عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 11:38 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}


تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد...}
(تغيض) يقول: فما تنقص من التسعة الأشهر التي هي وقت الحمل (وما تزداد) أي تزيد على التسعة أولا ترى أن العرب تقول: غاضت المياه أي نقصت.
وفي الحديث: إذا كان الشتاء قيظاً، والولد غيظاً، وغاضت الكرام غيضاً وفاضت اللئام فيضاً. فقد تبيّن النقصان في الغيض). [معاني القرآن: 2/59]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وما تغيض الأرحام) أي ما تخرج من الأولاد ومما كان فيها.
{وما تزداد} أي ما تحدث وتحدث.
{وكلّ شئٍ عنده بمقدارٍ} أي مقدر وهو مفعال من القدر). [مجاز القرآن: 1/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تغيض الأرحام}: تنقص وقال المفسرون يزيد في الولد بقدر ما غاضت من الدم وينتقص إذا رأته). [غريب القرآن وتفسيره: 190]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما تغيض الأرحام} أي ما تنقص في الحمل عن تسعة أشهر من السقط وغيره.
{وما تزداد} على التسعة. يقال: غاض الماء فهو يغيض إذا نقص، وغضته). [تفسير غريب القرآن: 225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيء عنده بمقدار}
{وما تغيض الأرحام وما تزداد}.
معنى غاض في اللغة نقص.
وفي التفسير ما نقص الحمل من تسعة أشهر وما زاد عنها على التسعة.
وقيل ما نقص عن أن يتمّ حتى يموت، وما زاد حتى يتم الحمل). [معاني القرآن: 3/140]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وما تغيض الأرحام وما تزداد}
قال الحسن والضحاك هو نقصان الولد عن تسعة أشهر وزيادته عليها
وقال قتادة تغيض السقط وتزداد على التسعة أشهر
وقال مجاهد الغيض النقصان فإذا اهراقت المرأة الدم وهي حامل انتقص الولد وإذا لم تهرق الدم عظم الولد وتم
وقال سعيد بن جبير إذا حملت المرأة ثم حاضت نقص ولدها ثم تزداد به الحمل مقدار ما جاءها الدم به
وقال عكرمة الغيض أن ينقص الولد بمجيء الدم والزيادة أن يزيد مقدار ما جاءها الدم فيه حتى تستكمل تسعة أشهر
سوى الأيام التي جاءها الدم فيها). [معاني القرآن: 3/475-476]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تغيض الأرحام} أي: تنقص من دم الحيض. {وما تزداد} أي: من دم الحيض). [ياقوتة الصراط: 280]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وما تغيض الأرحام} أي ما تنقص في الحمل عن تسعة أشهر {وما تزداد} أي على التسعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَغِيضُ}: تنقص). [العمدة في غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}

تفسير قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سواء مّنكم مّن أسرّ القول ومن جهر به...}.
(من) و(من) في موضع
رفع، الذي رفعهما جميعاً سواء، ومعناهما: أن من أسرّ القول أو جهر به فهو يعلمه، وكذلك قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} أي ظاهر بالنهار.
يقول: هو يعلم الظاهر والسرّ وكلٌّ عنده سواء). [معاني القرآن: 2/59-60]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وساربٌ بالنّهار} مجازه: سالك في سربه، أي مذاهبه ووجوهه، ومنه قولهم: أصبح فلان آمناً في سربه، أي في مذاهبه وأينما توجه، ومنه: انسرب فلان.
{له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} مجازه: ملائكة تعقّب بعد ملائكة، وحفظة تعقّب بالليل حفظة النهار تعقّب حفظة الليل، ومنه قولهم: فلان عقّبني، وقولهم: عقّبت في أثره). [مجاز القرآن: 1/323-324]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {سواء مّنكم مّن أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار}
وقال: {مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} فقوله: {مستخفٍ} يقول: ظاهرٌ. و"السارب": المتواري. وقد قرئت (أخفيها) أي: أظهرها لأنك تقول "خفيت السّرّ" أي: أظهرته
وأنشد:
إن تكتموا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
والضم أجود. وزعموا أنّ تفسير (أكاد): أريد وأنّها لغةٌ لأن "أريد" قد تجعل مكان "أكاد" مثل (جداراً يريد أن ينقض) أي: "يكاد أن ينقضّ" فكذلك "أكاد" إنّما هي: أريد.
وقال الشاعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادةٍ = لو عاد من لهو الصبّابة ما مضى
وأمّا "المعقّبات" فإنما أنثت لكثرة ذلك منها نحو "النّسّابة" و"العلاّمة" ثم ذكر لأن المعنى مذكر فقال (يحفظونه من أمر الله) ). [معاني القرآن: 2/55-56]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {وسارب بالنهار} فإنه يقال: سرب الرجل سربا؛ خرج فذهب؛ والسرب بالكسر: القطيع من الظباء والخيل والنساء؛ يقال: خل سرب الرجل بالفتح أي خل طريقه، من سرب سربًا؛ ويقال: سربت الإبل سروبًا بالعشي إلى المرعى، وربما باتت
[معاني القرآن لقطرب: 764]
على الماء إن كان الكلأ قريبًا وكانت سمانًا، فتسرح غدوة إلى المرعى؛ والسروح بالغداة، والسروب بالعشي.
وقال الله عز وجل {وحين تسرحون} الرواح بالعشي، والسروح بالغداة، والسروب بالعشي.
[وروى محمد بن صالح]:
{وسارب بالنهار} ظاهر قد سرب سروبًا، وهو يسرب سروبًا إذا ظهر.
وقال قيس بن الحطيم:
أني سريت وكنت غير سروب = وتقرب الأحلام غير قريب
يقول كيف تخطيت إلينا ولم تكوني تظهرين.
وقال ابن عباس {مستخف بالليل} في بيته بعمله {وسارب بالنهار} ظاهر عمله كله بالنهار.
[معاني القرآن لقطرب: 765]
وحكى لنا الثقة قال {مستخف بالليل} أي ظاهر بالليل؛ يصير من خيفته أي أظهرته، {وسارب بالنهار} أي متوار كأنه يصير؛ من قول ابن عباس {فاتخذ سبيله في البحر سربا} كهيئة السرب طريقًا؛ والعرب تقول: خفيت الشيء أظهرته، وأخفيته أيضًا أظهرته.
وقرئت هذه الآية على وجهين: {أكاد أخفيها} و"أخفيها"؛ وقال امرئ القيس:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أي لا نظهر.
وقال أيضًا:
خفاهن من أنفاقهن كأنما = خفاهن ودق من عشي مجلب
أي أظهرهن من جحرتهن.
ومثله قول عبدة بن الطبيب:
يخفي التراب بأظلاف ثمانية = في أربع مسهن الأرض تحليل
[معاني القرآن لقطرب: 766]
يريد: يثير التراب ويخرجه؛ وسنذكر كل ما في هذا في سورة طه إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 767]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مستخف بالليل}: راكب رأسه في معاصيه.
{وسارب بالنهار}: سالك في سربه، أي في مذاهبه
ووجوهه. يقال أصبحت فانسرت). [غريب القرآن وتفسيره: 190-191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وساربٌ بالنّهار} أي متصرّف في حوائجه. يقال: سرب يسرب.
وقال الشاعر:
أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب أي ذاهب). [تفسير غريب القرآن: 225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف باللّيل وسارب بالنّهار}
موضع " من " رفع بسواء، وكذلك (من) الثانية يرتفعان جميعا بسواء، لأن سواء يطلب اثنين، تقول: سواء زيد وعمرو، في معنى ذوا سواء زيد وعمرو.
لأن سواء مصدر فلا يجوز أن يرتفع ما بعده إلّا على الحذف، تقول: عدل زيد وعمرو، والمعنى ذوا عدل زيد وعمرو لأن المصادر ليست بأسماء الفاعلين، وإنما ترفع الأسماء أوصافها، فإذا رفعتها المصادر فهي على الحذف كما قالت الخنساء:
ترتع ما غفلت حتى إذا ادّكرت= فإنما هي إقبال وإدبار
المعنى فإنما هي ذات إقبال وذات إدبار، وكذلك زيد إقبال وإدبار.
وهذا مما كثر استعماله أعني سواء، فجرى مجرى أسماء الفاعلين، ويجوز أن يرتفع على أن يكون في موضع مستو، إلا أن سيبويه يستقبح ذلك، لا يجيز مستو زيد وعمرو، لأن أسماء الفاعلين عنده إذا كانت نكرة لا يبتدأ بها لضعفها عن الفعل فلا يبتدأ بها، ويجريها مجرى الفعل.
ومعنى الآية إعلامهم أنّ اللّه عزّ وجلّ يعلم ما غاب عنهم وما شهد.
فقال عزّ وجلّ: {ومن هو مستخف باللّيل} أي من هو مستتر بالليل، والليل أستر من النهار ومن هو سارب بالنّهار.
أي من هو ظاهر بالنّهار في سربه، يقال: خلّ له سربه أي طريقه،
فالمعنى الظاهر في الطرقات، والمستخفي في الظلمات، والجاهر بنطقه والمضمر في نفسه علم الله فيهم جميعا سواء وذكر قطرب وجها آخر، ذكر أنه يجوز أن يكون " مستخف بالليل " ظاهرا بالليل، وهذا في اللغة جائز، ويكون مع هذا " وسارب بالنهار " أي مستتر، يقال: انسرب الوحشيّ إذا دخل في كناسه.
والأول بين، وهو أبلغ في وصف علم الغيب). [معاني القرآن: 3/141-142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار}
قال ابن عباس السارب الظاهر
قال قتادة السارب الظاهر الذاهب
وقال مجاهد ومن هو مستخف بالليل أي مستتر بالمعاصي وسارب بالنهار ظاهر
وقال بعض أهل اللغة ومن هو مستخف بالليل أي ظاهر من خفيته إذا أظهرته وسارب بالنهار أي مستتر من قولهم انسرب الوحش إذا دخل كناسه
قال أبو جعفر القول الأول أولى لجلالة من قال به وأشبه بالمعنى لأن المعنى والله أعلم سواء منكم من أسر منطقه أو
أعلنه واستتر بالليل أو ظهر بالنهار وكل ذلك في علم الله سواء
وهو في اللغة أشهر وأكثر
قال الكسائي يقال سرب يسرب سربا وسروبا إذا ذهب
وحكى الأصمعي خل له سربه أي طريقه). [معاني القرآن: 3/476-477]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وسارب بالنهار} أي متصرف في حوائجه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُسْتَخْفٍ}: مستتر في دينه
{وسَارِبٌ}: ظاهر في عمله). [العمدة في غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {له معقّباتٌ مّن بين يديه...}.
المعقّبات: الملائكة، ملائكة الليل تعقّب ملائكة النهار يحفظونه. والمعقّبات: ذكران إلاّ أنه جميع جمع ملائكة معقّبة، ثم جمعت معقّبة، كما قال: أبناوات سعدٍ، ورجالات جمع رجال.
ثم قال عزّ وجلّ: {يحفظونه من أمر اللّه} فرجع إلى التذكير الذي أخبرتك وهو المعنى. ويكون (ويحفظونه) ذلك الحفظ من أمر الله وبأمره وبإذنه عز وجلّ؛ كما تقول للرجل: أجيئك من دعائك إيّاي وبدعائك إيّاي والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 2/60]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يحفظونه من أمر الله} أي بأمر الله يحفظونه من أمره.
{وإذا أراد الله بقوم سوءًا} مضموم الأول، ومجازه: هلكة وكل جذام وبرص وعمىً، وكل بلاء عظيم فهو سوء مضموم الأول، وإذا فتحت أوله فهو مصدر سؤت القوم، ومنه قولهم: رجل سوءٍ قال الزّبرقان بن بدر:
قد علمت قيسٌ وخندف إنّني= وقيت إذا ما فارس السّوء أحجما).
[مجاز القرآن: 1/324]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} فقالوا: لم يعقب فلان؛ أي لم يرجع؛ وكقوله {ولم يعقب يا موسى} والمعقب الذي يطلب حقه وإن تأخر؛ فكأن المعنى واحد؛ أي يرجع إليه.
وقال لبيد:
حتى تهجر للرواح وهاجها = طلب المعقب حقه المظلوم
[وروى محمد بن صالح]
"طلب المعقب" بالرفع.
[معاني القرآن لقطرب: 767]
وقال سلامة بن جندل:
وكرنا الخيل في آثارها رجعا = كسن السنابك من بدء وتعقيب
وسمعنا العرب تقول: في تعقيب؛ أي غزو ثان عقبوا به.
وقال طرفة:
ولقد كنت عليكم عاتبا = فعقبتم بذنوب غير مر
أي عدتم ورجعتم.
وقوله {فعاقبتم} يقال: عاقب الرجل شيئًا؛ إذا أخذه.
وقوله عز وجل {يحفظونه من أمر الله} المعنى فيه: يحفظونه؛ عن أمر الله؛ لأنه لا يحفظ من أمر الله أحد؛ وهذا كقول العرب: أطعمه من جوع وعن جوع؛ وكساه من عري وعن عري؛ وآمنه من خوف وعن خوف؛ وساق إليها، وساق عنها؛ وقد فسرنا دخول هذه الحروف بعضها على بعض في آل عمران.
وكان ابن عباس يقول {يحفظونه من آمر الله} قال: حفظهم إياه من أمر الله؛ كأنه يقال: من أمر الله لهم بذلك). [معاني القرآن لقطرب: 768]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {له معقبات من بين يديه ومن خلفه}: ملائكة بعد ملائكة يعقب الأولى الأخرى. حفظه الليل تعقب حفظه النهار وحفظه النهار تعقب حفظة الليل، ومن ذلك العقيب). [غريب القرآن وتفسيره: 191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {له معقّباتٌ من بين يديه} يعني: ملائكة يعقب بعضها بعضا في الليل والنهار، إذا مضى فريق خلف بعده فريق.
{يحفظونه من أمر اللّه} أي بأمر اللّه.
{وما لهم من دونه من والٍ} أي وليّ. مثل: قادر وقدير. وحافظ وحفيظ). [تفسير غريب القرآن: 225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («من» مكان «الباء»
قال الله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي بأمر الله). [تأويل مشكل القرآن: 574]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {له معقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه إنّ اللّه لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد اللّه بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال}
أي للإنسان ملائكة يعتقبون، يأتي بعضهم بعقب بعض {يحفظونه من أمر اللّه}.
المعنى حفظهم إياه من أمر الله، أي مما أمرهم الله تعالى به، لا أنهم يقدرون أن يدفعوا أمر اللّه، كما تقول: يحفظونه عن أمر اللّه.
وقوله عزّ وجلّ: {وما لهم من دونه من وال} أي لا يلي أمرهم أحد من دون الله). [معاني القرآن: 3/142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}
في الآية ثلاثة أقوال
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال ملائكة يحفظونه فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن
عباس له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله قال بإذن الله وهي من أمر الله وهي ملائكة
قال الحسن عن أمر الله
قال مجاهد وقتادة وهذا لفظ قتادة وهي ملائكة تتعاقب بالليل والنهار عن أمر الله أي بأمر الله
فهذا قول
والقول الثاني أنه روي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} قال هم السلاطين الذين لهم قوم من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم من أمر الله فإذا جاء أمر الله لم ينفعوا شيئا
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو السلطان المتحرس من الله وذلك أهل الشرك
وروى شعبة عن شرقي عن عكرمة قال هم الأمراء
فهذان قولان والقول الثالث أن ابن جريج قال هو مثل قوله: {عن اليمين وعن الشمال قعيد} فالذي عن اليمين يكتب الحسنات والذي عن الشمال يكتب السيئات
و يحفظونه أي يحفظون عليه كلامه وفعله
وأولى هذه الأقوال الأول لعلو إسناده وصحته
ويقويه أن مالك بن أنس روى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لله ملائكة يتعاقبون فيكم بالليل والنهار وذكر الحديث
وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {إن قرآن الفجر كان مشهودا} قال تدور كالحرس ملائكة الليل وملائكة النهار
وروى ابن عيينة عن عمرو عن ابن عباس انه قرأ معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه
فهذا قد بين المعنى
وقال الحسن في المعنى يحفظونه عن أمر الله وهذا قريب من الأول أي حفظهم إياه من عند الله لا من عند أنفسهم
وروى عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء في قوله: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} قال النبي صلى الله عليه وسلم
وهذا يريد الملائكة أيضا
وعن بعضهم أنه قرأ معاقيب من بين يديه ومن خلفه ومعاقيب جمع معقب وتفسيره كتفسير الأول). [معاني القرآن: 3/477-480]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما لهم من دونه من وال} أي ليس أحد يتولاهم من دون الله
و«وال» وولي واحد كما يقال قدير وقادر وحفيظ وحافظ). [معاني القرآن: 3/480-481]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يحفظونه من أمر الله} قال أبو عبد الله: يحفظهم له من أمر الله، كأنه أمرهم بأن يحفظوا العبد). [ياقوتة الصراط: 280]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {له معقبات من بين يديه} يعني ملائكة تعقب عليه بالليل والنهار، يخلف فريق فريقا. {يحفظونه من أمر الله} أي بأمر الله.
{من وال} أي من ولي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُعَقِّبَاتٌ}: ملائكة). [العمدة في غريب القرآن: 165]


رد مع اقتباس