عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 11:41 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}


تفسير قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاصفح الصفح الجميل} قال مجاهد هذا قبل أن يؤمر بالقتال). [معاني القرآن: 4/37]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولقد آتيناك سبعاً مّن المثاني...}
يعني فاتحة الكتاب وهي سبع آيات في قول أهل المدينة وأهل العرق. أهل المدينة يعدون {أنعمت عليهم} آية. ... وحدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس
قال: بسم الله الرّحمن الرّحيم آية من الحمد. وكان حمزة يعدّها آية وآتيناك (القرآن العظيم) ). [معاني القرآن: 2/91]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم} مجازها: سبع آيات من المثاني، والمثاني هي الآيات فكأن مجازها: ولقد آتيناك سبع آيات من آيات القرآن، والمعنى وقع على أم الكتاب وهي سبع آيات، وإنما سميت آيات القرآن مثاني لأنها تتلو بعضها بعضاً فثنيت الأخيرة على الأولى، ولها مقاطع تفصل الآية بعد الآية حتى تنقضى السورة وهي كذا وكذا آية، وفي آية أخرى من الزمر تصديق ذلك:
{الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم ثمّ}
مجازه مجاز آيات من القرآن يشبه بعضها بعضاً قال:

نشدتكم بمنزل الفرقان= أمّ الكتاب السّبعٍ من مثاني
ثنين من آيٍ من القرآن= والسبع سبع الطول الدّواني
وهي البقرة (2) وآل عمران (3) والنساء (4) والمائدة (5) والأنعام (6) والأعراف (7) والأنفال (8). ومجاز قول من نصب {والقرآن العظيم} على إعمال وآتيناك القرآن العظيم،
ومعناه ولقد آتيناك أم الكتاب وآتيناك سائر القرآن أيضاً مع أم الكتاب ومجاز قول من جر القرآن العظيم مجاز قولك، من المثاني ومن القرآن العظيم أيضاً وسبع آيات من المثاني ومن القرآن). [مجاز القرآن: 1/355-354]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : ([وزاد محمد بن صالح]:
أبو عمرو {المثاني والقرآن العظيم} لا يهمز القرآن، ولا قرأت ولا نسأت). [معاني القرآن لقطرب: 790]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {المثاني}: قالوا السبع الطوال وقالوا فاتحة الكتاب لأنها تثنى في الصلاة مع كل سورة). [غريب القرآن وتفسيره: 202]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}
قيل: السبع من المثاني هي فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات، وإنما قيل لها المثاني لأنها يثنّى بها في كل ركعة من ركعات الصلاة، ويثنى بها مع ما يقرأ من القرآن.
ويجوز - واللّه - أعلم - أن يكون من المثاني أي مما أثني به على اللّه، لأن فيها حمد اللّه، وتوحيده وذكر ملائكته وملكه يوم الدّين.
وروي في التفسير أنه ما أعطيت أمّة كما أعطيت أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - من سورة الحمد.
فأما دخول " من " فهي ههنا تكون على ضربين، تكون للتبعيض من القرآن، أي ولقد آتيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يثنى بها على اللّه - عزّ وجلّ - وآتيناك القرآن العظيم، ويجوز أن يكون السبع هي المثاني، وتكون " من " الصفة كما قال عزّ وجلّ: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان}.
المعنى اجتنبوا الأوثان، لا أنّ بعضها رجس.
ويجوز أن يكون المعنى سبعا مثاني على هذا القياس، ويدل على القول الأول قوله عزّ وجلّ: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني}..
وقيل سبعا من المثاني: السبع الطوال، من البقرة إلى الأعراف ستّ، واختلفوا في السابعة، فقال بعضهم: سورة يونس، وقيل الأنفال وبراءة، وإنّما سميت مثاني لذكر الأقاصيص فيها مثناة.
ويجوز (والقرآن العظيم) بالخفض، ولكن لا تقرأنّ به إلا أن تثبت به رواية صحيحة). [معاني القرآن: 3/186-185]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} روى عبد خير عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} يعني فاتحة الكتاب وكذلك قال أبو هريرة هي فاتحة الكتاب وليس فيها بسم الله الرحمن الرحيم وكذلك روى أبو يحيى عن مجاهد وكذلك روى معمر عن قتادة وروى سفيان بن منصور عن مجاهد عن ابن عباس قال آتيناك سبعا من المثاني قال السبع الطول وكذلك روى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال السبع الطول البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس كذلك في الحديث وكذلك قال الضحاك هي السبع الطول وكذلك روى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال السبع المثاني والقرآن العظيم أم القرآن قال الضحاك القرآن العظيم سائره وقد صح عن علي بن أبي طالب أنه قال السبع المثاني الحمد وقال به قتادة وفسر معناه قال لأن فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة فريضة أو نافلة والمعنى على هذا القول ولقد آتيناك سبع آيات مما يثنى في الصلاة ومن ههنا لبيان الجنس على هذا القول كما قال تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} ويجوز أن يكون المعنى مما يثنى به على الله لأن في الحمد ثناء على الله وذكر توحيده وملكه يوم الدين وتكون من على هذا القول لبيان الجنس أيضا ويجوز أن تكون للتبعيض ويكون المعنى ولقد آتيناك سبع آيات من المثاني أي من القرآن الذي يثنى فيه الآيات والقصص ويثنى فيه على الله وهذا أحسن وهو مذهب أبي مالك لأنه قال المثاني القرآن وأما من قال هي السبع الطول فقد فسر سعيد بن جبير مذهبه فقال لأنه تثنى فيها الحدود والفرائض فتكون من على هذا لبيان الجنس
ويجوز أن تكون للتبعيض على ما تقدم وروى أبو عبيد أن سفيان بن عيينة كان يتلو هذه الآية يتأولها على حديث النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن
قال أي يستغني به قال فأمر الله جل وعز النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغني بالقرآن عن المال فقال تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} ). [معاني القرآن: 4/41-38]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المَثانِي}: المثاني). [العمدة في غريب القرآن: 174]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {واخفض جناحك} الجناحان: الناحيتان، و{يدك إلى جناحك} أي ناحيتك وجنبك). [معاني القرآن لقطرب: 798]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم} أي أصنافا منهم). [تفسير غريب القرآن: 239]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (لا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين}
{أزواجا منهم} أي أمثالا في النّعم.
{واخفض جناحك للمؤمنين} أي ألن جانبك للمؤمنين، أي لمن آمن بك وبما أتيت به). [معاني القرآن: 3/186]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} وروى عن عبد الله بن عمر أنه قال من حفظ القرآن
فرأى أن أحدا أعطى أفضل مما أعطى فلقد صغر عظيما وعظم صغيرا
قال مجاهد في قوله تعالى: {لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} قال الأغنياء الأشباه أي أمثال في النعم والأزواج في اللغة الأصناف). [معاني القرآن: 4/42-41]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أزواجا منهم} أي أصنافا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 126]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي أنا النّذير المبين...}
{كما أنزلنا على المقتسمين...}
يقول: أنذرتكم ما أنزل بالمقتسمين. والمقتسمون رجال من أهل مكّة بعثهم أهل مكّة على عقابها أيّام الحجّ فقالوا: إذا سألكم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم فقولوا: كاهن.
وقالوا لبعضهم قولوا: ساحر، ولبعضهم: يفرق بين الاثنين ولبعضهم قولوا: مجنون، فأنزل الله تبارك وتعالى بهم خزياً فماتوا أو خمسةٌ منهم شرّ ميتة فسمّوا المقتسمين لأنهم اقتسموا طرق مكّة). [معاني القرآن: 2/92-91]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كما أنزلنا على المقتسمين} أي على الذين اقتسموا). [مجاز القرآن: 1/355]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : ([وزاد محمد بن صالح]
{كما أنزلنا على المقتسمين} فقال أبو ظبيان عن ابن عباس: ما المقتسمون؟ قال: اليهود والنصارى؛ {الذين جعلوا القرآن عضين} ما العضون؟ قال: آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وقال مجاهد {على المقتسمين} قال: أهل الكتب فرقوه وبددوه، و{جعلوا القرآن عضين} قال: أعضاء.
وقال ابن جريج وقال غير مجاهد: هم أهل الملل فرقوا القرآن فقالوا: هو شعر بل هو سحر بل هو أساطير الأولين). [معاني القرآن لقطرب: 799] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {المقتسمين}: قوم تحالفوا على عضه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وأن يذيعوا ذلك بكل طريق، ويخبروا به النّزّاع إليهم). [تفسير غريب القرآن: 239]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {كما أنزلنا على المقتسمين * الّذين جعلوا القرآن عضين}
يروى أنّ المشركين قالوا أساطير الأولين، وقالوا سحر، وقالوا شاعر.وقالوا كاهن.
فقسّموه هذه الأقسام، وعضوه أعضاء.
ويروى أن أهل الكتاب هم المقتسمون، آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وقالوا نحوا مما روي عن المشركين). [معاني القرآن: 3/186]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين} في الكلام حذف والمعنى وقل إني أنا النذير المبين عقابا كما أنزلنا على المقتسمين وفي المقتسمين أقوال:
أحدها إنهم قوم تحالفوا على عضه النبي صلى الله عليه وسلم والقول الآخر أنه روى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله تعالى: {كما أنزلنا على المقتسمين}
فقال اليهود والنصارى الذين جعلوا القرآن عضين قال آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وقال الضحاك المقتسمين أهل الكتاب مزقوا الكتب وفرحوا بما عندهم منها
وقال مجاهد المقتسمين أهل الملل قال ابن جريج وقال عطاء هم المشركون من قريش مزقوا القول في القرآن فقال بعضهم هو شعر وقال بعضهم هو سحر
وقال بعضهم هو أساطير الأولين فذلك العضون وقال عكرمة عضين سحر وكان أبو عبيدة يذهب إلى ان عضين مأخوذ من الأعضاء.
قال أبو جعفر وهو قول حسن أي فرقوا القول وأنشد:
وليس دين الله بالمعضى
أي المفرق
وكان الفراء يذهب إلى أنه مأخوذ من العضاة وهي شجر وكان الكسائي يذهب إلى أنه يجوز أن يكون مأخوذا منهما). [معاني القرآن: 4/44-42]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المقتسمين} قوما تحالفوا على عضه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي على الأخذ منه والأذى له). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 127]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الّذين جعلوا القرآن عضين...}
يقول: فرّقوه إذ جعلوه سحراً وكذباً وأساطير الأولين. والعضون في كلام العرب: السحر بعينه. ويقال: عضّوه أي فرّقوه كما تعضّى الشاة والجزور. وواحدة العضين عضة رفعها عضون ونصبها وخفضها عضين. ومن العرب من يجعلها بالياء على كل حال ويعرب نونها فيقول: عضينك، ومررت بعضينك وسنينك وهي كثيرة في أسد وتميم وعامر.
أنشدني بعض بني عامر:

ذراني من نجدٍ فإن سنينه = لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا
متى ننج حبواً من سنينٍ ملحّةٍ = نشمّر لأخرى تنزل الأعصم الفردا
وأنشد في بعض بني أسد:
* مثل المقالي ضربت قلينها *
من القلة وهي لعبة للصبيان، وبعضهم:
* إلى برين الصفر الملويات *
وواحد البرين برة. ومثل ذلك الثّبين وعزينٌ يجوز فيه ما جاز في العضين والسنين.
وإنما جاز ذلك في هذا المنقوص الذي كان على ثلاثة أحرف فنقصت لامه، فلمّا جمعوه بالنون توهّموا انه فعول إذا جاءت الواو وهي واو جماعٍ، فوقعت في موضع الناقص، فتوهّموا أنها الواو الأصلية وأن الحرف على فعول؛ ألا ترى أنهم لا يقولون ذلك في الصالحين والمسلمين وما أشبهه. وكذلك قولهم الثبات واللغات، وربما عرّبوا التاء منها بالنصب والخفض وهي تاء جماع ينبغي أن تكون خفضا في النصب والخفض، فيتوهّمون أنها هاء، وأن الألف قبلها من الفعل.
وأنشدني بعضهم:
إذا ما جلاها بالأيام تحيرت = ثباتاً عليها ذلّها واكتئابها
وقال أبو الجراح في كلامه: ما من قوم إلا وقد سمعنا لغاتهم – ... رجع أبو الجراح في كلامه عن قول لغاتهم - ولا يجوز ذلك في الصالحات والأخوات لأنها تامّة لم ينقص من واحدها شيء، وما كان من حرف نقص من أوّله مثل زنة ولدة ودية فإنه لا يقاس على هذا لأن نقصه من أوّله لا من لامه فما كان منه مؤنّثا أو مذكّرا فأجره على التامّ مثل الصالحين والصالحات تقول رأيت لداتك ولديك ولا تقل لدينك ولا لداتك إلا أن يغلط بها الشاعر فإنه ربما شبّه الشيء بالشيء إذا خرج عن لفظه، كما لم يجر بعضهم أبو سمّان والنون من أصله من السمن لشبهه بلفظ ريّان وشبهه). [معاني القرآن: 2/93-92]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {جعلوا القرآن عضين} أي عضوه أعضاء، أي فرّقوه فرقاً،
قال رؤبة:
وليس دين الله بالمعضّى). [مجاز القرآن: 1/355]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين جعلوا القرآن عضين}
وقال: {عضين} وهو من "الأعضاء" وواحده "العضة" مثل "العزين" واحده "العزة"). [معاني القرآن: 2/64]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : ([وزاد محمد بن صالح]
{كما أنزلنا على المقتسمين} فقال أبو ظبيان عن ابن عباس: ما المقتسمون؟ قال: اليهود والنصارى؛ {الذين جعلوا القرآن عضين} ما العضون؟ قال: آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وقال مجاهد {على المقتسمين} قال: أهل الكتب فرقوه وبددوه، و{جعلوا القرآن عضين} قال: أعضاء.
وقال ابن جريج وقال غير مجاهد: هم أهل الملل فرقوا القرآن فقالوا: هو شعر بل هو سحر بل هو أساطير الأولين). [معاني القرآن لقطرب: 799] (م)
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {جعلوا القرآن عضين} فقالوا: عضوه أعضاء، وفرقوه فرقًا، وقال رؤبة:
وليس دين الله بالمعصى = ...............
ويقال: جعلوه عضة عضة؛ أي أعضاء، وعضيته، زعم ذلك يونس؛ الواحد من ذلك: عضة؛ وقالوا: عضة قبيحة، وعضه قبيح من العضيهة: شتم؛ أي عضيهة؛ وقالوا أيضًا: عضة لواحد العضاه، وعضاهة؛ وقالوا أيضًا: أعضهت الإبل في العضاه؛ وإبل عواضة: تأكل العضاه؛
[معاني القرآن لقطرب: 798]
وكان ابن عباس يقول {جعلوا القرآن عضين} قال: جعلوه أعضاء كأعضاء الجزور؛ يقول: جزؤوا القرآن، فقالوا ساحر، وقالوا كذاب). [معاني القرآن لقطرب: 799]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {عضين}: فرقوه. عضوه أعضاء فآمنوا ببعض ولم يؤمنواببعض. والعضة الكذب وجمعه عضون وهو من العضيهة.
وقال بعض المفسرين جعلوه سحرا والعرب تقول للسحر العضة. وقال الشاعر: للماء من عضاتهن زمزمة). [غريب القرآن وتفسيره: 203-202]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الّذين جعلوا القرآن عضين} أي فرّقوه وعضّوه.
قال رؤبة: وليس دين اللّه بالمعضى
ويقال: فرّقوا القول فيه. فقالوا: شعر. وقالوا: سحر. وقالوا: كهانة. وقالوا: أساطير الأولين.
وقال عكرمة: العضه: السحر، بلسان قريش. يقولون للساحرة: عاضهة.
وفي [الحديث]: «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم العاضهة والمستعضهة» ). [تفسير غريب القرآن: 240-239]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {كما أنزلنا على المقتسمين * الّذين جعلوا القرآن عضين }
يروى أنّ المشركين قالوا أساطير الأولين، وقالوا سحر، وقالوا شاعر.
وقالوا كاهن. فقسّموه هذه الأقسام، وعضوه أعضاء.
ويروى أن أهل الكتاب هم المقتسمون، آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وقالوا نحوا مما روي عن المشركين). [معاني القرآن: 3/186] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {الذين جعلوا القرآن عضين} قال: عضوا فيه القول، أي: فرقوا فيه القول ؛ فقالت طائفة: هو سحر،
وقالت طائفة: هو شعر، وقالت طائفة: هو كهانة). [ياقوتة الصراط: 291]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عضين} أي فرقوا القول فيه، فقالوا: سحر، وقالوا: شعر، وقالوا: كهانة.
وقيل: معناه عضوه عضا، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض. (العضة) السحر بلغة قريش).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 127]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عِضِين}: فرّقوه وجعلوه أعضاء). [العمدة في غريب القرآن: 174]

تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)}

تفسير قوله تعالى: {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}


رد مع اقتباس