الموضوع: تفسير البسملة
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 06:03 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

تفسير السلف

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({الرّحمن الرّحيم} [الفاتحة: 1] : اسمان من الرّحمة، الرّحيم والرّاحم بمعنًى واحدٍ، كالعليم والعالم). [صحيح البخاري: 6 /17]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الرّحمان الرّحيم اسمان من الرّحمة: الرّحيم والرّاحم بمعنى واحدٍ كالعليم والعالم.
قوله: (من الرّحمة) أي: مشتقان من الرّحمة، وهي في اللّغة: الحنو والعطف، وفي حق الله تعالى مجاز عن إنعامه على عباده وعن ابن عبّاس: «الرّحمن الرّحيم إسماه رقيقان أحدهما أرق من الآخر
»، فالرحمن الرّقيق والرحيم العاطف على خلقه بالرزق،
وقيل: الرّحمن لجميع الخلق، والرحيم للمؤمنين،
وقيل: رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة،
وعن ابن المبارك: «الرّحمن إذا سئل أعطى، والرحيم إذا لم يسأل يغضب»،
وعن المبرد: الرّحمن عبراني والرحيم عربيّ. قلت: في العبراني بالخاء المعجمة.
قوله: (الرّحيم والراحم بمعنى واحد) ، فيه نظر، لأن الرّحيم إن كان صيغة مبالغة فيزيد معناه على معنى الراحم، وإن كان صفة مشبهة فيدل على الثّبوت، بخلاف الراحم فإنّه يدل على الحدوث، وأجيب بأن ما قاله بالنّظر إلى أصل المعنى دون الزّيادة). [عمدة القاري: 18 /79]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}.
القول في تأويل قوله: {بسم}.
قال أبو جعفرٍ: إنّ اللّه تعالى ذكره وتقدّست أسماؤه، أدّب نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، ومقدّمٌ إليه في وصفه بها قبل جميع مهمّاته، وجعل ما أدّبه به من ذلك وعلّمه إيّاه منه لجميع خلقه سنةً يستنّون بها، وسبيلاً يتّبعونه عليها، في افتتاح أوائل منطقهم وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم؛ حتّى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل {بسم اللّه} على ما بطن من مراده الّذي هو محذوفٌ.
وذلك أنّ الباء من {بسم اللّه} مقتضيةٌ فعلاً يكون لها جالبًا، ولا فعل معها ظاهرٌ، فأغنت سامع القائل {بسم اللّه} معرفته بمراد قائله من إظهار قائل ذلك مراده قولاً، إذ كان كلّ ناطقٍ به عند افتتاحه أمرًا قد أحضر منطقه به، إمّا معه وإمّا قبله بلا فصلٍ، ما قد أغنى سامعه من دلالةٍ شاهدةٍ على الّذي من أجله أفتتح قيله به. فصار استغناء سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه، نظير استغنائه إذا سمع قائلاً قيل له: ما أكلت اليوم؟ فقال، طعامًا، عن أن يكرّر المسؤول مع قوله طعامًا أكلت؛ لما قد ظهر لديه من الدّلالة على أنّ ذلك معناه بتقدّم مسألة السّائل إيّاه عمّا أكل. فمعقولٌ إذا أنّ القائل إذا قال: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} ثمّ افتتح تاليًا سورةً، أنّ إتباعه {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} تلاوة السّورة، مبنئ عن معنى قوله: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} ومفهومٌ به أنّه مريدٌ بذلك أقرأ {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}. وكذلك قوله: {بسم اللّه} عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله، ينبئ عن معنى مراده بقوله {بسم اللّه}، وأنّه أراد بقيله {بسم اللّه}: أقوم بسم اللّه، وأقعد بسم اللّه؛ وكذلك سائر الأفعال.
وهذا الّذي قلنا في تأويل ذلك هو معنى قول ابن عبّاسٍ الّذي حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، قال: حدّثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، قال:
«إنّ أوّل ما نزل به جبريل على محمّدٍ قال: يا محمّد، قل: أستعيذ بالسّميع العليم من الشّيطان الرّجيم، ثمّ قال: قل: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم»، قال: «قال له جبريل: بسم اللّه يا محمّد، يقول: اقرأ بذكر اللّه ربّك، وقم واقعد بذكر اللّه».
قال أبو جعفرٍ: فإن قال لنا قائلٌ: فإن كان تأويل قوله: {بسم اللّه} ما وصفت، والجالب الباء في {بسم اللّه} ما ذكرت، فكيف قيل: {بسم اللّه} بمعنى أقرأ بسم اللّه أو أقوم بسم اللّه أو أقعد بسم اللّه، وقد علمت أنّ كلّ قارئ كتاب اللّه فبعون اللّه وتوفيقه قراءته، وأنّ كلّ قائمٍ أو قاعدٍ أو فاعلٍ فعلاً، فباللّه قيامه وقعوده وفعله؟ وهلاّ إذا كان ذلك كذلك قيل: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}، ولم يقل {بسم اللّه}، فإنّ قول القائل: أقوم وأقعد باللّه الرّحمن الرّحيم، أو أقرأ باللّه، أوضح معنًى لسامعه من قوله: {بسم اللّه}، إذ كان قوله: أقوم أوأقعد بسم اللّه، يوهم سامعه أنّ قيامه وقعوده بمعنى غير اللّه.
قيل له: إنّ المقصود إليه من معنى ذلك غير ما توهّمته في نفسك. وإنّما معنى قوله: {بسم اللّه}: أبدأ بتسمية اللّه وذكره قبل كلّ شيءٍ، أو أقرأ بتسمية، أو أقوم وأقعد بتسمية اللّه وذكره؛ لا أنّه يعني بقيله {بسم اللّه}: أقوم باللّه، أو أقرأ باللّه؛ فيكون قول القائل: أقرأ باللّه، وأقوم وأقعد باللّه، أولى بوجه الصّواب في ذلك من قوله: بسم اللّه.
فإن قال: فإن كان الأمر في ذلك على ما وصفت، فكيف قيل: {بسم اللّه}، وقد علمت أنّ الاسم اسمٌ، وأنّ التّسمية مصدرٌ من قولك سمّيت؟
قيل: إنّ العرب قد تخرج المصادر مبهمةً على أسماءٍ مختلفةٍ، كقولهم: أكرمت فلانًا كرامةً، وإنّما بناء مصدر أفعلت إذا أخرج على فعله: الإفعال، وكقولهم: أهنت فلانًا هوانًا، وكلّمته كلامًا. وبناء مصدر فعلت التّفعيل، ومن ذلك قول الشّاعر:

أكفرًا بعد ردّ الموت عنّي.......وبعد عطائك المائة الرّتاعا
يريد: إعطائك.
ومنه قول القائل الآخر:

وإن كان هذا البخل منك سجيّةً......لقد كنت في طولي رجاءك أشعبا
يريد: في إطالتي رجاءك.
ومنه قول الآخر:

أظليم إنّ مصابكم رجلاً......أهدى السّلام تحيّةً ظلم
يريد: إصابتكم.
والشّواهد في هذا المعنى تكثر، وفيما ذكرنا كفايةٌ، لمن وفّق لفهمه.
فإذ كان الأمر على ما وصفنا من إخراج العرب مصادر الأفعال على غير بناء أفعالها كثيرًا، وكان تصديرها إيّاها على مخارج الأسماء موجودًا فاشيًا، فبيّن بذلك صواب ما قلنا من التّأويل في قول القائل: {بسم اللّه}، أنّ معناه في ذلك عند ابتدائه في فعلٍ أو قولٍ: أبدأ بتسمية اللّه، قبل فعلي، أو قبل قولي. وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} إنّما معناه: أقرأ مبتدئًا بتسمية اللّه، أو أبتدئ قراءتي بتسمية اللّه فجعل الاسم مكان التّسمية، كما جعل الكلام مكان التّكليم، والعطاء مكان الإعطاء.
وبمثل الّذي قلنا من التّأويل في ذلك، روي الخبر عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، قال: حدّثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، قال:
«أوّل ما نزل به جبريل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: يا محمّد، قل أستعيذ بالسّميع العليم من الشّيطان الرّجيم، ثمّ قال: قل بسم اللّه الرّحمن الرّحيم». قال ابن عبّاسٍ: «{بسم اللّه}، يقول له جبريل: يا محمّد اقرأ بذكر اللّه ربّك، وقم واقعد بذكر اللّه».
وهذا التّأويل من ابن عبّاسٍ ينبئ عن صحّة ما قلنا من أنّه مراد بقول القائل مفتتحًا قراءته: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}: أقرأ بتسمية اللّه وذكره، وأفتتح القراءة بتسمية اللّه، بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى ويوضح فساد قول من زعم أنّ معنى ذلك من قائله: باللّه الرّحمن الرّحيم أول كلّ شيءٍ، مع أنّ العباد إنّما أمروا أن يبتدئوا عند فواتح أمورهم بتسمية اللّه لا بالخبر عن عظمته وصفاته، كالّذي أمروا به من التّسمية على الذّبائح والصّيد، وعند المطعم والمشرب، وسائر أفعالهم، وكذلك الّذي أمروا به من تسميته عند افتتاح تلاوة تنزيل اللّه وصدور رسائلهم وكتبهم.
ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمّة، أنّ قائلاً لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام: باللّه، ولم يقل {بسم اللّه}، أنّه مخالفٌ بتركه قيل {بسم اللّه} ما سنّ له عند التّذكية من القول. وقد علم بذلك أنّه لم يردّ بقوله {بسم اللّه}: باللّه، كما قال الزّاعم أنّ اسم اللّه في قول اللّه: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}، هو اللّه؛ لأنّ ذلك لو كان كما زعم، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحته باللّه قائلاً ما سنّ له من القول على الذّبيحة.
وفي إجماع الجميع على أنّ قائل ذلك تاركٌ ما سنّ له من القول على ذبيحته، إذ لم يقل بسم اللّه دليلٌ واضحٌ على فساد ما ادّعى من التّأويل في قول القائل {بسم اللّه} وأنّه مرادٌ به باللّه، وأنّ اسم اللّه هو اللّه.
وليس هذا الموضع من مواضع الإكثار في الإبانة عن الاسم، أهو المسمّى أم غيره أم هو صفةٌ له؟ فنطيل الكتاب به، وإنّما هو موضعٌ من مواضع الإبانة عن الاسم المضاف إلى اللّه، أهو اسمٌ أم مصدرٌ بمعنى التّسمية؟
فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ في بيت لبيد بن ربيعة:


إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما.......ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
فقد تأوّله مقدمٌ في العلم بلغة العرب، أنّه معنيٌّ به: ثمّ السّلام عليكما، وأنّ اسم السّلام هو السّلام.
قيل له: لو جاز ذلك وصحّ تأويله فيه على ما تأوّل، لجاز أن يقال: رأيت اسم زيدٍ، وأكلت اسم الطّعام، وشربت اسم الشّراب. وفي إجماع جميع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويل من تأوّل قول لبيدٍ: (
ثمّ اسم السّلام عليكما) أنّه أراد: ثمّ السّلام عليكما، وادّعائه أنّ إدخال الاسم في ذلك وإضافته إلى السّلام إنّما جاز، إذا كان اسم المسمّى هو المسمّى بعينه.
ويسأل القائلون قول من حكينا قوله هذا، فيقال لهم: أتستجيزون في العربيّة أن يقال: أكلت اسم العسل، يعني بذلك أكلت العسل، كما جاز عندكم اسم السّلام عليك، وأنتم تريدون السّلام عليك؟
فإن قالوا: نعم؛ خرجوا من لسان العرب، وأجازوا في لغتها ما تخطّئه جميع العرب في لغتها. وإنّ قالوا: لا؛ سئلوا الفرق بينهما، فلن يقولوا في أحدهما قولاً إلاّ ألزموا في الآخر مثله.
فإن قال لنا قائلٌ: فما معنى قول لبيدٍ هذا عندك؟
قيل له: يحتمل ذلك وجهين، كلاهما غير الّذي قاله من حكينا قوله.
أحدهما: أنّ السّلام اسمٌ من أسماء اللّه؛ فجائزٌ أن يكون لبيدٌ عنى بقوله: (ثمّ اسم السّلام عليكما): ثمّ الزما اسم اللّه وذكره بعد ذلك، ودعا ذكري والبكاء عليّ؛ على وجه الإغراء. فرفع الاسم، إذ أخّر الحرف الّذي يأتي بمعنى الإغراء. وقد تفعل العرب ذلك إذا أخّرت الإغراء وقدّمت المغرى به، وإن كانت قد تنصب به وهو مؤخّرٌ. ومن ذلك قول الشّاعر:

يا أيّها المائح دلوي دونكا......إنّي رأيت النّاس يحمدونكا
فأغرى بدونك، وهي مؤخرةٌ؛ وإنّما معناه: دونك دلوي فذلك قول لبيدٍ: (إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما) يعني: ثم عليكما اسم السّلام، أي: الزما ما ذكر اللّه، ودعا ذكري، والوجد بي؛ لأنّ من بكى حولاً على امرئٍ ميّتٍ فقد اعتذر، فهذا أحد وجهيه.
والوجه الآخر منهما: ثمّ تسميتي اللّه عليكما، كما يقول القائل للشّيء يراه فيعجبه: واسم اللّه عليك. يعوذه بذلك من السّوء، فكأنّه قال: ثمّ اسم اللّه عليكما من السّوء. وكأنّ الوجه الأوّل أشبه المعنيين بقول لبيدٍ.
ويقال لمن وجّه بيت لبيدٍ هذا إلى أنّ معناه: ثمّ السّلام عليكما: أترى ما قلنا من هذين الوجهين جائزًا، أو أحدهما، أو غير ما قلت فيه؟
فإن قال: لا؛ أبان مقداره من العلم بتصاريف وجوه كلام العرب، وأغنى خصمه عن مناظرته.
وإنّ قال: بلى؛ قيل له: فما برهانك على صحّة ما ادّعيت من التّأويل أنّه الصّواب دون الّذي ذكرت أنّه محتمله من الوجه الّذي يلزمنا تسليمه لك؟ ولا سبيل إلى ذلك.
- وأمّا الخبر الّذي حدّثنا به، إسماعيل بن الفضل، قال: حدّثنا إبراهيم بن العلاء بن الضّحّاك وهو يقلب بزبريق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكة، عمّن حدّثه، عن ابن مسعودٍ، ومسعر بن كدامٍ، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ عيسى ابن مريم أسلمته أمّه إلى الكتّاب ليعلّمه، فقال له المعلّم: اكتب بسم فقال له عيسى: وما بسم؟ فقال له المعلّم: ما أدري، فقال عيسى: الباء: بهاء اللّه، والسّين: سناؤه، والميم: مملكته».
فأخشى أن يكون غلطًا من المحدّث، وأن يكون أراد: ب س م، على سبيل ما يعلّم المبتدئ من الصّبيان في الكتّاب حروف أبي جادٌ. فغلط بذلك، فوصله فقال: بسم؛ لأنّه لا معنى لهذا التّأويل إذا تلي {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} على ما يتلوه القارئ في كتاب اللّه، لاستحالة معناه على المفهوم به عند جميع العرب وأهل لسانها، إذا حمل تأويله على ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه}
قال أبو جعفرٍ: وأمّا تأويل قول اللّه: اللّه، فإنّه على معنى ما روي لنا عن عبد اللّه بن عبّاسٍ: «هو الّذي يألهه كلّ شيءٍ، ويعبده كلّ خلقٍ
». وذلك أنّ أبا كريبٍ حدّثنا قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، قال: حدّثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، قال: «اللّه ذو الألوهيّة والمعبوديّة على خلقه أجمعين».
فإن قال لنا قائلٌ: فهل لذلك في فعل ويفعل أصلٌ كان منه بناء هذا الاسم؟
قيل: أمّا سماعًا من العرب فلا، ولكن استدلالاً.
فإن قال: وما دلّ على أنّ الألوهيّة هي العبادة، وأنّ الإله هو المعبود، وأنّ له أصلاً في فعل ويفعل؟
قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل يصف رجلاً بعبادةٍ ويطلب مّا عند اللّه جلّ ذكره: تألّه فلانٌ بالصّحّة ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجّاج:

للّه درّ الغانيات المدّه.......سبّحن واسترجعن من تألّهي
يعني: من تعبّدي وطلبي اللّه بعملٍى.
ولا شكّ أنّ التّألّه التّفعّل من: أله يأله، وأنّ معنى أله إذا نطق به: عبد اللّه. وقد جاء منه مصدرٌ يدلّ على أنّ العرب قد نطقت منه بفعل يفعل بغير زيادةٍ.
- وذلك ما حدّثنا به، سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن نافع بن عمر، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ
أنّه قرأ: (ويذرك وإلاهتك) قال: «عبادتك»، ويقال: إنّه كان يعبد ولا يعبد.
- وحدّثنا سفيان، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن محمّد بن عمرو بن الحسن، عن ابن عبّاسٍ: (ويذرك وإلاهتك) قال: «إنّما كان فرعون يعبد ولا يعبد». وكذلك كان ابن عباس يقرؤها ومجاهدٌ.
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين بن داود، قال: أخبرني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: (ويذرك وإلاهتك) قال: «وعبادتك».
ولا شكّ أنّ الإلاهة على ما فسّره ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ مصدرٌ من قول القائل أله اللّه فلانٌ إلاهةً، كما يقال: عبد اللّه فلانٌ عبادةً، وعبر الرّؤيا عبارةً. فقد بيّن قول ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ هذا أنّ أله: عبد، وأنّ الإلاهة مصدره.
فإن قال: فإن كان جائزًا أن يقال لمن عبد اللّه: ألهه، على تأويل قول ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ، فكيف الواجب في ذلك أن يقال، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب اللّه ذلك على عبده؟
قيل: أمّا الرّواية فلا رواية به عندنا، ولكنّ الواجب على قياس ما جاء به الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي حدّثنا به إسماعيل بن الفضل، قال: حدّثنا إبراهيم بن العلاء، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكة، عمّن حدّثه عن ابن مسعودٍ، ومسعر بن كدامٍ، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ عيسى أسلمته أمّه إلى الكتّاب ليعلّمه، فقال له المعلّم: اكتب اللّه، فقال له عيسى: أتدري ما اللّه؟ اللّه إله الآلهة» أن يقال: اللّه جلّ جلاله أله العبد، والعبد ألهه. وأن يكون قول القائل اللّه من الكلام أصله الإله.
فإن قال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك مع اختلاف لفظيهما؟
قال: كما جاز أن يكون قوله: {لكنّا هو اللّه ربّي} أصله: ولكنّ أنا هو اللّه ربّي، كما قال الشّاعر:

وترمينني بالطّرف أي أنت مذنبٌ......وتقلينني لكنّ إيّاك لا أقلي
يريد: لكنّ أنا إيّاك لا أقلي، فحذف الهمزة من أنا، فالتقت نون أنا ونون لكنّ، وهي ساكنةٌ، فأدغمت في نون أنا، فصارتا نونًا مشدّدةً،
فكذلك اللّه، أصله الإله، أسقطت الهمزة، الّتي هي فاء الاسم، فالتقت اللاّم الّتي هي عين الاسم، واللاّم الزّائدة الّتي دخلت مع الألف الزّائدة، وهي ساكنةٌ، فأدغمت في الأخرى الّتي هي عين الاسم، فصارتا في اللّفظ لامًا واحدةً مشدّدةً، كما وصفنا من قول اللّه: {لكنّا هو اللّه ربّي}.
القول في تأويل قوله تعالى: {الرّحمن الرّحيم}
قال أبو جعفرٍ: أمّا الرّحمن، فهو فعلان، من رحم، والرّحيم فعيلٌ منه. والعرب كثيرًا ما تبني الأسماء من فعل يفعل على فعلان، كقولهم من غضب غضبان، ومن سكر سكران، ومن عطش عطشان، فكذلك قولهم رحمن من رحم، لأنّ فعل منه: رحم يرحم.
وقيل: رحيمٌ وإن كانت عين فعل منه مكسورةً، لأنّه مدحٌ. ومن شأن العرب أن يحملوا أبنيه الأسماء إذا كان فيها مدحٌ أو ذمٌّ على فعيلٍ، وإن كانت عين فعل منها مكسورةً أو مفتوحةً، كما قالوا من علم: عالمٌ وعليمٌ، ومن قدر: قادرٌ وقديرٌ. وليس ذلك منها بناءً على أفعالها؛ لأنّ البناء من فعل يفعل وفعل يفعل فاعلٌ. فلو كان الرّحمن والرّحيم خارجين على بناء أفعالهما لكانت صورتهما الرّاحم.
فإن قال قائلٌ: فإذا كان الرّحمن والرّحيم اسمين مشتقّين من الرّحمة، فما وجه تكرير ذلك وأحدهما مؤدٍّ عن معنى الآخر؟
قيل له: ليس الأمر في ذلك كما ظننت، بل لكلّ كلمةٍ منهما معنًى لا تؤدّي الأخرى منهما عنها.
فإن قال: وما المعنى الّذي انفردت به كلّ واحدةٍ منهما، فصارت إحداهما غير مؤدّيةٍ المعنى عن الأخرى؟
قيل: أمّا من جهة العربيّة، فلا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب أنّ قول القائل الرّحمن عن أبنية الأسماء من فعل يفعل أشدّ عدولاً من قوله الرّحيم. ولا خلاف مع ذلك بينهم أنّ كلّ اسمٍ كان له أصلٌ في فعل ويفعل، ثمّ كان عن أصله من فعل يفعل أشدّ عدولاً، أنّ الموصوف به مفضّلٌ على الموصوف بالاسم المبنيّ على أصله من فعل يفعل إذا كانت التّسمية به مدحًا أو ذمًّا. فهذا ما في قول القائل: (الرّحمن) من زيادة المعنى على قوله: (الرّحيم) في اللّغة.
وأمّا من جهة الأثر والخبر، ففيه بين أهل التّأويل اختلافٌ؛
- فحدّثني السّريّ بن يحيى التّميميّ، قال: حدّثنا عثمان بن زفرٍ، قال: سمعت العرزميّ، يقول:
«{الرّحمن الرّحيم}»، قال: «الرّحمن بجميع الخلق». {الرّحيم} قال: «بالمؤمنين».
- وحدّثنا إسماعيل بن الفضل، قال: حدّثنا إبراهيم بن العلاء، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكة، عمّن حدّثه عن ابن مسعودٍ، ومسعر بن كدامٍ، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ -يعني الخدريّ- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ عيسى ابن مريم قال: الرّحمن: رحمن الآخرة والدّنيا، والرّحيم: رحيم الآخرة».
فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية اللّه جلّ ثناؤه باسمه الّذي هو رحمنٌ، وتسميته باسمه الّذي هو رحيمٌ. واختلاف معنيى الكلمتين، وإن اختلفا في معنى ذلك الفرق، فدلّ أحدهما على أنّ ذلك في الدّنيا، ودلّ الآخر على أنّه في الآخرة.
فإن قال: فأيّ هذين التّأويلين أولى عندك بالصّحّة؟
قيل: لجميعهما عندنا في الصّحّة مخرجٌ، فلا وجه لقول قائلٍ: أيّهما أولى بالصّحّة.
وذلك أنّ المعنى الّذي في تسمية اللّه بالرّحمن، دون الّذي في تسميته بالرّحيم؛ هو أنّه بالتّسمية بالرّحمن موصوفٌ بعموم الرّحمة جميع خلقه، وأنّه بالتّسمية بالرّحيم موصوفٌ بخصوص الرّحمة بعض خلقه، إمّا في كلّ الأحوال، وإمّا في بعض الأحوال. فلا شكّ إذا كان ذلك كذلك، أنّ ذلك الخصوص الّذي في وصفه بالرّحيم لا يستحيل عن معناه في الدّنيا كان ذلك أو في الآخرة، أو فيهما جميعًا.
فإذ كان صحيحًا ما قلنا من ذلك وكان اللّه جلّ ثناؤه قد خصّ عباده المؤمنين في عاجل الدّنيا بما لطف لهم في توفيقه إيّاهم لطاعته، والإيمان به وبرسله، واتّباع أمره واجتناب معاصيه؛ ممّا خذل عنه من أشرك به فكفر، وخالف ما أمره به وركب معاصيه، وكان مع ذلك قد جعل جلّ ثناؤه ما أعدّ في آجل الآخرة في جنّاته من النّعيم المقيم والفوز المبين لمن آمن به وصدّق رسله وعمل بطاعته خالصًا دون من أشرك وكفر به كان بيّنًا أنّ اللّه قد خصّ المؤمنين من رحمته في الدّنيا والآخرة، مع ما قد عمّهم به والكفّار في الدّنيا، من الإفضال والإحسان إلى جميعهم، في البسط في الرّزق، وتسخير السّحاب بالغيث، وإخراج النّبات من الأرض، وصحّة الأجسام والعقول، وسائر النّعم الّتي لا تحصى، الّتي يشترك فيها المؤمنون والكافرون. فربّنا جلّ ثناؤه رحمن جميع خلقه في الدّنيا والآخرة. ورحيم المؤمنين خاصّةً في الدّنيا والآخرة.
فأمّا الّذي عمّ جميعهم به في الدّنيا من رحمته، فكان رحمانًا لهم به، فما ذكرنا مع نظائره الّتي لا سبيل إلى إحصائها لأحدٍ من خلقه، كما قال جلّ ثناؤه: {وإن تعدّوا نعمة اللّه لا تحصوها} وأمّا في الآخرة، فالّذي عمّ جميعهم به فيها من رحمته، فكان لهم رحمانًا فى تسويته بين جميعهم جلّ ذكره في عدله وقضائه، فلا يظلم أحدًا منهم مثقال ذرّةٍ، وإنّ تك حسنةً يضاعفها، ويوفّى كلّ نفسٍ ما كسبت. فذلك معنى عمومه في الآخرة جميعهم برحمته الّذي كان به رحمانًا في الآخرة.
وأمّا ما خصّ به المؤمنين في عاجل الدّنيا من رحمته الّذي كان به رحيمًا لهم فيها، كما قال جلّ ذكره: {وكان بالمؤمنين رحيمًا} فما وصفنا من اللّطف لهم في دينهم، فخصّهم به دون من خذله من أهل الكفر به.
وأمّا ما خصّهم به في الآخرة، فكان به رحيمًا لهم دون الكافرين. فما وصفنا آنفًا ممّا أعدّ لهم دون غيرهم من النّعيم والكرامة الّتي تقصر عنها الأماني.
- وأمّا القول الآخر في تأويله، فهو ما حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، قال: حدّثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، قال: «الرّحمن الفعلان من الرّحمة»، وهو من كلام العرب قال: «{الرّحمن الرّحيم}: الرّقيق الرّفيق بمن أحبّ أن يرحمه، والبعيد الشّديد على من أحبّ أن يعنّف عليه». وكذلك أسماؤه كلّها.
وهذا التّأويل من ابن عبّاسٍ، يدلّ على أنّ الّذي به ربّنا رحمن هو الّذي به رحيمٌ، وإن كان لقوله: الرّحمن من المعنى ما ليس لقوله: الرّحيم؛ لأنّه جعل معنى الرّحمن بمعنى الرّقيق على من رقّ عليه، ومعنى الرّحيم بمعنى الرّقيق بمن رفق به.
والقول الّذي روّيناه في تأويل ذلك عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وذكرناه عن العرزميّ، أشبه بتأويله من هذا القول الّذي روينا عن ابن عبّاس؛ وإن كان هذا القول موافقًا معناه معنى ذلك، في أنّ للرّحمن من المعنى ما ليس للرّحيم، وأنّ للرّحيم تأويلاً غير تأويل الرّحمن.
- والقول الثّالث في تأويل ذلك، ما حدّثني به، عمران بن بكّارٍ الكلاعيّ، قال: حدّثنا يحيى بن صالحٍ، قال: حدّثنا أبو الأزهر نصر بن عمرٍو اللّخميّ من أهل فلسطين، قال: سمعت عطاءً الخراسانيّ، يقول: «كان الرّحمن، فلمّا اختزل الرّحمن من اسمه كان الرّحمن الرّحيم».
والّذي أراد إن شاء اللّه عطاءٌ بقوله هذا: أنّ الرّحمن كان من أسماء اللّه الّتي لا يتسمّى بها أحدٌ من خلقه، فلمّا تسمّى به الكذّاب مسيلمة وهو اختزاله إيّاه، يعني اقتطاعه من أسمائه لنفسه أخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّ اسمه الرّحيم الرّحيم، ليفصل بذلك لعباده اسمه من اسم من قد تسمّى بأسمائه، إذ كان لا يسمّى أحدٌ الرّحمن الرّحيم فيجمع له هذان الاسمان غيره جلّ ذكره؛ وإنّما يتسمّى بعض خلقه إمّا رحيمًا، أو يتسمّى رحمنٌ، فأمّا رحمنٌ رحيمٌ، فلم يجتمعا قطّ لأحدٍ سواه، ولا يجمعان لأحدٍ غيره. فكأنّ معنى قول عطاءٍ هذا: أنّ اللّه جلّ ثناؤه إنّما فصل بتكرير الرّحيم على الرّحمن بين اسمه واسم غيره من خلقه، اختلف معناهما أو اتّفقا.
والّذي قال عطاءٌ من ذلك غير فاسد المعنى، بل جائزٌ أن يكون جلّ ثناؤه خصّ نفسه بالتّسمية بهما معًا مجتمعين إبانةً لها من خلقه، ليعرف عباده بذكرهما مجموعين أنّه المقصود بذكرهما دون من سواه من خلقه، مع ما في تأويل كلّ واحدٍ منهما من المعنى الّذي ليس في الآخر منهما.
وقد زعم بعض أهل الغباء أنّ العرب كانت لا تعرف الرّحمن ولم يكن ذلك في لغتها؛ ولذلك قال المشركون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وما الرّحمن أنسجد لما تأمرنا} إنكارًا منهم لهذا الاسم. فكأنّه كان محالاً عنده أن ينكر أهل الشّرك ما كانوا بصحّته عالمين، أو كأنّه لم يتل من كتاب اللّه قول اللّه: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه} يعني محمّدًا {كما يعرفون أبناءهم} وهم مع ذلك به مكذّبون، ولنبوّته جاحدون. فيعلم بذلك أنّهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحّته واستحكمت لديهم معرفته. وقد أنشد لبعض الجاهليّة الجهلاء:

ألا ضربت تلك الفتاة هجينها......ألا قضب الرّحمن ربّي يمينها
وقال سلامة بن جندلٍ السعدى:

عجلتم علينا عجلتينا عليكم......وما يشأ الرّحمن يعقد ويطلق
وقد زعم أيضًا بعض من ضعفت معرفته بتأويل أهل التّأويل، وقلّت روايته لأقوال السّلف من أهل التّفسير، أنّ الرّحمن مجازه ذو الرّحمة، والرّحيم مجازه الرّاحم. ثمّ قال: قد يقدّرون اللّفظين من لفظٍ والمعنى واحدٌ، وذلك لاتّساع الكلام عندهم. قال: وقد فعلوا مثل ذلك، فقالوا: ندمانٌ ونديمٌ. ثمّ استشهد بيت برج بن مسهرٍ الطّائيّ:

وندمانٍ يزيد الكأس طيبًا......سقيت وقد تغوّرت النّجوم
واستشهد بأبياتٍ نظائر له في النّديم والنّدمان. ففرّق بين معنى الرّحمن والرّحيم في التّأويل، لقوله: الرّحمن ذو الرّحمة، والرّحيم: الرّاحم، وإن كان قد ترك بيان تأويل معنييهما على صحّته. ثمّ مثّل ذلك باللّفظين يأتيان بمعنًى واحدٍ، فعاد إلى ما قد جعله بمعنيين، فجعله مثال ما هو بمعنًى واحدٍ مع اختلاف الألفاظ.
ولا شكّ أنّ ذا الرّحمة هو الّذي قد ثبت أنّ له الرّحمة وصحّ أنّها له صفةٌ، وأنّ الرّاحم هو الموصوف بأنّه سيرحم، أو قد رحم فانقضى ذلك منه، أو هو فيه. ولا دلالة فيه حينئذٍ أنّ الرّحمة له صفةٌ، كالدّلالة على أنّها له صفةٌ إذا وصفه بأنّه ذو الرّحمة. فأين معنى الرّحمن الرّحيم على تأويله من معنى الكلمتين يأتيان مقدّرتين من لفظٍ واحدٍ باختلاف الألفاظ واتّفاق المعاني؟ ولكنّ القول إذا كان غير أصلٍ معتمدٍ عليه كان واضحًا عواره.
وإنّ قال لنا قائلٌ: ولم قدّم اسم اللّه الّذي هو اللّه على اسمه الّذي هو الرّحمن، واسمه الّذي هو الرّحمن على اسمه الّذي هو الرّحيم؟
قيل: لأنّ من شأن العرب إذا أرادوا الخبر عن مخبرٍ عنه أن يقدّموا اسمه، ثمّ يتبعوه صفاته ونعوته. وهذا هو الواجب في الحكم: أن يكون الاسم مقدّمًا قبل نعته وصفته، ليعلم السّامع الخبر عمّن الخبر.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان للّه جلّ ذكره أسماءٌ قد حرّم على خلقه أن يتسمّوا بها خصّ بها نفسه دونهم، وذلك مثل اللّه، والرّحمن والخالق؛ وأسماءٍ أباح لهم أن يسمّي بعضهم بعضًا بها، وذلك كالرّحيم، والسّميع، والبصير، والكريم، وما أشبه ذلك من الأسماء؛ كان الواجب أن يقدّم أسماءه الّتي هي له خاصّةً دون جميع خلقه، ليعرف السّامع ذلك من توجّه إليه الحمد والتّمجيد ثمّ يتبع ذلك بأسمائه الّتي قد تسمّى بها غيره، بعد علم المخاطب أو السّامع من توجّه إليه ما يتلو ذلك من المعاني.
فبدأ اللّه جلّ ذكره باسمه الّذي هو اللّه؛ لأنّ الألوهيّة ليست لغيره جلّ ثناؤه بوجهٍ من الوجوه، لا من جهة التّسمّي به، ولا من جهة المعنى. وذلك أنّا قد بيّنّا أنّ معنى اللّه جلّ ثناؤه معنى المعبود، ولا معبود غيره جلّ جلاله، وأنّ التّسمّي به قد حرّمه اللّه جلّ ثناؤه، وإن قصد المتسمّي به ما قصد المتسمّي بسعيدٍ وهو شقيٌّ، وبحسنٍ وهو قبيحٌ.
أو لا ترى أنّ اللّه جلّ جلاله قال في غير آيةٍ من كتابه: {أإلهٌ مع اللّه} فاستكبر ذلك من المقرّ به، وقال تعالى في خصوصة نفسه باللّه وبالرّحمن: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى} ثمّ ثنّى ذلك باسمه، الّذي هو الرّحمن، إذ كان قد منع أيضًا خلقه التّسمّي به، وإن كان من خلقه من قد يستحقّ تسميته ببعض معانيه؛ وذلك أنّه قد يجوز وصف كثيرٍ ممّن هو دون اللّه من خلقه ببعض صفات الرّحمة، وغير جائزٍ أن يستحقّ بعض الألوهيّة أحدٌ دونه؛ فلذلك جاء الرّحمن ثانيًا لاسمه الّذي هو اللّه.
وأمّا اسمه الّذي هو الرّحيم فقد ذكرنا أنّه ممّا هو جائزٌ وصف غيره به. والرّحمة من صفاته جلّ ذكره، فكان إذ كان الأمر على ما وصفنا واقعًا مواقع نعوت الأسماء اللّواتي هنّ توابعها بعد تقدّم الأسماء عليها.
فهذا وجه تقديم اسم اللّه الّذي هو اللّه على اسمه الّذي هو الرّحمن، واسمه الّذي هو الرّحمن على اسمه الّذي هو الرّحيم.
وقد كان الحسن البصريّ يقول في الرّحمن مثل ما قلنا، أنّه من أسماء اللّه الّتي منع التّسمّي بها لعباده.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن مسعدة، عن عوفٍ، عن الحسن، قال: «الرّحمن اسمٌ ممنوعٌ».
مع أنّ في إجماع الأمّة من منع التّسمّي به جميع النّاس ما يغني عن الاستشهاد على صحّة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره). [جامع البيان: 1/ 111-134]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (تفسير قوله: {بسم الله}
الوجه الأول:
- حدّثنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلاء- يعني أبا كريبٍ- الهمداني، ثنا عثمان بن سعيدٍ- يعني الزّيّات- الكوفيّ، ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضحاك، عن ابن عبّاسٍ قال: «أوّل ما نزل جبريل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم- قال له جبريل: قل: بسم اللّه يا محمّد. يقول: اقرأ بذكر ربّك، قم واقعد بذكره».
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن ابنة عبد الملك بن أبي سليمان، ثنا أبي، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {بسم اللّه} قال: «الباء من بهاء اللّه والسّين من سناء اللّه والميم من ملك اللّه. واللّه: يا إله الخلق».
- حدّثنا عصام بن روّاد بن الجرّاح العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو هلالٍ الرّاسبيّ، ثنا حيّان الأعرج عن أبي الشّعثاء جابر بن زيدٍ في قوله: {بسم اللّه} قال: «اسم اللّه الأعظم هو اللّه. ألا ترى أنّه في جميع القرآن يبدأ به قبل كلّ اسمٍ».
قوله عزّ وجلّ: {الرّحمن}
- حدّثنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلاء- يعني أبا كريبٍ- الهمدانيّ، ثنا عثمان بن سعيدٍ- يعني الزّيّات- الكوفيّ ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قال
: «أوّل ما نزل جبريل على محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال له جبريل: قل يا محمّد: بسم اللّه. يقول: اقرأ بذكر ربّك وقم واقعد بذكره بسم اللّه الرّحمن»، قال: «يقول: الرّحمن: الفعلان من الرّحمة، وهو من كلام العرب».
- حدّثنا أبي، ثنا جعفر بن مسافرٍ ثنا زيد بن المبارك الصّنعانيّ، ثنا سلام بن وهبٍ الجنديّ ثنا أبي عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّ عثمان بن عفّان سأل رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} فقال: «هو اسمٌ من أسماء اللّه، وما بينه وبين اسم اللّه إلا كما بين سواد العينين وبياضهما من القرب».
قوله: {الرّحيم}
- حدّثنا ابن طاهرٍ ثنا محمّد بن العلاء -يعني أبا كريبٍ الهمداني-، ثنا عثمان بن سعيدٍ -يعني الزّيّات-، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: «أوّل ما نزل جبريل على النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال له جبريل: قل: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، يقول: الرّحيم: الرّقيق الرّفيق لمن أحبّ أن يرحمه، البعيد الشّديد على من أحبّ أن يعنّف عليه العذاب».
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا زيد بن الحباب حدّثني، أبو الأشهب عن الحسن، قال: «الرّحمن اسمٌ لا يستطيع النّاس أن ينتحلوه، تسمّى به تبارك وتعالى»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 25-26]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبّار العطارديّ، ثنا حفص بن غياثٍ، عن ابن جريجٍ، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} [الحجر: 87] قال: «فاتحة الكتاب»، ثمّ قال
: «{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم * الحمد للّه ربّ العالمين} [الفاتحة: 1-2]»، فقلت لأبي: لقد أخبرك سعيدٌ، أنّ ابن عبّاسٍ قال: «{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} [الفاتحة: 1] آيةٌ»؟. قال: «نعم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه، وتمام هذا الباب في كتاب الصّلاة). [المستدرك: 2 /282]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : ([باب ما جاء في {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} وفاتحة الكتاب]
- عن ابن عبّاسٍ قال: «كان النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- لا يعرف خاتمة السّورة حتّى تنزل {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}، فإذا نزل {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} علم أنّ السّورة قد ختمت، واستقبلت وابتدئت سورةٌ أخرى».
قلت: روى أبو داود منه: «لا يعرف خاتمة السّورة حتّى تنزل {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} فقط».
رواه البزّار بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصّحيح. وقد تقدّمت أحاديث هذا الباب في الصّلاة). [مجمع الزوائد: 6/ 310]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (باب ابتداء السّور بـ
{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}
- حدّثنا أبو كريبٍ، ثنا سفيان، عن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ (ح)، وحدّثنا أحمد بن عبدة، أبنا سفيان، عن عمرٍو، عن سعيدٍ -أشكّ في حديث ابن عبدة قال: عن ابن عبّاسٍ، أو قال: عن سعيدٍ، ولم يقل: عن ابن عبّاسٍ- قال: «كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يعرف خاتمة السّورة حتّى ينزل {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}، فإذا نزل {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}، علم أنّ السّورة قد ختمت، واستقبلت أو ابتدئت سورةٌ أخرى».
قلت: اقتصر أبو داود على قوله: «لا يعرف فصل السّورة، حتّى ينزل {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}»). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/ 40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم}.
- أخرج أبو عبيد، وابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود، وابن خزيمة، وابن الأنباري في المصاحف والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي والخطيب، وابن عبد البر كلاهما في كتاب المسألة عن أم سلمة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قطعها آية آية،
وعددها عد الاعراب، وعد {بسم الله الرحمن الرحيم} ولم يعد {عليهم}.
- وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والدارقطني والبيهقي في "سننه" بسند ضعيف عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو سورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري»، قال: فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد فأخرج إحدى رجليه من أسكفة المسجد وبقيت الأخرى في المسجد، فقلت بيني وبين نفسي: نسي ذلك، فأقبل علي بوجهه فقال: «بأي شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة؟»، قلت: {بسم الله الرحمن الرحيم} قال: «هي هي»، ثم خرج.
- وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال: «{بسم الله الرحمن الرحيم} آية».
- وأخرج سعيد بن منصور في "سننه"، وابن خزيمة في كتاب البسملة والبيهقي عن ابن عباس قال: «استرق الشيطان من الناس».
- وأخرج أبو عبيد، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: «أغفل الناس آية من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون سليمان بن داود عليهما السلام {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الدارقطني بسند ضعيف عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول ما يلقي علي {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الواحدي عن ابن عمر قال: «نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} في كل سورة».
- وأخرج أبو داود والبزار والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال: «كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة -وفي لفظ: خاتمة السورة- حتى ينزل عليه {بسم الله الرحمن الرحيم}»، زاد البزار والطبراني: «فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت واستقبلت أو ابتدئت سورة أخرى».
- وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس قال: «كان المسلمون لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم} فإذا نزلت عرفوا أن السورة قد انقضت».
- وأخرج أبو عبيد عن سعيد بن جبير أنه في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم « كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم} فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى»
- وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} علم أنها سورة.
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والواحدي عن ابن مسعود قال: «كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصلاة {بسم الله الرحمن الرحيم} فإذا ختم السورة قرأها يقول:
«ما كتبت في المصحف إلا لتقرأ».
- وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «علمني جبريل الصلاة فقام فكبر لنا ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} فيما يجهر به في كل ركعة».
- وأخرج الثعلبي عن علي بن يزيد بن جدعان أن العبادلة كانوا يستفتحون القراءة بـ{بسم الله الرحمن الرحيم} يجهرون بها، عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير.
- وأخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال: كنت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ دخل رجل يصلي فافتتح الصلاة وتعوذ ثم قال: {الحمد لله رب العالمين} فسمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رجل قطعت على نفسك الصلاة أما علمت أن {بسم الله الرحمن الرحيم} من الحمد، فمن تركها فقد ترك آية، ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته».
- وأخرج الثعلبي عن علي أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} وكان يقول: «من ترك قراءتها فقد نقص»، وكان يقول: «هي تمام السبع المثاني».
- وأخرج الثعلبي عن طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ترك {بسم الله الرحمن الرحيم} فقد ترك آية من كتاب الله».
- وأخرج الشافعي في الأم والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي عن معاوية أنه قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع، فناداه المهاجرون والأنصار حين سلم: «يا معاوية أسرقت صلاتك؟ أين {بسم الله الرحمن الرحيم} وأين التكبير؟»، فلما صلى بعد ذلك قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} لأم القرآن وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجدا.
- وأخرج البيهقي عن الزهري قال: «من سنة الصلاة أن تقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} وإن أول من أسر {بسم الله الرحمن الرحيم} عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة وكان رجلا حييا» .

- أخرج أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس قال: «كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته بـ{بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج البزار والدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي الطفيل قال: سمعت علي بن أبي طالب وعمار يقولان: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات بـ{بسم الله الرحمن الرحيم} في فاتحة الكتاب».
- وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي عن نافع، أن ابن عمر إذا افتتح الصلاة يقرأ بـ{بسم الله الرحمن الرحيم} في أم القرآن وفي السورة التي تليها ويذكر أنه سمع ذلك من رسول الله.

- وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ{بسم الله الرحمن الرحيم} في الصلاة».
- وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه عن نعيم المجمر قال: كنت وراء أبي هريرة فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ {ولا الضالين} قال: «آمين»، وقال الناس: آمين، ويقول كلما سجد: «الله أكبر»، وإذا قام من الجلوس قال: «الله أكبر»، ويقول إذا سلم: «والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم» .
- وأخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال: «كان النّبيّ يجهر بـ{بسم الله الرحمن الرحيم} في السورتين جميعا».
- وأخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال: قال النّبيّ: «كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة؟»، قلت: {الحمد لله رب العالمين}، قال: «قل {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان، عن جابر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة؟» قلت: أقرأ {الحمد لله رب العالمين} قال: «قل {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الدارقطني عن ابن عمر قال: «صليت خلف النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون بـ{بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الدارقطني عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمني جبريل عليه السلام عند الكعبة فجهر بـ{بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الدارقطني عن الحكم بن عمير وكان بدريا قال: «صليت خلف النبي صلى الله عيه وسلم فجهر في الصلاة {بسم الله الرحمن الرحيم} في صلاة الليل وصلاة الغداة وصلاة الجمعة».
- وأخرج الدارقطني عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بـ{بسم الله الرحمن الرحيم}.
- وأخرج أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال: «فاتحة الكتاب سبع آيات بـ{بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره والحاكم في المستدرك وصححه والبيهقي في شعب الإيمان وأبو ذر الهروي في فضائله والخطيب البغدادي في تاريخه عن ابن عباس، أن عثمان بن عفان سأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن {بسم الله الرحمن الرحيم} فقال: «هو اسم من أسماء الله تعالى وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العين وبياضها من القرب».
- وأخرج ابن جرير، وابن عدي في الكامل، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر في تاريخ دمشق والثعلبي بسند ضعيف جدا عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن عيسى بن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم: اكتب {بسم الله الرحمن الرحيم} قال له عيسى: وما باسم الله؟ قال المعلم: لا أدري، فقال له عيسى: الباء بهاء الله والسين سناؤه والميم مملكته والله إله الآلهة والرحمن رحمان الدنيا والآخرة والرحيم رحيم الآخرة».
- وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك، مثل قوله.
- وأخرج ابن جريج، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «أول ما نزل جبريل على محمد قال له جبريل: {بسم الله} يا محمد، يقول: اقرأ بذكر الله، والله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين، والرحمن الفعلان من الرحمة، والرحيم الرفيق الرقيق بمن أحب أن يرحمه والبعيد الشديد على من أحب أن يضعف عليه العذاب».
- وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: «اسم الله الأعظم، هو الله».
- وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه، وابن الضريس في فضائله، وابن أبي حاتم، عن جابر بن يزيد قال: «اسم الله الأعظم، هو الله ألا ترى أنه في جميع القرآن يبدأ به قبل كل اسم».
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا في الدعاء الشعبي قال: «اسم الله الأعظم، يا الله».
- وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: «{الرحمن} اسم ممنوع».
- وأخرج ابن أبي حاتم قال: «{الرحيم} اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: «{الرحمن} لجميع الخلق و{الرحيم} بالمؤمنين خاصة».
- وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: «{الرحمن} وهو الرفيق {الرحيم} وهو العاطف على خلقه بالرزق وهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر».
- وأخرج ابن جرير عن عطاء الخراساني قال: «كان الرحمن فلما اختزل الرحمن من اسمه كان {الرحمن الرحيم}».
- وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن عائشة قالت: «قال لي أبي: ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قال: وكان عيسى يعلمه للحواريين، لو كان عليك مثل أحد ذهبا لقضاه الله عنك،
قلت: بلى، قال: قولي: «اللهم فارج الهم كاشف الغم -ولفظ البزار: وكاشف الكرب- مجيب دعوة المضطرين رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أنت ترحمني رحمة تغنني بها عمن سواك».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سابط قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعلمهن: «اللهم فارج الهم وكاشف الكرب ومجيب المضطرين ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أنت ترحمني فارحمني رحمة تغنني بها عمن سواك».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سابط قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعلمهن: «اللهم فارج الهم وكاشف الكرب ومجيب المضطرين ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمها ارحمني اليوم رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك».
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أنزل علي سورة لم ينزلها على أحد من الأنبياء والرسل من قبلي»، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: [قسمت هذه السورة بيني وبين عبادي، فاتحة الكتاب جعلت نصفها لي: ونصفها لهم، وآية بيني وبينهم، فإذا قال العبد: {بسم الله الرحمن الرحيم} قال الله: عبدي دعاني باسمين رقيقين، أحدهما أرق من الآخر، فالرحيم أرق من الرحمن، وكلاهما رقيقان، فإذا قال: {الحمد لله} قال الله: شكرني عبدني وحمدني، فإذا قال: {رب العالمين} قال الله: شهد عبدي أني رب العالمين، رب الإنس والجن والملائكة والشياطين ورب الخلق ورب كل شيء، فإذا قال: {الرحمن الرحيم} يقول: مجدني عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدين} -يعني بيوم الدين: يوم الحساب-، قال الله تعالى: شهد عبدي أنه لا مالك ليومه أحد غيري، وإذا قال: {مالك يوم الدين} فقد أثنى علي عبدي، {إياك نعبد} يعني الله أعبد وأوحد {وإياك نستعين} قال الله: هذا بيني وبين عبدي إياي يعبد فهذه لي وإياي نستعين فهذه له ولعبدي بعد ما سأل]» ، بقية السورة {اهدنا}: أرشدنا {الصراط المستقيم} يعني: دين الإسلام، لأن كل دين غير الإسلام فليس بمستقيم الذي ليس فيه التوحيد {صراط الذين أنعمت عليهم} يعني به النبيين والمؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالإسلام والنبوة {غير المغضوب عليهم} يقول: أرشدنا غير دين هؤلاء الذين غضبت عليهم وهم اليهود {ولا الضالين} وهم النصارى أضلهم اله بعد الهدى فبمعصيتهم غضب الله عليهم {وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا} [المائدة:60] في الدنيا والآخرة، يعني شر منزلا من النار {وأضل عن سواء السبيل} [المائدة:60] من المؤمنين، يعني أضل عن قصد السبيل المهدى من المسلمين قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «فإذا قال الإمام: {ولا الضالين} فقولوا: آمين يحبكم الله»، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قال لي: يا محمد هذه نجاتك ونجاة أمتك ومن اتبعك على دينك من النار» قال البيهقي: «قوله: رقيقان، قيل هذا تصحيف وقع في الأصل وإنما هو رفيقان، والرفيق: من أسماء الله تعالى».
- وأخرج ابن مردويه والثعلبي، عن جابر بن عبد الله قال: «لما نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الريح وهاج البحر وأصغت البهائم بآذانها ورجمت الشياطين من السماء وحلف الله بعزته وجلاله أن لا يسمى على شيء إلا بارك فيه».
- وأخرج وكيع والثعلبي عن ابن مسعود قال: «من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ليجعل الله له بكل حرف منها جنة من كل واحد».
- وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس مرفوعا: «إن المعلم إذا قال للصبي قل: {بسم الله الرحمن الرحيم} كتب للمعلم وللصبي ولأبويه براءة من النار».
- وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة والديلمي عن علي مرفوعا: «إذا وقعت في ورطة فقل: {بسم الله الرحمن الرحيم} لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله يصرف بها ما يشاء من أنواع البلاء».
- وأخرج الحافظ عن عبد القادر الرهاوي في الأربعين بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ{بسم الله الرحمن الرحيم} أقطع».
- وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو نعيم في الحلية عن عطاء قال: «إذا تناهقت الحمر من الليل فقولوا: {بسم الله الرحمن الرحيم} أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
- وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن صفوان بن سليم قال: «الجن يستمتعون بمتاع الإنس وثيابهم فمن أخذ منكم أو وضعه فليقل {بسم الله} فإن اسم الله طابع».
- وأخرج أبو نعيم والديلمي عن عائشة قالت: لما نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} ضجت الجبال حتى سمع أهل مكة دويها فقالوا: سحر محمد الجبال فبعث الله دخانا حتى أظل على أهل مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} موقنا سبحت معه الجبال إلا أنه لا يسمع ذلك منها».
- وأخرج الديلمي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} كتب له بكل حرف أربعة آلاف حسنة ومحي عنه أربعة آلاف سيئة ورفع له أربعة آلاف درجة».
- وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والدارقطني والحاكم والبيهقي في "سننه" عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كانت مدا ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} يمد {بسم الله} ويمد {الرحمن} ويمد {الرحيم}».
- وأخرج الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في الجامع عن أبي جعفر محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «{بسم الله الرحمن الرحيم} مفتاح كل كتاب».
- وأخرج الخطيب في الجامع عن سعيد بن جبير قال: «لا يصلح كتاب إلا أوله {بسم الله الرحمن الرحيم} وإن كان شعرا».
- وأخرج الخطيب عن الزهري قال: «قضت السنة أن لا يكتب في الشعر {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج ابن أبي شيبة وأبو بكر بن أبي داود والخطيب في الجامع عن الشعبي قال: «كانوا يكرهون أن يكتبوا أمام الشعر {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الخطيب عن الشعبي قال: «أجمعوا أن لا يكتبوا أمام الشعر {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج أبو عبيد، وابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد والشعبي أنهما كرها أن يكتب الجنب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
- وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان، وابن اشته في المصاحف بسند ضعيف عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من كتب {بسم الله الرحمن الرحيم} مجودة تعظيما لله غفر الله له».
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب قال: «تنوق رجل في {بسم الله الرحمن الرحيم} فغفر له».
- وأخرج السلفي في جزء له عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمد الباء إلى الميم حتى ترفع السين».
- وأخرج الخطيب في الجامع عن الزهري قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تمد {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج الخطيب، وابن اشته في المصاحف عن محمد بن سيرين، أنه كان يكره أن يمد الباء إلى الميم حتى يكتب السين.
- وأخرج الديلمي في مسند الفردوس، وابن عساكر في تاريخ دمشق عن يزيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كتبت {بسم الله الرحمن الرحيم} فبين السين فيه».
- وأخرج الخطيب في الجامع والديلمي عن أنس عن النّبيّ قال: «إذا كتب أحدكم {بسم الله الرحمن الرحيم} فليمد الرحمن».
- وأخرج الديلمي عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معاوية ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين ولا تغور الميم وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك».
- وأخرج الخطيب عن مطر الوراق قال: «كان معاوية بن أبي سفيان كات برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يجمع بين حروف الباء والسين ثم يمده إلى الميم ثم يجمع حروف الله الرحمن الرحيم ولا يمد شيئا من أسماء الله في كتابه ولا قراءته».
- وأخرج أبو عبيد عن مسلم بن يسار أنه كان يكره أن يكتب (بم) حين يبدأ قيسقط السين.
- وأخرج أبو عبيد عن ابن عون أنه كتب لابن سيرين (بم) فقال: «مه، اكتب سينا، اتقوا أن يأثم أحدكم وهو لا يشعر».
- وأخرج أبو عبيد عن عمران بن عون، أن عمر بن عبد العزيز ضرب كاتبا كتب الميم قبل السين، فقيل له: فيم ضربك أمير المؤمنين فقال: في سين.
- وأخرج ابن سعد في طبقاته عن جويرية بنت أسماء، أن عمر بن عبد العزيز عزل كاتبا له في هذا كتب (بم) ولم يجعل السين.
- وأخرج ابن سعيد عن محمد بن سيرين أنه كان يكره أن يكتب الباء ثم يمدها إلى الميم حتى يكتب السين ويقول فيه قولا شديدا.
- وأخرج الخطيب عن معاذ بن معاذ قال: كتبت عند سوار {بسم الله الرحمن الرحيم} فمددت الباء ولم أكتب السين فأمسك يدي وقال: «كان محمد والحسن يكرهان هذا».
- وأخرج الخطيب عن عبد الله بن صالح قال: كتبت {بسم الله الرحمن الرحيم} ورفعت الباء فطالت فأنكر ذلك الليث وكرهه وقال: «غيرت المعنى يعني لأنها تصير لاما».
- وأخرج أبو داود في مراسيله عن عمر بن عبد العزيز أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مر على كتاب في الأرض فقال لفتى معه: «ما في هذا؟» قال: {بسم الله} قال: «لعن من فعل هذا، لا تضعوا {بسم الله} إلا في موضعه».
- وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن أنس مرفوعا: «من رفع قرطاسا من الأرض فيه {بسم الله الرحمن الرحيم} إجلالا له أن يداس كتب عند الله من الصديقين وخفف عن والديه وإن كانا كافرين».
- وأخرج ابن أبي داود في البعث عن أم خالد بن خالد بن سعيد بن العاص قال: «إني أول من كتب {بسم الله الرحمن الرحيم}».

- وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قام النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة، فقال: «{بسم الله الرحمن الرحيم}»، فقالت قريش: دق الله فاك.
- أخرج أبو داود في مراسيله عن سعيد بن جبير قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر {بسم الله الرحمن الرحيم} بمكة وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن، فقالوا: إن محمدا يدعو إلى إله اليمامة، فأمر رسول الله بإخفائها فما جهر بها حتى مات».
- وأخرج الطبراني من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} هزأ منه المشركون وقالوا: محمد يذكر إله اليمامة وكان مسيلمة يتسمى الرحمن، فلما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يجهر بها».
- وأخرج الطبراني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر {بسم الله الرحمن الرحيم} وأبو بكر وعمر.
- وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي، وابن ماجه والبيهقي عن ابن عبد الله بن مغفل قال: سمعني أبي وأنا أقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} فقال: «أي بني محدث صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم جهر {بسم الله الرحمن الرحيم}».
- وأخرج عبد الرزاق ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: «الجهر {بسم الله الرحمن الرحيم} قراءة الأعراب».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: «جهر الإمام {بسم الله الرحمن الرحيم} بدعة».
- وأخرج ابن الضريس عن يحيى بن عتيق قال: كان الحسن يقول: «اكتبوا في أول الإمام {بسم الله الرحمن الرحيم} واجعلوا بين كل سورتين خطا» ). [الدر المنثور: 1/ 28-54]


رد مع اقتباس