عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى أن قارون خرج على قومه وقد أظهر قدرته من الملابس والمراكب وزينة الدنيا، قال جابر ومجاهد: خرج في ثياب حمر، وقال ابن زيد: خرج هو وحشمه في ثياب معصفرة، وقيل: في ثياب الأرجوان، وقيل غير هذا، وأكثر المفسرون في تحديد زينة قارون وتعيينها -مما لا صحة له- فاختصرته. وباقي الآية في اغترار الجهلة والأغمار من الناس بين). [المحرر الوجيز: 6/ 615]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون}
أخبر تعالى عن الذين أوتوا العلم والمعرفة بالله تعالى وبحق طاعته والإيمان به أنهم زجروا الأغمار الذين تمنوا حال قارون، وحملوهم على الطريقة المثلى من أن النظر والتمني إنما يكون في أمور الآخرة، وأن حالة المؤمن العامل الذي ينتظر ثواب الله خير من حال كل ذي دنيا.
ثم أخبر تعالى عن هذه النزعة وهذه القوة في الخير في الدين أنه لا يلقاها، أي: لا يمكن منها ويخولها إلا الصابر على طاعة الله عز وجل، وعن شهوات نفسه، وهذا هو جماع الخير كله. والضمير في "يلقاها" عائد على ما لم يتقدم له ذكر من حيث الكلام دال عليه، فذلك يجري مجرى: توارت بالحجاب، وكل من عليها فان. وقال الطبري: الضمير عائد على الكلمة، وهي قوله: {ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا}، أي: لا يلقى هذه الكلمة إلا الصابرون، وعنهم تصدر). [المحرر الوجيز: 6/ 615-616]

تفسير قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وروي في الخسف بقارون وداره أن موسى عليه السلام لما أمضه فعل قارون به، وتعديه عليه، ورميه بأمر المرأة، وغير ذلك من فعله، استجار الله تعالى وبكى وطلب النصرة، فأوحى الله تعالى إليه: لا تهتم فإني أمرت الأرض أن تطيعك في قارون وأهله وخاصته وأتباعه، فقال موسى عليه السلام للأرض: خذيهم، فأخذت منهم إلى الركب، فاستغاثوا بموسى، يا موسى، فقال: خذيهم، فأخذتهم شيئا فشيئا، وهم يستغيثون به كل مرة، وهو يلج إلى أن تم الخسف بهم، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى، استغاثوا بك فلم ترحمهم، لو بي استغاثوا وإلي تابوا لرحمتهم وكشفت ما بهم. وقال قتادة، ومالك بن دينار: روي لنا أنه يخسف به كل يوم قامة فهو يتجلجل إلى يوم القيامة.
و "الفئة": الجماعة الناصرة التي يفيء إليها الإنسان الطالب للنصرة.
وقصة قارون هي بعد جوازهم اليم; لأن الرواة ذكروا أنه كان ممن حفظ التوراة، وكان يقرؤها). [المحرر الوجيز: 6/ 616]

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن حال الذين تمنوا مكانه بالأمس، وندمهم واستشعارهم أن الحول والقوة لله تعالى. وقوله: {ويكأن} مذهب سيبويه والخليل أن "وي" حرف تنبيه، وهي منفصلة عن "كأن"، لكن أضيفت في الكتاب لكثرة الاستعمال، [والمعنى أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم، أو نبهوا فقيل لهم: أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا]، فقالوا على جهة التعجب والتندم: فإن الله يبسط الرزق.
وقال أبو حاتم وجماعة من النحويين: "ويك" هي ويلك، حذفت لامه وجرت في الكلام كذلك، ومنه قول عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبر سقمها قيل الفوارس: ويك عنتر أقدم
فكأن المعنى: ويلك، اعلم أن الله، ونحو هذا من الإضمار للفعل.
وقالت فرقة من النحويين: "ويكأن" بجملتها دون تقدير انفصال كلمة بمنزلة قولك: ألم تر أن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويقوى الانفصال فيها على ما قاله سيبويه؛ لأنها تجيء مع "أن" ومع "أن"، وأنشد سيبويه:
وي كأن من يكن له نشب يحـ ... ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وهذا البيت لزيد بن عمرو بن نفيل.
وقرأ الأعمش: "لولا من الله" بحذف "أن"، وروي عنه: "لولا من" برفع النون، وبالإضافة إلى "الله". وقرأ الجمهور: "لخسف" بضم الخاء وكسر السين، وقرأ عاصم بفتح الخاء والسين، وقرأ الأعمش، وطلحة بن مصرف: "لانخسف" كأنه فعل مضارع أريد به أن الأرض كانت منفعلة، وروي عن الكسائي أنه كان يقف على "وي"، ويبتدئ "كأن"، وروي عنه الوصل كالجماعة، وروي عن أبي عمرو أنه كان يقف على "ويك"، ويبتدئ "إن الله"، وعلى هذا المعنى قال الحسن: إن شئت: "ويك أن" أو "ويك إن" بفتح الهمزة وبكسرها، فكذلك في "ويكأنه"). [المحرر الوجيز: 6/ 616-618]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين}
هذا إخبار مستأنف من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يراد به إخبار جميع العالم وحضهم على السعي بحسب ما تضمنته الآية، وهذا الحض يتضمن الإنحاء على حال قارون ونظرائه، والمعنى أن الآخرة ليست في شيء من أمر قارون، إنما هي لمن صفته كذا وكذا، و"العلو" المذموم، وهو الظلم والتجبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وذلك أن تريد أن يكون شراك نعلك أفضل من شراك نعل أخيك، و"الفساد" يعم الوجوه من الشر، ومما قال العلماء: هو أخذ المال بغير حق، وقوله: {والعاقبة للمتقين} خبر منفصل). [المحرر الوجيز: 6/ 618-619]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله خير منها} معناه: إما في الدنيا وإما في الآخرة ولا بد، ففي وصف أمر جزاء الآخرة أنه من عمل صالحا فله خير من القدر الذي يقتضي النظر أنه مواز لذلك الفعل، هذا على أن نجعل الحسنة في التفضيل، وفي القول حذف مضاف، أي: من ثوابها الموازي لها، ويحتمل أن تكون "من" لابتداء الغاية، أي: له خير بحسب حسنته ومن أجلها، وأخبر تبارك وتعالى أن السيئة لا يضاعف جزاؤها فضلا منه ورحمة).[المحرر الوجيز: 6/ 619]

رد مع اقتباس