عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 09:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 56 إلى 73]

{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({قد ضللت}
تضلّ تقديرها: فررت تفرّ وضللت تضلّ، تقديرها: مللت نملّ، لغتان). [مجاز القرآن: 1/193]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل إنّي نهيت أن أعبد الّذين تدعون من دون اللّه قل لاّ أتّبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين}
وقال: {قد ضللت إذاً وقال بعضهم {ضللت} وهما لغتان:
- من قال "ضللت" قال "تضلّ" .
- ومن قال "ضللت" قال "تضلّ" ونقرأ بالمفتوحة). [معاني القرآن: 1/240]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {قل إنّي نهيت أن أعبد الّذين تدعون من دون اللّه قل لا أتّبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين}
كانوا يعبدون الأصنام، وقالوا {ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى}فأعلم اللّه عز وجل أنه لا يعبد غيره.
وقوله: {قل لا أتّبع أهواءكم} أي: إنما عبدتموها على طريق الهوى لا على طريق البيّنة والبرهان.
وقوله: {قد ضللت إذا} معنى إذن معنى الشرط، المعنى: قد ضللت إن عبدتها.
وقوله: {وما أنا من المهتدين} أي: وما أنا من النبيين الذين سلكوا طريق الهدى). [معاني القرآن: 2/255]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {إن الحكم إلاّ للّه يقصّ الحقّ...} كتبت بطرح الياء لاستقبالها الألف واللام؛
كما كتب {سندع الزّبانية} بغير واو،
وكما كتب {فما تغن النّذر} بغير ياء على اللفظ، فهذه قراءة أصحاب عبد الله.
وذكر عن عليّ أنه قال: {يقصّ الحقّ} بالصاد...
- وحدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينارٍ عن رجلٍ عن ابن عباسٍ أنه قرأ {يقضي بالحق}
قال الفراء: وكذلك هي في قراءة عبد الله). [معاني القرآن: 1/337-338]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({على بيّنةٍ من ربّي} أي بيان،
وقال:
أبيّنةً تبغون بعد اعترافه = وقول سويدٍ قد كفيتكم بشرا

أي: بياناً). [مجاز القرآن: 1/193]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل إنّي على بيّنة من ربّي وكذّبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلّا للّه يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين}أي: على أمر بين، لا متبع هوى.
{وكذبتم به} هذه الهاء كناية عن البيان، أي: وكذبتم بالبيان، لأن البينة والبيان في معنى واحد،
ويكون
{وكذبتم به} أي: بما أتيتكم به، لأنه هو البيان.
وقوله: {ما عندي ما تستعجلون به}
والذي استعجلوا به الآيات التي اقترحوها عليه. فأعلم - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك عند الله، فقال: {إن الحكم إلّا للّه يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين}
هذه كتبت ههنا بغير ياء على اللفظ، لأن الياء أسقطت لالتقاء السّاكنين
كما كتبوا.. {سندع الزّبانية} بغير واو.
وقرئت: {يَقُصُّ الحقّ}، وقرأ ابن عباس (يقضي بالحق)، إلا أنّ القراء لا يقرأون (يقضي بالحق) لمخالفة المصحف.
و(يقضي الحق)فيه وجهان:
1- جائز أن يكون الحق صفة للمصدر، المعنى يقضي القضاء الحق.
2- ويجوز أن يكون يقضي الحق يصنع الحق، أي كل ما صنعه عزّ وجلّ فهو حق وحكمة، إلا أن {وهو خير الفاصلين} يدل على معنى القضاء الذي هو الحكم، فأما قضى في معنى صنع فمثله قول الهذلي.
وعليهما مسرودتان قضاهما = داود أو صنع السّوابغ تبّع

أي صنعهما داود، ومن قرأ {يقصّ الحقّ} فمعناه أن جميع ما أنبأ به وأمر به فهو من أقاصيص الحق). [معاني القرآن: 2/255-257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به} أي:
- ما تستعجلون من اقتراح الآيات.
- ويجوز أن يكون المعنى ما تستعجلون به من العذاب). [معاني القرآن: 2/433]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز: (إن الحكم إلا لله يقضي الحق) كذلك قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو عبد الرحمن السلمي وسعيد بن المسيب.
واحتج بعض من قرأ هذه القراءة بأن بعده {وهو خير الفاصلين} والفصل لا يكون إلا في القضاء والحكم
وقرأ ابن عباس ومجاهد والأعرج {يَقُصُّ الحق}.
قال ابن عباس كما قال جل وعز: {نحن نقص عليك أحسن القصص} واحتج بعض من قرأ هذه القراءة بأنه في السواد بلا ياء. قال: ولو كانت يقضي لكانت بالحق وهذا الاحتجاج لا يلزم لأن مثل هذه الياء تحذف كثيرا.
وأما قوله لو كانت يقضي لكانت بالحق فلا يلزم أيضا لأن معنى يقضي يأتي ويصنع فالمعنى:
- يأتي الحق
- ويجوز أن يكون المعنى يقضي القضاء الحق). [معاني القرآن: 2/434-435]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قل لو أنّ عندي ما تستعجلون به} من عقوبة اللّه.
{لقضي الأمر بيني وبينكم} أي: لعجّلته لكم فأنقضي ما بيننا). [تفسير غريب القرآن:154]

تفسير قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض...}، يجوز رفعها). [معاني القرآن: 1/338]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو ويعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلاّ يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلاّ في كتابٍ مّبينٍ}
وقال: {وما تسقط من ورقةٍ إلاّ يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلاّ في كتابٍ مّبينٍ} جر على {من} وإن شئت رفعت على"تسقط"، وإن شئت جعلته على الابتداء وتقطعه من الأول). [معاني القرآن: 1/240]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلّا هو ويعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقة إلّا يعلمها ولا حبّة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلّا في كتاب مبين}
معنى مفاتح الغيب أي: عنده الوصلة إلى علم الغيب، وكل ما لا يعلم إذا استعلم يقال فيه افتح على.
قوله: {ويعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقة إلّا يعلمها}، المعنى: أنه يعلمها ساقطة وثابتة،
وأنت تقول: ما يجيئك أحد إلا وأنا أعرفه، فليس معناه إلا وأنا أعرفه في حال مجيئه فقط.
ويجوز {ولا حبّة} ويجوز {ولا حبّة} فمن رفع فعلى ضربين:
1- جائز أن يكون على معنى ما تسقط ورقة ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس {إلّا في كتاب مبين} و{في كتاب مبين} هنا على معنيين يتصرف.
2- ويجوز أن يكون معنى {في كتاب مبين}أن يكون اللّه أثبت ذلك في كتاب من قبل أن يخلق كما قال: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلّا في كتاب من قبل أن نبرأها}، فأعلم أنه قد أثبت ما خلق من قبل خلقه). [معاني القرآن: 2/257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}
جمع مفتح: مفاتح .
وجمع مفتاح: مفاتيح، أي: الوصلة إلى علم الغيب
حدثنا محمد بن الحسن يعرف بابن بدينا قال حدثنا أبو مصعب الزهري قال حدثنا صالح بن قدامة الجمحي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((مفاتح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله جل وعز))). [معاني القرآن: 436-2/435]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله تعالى: {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها} المعنى: أنه يعلمها سقطت أو لم تسقط كما تقول ما يجيئك أحد إلا وأنا أعرفه فليس أنك لا تعرفه إلا في حال مجيئه.
ومن للتوكيد والدليل على أنها للتوكيد أن الحسن قرأ {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} أي: إلا يعلمه علما يقينا
- ويجوز أن يكون المعنى إلا قد كتبه قبل أن يخلقه والله أعلم بما أراد.
* فإن قيل ما الفائدة على هذا الجواب في كتبه وهو يعلمه؟
- فالجواب: عن هذا أنه لتعظيم الأمر أي اعلموا أن هذا الذي ليس فيه ثواب ولا عقاب مكتوب فكيف بما فيه ثواب وعقاب). [معاني القرآن: 2/436-437]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({جرحتم بالنّهار} أي: كسبتم). [مجاز القرآن: 1/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({جرحتم}: كسبتم وكذلك اجترحتم، والجوارح الكواسب. مثال عبد الرجل وأمته ومن كسب عليه يقال لا ترك الله له جارحا أي لا ترك الله له عبدا ولا أمة ولا شيئا ممال يكتسبه). [غريب القرآن وتفسيره: 137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({جرحتم بالنّهار} أي: كسبتم.
{ثمّ يبعثكم فيه} أي: يبعثكم في النهار من نومكم.
{ليقضى أجلٌ مسمًّى}: الموت). [تفسير غريب القرآن: 154]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار ثمّ يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمّى ثمّ إليه مرجعكم ثمّ ينبّئكم بما كنتم تعملون} أي: ينيمكم فيتوفى نفوسكم التي بها تميزون كما قال - عزّ وجلّ -:{اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها}
ومعنى: {يبعثكم فيه} أي: ينبهكم من نومكم فيه في النهار.
{ليقضى أجل مسمّى}أي: يبعثكم من نومكم إلى أن تبلغوا أجالكم). [معاني القرآن: 2/257-258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} أي: ينيمكم فيتوفى الأنفس التي تميزون بها كما قال الله عز وجل: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} ). [معاني القرآن: 2/437]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ويعلم ما جرحتم بالنهار}،
قال ابن أبي نجيح: أي كسبتم ومعروف في اللغة أنه يقال جرح إذا كسب ومنه وما علمتم من الجوارح مكلبين). [معاني القرآن: 2/438]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ثم يبعثكم فيه}،
قال: ابن أبي نجيح أي في النهار). [معاني القرآن: 2/438]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل عز {ليقضى أجل مسمى} أي: لتستوفوا أجلكم). [معاني القرآن: 2/438]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ويعلم ما جرحتم بالنهار} أي: ما كسبتم). [ياقوتة الصراط: 221]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} أي: كسبتم.
{ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} أي: النهار من نومكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 76]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جَرَحْتُم}: كسبتم). [العمدة في غريب القرآن: 127]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وهم لا يفرّطون} أي: لا يتوانون ولا يتركون شيئاً، ولا يخلفونه ولا يغادرون). [مجاز القرآن: 1/194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون}الحفظة الملائكة، واحدهم حافظ والجمع حفظة، مثل كاتب وكتبة، وفاعل وفعلة.
وقوله: {حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا} أي: هؤلاء الحفظة لأنه قال: {ويرسل عليكم حفظة}
{وهم لا يفرّطون} أي: لا يغفلون ولا يتوانون، ومعنى التفريط في اللغة: تقدمة العجز.
فالمعنى أنهم لا يعجزون). [معاني القرآن: 2/258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا}،
قال إبراهيم النخعي: يعني أعوان ملك الموت يتوفون الأرواح ويدفعونها إلى ملك الموت أو يرفعونها كذا في الحديث). [معاني القرآن: 2/438-439]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وهم لا يفرطون}،
قال أبو عبيدة: لا يتوانون.
وقال غيره معنى فرطت: قدمت العجز). [معاني القرآن: 2/439]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({وهم لا يفرطون} أي: لا يقصرون). [ياقوتة الصراط: 221]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ} مجازه: مولاهم ربهم). [مجاز القرآن: 1/194]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قل من ينجّيكم مّن ظلمات البرّ والبحر تدعونه تضرّعاً وخفيةً...}
يقال: خفية وخفية. وفيها لغة بالواو، - ولا تصلح في القراءة -: خفوة وخفوة؛ كما قيل: قد حلّ حبوته وحبوته وحبيته). [معاني القرآن: 1/338]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لّئن أنجانا من هذه...}
قراءة أهل الكوفة، - وكذلك هي في مصاحفهم - "أن ج ى ن ألف" وبعضهم بالألف (أنجانا) وقراءة الناس (أنجيتنا) بالتاء). [معاني القرآن: 1/338]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({تضرّعاً وخفيةً} أي: تخفون في أنفسكم). [مجاز القرآن: 1/194]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل من ينجّيكم مّن ظلمات البرّ والبحر تدعونه تضرّعاً وخفيةً لّئن أنجانا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين}
وقال: {تدعونه تضرّعاً وخفيةً} وقال في موضع آخر {وخيفةً}
و"الخفية": الإخفاء و"الخيفة" من الخوف والرّهبة). [معاني القرآن: 1/240]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل من ينجّيكم من ظلمات البرّ والبحر تدعونه تضرّعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين}: يجوز في القراءة ينجيكم بالتخفيف.
لقوله: {لئن أنجيتنا} و{لئن أنجانا}، والأجود {ينجّيكم} بالتشديد للكثرة.
ومعنى {ظلمات البر والبحر} شدائد البر والبحر،
والعرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدة يوم مظلم، حتى إنهم يقولون يوم ذو كواكب أي قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل.
قال الشاعر:
بني أسد هل تعلمون بلاءنا = إذا كان يوم ذو كواكب أشهب
وأنشدوا:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي = إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا
فمعنى: {ظلمات البرّ والبحر} شدائدهما.
وقوله: {تدعونه تضرّعا وخفية}بالضم والكسر في {خفية}: والمعنى تدعونه مظهرين الضراعة،
وهي: شدة الفقر إلى الشيء والحاجة.
وتدعونه خفية أي: تدعونه في أنفسكم تضمرون في فقركم وحاجاتكم إليه كما تضمرون.
وقوله: {لئن أنجانا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين} أي: في أي شدة وقعتم قلتم: لئن أنجانا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين). [معاني القرآن: 2/258-259]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} الظلمات ههنا الشدائد والعرب تقول يوم مظلم إذا كان شديدا فإذا عظمت ذلك قالت يوم ذو كواكب وأنشد سيبوبه:
بني أسد لو تعلمون بلاءنا = إذا كان يوم ذو كواكب أشنعا).
[معاني القرآن: 2/439-440]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {تدعونه تضرعا وخفية} أي: تظهرون التضرع وهو أشد الفقر إلى الشيء والحاجة إليه.
وخفية أي: وتبطنون مثل ذلك فأمر الله النبي صلى الله عيه وسلم أن يوبخهم إذ كانوا يدعون الله تبارك وتعالى في الشدائد ثم يدعون معه في غير الشدائد الأصنام وهي لا تضر ولا تنفع). [معاني القرآن: 2/440]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً...}
كما فعل بقوم نوح: المطر والحجارة والطوفان {أو من تحت أرجلكم}: الخسف
{أو يلبسكم شيعاً}: يخلطكم شيعا ذوي أهواء). [معاني القرآن: 1/338]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أو يلبسكم شيعاً} يخلطهم، وهو من الالتباس.
و{شيعاً}: فرقاً، واحدتها: شيعة). [مجاز القرآن: 1/194]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً مّن فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعضٍ انظر كيف نصرّف الآيات لعلّهم يفقهون}
وقال: {أو يلبسكم شيعاً} لأنها من "لبس" "يلبس" "لبساً"). [معاني القرآن: 1/241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أو يلبسكم شيعا}: من الالتباس. والشيع الفرق).[غريب القرآن وتفسيره: 137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({عذاباً من فوقكم}: الحجارة والطوفان. {أو من تحت أرجلكم}: الخسف. {أو يلبسكم شيعاً}: من الالتباس عليكم حتى تكونوا شيعا أي: فرقا مختلفين.
{ويذيق بعضكم بأس بعضٍ}: بالقتال والحرب). [تفسير غريب القرآن: 154]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (فأمر اللّه عزّ وجلّ - أن يسألهم على جهة التوبيخ لهم والتقرير بأنه ينجيهم ثمّ هم يشركون معه الأصنام التي علموا أنها من صنعتهم، أنّها لا تنفع ولا تضر، وأنه قادر على تعذيبهم فقال: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرّف الآيات لعلّهم يفقهون} نحو الحجارة التي أمطرها على قوم لوط، ونحو الطوفان الذي غرق به قوم فرعون.
{أو من تحت أرجلكم} نحو الخسف الذي نال قارون ومن خسف به.
{أو يلبسكم شيعا}
معنى {يلبسكم}: يخلط أمركم خلط اضطراب، لا خلط اتفاق، يقال: لبست الأمر ألبسه لم أبينه، وخلطت بعضه ببعض، ويقال: لبست الثوب ألبسه.
ومعنى {شيعا} أي: يجعلكم فرقا، لا تكونون شيعة واحدة فإذا كنتم مختلفين قاتل بعضكم بعضا، وهو معنى قوله {ويذيق بعضكم بأس بعض}.
ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل اللّه جلّ وعزّ ألّا يبتلي هذه الأمة بعذاب يستأصلها به، وألّا يذيق بعضها بأس بعض، فأجابه في صرف العذاب، ولم يجبه في ألا يذيق بعضها بأس بعض وأن لا تختلف). [معاني القرآن: 2/259-260]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم}،
قال عامر بن عبد الله كان ابن عباس يقول: أما العذاب من فوقكم فأئمة السوء وأما العذاب من تحت أرجلكم فخدم السوء.
وقال الضحاك: {من فوقكم} من كباركم. {أو من تحت أرجلكم}: من سفلتكم
قال أبو العباس: {من فوقكم} يعني الرجم. {أو من تحت أرجلكم} يعني الخسف). [معاني القرآن: 2/440-441]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أو يلبسكم شيعا} الشيع الفرق والمعنى شيعا متفرقة مختلفة لا متفقة ولبست خلطت ويبينه قوله جل وعز: {ويذيق بعضكم بأس بعض}،
قال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يعني الفتن والاختلاف). [معاني القرآن:2/441]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَلْبِسَكُمْ}: يغشيكم بالبلاء). [العمدة في غريب القرآن: 127]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)}:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وكذّب به قومك وهو الحقّ قل لست عليكم بوكيل}أي: إنما أدعوكم إلى اللّه وإلى شريعته، ولم أومر بحربكم ولا أخذكم بالإيمان كما يؤخذ الموكل بالشيء يلزم بلوغ آخره). [معاني القرآن: 2/260]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل} هذا من قبل أن يؤمر بالحرب، أي لست أحاربكم حتى تؤمنوا، أي لست بمنزلة الموكل بكم حتى تؤمنوا). [معاني القرآن: 2/441-442]

تفسير قوله تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لكلّ نبإٍ أي خبر مستقرٌّ} أي: غاية). [تفسير غريب القرآن: 154]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {لكلّ نبإ مستقرّ وسوف تعلمون}أي: لأخذكم بالإيمان على جهة الحرب، واضطراركم إليه ومقاتلتكم عليه، مستقر، أي وقت.
{وسوف تعلمون}
- جائز أن يكون وعدهم بعذاب الآخرة.
- وجائز أن يكون وعدهم بالحرب، وأخذهم بالإيمان شاءوا أو أبوا، إلا أن يعطي أهل الكتاب الجزية). [معاني القرآن: 2/260]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون} وهذا تهديد إما بعذاب يوم القيامة وإما بالأمر بالحرب). [معاني القرآن:2/442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ} أي: غاية). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 76]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)}:
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({الذّكرى} والذّكر واحد). [مجاز القرآن: 1/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يخوضون في آياتنا} بالاستهزاء). [تفسير غريب القرآن: 155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره}،
روى شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: هم الذين يستهزئون بكتاب الله نهاه الله أن يجلس معهم إلا أن ينسى فإذا ذكر قام قال تعالى: {فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}.
وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: هم الذين يقولون في القرآن غير الحق). [معاني القرآن: 2/442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} بالاستهزاء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 77]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولكن ذكرى...}
في موضع نصب أو رفع؛ بفعل مضمر؛ {ولكن}نذكرهم {ذكرى} والرفع على قوله {ولكن} هو {ذكرى}). [معاني القرآن: 1/339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلّهم يتّقون}أي: وما عليك أيها النبي وعلى المؤمنين من حسابهم أي من كفرهم ومخالفتهم أمر اللّه.
{ولكن ذكرى}أي: ولكن عليكم أن تذكروهم.
و {ذكرى}:
1- يجوز أن يكون في موضع رفع ونصب، فمن نصب فالمعنى ولكن ذكروهم ذكرى، ومن رفع فعلى وجهين، أحدهما ولكن عليكم أن تذكروهم، كما قال: {إن عليك إلاّ البلاغ}.
2- وجائز أن يكون: ولكن الذين تأمرون به ذكرى.
{لعلّهم يتّقون} أي: لترجى منهم التقوى). [معاني القرآن: 2/261]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء}،
قال مجاهد: أي لو جلسوا ولكن لا يجلسوا أي لأن الله قد نهاهم). [معاني القرآن:2/443]

تفسير قوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعباً ولهواً...}
يقال: ليس من قوم إلاّ ولهم عيد فهم يلهون في أعيادهم، إلا أمّة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإن أعيادهم برّ وصلاة وتكبير وخير.
وقوله: {وذكّر به أن تبسل نفسٌ} أي: ترتهن .
(والعرب تقول: هذا عليك بسل أي: حرام.
ولذلك قيل: أسد باسل أي: لا يقرب)
والعرب تقول: أعط الراقي بسلته، وهو أجر الرقية). [معاني القرآن: 1/339]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أن تبسل نفسٌ} أي: ترتهن وتسلم،
قال عوف ابن الأحوص بن جعفر:
وإبسالي بنيّ بغير جرمٍ = بعوناه ولا بدمٍ مراق

بعوناه، أي: جنيناه، وكان حمل عن غنيٍّ لبنى قشيرٍ دم ابنى السّجفيّة، فقالوا: لا نرضى بك، فرهنهم بنيه، قال النابغة الجعديّ:
ونحن رهنّا بالافاقة عامراً = بما كان في الدّرداء رهناً فأبسلا

وقال الشّنفري:
هنالك لا أرجو حياةً تسرّني = سمير الليالي مبسلا بالجزائر

أي: أبد الليالي.
وكذلك في آية أخرى: {أولئك الّذين أبسلوا}.
{وإن تعدل كلّ عدلٍ لا يؤخذ منها} مجازه: إن تقسط كل قسطٍ لا يقبل منها. لأنّما التوبة في الحياة). [مجاز القرآن: 1/194-195]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرّتهم الحياة الدّنيا وذكّر به أن تبسل نفسٌ بما كسبت ليس لها من دون اللّه وليٌّ ولا شفيعٌ وإن تعدل كلّ عدلٍ لاّ يؤخذ منها أولئك الّذين أبسلوا بما كسبوا لهم شرابٌ مّن حميمٍ وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون}
وقال: {أن تبسل نفسٌ بما كسبت} وهي من "أبسل" "إبسالاً".
[و] قال: {أولئك الّذين أبسلوا}). [معاني القرآن: 1/241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أن تبسل نفس بما كسبت}: تسلم وترتهن، ومنه {أبسلوا بما كسبوا}). [غريب القرآن وتفسيره:138-137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أن تبسل نفسٌ} أي: تسلم للهلكة.
قال الشاعر:
وإبسالي بنيّ بغير جرم = بعوناه ولا بدم مراق

أي بغير جرم أجرمناه. والبعو: الجناية.
{لهم شرابٌ من حميمٍ} وهو الماء الحار. ومنه سمي الحمام). [تفسير غريب القرآن: 155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرّتهم الحياة الدّنيا وذكّر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون اللّه وليّ ولا شفيع وإن تعدل كلّ عدل لا يؤخذ منها أولئك الّذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون (70)}
معنى تبسل - بعملها تكون غير قادرة على التخلص، والمستبسل المستسلم الذي يعلم أنه لا يقدر على التخلص.
قال الشاعر:
وإبسالي بنيّ بغير جرم = بعوناه ولا بدم مراق

أي: إسلامي إياهم،
وقيل {أن تبسل} ترهن، والمعنى واحد،
ويقال أسد باسل، وشجاع باسل، وتأويله أن معه من الإقدام ما يستبسل له قرنه.
ويقال هذا بسل عليك أي حرام عليك فجائز أن يكون أسد باسل من هذا، أي لا يقدر عليه، ويقال أعط الرافي بسلته، أي أجرته، وإنما تأويله أنه عمل الشيء الذي قد استبسل صاحبه معه). [معاني القرآن: 2/261]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا}،
قال قتادة: هذا منسوخ نسخه قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}). [معاني القرآن:2/443]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت}،
قال مجاهد: تسلم.
وقال الكسائي والأخفش: أي: تجزى.
وقال الفراء: أي: ترتهن.
وهذه المعاني متقاربة، وقول مجاهد حسن؛ أي تسلم بعملها، لا تقدر على التخلص؛ لأنه يقال استبسل فلان للموت أي رأى ما لا يقدر على دفعه وينشد:
وإبسالي بنيّ بغير جرم = بعوناه ولا بدم مراق

قال أبو جعفر بعوناه أي: جنيناه). [معاني القرآن: 2/443-444]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها}،
قال قتادة: العدل الفدية وقد بيناه فيما تقدم). [معاني القرآن: 2/444-445]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أن تبسل} أي: أن تحبس في جهنم). [ياقوتة الصراط:222]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ} تسلم للهلكة.
{أُبْسِلُواْ} أي: أسلموا وارتهنوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 77]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تبْسِلُ}: ترتهن). [العمدة في غريب القرآن: 128]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله: {يدعونه إلى الهدى ائتنا...}
كان أبو بكر الصدّيق وامرأته يدعوان عبد الرحمن ابنهما إلى الإسلام فهو قوله: {إلى الهدى ائتنا} أي :أطعنا، ولو كانت "إلى الهدى أن ائتنا" لكان صوابا؛ كما قال: {إنّا أرسلنا نوحاً إلى قومه أن أنذر قومك} في كثير من أشباهه، يجيء بأن، ويطرحها). [معاني القرآن: 1/339]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ونردّ على أعقابنا} يقال: ردّ فلان على عقيبيه أي: رجع ولم يظفر بما طلب ولم يصب شيئاً). [مجاز القرآن: 1/196]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({كالّذي استهوته الشّياطين}؛ وهو: الحيران الذي يشبّه له الشياطين فيتبعها حتى يهوى في الأرض فيضلّ). [مجاز القرآن: 1/196]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل أندعوا من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يضرّنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض حيران له أصحابٌ يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إنّ هدى اللّه هو الهدى وأمرنا لنسلم لربّ العالمين}
وأمّا قوله: {حيران له أصحابٌ} فإنّ كلّ "فعلان" له "فعلى" فإنّه لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة.
وأمّا قوله: {إلى الهدى ائتنا} فان الألف التي في {ائتنا} ألف وصل ولكن بعدها همزة من الأصل هي التي في "أتى" وهي الياء التي في قولك "إيتنا"، ولكنها لم تهمز حين ظهرت ألف الوصل. لأن ألف الوصل مهموزة إذا استؤنفت فكرهوا اجتماع همزتين.
وقال: {وأمرنا لنسلم لربّ العالمين} يقول: إنّما أمرنا كي نسلم لربّ العالمين، كما قال: {وأمرت أن أكون من المؤمنين} أي: إنما أمرت بذلك). [معاني القرآن: 1/241-242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({نرد على أعقابنا}: نرجع.
{استهوته الشياطين}: استمالته). [غريب القرآن وتفسيره: 138]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض} أي: هوت به وذهبت
{حيران له أصحابٌ يدعونه إلى الهدى ائتنا} يقولون له: ائتنا نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر وأصحابه: أبوه وأمه). [تفسير غريب القرآن: 155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قل أندعو من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يضرّنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إنّ هدى اللّه هو الهدى وأمرنا لنسلم لربّ العالمين}
{ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه} أي: نرجع إلى الكفر، ويقال لكل من أدبر قد رجع إلى خلف ورجع القهقرى.
وقوله: {كالذي استهوته الشياطين في الأرض} أي: كالذي زينت له الشياطين هواه.
وقوله {حيران} منصوب على الحال، أي: كالذي استهوته في حال حيرته.
وقوله:{له أصحاب يدعونه إلى الهدى} قيل في التفسير: يعنى بهذا عبد الرحمن بن أبي بكر، {ائتنا}أي تابعنا في إيماننا.
{وأمرنا لنسلم لربّ العالمين} أي: يدعونه ويقولون له {أمرنا لنسلم لربّ العالمين}
العرب تقول أمرتك بأن تفعل، وأمرتك لتفعل، وأمرتك بأن تفعل،
- فمن قال أمرتك بأن تفعل فالباء للإلصاق، المعنى وقع الأمر بهذا الفعل.
- ومن قال أمرتك أن تفعل فعلى حذف الباء.
- ومن قال أمرتك لتفعل فقد أخبر بالعلّة التي لها وقع الأمر.
المعنى أمرنا للإسلام). [معاني القرآن: 2/262]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا}،
قال مجاهد: يعني الأوثان). [معاني القرآن: 2/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله} أي: إلى الكفر،
قال أبو عبيدة: يقال لمن رد عن حاجته ولم يظفر بها قد رد على عقبيه.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: معناه: يعقب بالشر بعد الخير وأصله من العاقبة والعقبى وهما ما كان تاليا للشيء راجيا أن يتبعه ومنه والعاقبة للمتقين ومنه عقب الرجل ومنه العقوبة لأنها تالية للذنب وعنه تكون). [معاني القرآن: 2/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران} معنى استهوته زينت له هواه). [معاني القرآن: 2/446]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا}). [معاني القرآن: 2/446]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): {اسْتَهْوَتْهُ} أي: هوت به وذهبت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 77]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({اسْتَهْوَتْهُ}: استمالته). [العمدة في غريب القرآن: 128]

تفسير قوله تعالى:{وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأن أقيموا الصّلاة...}
مردودة على اللام التي في قوله: {وأمرنا لنسلم} والعرب تقول: أمرتك لتذهب (وأن تذهب) فأن في موضع نصب بالردّ على الأمر. ومثله في القرآن كثير). [معاني القرآن: 1/339]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وأن أقيموا الصّلاة واتّقوه وهو الّذي إليه تحشرون}
ثم قال: {وأن أقيموا الصّلاة واتّقوه} أي: وأمرنا أن أقيموا الصّلاة واتّقوه. أو يكون أوصل الفعل بالّلام،
والمعنى: أمرت أن أكون. كما أوصل باللام في قوله: {لربّهم يرهبون}). [معاني القرآن: 1/242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {وأن أقيموا الصّلاة واتّقوه وهو الّذي إليه تحشرون}
فيه وجهان:
1- أحدهما أن تكون أمرنا لأن نسلم ولأن نقيم الصلاة
2- ويجوز أن يكون محمولا على المعنى، لأن المعنى أمرنا بالإسلام. وبإقامة الصلاة.
وموضع أن نصب، لأن الباء لما سقطت أفضى الفعل فنصب.
وفيه وجه آخر، يجوز أن يكون محمولا على قوله: {يدعونه إلى الهدى ائتنا}،

{وأن أقيموا الصلاة} أي: ويدعونه أن أقيموا الصلاة). [معاني القرآن: 2/263]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {كن فيكون...}
يقال إنّ قوله: {فيكون}للصّور خاصّة، أي يقول للصّور: {كن فيكون}.
ويقال إن قوله: {كن فيكون} لقوله هو الحقّ من نعت القول، ثم تجعل فعله {يوم ينفخ في الصّور} يريد: يكون قوله الحقّ يومئذ.
وقد يكون أن تقول: {ويوم يقول كن فيكون} لكل شيء فتكون كلمة مكتفية وترفع القول بالحقّ، وتنصب (اليوم) لأنه محل لقوله الحقّ.
والعرب تقول: نفخ في الصور ونفخ.
وفي قراءة عبد الله: {كهيئة الطير فأنفخها فتكون طيرا بإذني}
وقال الشاعر:
لولا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم = ولا خراسان حتى ينفخ الصور
ويقال: إن الصّور قرن.
ويقال: هو جمع للصور ينفخ في الصور في الموتى. والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 1/340]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({يوم ينفخ في الصّور} يقال: إنها جمع صورة تنفخ فيها روحها فتحيا، بمنزلة قولهم: سور المدينة واحدتها سورة، وكذلك كل ما علا وارتفع، كقول النابغة:
ألم تر أنّ الله أعطاك سورةً = ترى كلّ ملكٍ دونها يتذبذب

وقال العجّاج:
فربّ ذي سرادقٍ محجور = سرت إليه في أعالي السّور

ومنها: سورة المجد أعاليه؛ وقال جرير:
لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت = سور المدينة والجبال الخشّع).
[مجاز القرآن: 1/196-197]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وهو الّذي خلق السّماوات والأرض بالحقّ ويوم يقول كن فيكون قوله الحقّ وله الملك يوم ينفخ في الصّور عالم الغيب والشّهادة وهو الحكيم الخبير}
وقال: {ويوم يقول كن فيكون}
قال: {يوم} مضاف إلى قوله: {كن فيكون} وهو نصب وليس له خبر ظاهر والله اعلم. وهو على ما فسرت لك.
وكذلك {يوم ينفخ في الصّور} وقال بعضهم {يوم ينفح في الصّور} وقال بعضهم {ينفخ} {عالم الغيب والشّهادة}). [معاني القرآن: 1/242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي خلق السّماوات والأرض بالحقّ ويوم يقول كن فيكون قوله الحقّ وله الملك يوم ينفخ في الصّور عالم الغيب والشّهادة وهو الحكيم الخبير}
{ويوم يقول كن فيكون}
نصب " يوم " على وجهين:
-أحدهما: على معنى: واتقوه ويوم يقول فيكون نسقا على الهاء، كما قال عزّ وجلّ: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا}.
- والأجود: أن يكون على معنى: واذكر يقول كن فيكون، لأن بعده.. {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر}
- وفيه وجه ثالث: وهو العطف على السّماوات والأرض.
المعنى: وهو الذي خلق السّماوات والأرض بالحق وخلق يوم يقول كن فيكون.
فإن قال قائل: إن يوم القيامة لم يأت بعد. فإن ما أنبأنا اللّه بكونه فحقيقته واقع لا محالة.
وقوله: {كن فيكون}
قال بعضهم: المخاطبة ههنا للصور المعنى ويوم يقول للصور كن فيكون، وما ذكر من الصور يدل عليه.
وقيل إن قوله (كن) فيه أسماء جميع ما يخلق في ذلك الوقت المعنى:
{ويوم يقول كن فيكون} وهذا ذكر ليدل على سرعة أمر البعث والساعة.
كأنه قال: ويوم يقول للخلق موتوا فيموتون وانتشروا فينتشرون.
كأنه يأمر الحياة فتكون فيهم، والموت فيحل أولا يفنى جميع الخلق.
وقيل {ويوم يقول كن فيكون} (قوله) أي يأمر فيقع أمره، و (الحقّ) من نعت (قوله) كما تقول: قد قلت فكان قولك، فالمعنى ليس أنك قلت فكان الكلام، إنما المعنى أنه كان ما دلّ عليه القول.
وعلى القول الأول قد رفع (قوله) بالابتداء و (الحقّ) خبر الابتداء.
وقوله: {يوم ينفخ في الصّور}.
يجوز أن يكون نصب (يوم) على {وله الملك يوم ينفخ في الصّور} مبينا عن قوله: {ويوم يقول كن فيكون}.
ويجوز أن يكون منصوبا بقوله (الحق).
المعنى و {قوله الحق يوم ينفخ في الصور} .
* فإن قال قائل: للّه الملك في كل وقت فلم خصّ يوم القيامة، ويوم ينفخ في الصور؟
- فالجواب: في هذا أنه في اليوم الذي لا يظهر فيه من أحد نفع لأحد ولا ضر، كما قال: {والأمر يومئذ للّه} والأمر في كل وقت للّه جلّ وعزّ.
وقالوا في الصور قولين:
1- قيل: في التفسير إن الصور اسم لقرن ينفخ فيه.
2- وقيل: الصور جمع صورة، وكلاهما جائز، وأثبتها في الحديث.
والرواية أن الصور قرن، والصور جمع صورة: أهل اللغة على هذا). [معاني القرآن: 2/263-264]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون} والمعنى: اتقوا يوم يقول كن فيكون، ويجوز أن يكون معطوفا على قوله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق}.
* فإن قيل ما معنى وخلق يوم يقول كن فيكون؟
- فالجواب:
- أن ما أخبر الله جل وعز أنه كائن فهو بمنزلة ما قد كان
- ويجوز أن يكون المعنى واذكروا وهذا أحسن الأجوبة لأن بعده {وإذ قال إبراهيم}.
وقيل المعنى: {ويوم يقول كن فيكون} للصور.
وقيل المعنى: فيكون ما أراد من موت الخلائق وبعثهم والتمام على هذين الجوابين عند قوله: {فيكون}.
وقيل المعنى: فيكون قوله أي فيكون يأمر به ويكون التمام على هذا فيكون قوله الحق.
قال أبو عبيدة: الصور جمع صورة وهذا القول مما رد عليه لأن عبد الله بن مسعود قال: الصور قرن.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((لم يزل صاحب الصور ملتقمه منذ خلقه الله ينتظر متى يؤمر بالنفخ فيه))
وقال عمرو بن عبيد: قرأ عياض {يوم ينفخ في الصور} وهذا يعني به الخلق. والله أعلم). [معاني القرآن: 2/446-448]


رد مع اقتباس