عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 05:59 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ذلك جزاؤهم بأنّهم كفروا بآياتنا وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا (98) أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض قادرٌ على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظّالمون إلا كفورًا (99)}.
يقول تعالى: هذا الّذي جازيناهم به، من البعث على العمى والبكم والصّمم، جزاؤهم الّذي يستحقّونه؛ لأنّهم كذّبوا (بآياتنا) أي بأدلّتنا وحججنا، واستبعدوا وقوع البعث (وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا) باليةً نخرةً (أئنّا لمبعوثون خلقًا جديدًا) أي: بعد ما صرنا إلى ما صرنا إليه من البلى والهلاك، والتّفرّق والذّهاب في الأرض نعاد مرّةً ثانيةً؟ فاحتجّ تعالى عليهم، ونبّههم على قدرته على ذلك، بأنّه خلق السّماوات والأرض، فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك كما قال: {لخلق السّماوات والأرض أكبر من خلق النّاس} [غافرٍ: 57] وقال {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى إنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الأحقاف: 33] وقال {أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون * فسبحان الّذي بيده ملكوت كلّ شيءٍ وإليه ترجعون} [يس: 81، 83].
وقال هاهنا: (أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض قادرٌ على أن يخلق مثلهم) أي: يوم القيامة يعيد أبدانهم وينشّئهم نشأةً أخرى، ويعيدهم كما بدأهم.
وقوله: (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه) أي: جعل لإعادتهم وإقامتهم من قبورهم أجلًا مضروبًا ومدّةً مقدّرةً لا بدّ من انقضائها، كما قال تعالى: {وما نؤخّره إلا لأجلٍ معدودٍ} [هودٍ: 104].
وقوله: (فأبى الظّالمون) أي: بعد قيام الحجّة عليهم (إلا كفورًا) إلّا تماديًا في باطلهم وضلالهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 123]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربّي إذًا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورًا (100)}
يقول تعالى لرسوله صلوات اللّه عليه وسلامه قل لهم يا محمّد: لو أنّكم -أيّها النّاس- تملكون التّصرّف في خزائن اللّه، لأمسكتم خشية الإنفاق.
قال ابن عبّاسٍ، وقتادة: أي الفقر أي: خشية أن تذهبوها، مع أنّها لا تفرغ ولا تنفد أبدًا؛ لأنّ هذا من طباعكم وسجاياكم؛ ولهذا قال: (وكان الإنسان قتورًا) قال ابن عبّاسٍ، وقتادة: أي بخيلًا منوعًا. وقال اللّه تعالى: {أم لهم نصيبٌ من الملك فإذًا لا يؤتون النّاس نقيرًا} [النّساء: 53] أي: لو أنّ لهم نصيبًا في ملك اللّه لما أعطوا أحدًا شيئًا، ولا مقدار نقيرٍ، واللّه تعالى يصف الإنسان من حيث هو، إلّا من وفّقه اللّه وهداه؛ فإنّ البخل والجزع والهلع صفةٌ له، كما قال تعالى: {إنّ الإنسان خلق هلوعًا * إذا مسّه الشّرّ جزوعًا * وإذا مسّه الخير منوعًا * إلا المصلّين} [المعارج: 19 -22]. ولهذا نظائر كثيرةٌ في القرآن العزيز، ويدلّ هذا على كرمه وجوده وإحسانه، وقد جاء في الصّحيحين: "يد اللّه ملأى لا يغيضها نفقةٌ، سحّاء اللّيل والنّهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السّماوات والأرض فإنّه لم يغض ما في يمينه"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 124]

رد مع اقتباس