عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 10:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 151 إلى آخر السورة]

{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم ألاّ تشركوا به شيئاً...}
إن شئت جعلت (لا تشركوا) نهيا أدخلت عليه (أن). وإن شئت جعلته خبرا و(تشركوا) في موضع نصب؛ كقولك: أمرتك ألاّ تذهب (نصب) إلى زيد، وأن لا تذهب (جزم)، وإن شئت جعلت ما نسقته على (ألاّ تشركوا به) بعضه جزما ونصبا بعضه؛ كما قال: {قل إنّي أمرت أن أكون أوّل من أسلم ولا تكوننّ}، فنصب أوله ونهى عن آخره؛ كما قال الشاعر:
حجّ وأوصى بسليمي الأعبدا = ألاّ ترى ولا تكلم أحدا
ولا تمشّ بفضاء بعدا = ....

فنوى الخبر في أوّله ونهى في آخره.
قال: والجزم في هذه الآية أحبّ إليّ لقوله: {وأوفوا الكيل}. فجعلت أوّله نهيا لقوله: {وأوفوا الكيل}). [معاني القرآن:1/365]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ} من ذهاب ما في أيديكم؛ يقال: أملق فلان، أي ذهب ماله، واحتاج، وأقفر مثلها). [مجاز القرآن:1/208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({إملاق}: فقر يقال أملق فلان إذا افتقر). [غريب القرآن وتفسيره:143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (الإملاق) الفقر. يقال: أملق الرجل فهو مملق: إذا افتقر). [تفسير غريب القرآن:163]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم ألّا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإيّاهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ذلكم وصّاكم به لعلّكم تعقلون}
{قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم}
فـ "ما" في موضع نصب إن شئت بـ (أتل).
والمعنى تعالوا أتل الذي حرّم ربكم عليكم، وجائز أن تكون " ما " منصوبة بـ {حرّم} لأن التلاوة بمنزلة القول.
كأنه قال: أقول أي شيء حرّم ربكم عليكم، أهذا أم هذا، فجائز أن يكون الذي تلاه عليهم قوله: {إلّا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا}.
ويكون {ألّا تشركوا} منصوبة بمعنى طرح اللام أي: أبين لكم الحرام لئلا تشركوا به شيئا، لأنهم إذا حرّموا ما أحل اللّه فقد جعلوا غير اللّه - في القبول منه - بمنزلة الله جلّ وعزّ فصاروا بذلك مشركين.
ويجوز أن يكون {ألّا تشركوا} محمولا على المعنى، فيكون: " أتل عليكم ألّا تشركوا به شيئا "
فالمعنى أتل عليكم تحريم الشرك به.
وجائز أن يكون على معنى أوصيكم {ألّا تشركوا به شيئا} لأن قوله: {وبالوالدين إحسانا} محمول على معنى أوصيكم بالوالدين إحسانا.
وقوله: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق} أي لا تقتلوا أولادكم من فقر، أي من خوف فقر.
{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} بدل من الفواحش في موضع نصب، المعنى: لا تقربوا ما ظهر من الفواحش وما بطن، جاء في التفسير أنّ ما بطن منها الزنا، وما ظهر اتخاذ الأخدان والأصدقاء على جهة الريبة.
وظاهر الكلام أن الذي جرى من الشرك باللّه عزّ وجلّ وقتل الأولاد وجميع ما حرّموه مما أحل اللّه عزّ وجلّ فواحش، فقال: ولا تقربوا هذه الفواحش مظهرين ولا مبطنين، واللّه أعلم.
وقوله: {ذلكم وصّاكم به} يدل على أن معنى {ألّا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا}). [معاني القرآن: 2/303-304]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} قيل الذي تلاه عليهم {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} إلى آخر الآية، ويكون معنى أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا كذا هذا أن تقولوا.
وبعض النحويين يقول المعنى لئلا تقولوا ولا يجوز عند البصريين حذف "لا" وقيل المعنى: وصاكم أن لا تشركوا، وقيل المعنى {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} أنه بين ما حرم فقال {ألا تشركوا به شيئا}). [معاني القرآن:
2/515-516]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وبالوالدين إحسانا}

أي: وأحسنوا بالوالدين إحسانا، قال ابن عباس: الآيات المحكمات {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} إلى آخر ثلاث آيات). [معاني القرآن: 2/516]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق}
قال قتادة: "الإملاق" الفاقة. وقال الضحاك: كان أحدهم إذا ولدت له ابنة دفنها حية مخافة الفقر). [معاني القرآن: 2/516-517]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}
قال قتادة: يعني سرها وعلانيتها. قال: وكانوا يسرون الزنا بالحرة ويظهرونه بالأمة.
قال مجاهد: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن التجارة فيه، ولا تشتر منه شيئا ولا تستقرض). [معاني القرآن: 2/517]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({من إملاق} أي: من فقر). [ياقوتة الصراط: 226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: (و(الإملاق) الفقر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إمْلاَقٍ}: فقر). [العمدة في غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)}:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولا تقربوا مال اليتيم إلّا بالّتي هي أحسن حتّى يبلغ أشدّه وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلّف نفسا إلّا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد اللّه أوفوا ذلكم وصّاكم به لعلّكم تذكّرون}
قال بعضهم: التي هي أحسن ركوب دابته واستخدام خادمه، وليس في الظاهر أن هذا هو المراد، وإنما التي هي أحسن حفظ ماله عليه، وتثميره بما وجد إليه السبيل.
قوله: {حتّى يبلغ أشدّه}
"حتّى" محمولة على المعنى، المعنى: احفظوه عليه حتّى يبلغ أشدّه؛ أي فإذا بلغ أشده فادفعوه إليه. وبلوغ أشده أن يؤنس منه الرّشد مع أن يكون بالغا.
وقال بعضهم: {حتّى يبلغ أشدّه} حتى يبلغ ثماني عشرة سنة، ولست أعرف ما وجه ذلك بأن يبلغ قبل الثماني عشرة وقد أنس منه رشدا فدفع ماله إليه واجب.
وقوله جلّ وعزّ: {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى}
أي إذا شهدتم أو حكمتم فاعدلوا، ولو كان المشهود عليه أو له ذا قربى). [معاني القرآن: 2/304-305]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ(ت:207هـ): (وقوله: {وأنّ هذا صراطي مستقيماً...}
تكسر إنّ إذا نويت الاستئناف، وتفتحها من وقوع (أتل) عليها.
وإن شئت جعلتها خفصا، تريد {ذالكم وصّاكم به} و{وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه}.
وقوله: {ولا تتّبعوا السّبل} يعني اليهودية والنصرانية. يقول: لا تتبعوها فتضلوا). [معاني القرآن: 1/365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل} يريد السبل التي تعدل عنه يمينا وشمالا. والعرب يقول: الزم الطريق ودع البنيات). [تفسير غريب القرآن: 163]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأنَّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه}
وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب (وأن هذا صراطي مستقيما) بتخفيف "أن"، وتقرأ "إن" بكسر الهمزة.
- فمن قرأ "وأن" هذا فهو عنده بمعنى: واتل عليهم أن هذا.. ويجوز أن يكون المعنى: ووصاكم بـأن هذا..
- ومن قرأ بتخفيف "أن" فيجوز أن يكون معناه على هذا ويجوز أن تكون أن زائدة للتوكيد كما قال جل وعز: {فلما أن جاء البشير}
ومن قرأ وأن هذا قطعه مما قبله. وروي عن عبد الله بن مسعود رحمه الله أنه خطّ خطا في الأرض فقال: هكذا الصراط المستقيم والسبل حواليه مع كل سبيل شيطان.
قال مجاهد: السبل البدع والشبهات). [معاني القرآن: 2/517-519]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ آتينا موسى الكتاب تماماً على الّذي أحسن...}
تماما على المحسن. ويكون المحسن في مذهب جمع؛ كما قال: {إنّ الإنسان لفي خسرٍ}.
وفي قراءة عبد الله (تماماً على الذين أحسنوا) تصديقا لذلك. وإن شئت جعلت (الذي) على معنى (ما) تريد: تماما على ما أحسن موسى، فيكون المعنى: تماما على إحسانه. ويكون (أحسن) مرفوعا؛ تريد على الذي هو أحسن، وتنصب (أحسن) ها هنا تنوي بها الخفض؛ لأن العرب تقول: مررت بالذي هو خير منك، وشر منك، ولا يقولون: مررت بالذي قائم؛ لأن (خيرا منك) كالمعرفة؛ إذ لم تدخل فيه الألف واللام. وكذلك يقولون: مررت بالذي أخيك، وبالذي مثلك، إذا جعلوا صلة الذي معرفة أو نكرة لا تدخلها الألف واللام جعلوها تابعة للذي؛ أنشدني الكسائيّ:
إن الزّبيريّ الذي مثل الحلم = مشّى بأسلابك في أهل العلم).

[معاني القرآن: 1/366]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثمّ آتينا موسى الكتاب تماماً على الّذي أحسن} مفسر في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 163]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ}.
أراد: آتينا موسى الكتاب تماما على المحسنين، كما تقول: أوصي بمالي للذي غزا وحج، تريد الغازين الحاجّين، ويكون (الذي) في موضع (من) كأنه قال: تماما على من أحسن.
والمحسنون: هم الأنبياء، صلوات الله عليهم أجمعين، والمؤمنون. و(على) في هذا الموضع بمعنى (لام الجر) كما يقال: أتمّ الله عليه وأتمّ له قال الرّاعي:

رعته أشهرا وخلا عليها فطار النّيّ فيها واستغارا
أراد: وخلا لها.
وتلخيصه: آتينا موسى الكتاب تتميما منّا للأنبياء وللمؤمنين- الكتب، وتفصيلًا منّا لكلّ شيء وهدىً ورحمةً.
وقد يكون أن تجعل (الذي) بمعنى (ما) أي آتينا موسى الكتاب تماما على أحسن من العلم والحكمة وكتب الله المتقدمة.
وأراد بقوله: تماماً على ذلك، أي زيادة على ذلك.
والتأويل الأول أعجب إليّ، لأنه في مصحف عبد الله: تماما على الذين أحسنوا. وفي هذا ما دل على ذلك التأويل.
وقد ينصرف أيضا إلى معنى آخر، كأنه قال: آتيناه الكتاب إتماما منّا للإحسان على من أحسن). [تأويل مشكل القرآن: 397-398]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {ثمّ آتينا موسى الكتاب تماما على الّذي أحسن وتفصيلا لكلّ شيء وهدى ورحمة لعلّهم بلقاء ربّهم يؤمنون}
الأكثر في القراءة بفتح النون، ويجوز (أحسن) على إضمار على الذي هو أحسن. فأما الفتح فعلى أن (أحسن) فعل ماض مبني على الفتح.
وأجاز الكوفيون أن يكون في موضع جر، وأن يكون صفة الذي، وهذا عند البصريين خطأ فاحش، زعم البصريون أنهم لا يعرفون " الّذي " إلا موصولة، ولا توصف إلا بعد تمام صلتها، وقد أجمع الكوفيون معهم على أن الوجه صلتها، فيحتاجون أن يثبتوا أنها رفعت موصولة ولا صلة لها، فأمّا دخول " ثم " في قوله: (ثمّ آتينا) وقد علمنا أن (ثمّ) لا يكون الذي بعدها أبدا معناه التقديم أن وقد علمنا أن القرآن أنزل من بعد موسى، وبعد التوراة). [معاني القرآن: 2/305]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ثمّ آتينا موسى الكتاب تماما على الّذي أحسن وتفصيلا لكلّ شيء وهدى ورحمة لعلّهم بلقاء ربّهم يؤمنون}
فقال: {ثمّ آتينا موسى الكتاب} فإنما دخلت ثم في العطف على التلاوة.
والمعنى قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم، أتل عليكم ألا تقتلوا أولادكم، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله، ثم أتلو ما آتاه اللّه موسى.
ومعنى {على الّذي أحسن} يكون على "تماما على المحسن"
المعنى: تماما من الله على المحسنين، ويكون {تماما على الّذي أحسن} أي على الذي أحسنه موسى من طاعة اللّه واتباع أمره.
ويجوز تماما على الذي هو أحسن الأشياء.
و "تمام" منصوب مفعول له، وكذلك {وتفصيلا لكل شيء}، المعنى: آتيناه لهذه العلة أي للتمام والتفصيل). [معاني القرآن: 2/305-306]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن}
قال مجاهد: المعنى على المؤمن المحسن.
وقال الحسن: كان فيهم محسن وغير محسن، وأنزل الكتاب تماما على الذي أحسن، والدليل على صحة هذا القول أن ابن مسعود قرأ (تماماً على الذين أحسنوا).
وقيل: المعنى تماما على الذي أحسن موسى من طاعة الله واتباع أمره.
وقرأ ابن يعمر وابن أبي إسحاق (على الذي أحسن) والمعنى: على الذي هو أحسن الأشياء.
فأما معنى "ثم" وهي تدل على أن الثاني بعد الأول، وقصة موسى صلى الله عليه وسلم وإيتائه الكتاب قبل هذا- فإن القول أنه إخبار من الله جل وعز والمعنى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم، ثم اتل ما آتينا موسى). [معاني القرآن: 2/519-520]

تفسير قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ...}
جعلت مباركا نعت الكتاب فرفعته. ولو نصبته على الخروج من الهاء في {أنزلناه} كان صوابا). [معاني القرآن: 1/366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتّبعوه واتّقوا لعلّكم ترحمون}
والمبارك ما يأتي من قبله. الخير الكثير، وهو من نعت (كتاب) ومن قرأ " أنزلناه مباركا" جاز ذلك في غير القراءة، لأن المصحف لا يخالف ألبتّة.
وقوله: {فاتّبعوه واتّقوا لعلّكم ترحمون} أي لتكونوا راجين للرحمة). [معاني القرآن: 2/306]

تفسير قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {أن تقولوا إنّما أنزل الكتاب...}
(أن) في موضع نصب من مكانين. أحدهما: أنزلناه لئلا تقولوا إنما أنزل. والآخر من قوله: واتقوا أن تقولوا، (لا) يصلح في موضع (أن) ها هنا كقوله: {يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا} يصلح فيه (لا تضلون) كم قال: {سلكناه في قلوب المجرمين. لا يؤمنون به}). [معاني القرآن: 1/367]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({أن تقولوا إنّما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنّا عن دراستهم لغافلين}
وقال: {أن تقولوا إنّما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا} على {ثمّ آتينا موسى الكتاب} كراهية {أن تقولوا إنّما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا}). [معاني القرآن: 1/253]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أن تقولوا إنّما أنزل الكتاب على طائفتين} يريد هذا كتاب أنزلناه لئلا تقولوا: إنما أنزل الكتاب على اليهود والنصارى قبلنا. فحذف «لا».
{وإن كنّا عن دراستهم} أي قراءتهم الكتب وعلمهم بها (غافلين) ). [تفسير غريب القرآن: 163]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أن تقولوا إنّما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنّا عن دراستهم لغافلين}قال بعضهم: معناه أنزلناه لئلا تقولوا إنما أنزل الكتاب أي أنزلناه لتنقطع حجتهم، وإن كانت الحجة للّه عزّ وجلّ، لأن الكتب التي أنزلت قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كانت فيها الحجة، ولم يكن اللّه عزّ وجلّ: ليترك خلقه سدى بغير حجة، ولكن في تنزيل الكتاب والنبي - صلى الله عليه وسلم - غاية الحجة، والزيادة في الإبانة.
وقال البصريون: معناه أنزلناه، كراهة أن تقولوا، ولا يجيزون إضمار "لا" لا يقولون جئت أن أكرمك، أي لئلا أكرمك، ولكن يجوز فعلت ذلك أن أكرمك، على إضمار محبة أن أكرمك، وكراهة أن أكرمك، وتكون الحال تنبئ عن الضمير.
فالمعنى: أنزل الكتاب كراهة أن يقولوا: - إنما أنزلت الكتب على أصحاب موسى وعيسى.
{وإن كنّا عن دراستهم لغافلين} المعنى: وما كنا إلا غافلين عن تلاوة كتبهم). [معاني القرآن: 2/306-307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا}
أحسن ما قيل في هذا: كراهة أن تقولوا.
قال أبو جعفر: قد بينا ما قيل فيه.
قال قتادة: يعني بالطائفتين اليهود والنصارى، وقال: يعني بالدراسة التلاوة). [معاني القرآن: 2/520-521]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157)}:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((أو) لئلا تقولوا: {لو أنّا أنزل علينا الكتاب لكنّا أهدى منهم}.
{صدف عنها}: أعرض). [تفسير غريب القرآن: 164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أو تقولوا لو أنّا أنزل علينا الكتاب لكنّا أهدى منهم فقد جاءكم بيّنة من ربّكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممّن كذّب بآيات اللّه وصدف عنها سنجزي الّذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون}
(أو تقولوا) المعنى أو كراهة أن تقولوا {لو أنّا أنزل علينا الكتاب لكنّا أهدى منهم}
وإنما كانوا يقولون {لكنّا أهدى منهم} لأنهم كانوا مدلّين بالأذهان وحسن الأفهام، وذلك أنهم يحفظون أشعارهم وأخبارهم وآثارهم، وهم أمّيون لا يكتبون.
وقوله: {فقد جاءكم بيّنة من ربّكم وهدى ورحمة} أي فقد جاءكم ما فيه البيان وقطع الشّبهات عنكم). [معاني القرآن: 2/307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم} أهدى منهم أفهم منهم لأنهم يحفظون أشعارهم وأخبارهم وهم أميون). [معاني القرآن: 2/521]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها}
قال قتادة في قوله: {وصدف عنها} أي أعرض). [معاني القرآن: 2/521-522]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({وصدف عنها}: أعرض عنها). [ياقوتة الصراط: 226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَصَدَف َعَنْهَا} أي أعرض عنها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]

تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة...}
لقبض أرواحهم: {أو يأتي ربّك}: القيامة {أو يأتي بعض آيات ربّك}: طلوع الشمس من مغربها). [معاني القرآن: 1/367]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({هل ينظرون أي هل ينتظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة} عند الموت {أو يأتي ربّك يوم القيامة أو يأتي بعض آيات ربّك} طلوع الشمس من مغربها). [تفسير غريب القرآن: 164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام...، ويجعلونها أيضا بمعنى: (ما) في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ} و: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}، و: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ}، و: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ}؟، و: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}؟.
هذا كله عندهم بمعنى: (ما).
وهو والأوّل عند أهل اللغة تقرير). [تأويل مشكل القرآن: 538-539](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {هل ينظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربّك أو يأتي بعض آيات ربّك يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنّا منتظرون}
{هل ينظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة} أي إلا أن تأتيهم ملائكة الموت.
{أو يأتي ربّك} أو يأتي إهلاك ربّك إيّاهم وانتقامه منهم، إمّا بعذاب عاجل أو بالقيامة.
وهذا كقولنا: قد نزل فلان ببلد كذا وكذا، وقد أتاهم فلان أي قد أوقع بهم.
وقوله: {أو يأتي بعض آيات ربّك} نحو: خروج الدابة أو طلوع الشمس من مغربها.
وقوله: {يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل} أي لا ينفعها الإيمان عند الآية التي تضطركم إلى الإيمان، لأن اللّه جلّ ثناؤه قال: {إنّما تجزون ما كنتم تعملون} وبعث الرسل بالآيات التي تتدبّر، فيكون للمؤمن بها ثواب ولو بعث اللّه على كل من لم يؤمن عذابا، لاضطر الناس إلى الإيمان به: وسقط التكليف والجزاء). [معاني القرآن: 2/307-308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة}
قال قتادة: أي بالموت أو يأت ربك. قال قتادة: يعني يوم القيامة.
وقال غيره: المعنى إهلاك ربك إياهم). [معاني القرآن: 2/522]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} روى وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: ((طلوع الشمس من مغربها))
{لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} وروى ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن عمرو قال: الآية التي لا ينفع نفسا إيمانها عندها إذا طلعت الشمس من مغربها مع القمر في وقت واحد). [معاني القرآن: 2/522-523]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({هَلْ يَنظُرُونَ} أي ينتظرون. {إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلائِكَةُ} أي عند الموت.
{أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} أي يوم القيامة، {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} طلوع الشمس من مغربها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم...}
قرأها علي (فارقوا)، وقال: والله ما فرّقوه ولكن فارقوه. وهم اليهود والنصارى. وقرأها الناس (فرّقوا دينهم) وكلّ وجه.
وقوله: {لّست منهم في شيءٍ} يقول من قتالهم في شيء، ثم نسختها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتّموهم}). [معاني القرآن: 1/367]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لّست منهم في شيءٍ إنّما أمرهم إلى اللّه ثمّ ينبّئهم بما كانوا يفعلون}
وقال: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً}.
وقال بعضهم (فارقوا) من "المفارقة"). [معاني القرآن: 1/253]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وكانوا شيعاً} أي فرقا وأحزابا.
{لست منهم في شيءٍ} أي ليس إليك شيء من أمرهم). [تفسير غريب القرآن: 164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى اللّه ثمّ ينبّئهم بما كانوا يفعلون}
قال بعضهم: هذه نزلت قبل الحرب، أي ليس عليك قتالهم إنّما أمرهم إلى اللّه.
ومعنى {وكانوا شيعا} أي كانوا متفرقين في دينهم. يعنى به اليهود والنصارى، لأن النصارى بعضها يكفر بعضا وكذلك اليهود، وهم أيضا أهل التوراة، وبعضهم يكفر بعضا، أعني اليهود تكفر النصارى، والنصارى تكفر اليهود.
وفي هذه الآية حث على أن تكون كلمة المسلمين واحدة، وأن لا يتفرقوا في الدين وأن لا يبتدعوا البدع ما استطاعوا.
فقوله: {لست منهم في شيء} يدل على أن من فرق دينه من أهل ملة الإسلام وابتدع البدع فقد صار به منهم.
ومعنى شيّعت في اللغة اتّبعت. والعرب تقول: شاعكم السّلم وأشاعكم السّلم، ومعناه: تبعكم السّلم.
قال الشاعر:
ألا يا نخلة من ذات عرق = برود الظل شايعك الظلام

وتقول: آتيتك غدا أو شيعه أي أو اليوم الذي يتبعه، فمعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضا، ومعنى الشيع الفرق التي كل فرقة منهم يتبع بعضهم بعضا وليس كلهم متفقين). [معاني القرآن: 2/308-309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} الشيع الفرق ومعنى شايعت في اللغة تابعت ومعنى وكانوا شيعا وكانوا فرقا كل فرقة يتبع بعضها بعضا إلا أن الشيع كلها متفقة). [معاني القرآن: 2/523]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله}
قيل هذا قبل الأمر بالقتال وروى أبو غالب عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {فرقوا دينهم وكانوا شيعا} قال: ((هم الخوارج)).

وقيل إن الآية تدل على أن من ابتدع من خارجي وغيره فليس النبي صلى الله عليه وسلم منهم في شيء؛ لأنهم إذا ابتدعوا تخاصموا وتفرقوا وكانوا شيعا). [معاني القرآن: 2/523-524]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({شِيَعًا} أي فرقا وأحزابا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({شِيَعًا}: فرقاً). [العمدة في غريب القرآن: 132]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فله عشر أمثالها...}
من خفض يريد: فله عشر حسناتٍ أمثالها. ولو قال هاهنا: فله عشر مثلها؛ يريد عشر حسنات مثلها كان صوابا.
ومن قال: (عشرٌ أمثالها) جعلهنّ من نعت العشر.
و(مثل) يجوز توحيده: أن تقول في مثله من الكلام: هم مثلكم، وأمثالكم؛ قال الله تبارك وتعالى: {إنكم إذاً مثلهم} فوحّد، وقال: {ثم لا يكونوا أمثالكم} فجمع. ولو قلت: عشرٌ أمثالها كما تقول: عندي خمسةٌ أثوابٌ لجاز.
وقوله: {من جاء بالحسنة}: بلا إله إلا الله، والسيئة: الشّرك). [معاني القرآن: 1/367-368]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلاّ مثلها وهم لا يظلمون}
وقال: {فله عشر أمثالها} على العدد كما تقول: "عشر سودٍ" فإن قلت كيف قال "عشر" و"المثل" مذكر؟ فإنما أنث لأنه أضاف إلى مؤنث وهو في المعنى أيضاً "حسنةٌ" أو "درجةٌ". فإن أنّث على ذلك فهو وجه.
وقال بعضهم (عشرٌ أمثالها) جعل "الأمثال" من صفة "العشر". وهذا الوجه إلا أنه لا يقرأ. لأنه ما كان من صفة لم تضف إليه العدد. ولكن يقال: "هم عشرةٌ قيامٌ" و"عشرةٌ قعودٌ" لا يقال: "عشرة قيامٍ"). [معاني القرآن: 1/254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلّا مثلها وهم لا يظلمون}
القراءة: (فله عشر أمثالها)، والمعنى فله عشر حسنات أمثالها وكما يجوز عندي خمسة أثوابا، ويجوز فله عشر مثلها في غير القراءة فيكون المثل في لفظ الواحد وفي معنى الجميع، كما قال: {إنكم إذا مثلهم}.
ومن قال أمثالها فهو كقوله: {ثمّ لا يكونوا أمثالكم} وإنما جاء على المثل التوحيد.
وأن يكون في معنى الجميع، لأنه على قدر ما يشبه به، تقول مررت بقوم مثلكم، وبقوم أمثالكم.
فأما معنى الآية فإنه من غامض المعاني التي عند أهل اللغة لأن المجازاة على الحسنة من اللّه جلّ ثناؤه بدخول الجنة شيء لا يبلغ وصف مقداره، فإذا قال: عشر أمثالها.
أو قال: {مثل الّذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة}.
مع قوله: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة}، فمعنى هذا كله أن جزاء اللّه جلّ ثناؤه على الحسنات على التضعيف للمثل الواحد الذي هو النهاية في التقدير في النفوس، ويضاعف الله ذلك بما بين عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
وأجمع المفسرون على قوله: {ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلّا مثلها} لأن السيئة ههنا الشرك باللّه.
وقالوا: {من جاء بالحسنة} هي قول لا إله إلا اللّه، وأصل الحسنات التوحيد، وأسوأ السيئات الكفر باللّه جلّ وعزّ). [معاني القرآن: 2/309-310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} روى الأعمش عن أبي صالح قال: الحسنة لا إله إلا الله والسيئة الشرك
والمعنى أن ما كان عنده هو النهاية في المجازاة أعطي عشرة أمثاله). [معاني القرآن: 2/524-525]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ديناً قيماً...}
و{قيّما}...
- حدثني عمرو بن أبي المقدام عن رجل عن عمران بن حذيفة قال: رآني أبي حذيفة راكعا قد صوّبت رأسي، قال ارفع رأسك، دينا قيما.
(دينا قيما) منصوب على المصدر. و(ملة إبراهيم) كذلك). [معاني القرآن: 1/368]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ملّة إبراهيم حنيفاً} أي دين إبراهيم؛ يقال من أيّ ملّة أنت، وهم أهل ملتك). [مجاز القرآن: 1/208]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل إنّني هداني ربّي إلى صراطٍ مّستقيمٍ ديناً قيماً مّلّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين}
وقال: {ديناً قيماً} أي: مستقيما وهي قراءة العامة.
وقال أهل المدينة (قيّما) وهي حسنة، ولم أسمعها من العرب وهي في معنى المفسر). [معاني القرآن: 1/254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين}
والصراط الدين الذي دلني على الذين الذي هو دين الحق، ثم فسر ذلك فقال: (دينا قيما).
والقيم هو المستقيم، وقرئت (دينا قيّما) وقيّم مصدر كالصغر والكبر، إلا أنه لم يقل " قوم " مثل قوله: {لا يبغون عنها حولا} لأن قولك قام قيما
كأنه على قوم أو قوم، فلما اعتل فصار قام اعتل قيم، فأما حول فهو على أنه جار على غير فعل.
وأما نصب {دينا قيما ملّة إبراهيم حنيفا} فمحمول على المعنى، لأنه لما قال: هداني إلى صراط مستقيم، دل على عرفني دينا قيما.
ويجوز أن يكون على البدل من معنى هداني إلى صراط مستقيم.
المعنى هداني صراطا مستقيما، دينا قيما، كما قال جلّ وعزّ: {ويهديك صراطا مستقيما}.
و{ملّة إبراهيم} بدل من {دينا قيما}
و{حنيفا} منصوب على الحال من إبراهيم، المعنى هداني وعرفني ملة إبراهيم في حال حنيفيته، وهو ههنا لإبراهيم حسن منه لغيره.
{وما كان من المشركين}.
وقد فسرنا معنى الحنيفية وأنها الميل إلى الإسلام ميلا لا رجوع معه). [معاني القرآن: 2/310-311]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم} الصراط الطريق والمعنى عرفني الدين الذي هو الحق). [معاني القرآن: 2/525]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا}

و"القيم": المستقيم. ومن قرأ (قيما) فهو مصدر مثل الصغر والكبر). [معاني القرآن: 2/525]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ونسكى ومحياي} وهو مصدر نسكت، وهو تقربت بالنسائك، وهي النسيكة، وجمعها أيضا نسك متحركة بالضمة). [مجاز القرآن: 1/209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({نسكي}: ذبائحي. جمع نسيكة. وأصل النّسك: ما تقربت به إلى اللّه). [تفسير غريب القرآن: 164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين}
قالوا: النسك الذبح، والنسك ما يتقرب به إلى اللّه جلّ وعزّ.
{ومحياي ومماتي}
الياء ياء الإضافة، فتحت لأن أصلها الفتح، ويجوز إسكانها إذا كان ما قبلها متحركا.
يجوز (مماتي) وإن شئت قرأت (مماتي لله) بفتح الياء، وإن شئت أسكنت.

فأما ياء محياي فلا بدّ من فتحها لأن قبلها ساكن.
ومعنى الآية أنه يخبر بأنه إنما يتقرب بالصلاة وسائر المناسك إلى اللّه جلّ وعزّ لا إلى غيره، كما كان المشركون يذبحون لأصنامهم.
فأعلم أنه اللّه وحده بقوله: {لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أوّل المسلمين}). [معاني القرآن: 2/311]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}

"النسك": جمع النسيكة وهي الذبيحة، وأصل هذا من التقرب لله جل وعز، ومنه قيل: رجل ناسك.
وإنما قيل هذا لأنهم كانوا يذبحون لغير الله جل وعز). [معاني القرآن: 2/525-526]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَنُسُكِي} أي ذبائحي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]

تفسير قوله تعالى: {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)}:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه عام يراد به خاص:
كقوله سبحانه حكاية عن النبي، صلّى الله عليه وسلم: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}). [تأويل مشكل القرآن: 281]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)}:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل أغير اللّه أبغي ربّا وهو ربّ كلّ شيء ولا تكسب كلّ نفس إلّا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون}
أي هو ابتدع الأشياء كلها لا يقدر أحد على ابتداع شيء منها.
وقوله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} أي لا تؤخذ نفس آثمة بإثم أخرى، لا يؤخذ أحد بذنب غيره). [معاني القرآن: 2/311-312]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء}

معنى {أبغي}: أريد وأطلب). [معاني القرآن: 2/526]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض...}
جعلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خلائف كل الأمم {ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ} في الرزق (ليبلوكم) بذلك (فيما آتاكم) ). [معاني القرآن: 1/368]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({خلائف الأًرض}: واحدهم: خليفة في الأرض بعد خليفة، قال الشّماخ وهو الرجل المتكبر:
تصيبهم وتخطئني المنايا = وأخلف في ربوع عن ربوع

الربع: الدار والجميع ربوع، والرّبع أيضاً: قبيلة، قال: يقال رجل من ربعه يعنى من قبيلته). [مجاز القرآن: 1/209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({خلائف الأرض} أي سكان الأرض يخلف بعضكم بعضا: واحدهم خليفة.
{ورفع بعضكم فوق بعضٍ} أي فضَّل في المال والشرف.
{ليبلوكم في ما آتاكم} أي يختبركم فيعلم كيف شكركم). [تفسير غريب القرآن: 164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وهو الّذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفور رحيم}
قيل: خلائف الأرض أمّة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فأمّته قد خلفت سائر الأمم.
وقال بعضهم: خلائف الأرض يخلف بعضكم بعضا.
{ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم}.
فدلّ بهذا أنه فضّل بعض الناس ليختبرهم فيما رزقهم وهو جل ثناؤه عالم بما يكون منهم قبل ذلك، إلا أنه اختبرهم ليظهر منهم ما يكون عليه الثواب والعقاب.
وقوله: {إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفور رحيم}.
إن قال قائل: كيف قيل سريع العقاب. وعقابه إنما يكون في القيامة.
وإن كان بعضه قد وقع في الدنيا؟
فإنما ذلك لأن أمر الساعة سريع، لأن كل ما زال وإن تطاول فهو بمنزله ما لم يحسّ سرعة، وكذلك قوله جل ثناؤه: {وما أمر السّاعة إلّا كلمح البصر أو هو أقرب}
وكذلك قوله جلّ وعزّ: {إنّهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا}). [معاني القرآن: 2/312]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض}

يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: لأنهم آخر الأمم فقد خلفوا من كان قبلهم.
وقيل: لأن بعضهم يخلف بعضا حتى تقوم الساعة عليهم والحديث يقوي هذا القول). [معاني القرآن: 2/526]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم}

أي فضل بعضكم على بعض في الزرق ليبلوكم فيما آتاكم أي ليختبركم فيما أعطاكم فينظر كيف شكركم وقد علم ما يكون علم غيب وإنما تقع المجازاة على الشهادة). [معاني القرآن: 2/527]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن ربك سريع العقاب} وإنه لغفور رحيم فعقابه جل وعز وإن كان أكثره يوم القيامة فإن كل آت قريب.
وروي عن ابن عباس أنه قال: نزلت سورة الأنعام بمكة جملة واحدة إلا ثلاث آيات منها فإنهن أنزلن بالمدينة، وهو قوله جل وعز: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} إلى آخر الآيات). [معاني القرآن: 2/527-528]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَلاَئِفَ} أي سكاناً في الأرض، يخلف بعضهم بعضاً، والواحد خليفة.
{لِّيَبْلُوَكُمْ} أي يختبركم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِّيَبْلُوَكُمْ}: ليختبركم). [العمدة في غريب القرآن: 132]


رد مع اقتباس