنّا} يقول: ورزقًا رزقناهم من لدنّا، يعني: من عندنا. {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} يقول تعالى ذكره: ولكنّ أكثر هؤلاء المشركين القائلين لرسول اللّه: {إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} لا يعلمون أنّا نحن الّذين مكّنّا لهم حرمًا آمنًا، ورزقناهم فيه، وجعلنا الثّمرات من كلّ أرضٍ تجبى إليهم، فهم بجهلهم بمن فعل ذلك بهم يكفرون، لا يشكرون من أنعم عليهم بذلك). [جامع البيان: 18/286-289]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (57)
قوله تعالى: وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك قوله: إنّ نتّبع الهدى معك نتخطف من أرضنا هذا قول المشركين من أهل مكّة.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثنا أبي حدّثنا عمّي حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا قال: هم أناسٌ من قريشٍ قالوا لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إن نتّبعك يتخطّفنا النّاس، فقال اللّه: أولم نمكّن لهم حرمًا آمنّا الآية.
قوله تعالى: نتخطّف من أرضنا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: نتخطّف من أرضنا قال: كان يغير بعضهم على بعضٍ.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ أنبأ أبو الجماهر حدّثني سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: إنّ نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا قال: ذكر لنا أنّ ناسًا من أهل مكّة قالوا: إنّا نعلم أنّك رسول اللّه، وأنّ الّذي تقول حقٌّ، ولكنّا لا نستطيع ترك أوطاننا، فأنزل اللّه هذه الآية.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: أولم نمكّن لهم حرما آمنا يقول: أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزو ولا يخافون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن في قول اللّه: حرمًا آمنّا قال: أمّنّاكم به، قال: هي مكّة وهم قريشٌ، فقال: ويتخطّف النّاس من حولهم قال: كان يغير بعضهم على بعضٍ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: حرمًا آمنّا قال: كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا، فإذا خرج أحدهم قال: إنّي من أهل الحرم لم يعرض له، وكان غيرهم من النّاس إذا خرج أحدهم قتل أو سلب.
قوله تعالى: يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن شريكٍ، عن عثمان بن أبي زرعة، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ قال: ثمرات الأرض.
قوله تعالى: رزقًا من لدنّا
- حدّثنا أبي، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد قوله: من لدنّا يعني: من، عندنا.
قوله تعالى: ولكنّ أكثرهم لا يعلمون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء أبو كريبٍ، ثنا عثمان الزّيّات أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ لا يعلمون يقول: لا يعقلون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2995-2996]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون * وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين * وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون * وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما: ان ناسا من قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ان نتبعك يتخطفنا الناس فأنزل الله تعالى {وقالوا إن نتبع الهدى معك} الآية). [الدر المنثور: 11/493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما: ان الحارث بن عامر بن نوفل الذي قال: {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} ). [الدر المنثور: 11/493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أو لم نمكن لهم حرما آمنا} قال: كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا فاذا خرج أحدهم قال: أنا من أهل الحرم لم يعرض له أحد وكان غيرهم من الناس اذا خرج أحدهم قتل وسلب). [الدر المنثور: 11/493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أو لم نمكن لهم حرما آمنا} قال: أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزون فيه ولا يخافون). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {نتخطف} قال: كان بعضهم يغير على بعض). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يجبى إليه ثمرات كل شيء} قال: ثمرات الأرض). [الدر المنثور: 11/494]

تفسير قوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بطرت} [القصص: 58] : «أشرت»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بطرت أشرت قال أبو عبيدة في قوله وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها أي أشرت وطغت وبغت والمعنى بطرت في معيشتها فانتصب بنزع الخافض وقال الفرّاء المعنى أبطرتها معيشتها). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بطرت: أشرت
أشار به إلى قوله تعالى: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها} (القصص: 58) وفسّر قوله: (بطرت) ، بقوله: (أشرت) ، أي: طغت وبغت، وقال ابن فارس: البطر تجاوز الحد في المرح، وقيل: هو الطغيان بالنعمة). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({بطرت}) في قوله تعالى: {وكم أهلكنا من قرية بطرت} [القصص: 58] (أشرت) وزنًا ومعنى أي وكم من أهل قرية كانت حالهم كحالكم في الأمن وخفض العيش حتى أشروا فدمر الله عليهم وخرب ديارم قال في الأنوار). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً وكنّا نحن الوارثين}.
يقول تعالى ذكره: وكم أهلكنا من قريةٍ أبطرتها معيشتها، فبطرت، وأشرت، وطغت، فكفرت ربّها، وقيل: بطرت معيشتها، فجعل الفعل للقرية، وهو في الأصل للمعيشة، كما يقال: أسفهك رأيك فسفهته، وأبطرك مالك فبطرته، والمعيشة منصوبةٌ على التّفسير.
وقد بيّنّا نظائر ذلك في غير موضعٍ من كتابنا هذا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها} قال: البطر: الأشر أهل الغفلة وأهل الباطل والرّكوب لمعاصي اللّه، وقال: ذلك البطر في النّعمة.
{فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً} يقول: فتلك دور القوم الّذين أهلكناهم بكفرهم بربّهم ومنازلهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً، يقول: خربت من بعدهم، فلم يعمر منها إلاّ أقلّها، وأكثرها خرابٌ.
ولفظ الكلام وإن كان خارجًا على أنّ مساكنهم قد سكنت قليلاً، فإنّ معناه: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلاً منها، كما يقال: قضيت حقّك إلاّ قليلاً منه.
وقوله: {وكنّا نحن الوارثين} يقول: ولم يكن لما خرّبنا من مساكنهم منهم وارثٌ، وعادت كما كانت قبل سكناهم فيها، لا مالك لها إلاّ اللّه، الّذي له ميراث السّموات والأرض). [جامع البيان: 18/289-290]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلّا قليلًا وكنّا نحن الوارثين (58)
قوله تعالى: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها قال: البطر الأشر عصوا وخالفوا أمر اللّه وبطروا، وقرأ قول اللّه: ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ وبما كنتم تمرحون ادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وقال: هذا البطر. وقرأ: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها البطر الأشر والغفلة وأهل الباطل والرّكوب لمعاصي اللّه، قال: ذلك هو البطر في المعيشة.
قوله تعالى: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلى قوله: الوارثين
- ذكر، عن مالك بن سليمان، ثنا إسرائيل بن يونس، عن أبي صادقٍ، عن عبد الرّحمن، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: كنت، عند عمر بن الخطّاب فدخل علينا كعب الأحبار، فقال: يا أمير المؤمنين ألا أخبرك بأغرب شيءٍ قرأت في كتب الأنبياء، إنّ هامّةً جاءت إلى سليمان بن داود فقالت: السّلام عليك يا نبيّ، اللّه فقال سليمان: وعليك السّلام يا هامّ أخبريني كيف لا تأكلين الزّرع؟ فقالت: يا نبيّ اللّه، لأنّ آدم عصى ربّه في سببه، لذلك لا آكله. فقال لها سليمان: كيف لا تشربين الماء؟
قالت: يا نبيّ اللّه، لأنّ اللّه عزّ وجلّ أغرق بالماء قوم نوحٍ، من أجل ذلك تركت شربها. قال لها سليمان: فكيف تركت العمران وسكنت الخراب؟ قالت: لأنّ الخراب ميراث اللّه، وأنا أسكن في ميراث اللّه، وقد ذكر اللّه في كتابه عزّ وجلّ: وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنّا نحن الوارثين الدّنيا كلّها ميراث اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2996-2997]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({في أمّها رسولًا} [القصص: 59] : " أمّ القرى: مكّة وما حولها "). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله في أمّها رسولًا أمّ القرى مكّة وما حولها قال أبو عبيدة أمّ القرى مكّة في قول العرب وفي روايةٍ أخرى لتنذر أمّ القرى ومن حولها ولابن أبي حاتمٍ من طريق قتادة نحوه ومن وجهٍ آخر عن قتادة عن الحسن في قوله في أمّها قال في أوائلها). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (في أمّها رسولا أمّ القرى مكّة وما حولها
أشار به إلى قوله تعالى: {وما كان ربك مهلك القرى حتّى يبعث في أمها رسولا} (القصص: 59) ، الآية. وذكر أن المراد بأم القرى مكّة وما حولها، سميت بذلك لأن الأرض دحيت من تحتها). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({في أمّها رسولًا}) في قوله تعالى: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولًا} [القصص: 59] (أم القرى مكة) لأن الأرض دحيت من تحتها (وما حولها) ومراده أن الضمير في أمها للقرى ومكة وما حولها تفسير للأم لكن في إدخال ما حولها في ذلك نظر على ما لا يخفى). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولاً يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون}.
يقول تعالى ذكره: {وما كان ربّك} يا محمّد {مهلك القرى} الّتي حوالي مكّة في زمانك وعصرك {حتّى يبعث في أمّها رسولاً} يقول: حتّى يبعث في مكّة رسولاً، وهي أمّ القرى، يتلو عليهم آيات كتابنا، والرّسول: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {حتّى يبعث في أمّها رسولاً} وأمّ القرى مكّة، وبعث اللّه إليهم رسولاً: محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {وما كنّا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون} يقول: ولم نكن لنهلك قريةً وهي باللّه مؤمنةٌ إنّما نهلكها بظلمها أنفسها بكفرها باللّه، وإنّما أهلكنا أهل مكّة بكفرهم بربّهم وظلمهم أنفسهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما كنّا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون} قال اللّه: لم يهلك قريةً بإيمانٍ، ولكنّه يهلك القرى بظلمٍ إذا ظلم أهلها، ولو كانت قريةٌ آمنت لم يهلكوا مع من هلك، ولكنّهم كذّبوا وظلموا، فبذلك أهلكوا). [جامع البيان: 18/291-292]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولًا يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى إلّا وأهلها ظالمون (59)
قوله تعالى: وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمها رسولا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن الحسن في قول اللّه: وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولًا في أوائلها.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولا وأمّ القرى، مكّة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن المتوكّل، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا ابن جريجٍ قال مجاهدٌ وعطاء بن أبي رباحٍ البيت: أمّ القرى.
قوله تعالى: رسولا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: حتّى يبعث في أمّها رسولا بعث اللّه إليهم رسولا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: يتلوا عليهم آياتنا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: آياتنا يعني: القرآن.
قوله تعالى: وما كنّا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وما كنّا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون قال: اللّه لم يهلك قريةً بإيمانٍ، ولكنّه أهلك القرى بظلمٍ إذا ظلم أهلها، ولو كانت مكّة آمنت لم يهلكوا مع من هلك، ولكنّهم كذّبوا وظلموا فبذلك هلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2997-2998]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} قال: في أوائلها). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} قال: أم القرى: مكة، بعث الله اليهم رسولا محمدا صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/494]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} قال: قال الله لم نهلك قرية بايمان ولكنه أهلك القرى بظلم اذا ظلم أهلها ولو كانت مكة آمنوا لم يهلكوا مع من هلك ولكنهم كذبوا وظلموا فبذلك هلكوا). [الدر المنثور: 11/494-495]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها وما عند اللّه خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون}.
يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيّها النّاس من شيءٍ من الأموال والأولاد، فإنّما هو متاعٌ تتمتّعون به في هذه الحياة الدّنيا، وهو من زينتها الّتي يتزيّن به فيها، لا يغني عنكم عند اللّه شيئًا، ولا ينفعكم شيءٌ منه في معادكم، وما عند اللّه لأهل طاعته وولايته خيرٌ ممّا أوتيتموه أنتم في هذه الدّنيا من متاعها وزينتها وأبقى، يقول: وأبقى لأهله، لأنّه دائمٌ لا نفاد له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، في قوله {وما عند اللّه خيرٌ وأبقى} قال: خيرٌ ثوابًا، وأبقى عندنا.
{أفلا تعقلون} يقول تعالى ذكره: أفلا عقول لكم أيّها القوم تتدبّرون بها فتعرفون بها الخير من الشّرّ، وتختارون لأنفسكم خير المنزلتين على شرّهما، وتؤثرون الدّائم الّذي لا نفاد له من النّعيم، على الفاني الّذي لا بقاء له). [جامع البيان: 18/292-293]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها وما عند اللّه خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون (60)
قوله تعالى: وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها
- حدّثنا أبي ثنا عبد الرّحمن بن خالدٍ القطّان الرّقّيّ، ثنا معاوية يعني ابن هشامٍ قال: سمعت سفيان، يقول: إنّما سمّيت الدّنيا، لأنّها دنت.
قوله تعالى: وما عند اللّه خيرٌ وأبقى
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا يعلى بن عبيدٍ الطّنافسيّ، ثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الأشعث، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه قال: قال عبد اللّه: من استطاع منكم أن يضع كنزه حيث لا يأكله السّوس ولا يناله السّرق فليفعل.
- ذكر، عن إبراهيم بن يوسف البلخيّ، ثنا النّضر بن شميلٍ قطنٍ أبي الهيثم، عن عقبة بن عبد الغافر، عن كعبٍ قال: مكتوبٌ في التّوراة: ابن آدم ضع كنزك، عندي، فلا غرق ولا حرق أدفعه إليك أفقر ما تكون إليه يوم القيامة.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: لا تنسى أن تقدّم من دنياك لآخرتك فإنّما تجد في آخرتك ما قدّمت من الدّنيا ممّا رزقك اللّه.
- وبه، عن ابن زيدٍ في قوله: أفلا تعقلون قال: أفلا تتفكّرون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2998]

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، قال: لمّا قدم من السّلسلة أتاه أهل الكوفة، وأتاه ناسٌ من التّجّار، فجعلوا يثنون عليه ويقولون: جزاك اللّه خيرًا ما كان أعفّك عن أموالنا، فقرأ هذه الآية: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 275]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}.

يقول تعالى ذكره: أفمن وعدناه من خلقنا على طاعته إيّانا الجنّة، فآمن بما وعدناه وصدّق وأطاعنا، فاستحقّ بطاعته إيّانا أن ننجز له ما وعدنا، فهو لاقٍ ما وعد، وصائرٌ إليه كمن متّعناه في الحياة الدّنيا متاعها، فتمتّع به، ونسي العمل بما وعدنا أهل الطّاعة، وترك طلبه، وآثر لذّةً عاجلةً على آجلةٍ، ثمّ هو يوم القيامة إذا ورد على اللّه من المحضرين، يعني من المشهدين عذاب اللّه، وأليم عقابه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه} قال: هو المؤمن، سمع كتاب اللّه فصدّق به، وآمن بما وعد اللّه فيه {كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا} وهو هذا الكافر، ليس واللّه كالمؤمن {ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}: أي في عذاب اللّه.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال ابن عمرو في حديثه: قوله {من المحضرين} قال: أحضروها. وقال الحارث في حديثه {ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} أهل النّار، أحضروها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} قال: أهل النّار، أحضروها.
واختلف أهل التّأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية، فقال بعضهم: نزلت في النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي أبي جهل بن هشامٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو النّعمان الحكم بن عبد اللّه العجليّ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهدٍ، {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} قال نزلت في النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي أبي جهل بن هشامٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه} قال: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: نزلت في حمزة وعليٍّ رضي اللّه عنهما، وأبي جهلٍ لعنه اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا بدل بن المحبّر التميميّ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهدٍ، {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} قال: نزلت في حمزة وعليّ بن أبي طالبٍ، وأبي جهلٍ.
- حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن مجاهدٍ، قال: نزلت في حمزة وأبي جهلٍ). [جامع البيان: 18/293-295]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا شعبة قال: سمعت السّدّيّ يقول: أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه قال: حمزة بن عبد المطّلب.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه قال: هذا المؤمن سمع كتاب اللّه فصدّق به، وآمن بما وعد اللّه فيه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الرّحمن الجعفي أن مسروقا قرأ: أفمن وعدناه منا نعمة فهو لاقيها
قوله تعالى: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا شعبة قال: سمعت السّدّيّ يقول: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا قال: أبو جهل بن هشامٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا فهو هذا الكافر ليس واللّه كالمؤمن.
قوله تعالى: ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين
- وبه، عن قتادة قوله: ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين أي في عذاب اللّه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من المحضرين أهل النار أحضروها.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا أحمد بن إسحاق الحضرميّ، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن في قوله: كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين قال: بئس المتاع متاعٌ انقطع بصاحبه إلى النّار). [تفسير القرآن العظيم: 9/2998-2999]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ثم هو يوم القيامة من المحضرين يعني بمحضر النار). [تفسير مجاهد: 488]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين.
أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال: نزلت في النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل). [الدر المنثور: 11/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه} الآية، قال: نزلت في حمزة وأبي جهل). [الدر المنثور: 11/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه} قال: حمزة بن عبد المطلب {كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال: أبو جهل بن هشام). [الدر المنثور: 11/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه} قال: هو المؤمن، سمع كتاب الله فصدق بهن وآمن بما وعد فيه من الخير والجنة {كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} قال: هو الكافر، ليس كالمؤمن {ثم هو يوم القيامة من المحضرين} قال: من المحضرين في عذاب الله). [الدر المنثور: 11/495-496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه انه قرأ هذه الآية (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيها) ). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من المحضرين} قال: أهل النار أحضروها). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه عن عطاء بن السائب قال: كان ميمون بن مهران اذا قدم ينزل على سالم البراد فقدم قدمة فلم يلقه فقالت له امرأته: ان أخاك قرأ {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه} قالت: فشغل). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من استطاع منكم ان يضع كنزه حيث لا يأكله السوس فليفعل). [الدر المنثور: 11/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه قال: مكتوب في التوراة، ابن آدم ضع كنزك عندي فلا غرق ولا حرق أدفعه اليك افقر ما تكون اليه يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل يا ابن آدم مرضت فلم تعدني فيقول: رب كيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول: أما علمت ان عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده ويقول: يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني فيقول: أي رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول تبارك وتعالى: اما علمت ان عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه أما علمت انك لو سقيته لوجدت ذلك عندي، قال: ويقول: يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني: فيقول: أي رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول: أما علمت ان عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي). [الدر المنثور: 11/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال: يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا وأعطش ما كانوا وأعرى ما كانوا فمن أطعم لله عز وجل أطعمه الله ومن كسا لله عز وجل كساه الله ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ومن كان في رضا الله كان الله على رضاه أقدر). [الدر المنثور: 11/497-498]


رد مع اقتباس