عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 10:36 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 130 إلى 141]

{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ (133) إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)}

تفسير قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {يا معشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسلٌ مّنكم...}
فيقول القائل: إنما الرسل من الإنس خاصّة، فكيف قال للجنّ والإنس (منكم)؟ قيل: هذا كقوله: {مرج البحرين يلتقيان}. ثم قال: {يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح دون العذب. فكأنك قلت: يخرج من بعضهما، ومن أحدهما). [معاني القرآن: 1/355]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان ولأحدهما فعل فيجعل الفعل لهما:
كقوله سبحانه: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}.
روي في التفسير: أن النّاسي كان يوشع بن نون ويدلّك قوله لموسى، صلّى الله عليه وسلم: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}.
وقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} والرسل من الإنس دون الجن). [تأويل مشكل القرآن: 286-287](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يا معشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرّتهم الحياة الدّنيا وشهدوا على أنفسهم أنّهم كانوا كافرين}
فقال: {رسل منكم} وإنما المرسل من الإنس دون الجن، فإنما جاز ذلك لأن الجماعة تعقل وتخاطب، فالرسل: هم بعض من يعقل.
وهذا كقوله: عزّ وجلّ: {يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان}.
وإنّما يخرج ذلك من الملح، أي البحر الذي ليس بعذب، فقال منهما لأن ذكرهما قد جمع.
فهذا جائز في اللغة، في كل ما اتّفق في أصله كما اتفقت الجن مع الإنس في باب التمييز). [معاني القرآن: 2/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} والرسل من الإنس ففي هذا جوابان أحدهما أنه روي عن ابن عباس أنه قال رسل الجن الذين لقوا قومهم فبلغوهم يعني ابن عباس الذين قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا وهم بمنزلة الرسل إلى قومهم لأنهم قد بلغوهم وكذلك قال مجاهد الرسل في الإنس والنذارة في الجن والقول الآخر أنه لما كانت الإنس والجن ممن يخاطب ويعقل قيل ألم يأتكم رسل منكم وإن كانت الرسل من الإنس خاصة). [معاني القرآن: 2/492]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك أن لّم يكن رّبّك...}
إن شئت جعلت (ذلك) في موضع نصب، وجعلت (أن) مما يصلح فيه الخافض فإذا حذفته كانت نصبا. يريد: فعل ذلك أن لم يكن مهلك القرى. وإن شئت جعلت (ذلك) رفعا على الاستئناف إن لم يظهر الفعل. ومثله: {ذلك بما قدّمت يداك} و{ذلك بما قدّمت أيديكم}.
ومثله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب}، و {ذلكم وأنّ اللّه موهن كيد الكافرين} الرفع والنصب فيه كله جائز.
وقوله: {مهلك القرى بظلمٍ وأهلها غافلون} يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم وهم غافلون لمّا يأتهم رسول ولا حجّة. وقوله في هود: {وما كان ربّك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون} يقول: لم يكن ليهلكهم بظلمهم، يقول: بشركهم {وأهلها مصلحون} يتعاطون الحقّ فيما بينهم. هكذا جاء التفسير. وفيها وجه -وهو أحبّ إليّ من ذا؛ لأن الشرك أعظم الذنوب- والمعنى والله أعلم: لم يكن ليهلكهم بظلم منه وهم مصلحون). [معاني القرآن: 1/356]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ذلك أن لم يكن ربّك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون}
زعم سيبويه أنّ موضع ذلك رفع.
المعنى: الأمر ذلك لأنه {لم يكن ربّك مهلك القرى بظلم}.
وقال بعضهم: يجوز أن يكون موضعها نصبا.
المعنى: قيل ذلك لأنه لم يكن ربّك مهلك القرى بظلم، والمعنى يخرج على جميع القولين لأن المعنى يدل على أمر الإرسال، فكأنه -واللّه أعلم- ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل أمر عذاب من كذّب بها لأنه لم يكن مهلك القرى بظلم، أي لا يهلكهم حتى يبعث إليهم رسولا.
كما قال عزّ وجلّ: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا}). [معاني القرآن: 2/292-293]

تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132)}

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ (133)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وربّك الغنيّ ذو الرّحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرّيّة قوم آخرين}
{كما أنشأكم من ذرّيّة قوم آخرين} موضع الكاف نصب.
المعنى {ويستخلف من بعدكم ما يشاء} مثل ما أنشأكم.
يقال: أنشأ اللّه الخلق إذا خلقه وأبدأه، وكل من ابتدأ شيئا فقد أنشأه.
ومن ذلك قولك فأنشأ الشاعر يقول، أي ابتدأ من نفسه، والنشأ الصغار من الأولاد.
قال نصيب:

ولولا أن يقال صبا نصيب = لقلت بنفسي النشأ الصّغار
ولهذا يقال للصغار نشء حسن، ونشوء حسن، أي قد ظهر له ابتداء حسن). [معاني القرآن: 2/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كما أنشاكم من ذرية قوم آخرين}
الإنشاء ابتداء الخلق). [معاني القرآن: 2/492]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما أنتم بمعجزين} أي فائتين، ويقال: أعجزني فلان فاتني وغلبني وسبقني، وأعجز مني، وهما سواء). [مجاز القرآن: 1/206]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار...}
(من تكون له) في موضع رفع، ولو نصبتها كان صوابا؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {واللّه يعلم المفسد من المصلح}.
وقوله: {من تكون له عاقبة الدّار} إذا كان الفعل في مذهب مصدر مؤنثا مثل العاقبة، والموعظة، والعافية، فإنك إذا قدّمت فعله قبله أنّثته وذكّرته؛ كما قال الله عزّ وجلّ: {فمن جاءه موعظةٌ من ربّه} بالتذكير، وقال: {قد جاءتكم موعظةٌ من ربّكم} بالتأنيث. وكذلك {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} {وأخذت} فلا تهابنّ من هذا تذكيرا ولا تأنيثا). [معاني القرآن: 1/356-357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({على مكانتكم}: ناحيتكم). [غريب القرآن وتفسيره: 142]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اعملوا على مكانتكم} أي على حيالكم وناحيتكم). [مجاز القرآن: 1/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يا قوم اعملوا على مكانتكم} أي على موضعكم. يقال: مكان ومكانة. ومنزل ومنزلة. وتسع وتسعة. ومتن ومتنة. وعماد وعمادة). [تفسير غريب القرآن: 160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار إنّه لا يفلح الظّالمون}
ومكاناتكم، المعنى اعملوا على تمكنكم.
ويجوز أن يكون المعنى اعملوا على ما أنتم عليه، ويقال للرجل إذا أمرته أن يثبت على حال: على مكانتك يا فلان، أي أثبت على ما أنت عليه.
فإن قال قائل فكيف يجوز أن يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقيموا على الكفر فيقول لهم: {اعملوا على مكانتكم}، فإنما معنى هذا الأمر المبالغة في الوعيد، لأن قوله لهم: {فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار إنّه لا يفلح الظّالمون}.
قد أعلمهم أن من عمل بعملهم فإلى النار مصيره، فقال لهم: أقيموا على ما أنتم عليه إن رضيتم العذاب بالنار). [معاني القرآن: 2/293-294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل عز: {قل يا قوم اعملوا على مكانتكم} فيه قولان:

- أحدهما: أن المعنى على تمكنكم.
- والقول الآخر: أنه كما تقول "أثبت مكانك" أي اثبت على ما أنت عليه فإن قيل كيف يجوز أن يؤمروا بالثبات على ما هم عليه وهم كفار فالجواب أن هذا تهدد كما قال جل وعز: {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا} ودل عليه قوله: {فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار} والمعنى على هذا اثبتوا على ما أنتم عليه إن رضيتم بالنار). [معاني القرآن: 2/493]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَكَانَتِكُمْ} أي موضعكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَكَانَتِكُمْ}: ناحيتكم). [العمدة في غريب القرآن: 131]


تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هذا للّه بزعمهم...}
وبرعمهم، وزعمهم، ثلاث لغات. ولم يقرأ بكسر الزاي أحد نعلمه. والعرب قد تجعل الحرف في مثل هذا؛ فيقولون: الفتك والفتك والفتك، والودّو الودّو الودّ، في أشباه لها. وأجود ذلك ما اختارته القرّاء الذين يؤثر عنهم القراءة. وفي قراءة عبد الله "وهذا لشركائهم" وهو كما تقول في الكلام: قال عبد الله: إنّ له مالا، وإنّ لي مالا، وهو يريد نفسه. وقد قال الشاعر:

رجلان من ضبّة أخبرانا = إنا رأينا رجلا عريانا
ولو قال: أخبرانا أنهما رأيا كان صوابا). [معاني القرآن: 1/357]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ذرأ} بمنزلة برأ، ومعناهما خلق). [مجاز القرآن: 1/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ذرأ}: وبرأ خلق). [غريب القرآن وتفسيره: 143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ممّا ذرأ من الحرث والأنعام} أي: مما خلق من الحرث وهو الزرع. والأنعام الإبل والبقر والغنم. نصيباً أي حظا.
وكانوا إذا زرعوا خطّوا خطا فقالوا: هذا للّه، وهذا لآلهتنا. فإذا حصدوا ما جعلوا للّه فوقع منه شيء فيما جعلوا لآلهتهم تركوه. وقالوا: هي إليه محتاجة.
وإذا حصدوا ما جعلوا لألهتهم فوقع منه شيء فيما جعلوه للّه، أعادوه إلى موضعه.
وكانوا يجعلون من الأنعام شيئا للّه. فإذا ولدت إناثها ميتا أكلوه. وإذا جعلوا لآلهتهم شيئا من الأنعام فولد ميتا، عظموه ولم يأكلوه فقال اللّه:
{وجعلوا للّه ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى اللّه وما كان للّه فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون}). [تفسير غريب القرآن: 160-161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا}
في الكلام حذف والمعنى وجعلوا لأصنامهم نصيبا ودل عليه فقالوا {هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا}. قال مجاهد: كانوا يجعلون لله جزء ولشركائهم جزءا فإذا ذهب ما لشركائهم عوضوا منه مما لله وإذا ذهب ما لله لم يعوضوا منه شيئا، قال الأنعام البحيرة والسائبة. وقال قتادة: كانوا يجعلون لله نصيبا ولشركائهم نصيبا فإذا هلك بعير لشركائهم أخذوا مما لله فجعلوه لشركائهم وإذا هلك بعير مما لله جل وعز تركوه وقالوا الله مستغن عن هذا وإذا أصابهم سنة أخذوا ما لله جل وعز فنحروه وأكلوه). [معاني القرآن: 2/493-494]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقال الله عز وجل: {ساء ما يحكمون} فذم الله ذلك من فعلهم ويقال ذرأ يذرأ ذرء أي خلق). [معاني القرآن: 2/495]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَجَعَلُواْ ُلِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا} الآية.. كانوا إذا زرعوا خطوا خطوطا، فقالوا: هذا لله وهذا لآلهتنا، فإذا حصدوا ما جعلوا لله، فوقع منه شيء فيما جعلوا لآلهتهم، تركوه وقالوا: هي إليه محتاجة، وإذا حصدوا ما جعلوا لآلهتهم فوقع شيء منه فيما جعلوا لله أعادوه إلى موضعه، وكانوا يجعلون من الأنعام شيئا لله، فإذا ولدت إناثها ميتًا أكلوه، وإذا ولدت ما لآلهتهم ميتا عظموه ولم يأكلوه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 80]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ذَرَأَ}: خلق). [العمدة في غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وكذلك زيّن لكثيرٍ مّن المشركين قتل أولادهم شركآؤهم...}
وهم قوم كانوا يخدمون آلهتهم، فزيّنوا لهم دفن البنات وهنّ أحياء. وكان أيضا أحدهم يقول: لئن ولد لي كذا وكذا من الذكور لأنحرنّ واحداً. فذلك قتل أولادهم. والشركاء رفع؛ لأنهم الذين زيّنوا.
وكان بعضهم يقرأ: "وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتلُ أولادهم" فيرفع القتل إذا لم يسمّ فاعله، ويرفع (الشركاء) بفعل ينويه؛ كأنه قال: زيّنه لهم شركاؤهم.
ومثله قوله: (يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال) ثم قال: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ}.
وفي بعض مصاحف أهل الشام (شركايهم) بالياء، فإن تكن مثبتة عن الأوّلين فينبغي أن يقرأ (زيّن) وتكون الشركاء هم الأولاد؛ لأنهم منهم في النسب والميراث. فإن كانوا يقرءون (زيّن) فلست أعرف جهتها؛ إلا أن يكونوا فيها آخذين بلغة قوم يقولون: أتيتها عشايا ثم يقولون في تثنية (الحمراء: حمرايان) فهذا وجه أن يكونوا قالوا: "زَيَّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادِهم شركايُهُمْ" وإن شئت جعلت (زيّن) إذا فتحته فعلا لإبليس ثم تخفض الشركاء بإتباع الأولاد. وليس قول من قال: إنما أرادوا مثل قول الشاعر:
فزججتها متمكّنا = زجّ القلوص أبي مزاد
بشيء. وهذا مما كان يقوله نحويّو أهل الحجاز، ولم نجد مثله في العربية). [معاني القرآن: 1/358-359]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وكذلك زيّن لكثيرٍ مّن المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء اللّه ما فعلوه فذرهم وما يفترون}
وقال: {وكذلك زيّن لكثيرٍ مّن المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} لأن الشركاء زينوا.
ثم قال: {ليردوهم} من "أردى" "إرداء"). [معاني القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ليردوهم} أي ليهلكوهم. والرّدى: الهلاك). [تفسير غريب القرآن: 161]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد كان بعض القراءة يقرأ: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}، أي: قتل شركائهم أولادهم). [تأويل مشكل القرآن: 207-208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} يعني الموءودة قال مجاهد زين لهم الشياطين قتل البنات وخوفوهم العيلة قال غير مجاهد شركاؤهم ههنا الذين يخدمون الأصنام). [معاني القرآن: 2/495]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حجرٌ} أي حرام، قال المتلمّس:
حنّت إلى النّخلة القصوى فقلت لها = حجرٌ حرامٌ ألا ثمّ الدّهاريس
الدهاريس: الدواهي). [مجاز القرآن: 1/207]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لاّ يطعمها إلاّ من نّشاء بزعمهم وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لاّ يذكرون اسم اللّه عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون}
وقال: {حجرٌ لاّ يطعمها} و"الحجر" "الحرام" وقد قرئت بالضم {حجرٌ}، وكذلك قرئت (حجراً محجورا) بضم الحاء و{حجراً} في معنى واحد. وقد يكون "الحجر": العقل، قال الله تعالى: {هل في ذلك قسمٌ لّذي حجرٍ} أي ذي عقل. وقال بعضهم: "لا يكون في قوله: {وحرثٌ حجرٌ} إلا الكسر. وليس ذا بشيء لأنه حرام. وأما "حجر المرأة" ففيه الفتح والكسر و"حجر اليمامة" بالفتح و"الحجر" ما حجرته وهو قول أصحاب الحجر). [معاني القرآن: 1/249-250]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): (و(الحجر): الحرام وقد قرئت حجرا بالضم والمعنى واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {وحرثٌ حجرٌ} أي زرع حرام. وإنما قيل للحرام: حجر، لأنه حجر على الناس أن يصيبوه يقال: حجرت على فلان كذا حجرا. ولما حجرته وحرّمته: حجرا.
{وأنعامٌ حرّمت ظهورها} يعني «الحامي».
{وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها} يعني «البحيرة»: لأنها لا تركب ولا يحمل عليها شيء، ولا يذكر اسم اللّه عليها). [تفسير غريب القرآن: 161]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلّا من نشاء بزعمهم وأنعام حرّمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون}
والحامي الذي حمى ظهره أن يركب، {وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها}.
فأعلم الله عزّ وجلّ أن ذلك افتراء، أي يفعلون ذلك افتراء عليه، وهو منصوب بقوله: {لا يذكرون اسم اللّه}.
وهذا يسميه سيبويه مفعول له.
وحقيقته أن قوله: {لا يذكرون} بمعنى يفترون، فكأنه قال يفترون افتراء). [معاني القرآن: 2/294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} قال قتادة: الحجر الحرام.
وقيل هذه أشياء كانوا يجعلونها لأصنامهم لا يأكل منها إلا من يشاؤهم خدم الأصنام والحرث هو الذي يجعلونه لنفقة أوثانهم ويحرمونها على الناس إلا خدمها). [معاني القرآن: 2/495-496]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وأنعام حرمت ظهورها}

قال قتادة: يعني السائبة والوصيلة). [معاني القرآن: 2/496]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} أي يذبحونها لآلهتهم ولا يذكرون عليها اسم الله فأعلم الله جل وعز أنه لم يأمرهم بهذا ولا جاءهم به نبي فقال تعالى: {افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون} وقيل معنى وأنعام حرمت ظهورها هو الحامي الذي ذكره الله جل وعز في قوله: {ولا وصيلة ولا حام}
وقيل معنى وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها السائبة لأنها لا تركب فيذكر اسم الله عليها وقيل يذبحونها لأصنامهم فلا يذكرون اسم الله عليها والمحرمة ظهورها السائبة والحامي والبحيرة وأصحها ما بدأنا به). [معاني القرآن: 2/496-497]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَحَرْثٌ حِجْرٌ} أي زرع حرام.
{وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا} يعني الحامي.
{وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْها} يعني البحيرة، كانوا لا يحملون عليها شيئا ولا يذكرون اسم الله عليها، ولا تُركب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 80]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الحِجْرٌ): الحرام). [العمدة في غريب القرآن: 131]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لّذكورنا...}
وفي قراءة عبد الله "خالص لذكورنا" وتأنيثه لتأنيث الأنعام؛ لأن ما في بطونها مثلها فأنث لتأنيثها. ومن ذكّره فلتذكير (ما) وقد قرأ بعضهم "خالصه لذكورنا" يضيفه إلى الهاء وتكون الهاء لما. ولو نصبت الخالص والخالصة على القطع وجعلت خبر ما في اللام التي في قوله (لذكورنا) كأنك قلت: ما في بطون هذه الأنعام لذكورنا خالصا وخالصةً كما قال: {وله الدّين واصباً} والنصب في هذا الموضع قليل؛ لا يكادون يقولون: عبد الله قائما فيها، ولكنه قياس.
وقوله: {وإن يكن مّيتةً فهم فيه شركاء} إن شئت رفعت الميتة، وإن شئت نصبتها فقلت (ميتةً) ولك أن تقول تكن ويكن بالتاء والياء.
وقد تكون الخالصة مصدرا لتأنيثها كما تقول: العاقبة والعافية. وهو مثل قوله: {إنّا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار}). [معاني القرآن: 1/359-360]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لّذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن مّيتةً فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ}
وقوله عز وجل: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لّذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن مّيتةً فهم فيه شركاء} رفعٌ أي: وإن تكن في بطونها ميتةٌ. وقد يجوز الرفع إذا قلت (يكن) لأن المؤنّث قد يذكر فعله.

و{خالصةٌ} أنثت لتحقيق الخلوص كأنه لما حقق لهم الخلوص أشبه الكثرة فجرى مجرى "راوية" و"نسّابة"). [معاني القرآن: 1/250]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا} يعني «الوصيلة» من الغنم، و«البحيرة» من الإبل.
{ومحرّمٌ على أزواجنا} يعني الإناث.
{سيجزيهم وصفهم} أي بكذبهم). [تفسير غريب القرآن: 161-162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرّم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيم عليم}
وكأنّه إذا جعلوا لأصنامهم مما في بطون الأنعام شيئا جعلوه ما يكون ذكرا مولودا حيا يأكله الذكران خاصة.
ولا يجيزون أن يأكل النساء شيئا.
فإن كان ذكرا ميتا اشترك فيه الرجال والنساء وهو قوله عزّ وجلّ: (وإن يكن ميتة فهم فيه شركا).
ثم قال: {خالصة لذكورنا} فهو على ضربين:
- أجودهما: أن يكون أنث الخبر، وجعل معنى "ما" التأنيث لأنها في معنى الجماعة، كأنّهم قالوا جماعة ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا، ويردّ (ومحرّم) على لفظ ما.
- وقال بعضهم: أنثه لتأنيث الأنعام، والذي في بطون الأنعام ليس بمنزلة بعض الشيء، لأن قولك: سقطت بعض أصابعه "بعض أصابع" إصبع وهي واحدة منها، والذي في بطون الأنعام: ما في بطن كل واحد غيرها.
ومن قال يجوز على أن الجملة أنعام فكأنه قال: وقالوا الأنعام التي في بطون الأنعام خالصة لذكورنا.
والقول الأول الذي شرحنا أبين، لقوله (ومحرّم)، لأنه دليل على الحمل المعنى في "ما" على اللفظ.
وقرأ بعضهم (خالصةً لذكورنا)، فهو عندي - واللّه أعلم - ما خلص حيا.
ويجوز (وإن يكن ميتة) بالياء والتاءات، ونصب (ميتة).
المعنى وإن تكن تلك الحمول التي في البطون ميتة، ومن قرأ وإن يكن فعلى لفظ ما، المعنى إن يكن ما في البطن ميتة، ويجوز "وإن تكن ميتة" بالتاء ورفع الميتة، ويكون "تكن" بمعنى الحدوث والوقوع كأنّه وإن تقع ميتة وإن تحدث ميتة.
وقوله: {سيجزيهم وصفهم} المعنى -واللّه أعلم- سيجزيهم جزاء وصفهم الذي هو كذب). [معاني القرآن: 2/294-295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا}
قال مجاهد: يعني البحيرة والسائبة.
قال غيره: كانوا إذا جعلوا لأصنامهم شيئا مما في بطون الأنعام فولدت مولودا حيا ذكرا كان للذكران دون الإناث، وإذا ولدت ميتا ذكرا اشترك فيه الذكران والإناث فذلك قوله تعالى: {وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء}
وقال قطرب: إذا أتأمت عشرا فما ولدت بعد ذلك فهو للذكور إلا أن يموت فيشترك فيه أكله الذكر والأنثى.
وقرأ الأعمش (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالص لذكورنا).
قال الكسائي معنى "خالص" و"خالصة" واحد إلا أن الهاء للمبالغة، كما يقال رجل داهية وعلامة.
وقال الفراء: الخاء لتأنيث الأنعام لأن ما في بطون الأنعام مثلها.
وقرئ (خالصه لذكورنا) والمعنى على هذه القراءة: ما خلص منه حيا لذكورنا ومحرم على أزواجنا أي الإناث.
قال مجاهد: معنى {سيجزيهم وصفهم} أي سيجزيهم كذبهم.
والتقدير عند النحويين سيجزيهم جزاء وصفهم الذي هو كذب). [معاني القرآن: 2/498-499]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَقَالُوا ْمَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا} يعني الوصيلة من الغنم، والبحيرة من الإبل، {وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} يعني الإناث). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 80]


تفسير قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قتلوا أولادهم سفهاً} أي جهلا). [تفسير غريب القرآن: 162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراء على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين}
(سفها) منصوب على معنى اللام أي للسفه، مثل فعلت ذلك حذر الشر.
ويجوز أن يكون منصوبا على تأويل المصدر، لأن قتلهم أولادهم قد سفهوا فيه، فكأنّه قال: سفهوا سفها، فقال عز وجل: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراء على اللّه}.
وقد فسرنا نصب (افتراء).
ومعنى الافتراء ههنا الكذب). [معاني القرآن: 2/295-296]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} يعني قتلهم البنات جهلا). [معاني القرآن: 2/499]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين} قال أبو رزين: ولم يكونوا مهتدين قبل ذلك). [معاني القرآن: 2/499]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ مّعروشاتٍ وغير معروشاتٍ...}
هذه الكروم، ثم قال: {والزّيتون والرّمّان متشابهاً} في لونه و{غير متشابهٍ} في طعمه، منه حلو ومنه حامض.
وقوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} هذا لمن حضره من اليتامى والمساكين.
وقوله: {ولا تسرفوا} في أن تعطوا كله. وذلك أن ثابت بن قيس خلّى بين الناس وبين نخله، فذهب به كله ولم يبق لأهله منه شيء، فقال الله تبارك وتعالى: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}). [معاني القرآن: 1/360]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({جنّاتٍ معروشاتٍ} قد عرش عنبها.
{وغير معروشاتٍ} من سائر الشجر الذي لا يعرش، ومن النخل.
{كلوا من ثمره إذا أثمر} جميع ثمرة، ومن قرأها: (من ثُمُره) فضمّها، فإنه يجعلها جميع ثمر). [مجاز القرآن: 1/207]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ مّعروشاتٍ وغير معروشاتٍ والنّخل والزّرع مختلفاً أكله والزّيتون والرّمّان متشابهاً وغير متشابهٍ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}
[وقال] {جنّاتٍ} جر لأن تاء الجميع في موضع النصب مجرورة بالتنوين). [معاني القرآن: 1/250]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({جنات معروشات}: ما عرش من العنب وغيره). [غريب القرآن وتفسيره: 143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مختلفاً أكله} أي: ثمرة سماه أكلا: لأنه يؤكل تصدّقوا منه، {ولا تسرفوا} في ذلك.
{وآتوا حقّه يوم حصاده} أي تصدّقوا منه، {ولا تسرفوا} في ذلك). [تفسير غريب القرآن: 162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم احتج الله عليهم ونبّه على عظم ما أتوه في أن أقدموا على الكذب على اللّه وأقدموا على أن شرعوا من الدّين ما لم يأذن به اللّه فقال: {وهو الّذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات والنّخل والزّرع مختلفا أكله والزّيتون والرّمّان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}
فكأنه قال افتروا على اللّه وهو المحدث للأشياء الفاعل ما لا يقدر أحد على الإتيان بمثله، فقال عزّ وجل: {وهو الّذي أنشأ} أي: ابتدع جنات معروشات، والجنات البساتين.
{وغير معروشات} ومعنى المعروشات ههنا: الكروم.
{والنّخل والزّرع مختلفا أكله} في حال اختلاف أكله. وهذه مسألة شديدة في النحو إلا على من عرف حقيقتها، لأن للقائل أن يقول كيف أنشأه في حال اختلاف أكله وهو قد نشأ من قبل وقوع أكله. وأكله ثمره؟
فالجواب في ذلك أنه عز وجلّ قدّر إنشاءه بقوله: {هو خالق كلّ شيء}
فأعلم عزّ وجلّ إنّه المنشئ له في حال اختلاف أكله، ويجوز أنشأه ولا أكل فيه مختلفا أكله، لأن المعنى مقدّرا ذلك فيه، كما تقول.: لتدخلنّ منزل زيد آكلين شاربين، المعنى تدخلون مقدّرين ذلك.
وسيبويه دل على ذلك وبيّنه في قوله: مررت برجل معه صقر - صائدا به غدا، فنصب صائدا على الحال، والمعنى مقدّرا الصيد.
ومعنى {متشابها وغير متشابه} على ضربين:
فأحدهما: أن بعضه يشبه بعضا، وبعضه يخالف بعضا ويكون أن يكون متشابها وغير متشابه، أن تكون الثمار يشبه بعضها بعضا في النظر وتختلف في الطعوم.
وقوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر}
"ثمر" جمع ثمرة، ويجوز من ثمره، ويكون الثمر جمع ثمار فيكون بمنزلة حمر جمع حمار. ويجوز من ثمره.. بإسكان الميم.
وقوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}
يجوز الحصاد والحصاد، وتقرأ بهما جميعا، ومثله الجداد والجداد لصرام النّخل.
اختلف الناس في تأويل {وآتوا حقّه يوم حصاده} فقيل إن الآية مكيّة.
وروي أن ثابت بن قيس بن شماس صرم خمسمائة نخلة ففرّق ثمارها كلّه ولم يدخل منه شيئا إلى منزله، فأنزل اللّه - عزّ وجلّ -: {وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا}.
فيكون على هذا التأويل أن الإنسان إذا أعطى كل ماله ولم يوصل إلى عياله وأهله منه شيئا فقد أسرف، لأنه جاء في الخبر: ابدأ بمن تعول.
وقال قوم إنها مدنية، ومعنى {وآتوا حقّه يوم حصاده}: أدّوا ما افترض عليكم في صدقته، ولا اختلاف بين المسلمين في أمر الزكوات أن الثمار إذا حصدت وجب إخراج ما يجب فيها من الصدقة فيما فرض فيه الصدقة، فعلى هذا التأويل يكون: (ولا تسرفوا) أي لا تنفقوا أموالكم وصدقاتكم على غير الجهة التي افترضت عليكم، كما قال المشركون: " هذا ليس كائنا " وحرموا ما أحل اللّه، فلا يكون إسراف أبين من صرف الأموال فيما يسخط اللّه). [معاني القرآن: 2/296-298]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات} أنشأ خلق وابتدع والجنات البساتين.
وقيل المعروشات الكروم والنخل والزرع مختلفا أكله أي ثمره لأنه مما يؤكل والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه قيل مشتبه في المنظر ومختلف في المطعم فيه حلو وحامض وقيل يشبه بعضه بعضا في الطعم ومنه ما لا يشبه بعضه بعضا في الطعم). [معاني القرآن: 2/499-500]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} في هذه الآية ثلاثة أقوال:
- فمذهب ابن عمر وأبي الدرداء وسعيد بن جبير وأبي العالية ومجاهد وعطاء أن عليه أن يصدق منه سوى الزكاة المفروضة.
- والقول الثاني أن الآية منسوخة، قال إبراهيم النخعي: نسخها العشر ونصف العشر. وروى عن الحسن قولان: روى سفيان عن يونس عن الحسن قال: نسختها الزكاة المفروضة.
- والقول الآخر، وهو القول الثالث في الآية رواه شعبة عن أبي الرجاء قال: سألت الحسن عن قوله جل وعز: {وآتوا حقه يوم حصاده} فقال: الزكاة المفروضة.
وكذلك قال ابن عباس، وأنس بن مالك، وابن الحنفية، وجابر بن زيد، وسعيد بن المسيب، وطاووس، وقتادة، والضحاك رواه ابن وهب عن مالك قال: هي الصدقة المفروضة.
والقول الأول أولاها؛ لأنه يبعد أن يعني به الزكاة المفروضة لأن الأنعام مكية والزكاة إنما فرضت بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. ويقوي القول الأول حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن جذاذ الليل. قال سفيان: كي يحضر المساكين.
قال سعيد بن المسيب: ومعنى {ولا تسرفوا} ولا تمتنعوا من الصدقة فتهلكوا.
وقال غيره: معنى {ولا تسرفوا}: لا تدفعوا كل ما لكم إلى الغرباء وتتركوا عيالكم كما روي ابدأ بمن تعول السرف في اللغة المجاوزة إلى ما لا يحل وهو اسم ذم أي لا تنفقوا في الوجوه المحرمة حتى لا يجد السائل شيئا.
وقيل معنى {ولا تسرفوا}: لا تنفقوا أموالكم فيما لا يحل لأنه قد أخبر عنهم أنهم قالوا وهذا لشركائنا). [معاني القرآن: 2/500-503]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّعْرُوشَاتٍ}: ما عرش من الكرم). [العمدة في غريب القرآن: 131]


رد مع اقتباس