عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10 رجب 1434هـ/19-05-2013م, 03:15 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والإضافة نحو قولك: هو أفضلهم عبداً، وعلى التمرة مثلها زبداً. فإن قال قائل: فهل يكون المضمر مقدماً؟. قيل: يكون ذاك إذا كان التفسير له لازماً. فمن ذلك قولك: إنه عبد الله منطلقٌ. وكان زيدٌ خيرٌ منك؛ لأن المعنى: إن الحديث أو إن الأمر عبد الله منطلقٌ، وكان الحديث زيد خير منك، ولهذا باب يفرد بتفسيره. قال الله عز وجل: {إنه من يأت ربه مجرماً} أي: إن الخبر.
و منها قولك في إعمال الأول والثاني: ضربوني، وضربت إخوتك؛ لأن الذي بعده من ذكره الأخوة يفسره فكذلك هذا. قال الله عز وجل: {بئس للظالمين بدلاً} وقال: {نعم العبد إنه أواب}، لأنه ذكر قبل فكذلك جميع هذا). [المقتضب: 2/142-143] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} قال: إن كان إبليس من الملائكة فهو متصل، وإن لم يكن فهو منقطع. {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} قال: كل ما استتر فهو من الجن الشكيمة: الخلق؛ وشكمته: أعطيته). [مجالس ثعلب: 58]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ( {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} يقال فسق الشيء، إذا خرج من حال إلى حال، ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت). [مجالس ثعلب: 115]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ( {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} قال: الجن صنف من الملائكة، وكل ما استتر يسمى جنا). [مجالس ثعلب: 146]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله عز وجل تفسيرين متضادين قوله: {إلا إبليس كان من الجن}، يقال: الجن الملائكة، سموا جنا لاستتارهم عن الناس، من قول العرب: قد جن عليه الليل، وأجنه وجنه، إذا ستره، قال الشاعر:
يوصل حبليه إذا الليل جنه.......ليرقى إلى جاراته في السلالم
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز، قال: حدثنا جرير، عن ثعلبة، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير في قوله: {إلا إبليس كان من الجن}، قال: كان من حي من الملائكة، يصوغون حلية أهل الجنة.
وأخبرنا أبو الحسن بن البراء، قال: حدثنا ابن غانم وابن حميد، قالا: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن خلاد بن عطاء، عن طاوس –أو عن مجاهد أبي الحجاج- عن ابن عباس وغيره، قالوا: كان إبليس قبل أن يركب المعصية ملكا من الملائكة، اسمه عزازيل، وكان من سكان الأرض من الملائكة يسمون الجن، ولم يكن من
الملائكة ملك أشد اجتهادا ولا أكثر علما منه، فلما تكبر على الله عز وجل، وأبى السجود لآدم وعصاه لعنه وجعله شيطانا مريدا وسماه إبليس، يقول الله عز وجل: {إلا إبليس كان من الجن فقسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا}.
قال ابن إسحاق: وقالت العرب: الجن ما استتر عن الناس ولم يظهر. وقال أصحاب هذا القول: الدليل على أن إبليس من الملائكة أن الله جل وعز استثناه معهم من سجودهم. ويدل أيضا على أن الملائكة يقال لهم جن قول الأعشى في ذكره سليمان بن داود عليهما السلام:
لو كــان شيء خالدا أو معمـــرا.......لكان سليمان البريء من الدهر
براه إلهــــــي واصطفــــاه عبـــاده.......وملكه ما بيـــن تــرنـي إلى مصــــر
وسخر من جن الملائك تسعة.......قيــــــاما لديـــه يعمـــلون بــــلا أجــر

- وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: إنما قيل لإبليس: الجني لأنه كان من الملائكة، وأن الله خلق ملائكة، فقال لهم: {إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي
فقعوا له ساجدين}، فأبوا فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم، ثم خلق ملائكة آخرين، فقال لهم مثل ما قال للأولين، فأبوا، فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم، ثم خلق هؤلاء الملائكة الذين هم عنده، فقال لهم: {إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}، فقالوا: سمعنا وأطعنا، فقال ابن عباس: فكان إبليس من الملائكة الذين حرقوا أولا. قال أبو عاصم: ثم أعاده الله ليضل به من يشاء.
وأخبرنا أحمد بن الحسين، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: خبرنا عباد، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشراف الملائكة، من أولي الأربعة أجنحة، ثم أبلس بعد.
وأخبرنا محمد بن عثمان، قال: حدثنا منجاب، قال: أخبرنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: إنما سمي إبليس إبليس لأنه أبلس من الخير كله. فقال اللغويون: هذا التفسير يشهد لمعنى إبليس وصرفه عن الخير واستحقاقه البعد منه ولا يشهد؛ لأن لفظ إبليس مأخوذ من أُبْلِس أو أَبلَس؛ لأنه لو كان كذلك كان عربيا منونا، كما يجري (إكليل)، وهو على
مثاله، فلما وحدنا الله عز وجل قال: {إلا إبليس}، فلم ينونه علمنا أنه أعجمي مجهول الاشتقاق؛ ولأن ما عرف اشتقاقه كان عربيا يلزمه من التعريب ما يلزم زيدا وعمرا وأشباههما؛ إلا أن يكون منع الإجراء للتعريف؛ وأنه اسم واقع على أولاده، وجميع جنسه فيلحق بـ (ثمود) وما أشبهه في ترك الإجراء.
وقال آخرون: ما كان إبليس من الملائكة قط، وهو أبو الجن؛ كما أن آدم أبو الإنس، فاحتج عليهم بقوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس}.
وبقول: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس}، فاحتجوا بأنه لما أمر بالسجود كما أمروا فخالف وأطاعوا، أخرج من فعلهم، ونصب على الاستثناء، وهو من غير جنسهم، كما تقول العرب: سار الناس إلا الأثقال، وارتحل أهل العسكر إلا الأبنية والخيام.
وحدثنا أحمد بن الحسين، قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال خبرنا هوذة، عن عوف، عن الحسن، قال: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين.
وقال أصحاب القول الأول: يجوز أن يكون تأويل قوله: {كان من الجن} كان ضالا؛ كما أن الجن كانوا ضلالا، فلما فعل مثل فعلهم أدخل في جملتهم؛ كما قال: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض}، فهذا ما انتهى إلينا، والله أعلم بحقيقة ذلك وأحكم). [كتاب الأضداد: 334-338]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن
اعلم أن أن والفعل بمنزلة المصدر. وهي تقع على الأفعال المضارعة فتنصبها، وهي صلاتها. ولا تقع مع الفعل حالاً؛ لأنها لما لم يقع في الحال، ولكن لما يستقبل.
فإن وقعت على الماضي؛ نحو: سرني أن قمت، وساءني أن خرجت كان جيداً. قال الله عز وجل: {وامرأة مؤمنةً أن وهبت نفسها للنبي} أي: لأن كان هذا فيما مضى.
فهذا كله لا يلحق الحال؛ لأن الحال لما أنت فيه.
واعلم أن هذه لا تلحق بعد كل فعل، إنما تلحق إذا كانت لما لم يقع بعد ما يكون توقعاً لا يقيناً؛ لأن اليقين ثابت. وذلك قولك: أرجو أن تقوم يا فتى، وأخاف أن تذهب يا فتى. كما قال: عز وجل: {نخشى أن تصيبنا دائرةٌ}.
ولو قلت: أعلم أن تقوم يا فتى لم يجز؛ لأن هذا شيء ثابت في علمك،فهذا من مواضع أن الثقيلة؛ نحو: أعلم أنك تقوم يا فتى.
وتقول: أظن أنك ستقوم؛ لأنه شيءٌ قد استقر في ظنك؛ كما استقر الآخر في علمك، كما قال الله تبارك اسمه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}.
فإن قيل: إن يظنون هاهنا يوقنون. فهكذا هو، ولكنها في الثبات في الظن وفي إعمالها على الوجه الآخر. إلا أنها إذا أرد بها العلم لم تكن إلا مثقلة. فإن أريد بها الشك جاز الأمران جميعاً. والتثقيل في الشك أكثر استعمالاً؛ لثباته في الظن كثبات الأخرى في العلم.
فأما الوجه الذي يجوز فيه الخفيفة فإنه متوقع غير ثابت المعرفة. قال الله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}.
وأما {إن ظنا أن يقيما حدود الله} وقولهم: معناه: أيقنا فإنما هو شيء متوقع، الأغلب فيه ذا، إلا أنه علم ثابت؛ ألا تراه قال: {فظنوا أنهم مواقعوها} لما كان أيقنوا). [المقتضب: 2/29-30] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والظن يكون بمعنى الشك والعلم، لأن المشكوك فيه قد يُعْلَم.
كما قيل راج للطمع في الشيء، وراج للخائف، لأن الرجاء يقتضي الخوف إذ لم يكن صاحبه منه على يقين.
...
فأول ذلك الظن. يقع على معان أربعة: معنيان متضادات: أحدهما الشك، والآخر اليقين الذي لا شك فيه.
فأما معنى الشك فأكثر من أن تحصى شواهده. وأما معنى اليقين فمنه قول الله عز وجل: {وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا}، معناه علمنا. وقال جل اسمه: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها}، معناه فعلموا بغير شك، قال دريد، وأنشدناه أبو العباس:
فقلت لهم ظنوا بألفى مقاتل.......سراتهم في الفارسي المسرد
معناه تيقنوا ذلك، وقال الآخر:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم.......وأجعل مني الظن غيبا مرجما
معناه: وأجعل مني اليقين غيبا. وقال عدي بن زيد:
أسمد ظني إلى المليك ومن.......يلجأ إليه فلم ينله الضر
معناه أسند علمي ويقيني.
وقال الآخر:

رب هم فرجته بعزيم.......وغيوب كشفتها بظنون
معناه: كشفتها بيقين وعلم ومعرفة؛ والبيت لأبي داود.
وقال أوس بن حجر:
فأرسلته مستيقن الظن أنه.......مخالط ما بين الشراسيف جائف
معناه: مستيقن العلم.
والمعنيان اللذان ليسا متضادين: أحدهما الكذب، والآخر التهمة، فإذا كان الظن بمعنى الكذب قلت: ظن فلان، أي كذب، قال الله عز وجل: {إن هم إلا يظنون}، فمعناه: إن هم إلا يكذبون؛ ولو كان على معنى الشك لاستوفى منصوبيه، أو ما يقوم مقامهما.
وأما معنى التهمة فهو أن تقول: ظننت فلانا، فتستغني عن الخبر، لأنك اتهمته، ولو كان بمعنى الشك المحض لم يقتصر به على منصوب واحد.
ويقال: فلان عندي ظنين، أي متهم، وأصله «مظنون»، فصرف عن «مفعول» إلى «فعيل»، كما قالوا: مطبوخ وطبيخ، قال الشاعر:
وأعصي كل ذي قربى لحاني.......بجنبك فهو عندي كالظنين
وقال الله عز وجل: {وما هو على الغيب بظنين}، فيجوز أن يكون معناه «بمتهم». ويجوز أن يكون معناه «بضعيف»، من قول العرب: وصل فلان ظنون، أي ضعيف، فيكون الأصل فيه: وما هو على الغيب بظنون، فقلبوا الواو ياء، كما قالوا: ناقة طعوم وطعيم، للتي بين الغثة والسمينة؛ في حروف كثيرة يطول تعديدها وإحصاؤها.
وقال أبو العباس: إنما جاز أن يقع الظن على الشك واليقين؛ لأنه قول بالقلب؛ فإذا صحت دلائل الحق، وقامت أماراته كان يقينا، وإذا قامت دلائل الشك وبطلت دلائل اليقين كان كذبا، وإذا اعتدلت دلائل اليقين والشك كان على بابه شكا لا يقينا ولا كذبا.). [كتاب الأضداد: 14-16] (م)

رد مع اقتباس