عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجلٌ مسمًّى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون (53) يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين (54) يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون (55)}.
يقول تعالى مخبرًا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب اللّه أن يقع بهم، وبأس اللّه أن يحلّ عليهم، كما قال تعالى: {وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} [الأنفال: 32]، وقال هاهنا: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجلٌ مسمًّى لجاءهم العذاب} أي: لولا ما حتّم اللّه من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريبًا سريعًا كما استعجلوه.
ثمّ قال: {وليأتينّهم بغتةً} أي: فجأةً، {وهم لا يشعرون}).[تفسير ابن كثير: 6/ 288-289]

تفسير قوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} أي: يستعجلون بالعذاب، وهو واقعٌ بهم لا محالة.
قال شعبة، عن سماك، عن عكرمة قال في قوله: {وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين}، قال: البحر.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين. حدّثنا عمر بن إسماعيل بن مجالدٍ، حدّثنا أبي عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ؛ أنّه سمع ابن عبّاسٍ يقول: {وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين}: وجهنّم هو هذا البحر الأخضر، تنتثر الكواكب فيه، وتكور فيه الشّمس والقمر، ثمّ يستوقد فيكون هو جهنّم.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو عاصمٍ، حدّثنا عبد اللّه بن أميّة، حدّثني محمّد بن حيي، حدّثنا صفوان بن يعلى، عن أبيه، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "البحر هو جهنّم". قالوا: ليعلى، فقال: ألا ترون أنّ اللّه يقول: {نارًا أحاط بهم سرادقها} [الكهف: 29]، قال: لا والّذي نفس يعلى بيده لا أدخلها أبدًا حتّى أعرض على اللّه، ولا يصيبني منها قطرةٌ حتّى أعرض على اللّه عزّ وجلّ.
هذا تفسيرٌ غريبٌ، وحديثٌ غريبٌ جدًّا، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 6/ 289]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم}، كقوله تعالى: {لهم من جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ} [الأعراف: 41]، وقال: {لهم من فوقهم ظللٌ من النّار ومن تحتهم ظللٌ} [الزّمر: 16]، وقال: {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم} [الأنبياء: 39]، فالنّار تغشاهم من سائر جهاتهم، وهذا أبلغ في العذاب الحسّيّ.
وقوله: {ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون}، تهديدٌ وتقريعٌ وتوبيخٌ، وهذا عذابٌ معنويٌّ على النّفوس، كقوله: {يوم يسحبون في النّار على وجوههم ذوقوا مسّ سقر. إنّا كلّ شيءٍ خلقناه بقدرٍ} [القمر: 48، 49]، وقال {يوم يدعّون إلى نار جهنّم دعًّا. هذه النّار الّتي كنتم بها تكذّبون. أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون. اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواءٌ عليكم إنّما تجزون ما كنتم تعملون} [الطور: 13-16] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 289]

تفسير قوله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعةٌ فإيّاي فاعبدون (56) كلّ نفسٍ ذائقة الموت ثمّ إلينا ترجعون (57) والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنبوّئنّهم من الجنّة غرفًا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين (58) الّذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون (59) وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم (60)}.
هذا أمرٌ من اللّه لعباده المؤمنين بالهجرة من البلد الّذي لا يقدرون فيه على إقامة الدّين، إلى أرض اللّه الواسعة، حيث يمكن إقامة الدّين، بأن يوحّدوا اللّه ويعبدوه كما أمرهم؛ ولهذا قال: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعةٌ فإيّاي فاعبدون}.
قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن عبد ربّه، حدّثنا بقيّة بن الوليد، حدّثني جبير بن عمرٍو القرشيّ، حدّثني أبو سعدٍ الأنصاريّ، عن أبي يحيى مولى الزّبير بن العوّام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "البلاد بلاد اللّه، والعباد عباد اللّه، فحيثما أصبت خيرًا فأقم".
ولهذا لـمّا ضاق على المستضعفين بمكّة مقامهم بها، خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة، ليأمنوا، على دينهم هناك، فوجدوا هناك خير المنزلين، أصحمة النّجاشيّ ملك الحبشة، رحمه اللّه، آواهم وأيّدهم بنصره، وجعلهم شيوما ببلاده. ثمّ بعد ذلك هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه الباقون إلى المدينة النبوية يثرب المطهرة). [تفسير ابن كثير: 6/ 290]

تفسير قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {كلّ نفسٍ ذائقة الموت ثمّ إلينا ترجعون} أي: أينما كنتم يدرككم الموت، فكونوا في طاعة اللّه وحيث أمركم اللّه، فهو خيرٌ لكم، فإنّ الموت لا بدّ منه، ولا محيد عنه، ثمّ إلى اللّه المرجع [والمآب]، فمن كان مطيعًا له جازاه أفضل الجزاء، ووافاه أتمّ الثّواب؛ ولهذا قال: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنبوّئنّهم من الجنّة غرفًا تجري من تحتها الأنهار} أي: لنسكننّهم منازل عاليةً في الجنّة تجري من تحتها الأنهار، على اختلاف أصنافها، من ماءٍ وخمرٍ، وعسل ولبن، يصرفونها ويجرونها حيث شاؤوا، {خالدين فيها} أي: ماكثين فيها أبدًا لا يبغون عنها حولًا {نعم أجر العاملين}: نعمت هذه الغرف أجرًا على أعمال المؤمنين). [تفسير ابن كثير: 6/ 291-292]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({الّذين صبروا} أي: على دينهم، وهاجروا إلى اللّه، ونابذوا الأعداء، وفارقوا الأهل والأقرباء، ابتغاء وجه اللّه، ورجاء ما عنده وتصديق موعوده.
قال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: حدّثني أبي، حدّثنا صفوان المؤذن، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، حدّثنا معاوية بن سلّامٍ، عن أخيه زيد بن سلّامٍ، عن جدّه أبي سلّامٍ الأسود، حدّثني أبو معاتق الأشعريّ، أنّ أبا مالكٍ الأشعريّ حدّثه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حدّثه: أنّ في الجنّة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها اللّه لمن أطعم الطّعام، وأطاب الكلام، وأباح الصّيام، وأقام الصّلاة والنّاس نيامٌ.
[وقوله]: {وعلى ربّهم يتوكّلون}، في أحوالهم كلّها، في دينهم ودنياهم). [تفسير ابن كثير: 6/ 292]

رد مع اقتباس