عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 03:39 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ خلقهنّ العزيز العليم (9) الّذي جعل لكم الأرض مهدًا وجعل لكم فيها سبلاً لعلّكم تهتدون}.
يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمّد هؤلاء المشركين من قومك: من خلق السّماوات السّبع والأرضين، فأحدثهنّ وأنشأهنّ؟ ليقولنّ: خلقهنّ العزيز في سلطانه وانتقامه من أعدائه، العليم بهنّ وما فيهنّ من الأشياء، لا يخفى عليه شيءٌ). [جامع البيان: 20/553-554]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وجعل لكم فيها سبلا قال طرقا). [تفسير عبد الرزاق: 2/194]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {الّذي جعل لكم الأرض مهدًا} يقول: الّذي مهّد لكم الأرض، فجعلها لكم وطاءً توطئونها بأقدامكم، وتمشون عليها بأرجلكم {وجعل لكم فيها سبلاً} يقول: وسهّل لكم فيها طرقًا تتطرّقونها من بلدةٍ إلى بلدةٍ، لمعايشكم ومتاجركم.
- كما حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وجعل لكم فيها سبلاً} أي طرقًا.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {الّذي جعل لكم الأرض مهدًا} قال: بساطًا {وجعل لكم فيها سبلاً} قال: الطّرق.
{لّعلّكم تهتدون} يقول: لكي تهتدوا بتلك السّبل إلى حيث أردتم من البلدان والقرى والأمصار، لولا ذلك لم تطيقوا براح أفنيتكم ودوركم، ولكنّها نعمةٌ أنعم بها عليكم). [جامع البيان: 20/554]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذي نزّل من السّماء ماءً بقدرٍ فأنشرنا به بلدةً ميتًا كذلك تخرجون (11) والّذي خلق الأزواج كلّها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون}.
يقول تعالى ذكره: {والّذي نزّل من السّماء ماءً بقدرٍ} يعني: ما نزّل جلّ ثناؤه من الأمطار من السّماء، {بقدرٍ}: يقول: بمقدار حاجتكم إليه، فلم يجعله كالطّوفان، فيكون عذابًا مغرقًا كالّذي أنزل على قوم نوحٍ، ولا جعله قليلاً لا ينبت به النّبات والزّرع من قلّته، ولكن جعله غيثًا، وحيًا للأرض الميتة محييًا {فأنشرنا به بلدةً ميتًا} يقول جلّ ثناؤه: فأحيينا به بلدةً من بلادكم ميتًا، يعني مجدبةً لا نبات بها ولا زرع، قد درست من الجدوب، وتعفّنت من القحوط {كذلك تخرجون} يقول تعالى ذكره: كما أخرجنا بهذا الماء الّذي نزّلناه من السّماء من هذه البلدة الميتة بعد جدوبها وقحوطها النّبات والزّرع، كذلك أيّها النّاس تخرجون من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض رفاتًا بالماء الّذي أنزله إليها لإحيائكم من بعد مماتكم منها أحياء كهيئتكم الّتي بها قبل مماتكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذي نزّل من السّماء ماءً بقدرٍ} الآية، كما أحيا اللّه هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك تبعثون يوم القيامة.
وقيل: أنشرنا به، لأنّ معناه: أحيينا به، ولو وصفت الأرض بأنّها أحييت، قيل: نشرت الأرض، كما قال الأعشى:
حتّى يقول النّاس ممّا رأوا = يا عجبًا للميّت النّاشر). [جامع البيان: 20/554-555]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والّذي خلق الأزواج كلّها} يقول تعالى ذكره: والّذي خلق كلّ شيءٍ فزوّجه؛ أي خلق للذّكور من الإناث أزواجًا، وللإناث من الذّكور أزواجًا {وجعل لكم من الفلك} وهي السّفن {والأنعام} وهي البهائم {ما تركبون} يقول: جعل لكم من السّفن ما تركبونه في البحار إلى حيث قصدتم واعتمدتم في سيركم فيها لمعايشكم ومطالبكم، ومن الأنعام ما تركبونه في البرّ إلى حيث أردتم من البلدان، كالإبل والخيل والبغال والحمير). [جامع البيان: 20/555]

تفسير قوله تعالى: (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وما كنا له مقرنين قال في العبادة في القوة). [تفسير عبد الرزاق: 2/194]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن علي بن ربيعة أنه سمع عليا حين ركب فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله فلما استوى قال الحمد لله ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ثم حمد ثلاثا وكبر ثلاثا ثم قال اللهم لا إله إلا أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك فقيل له ما يضحك يا أمير المؤمنين قال رأيت النبي فعل ما فعلت وقال مثل ما قلت ثم ضحك فقلنا ما يضحك يا نبي الله قال العبد أو قال عجبت للعبد إذا قال لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب
[تفسير عبد الرزاق: 2/194]
إلا أنت قال يعلم أنه يغفر الذنوب إلا هو). [تفسير عبد الرزاق: 2/195]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال كان إذا ركب قال بسم الله ثم يقول اللهم هذا من منك وفضلك علينا الحمد لله ربنا ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين). [تفسير عبد الرزاق: 2/195]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {مقرنين} [الزخرف: 13] : «مطيقين» ). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مقرنين مطيقين وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله وما كنّا له مقرنين قال مطيقين وهو بالقاف ومن طريقٍ للسّدّيّ مثله وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة وما كنّا له مقرنين لا في الأيدي ولا في القوّة). [فتح الباري: 8/566]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ثنا أبي ثنا أبي أنا شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عبّاس وقال ابن جرير حدثني علّي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله 13 الزخرف {وما كنّا له مقرنين} يقول مطيقين). [تغليق التعليق: 4/306]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مقرنين مطيقين
أشار به إلى قوله تعالى: {سبحان الّذي سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين} (الزخرف: 13) وفسره بقوله: (مطيقين) وكذا رواه الطّبريّ بإسناده عن ابن عبّاس وفي التّفسير: مقرنين أي: مطيقين ضابطين قاهرين، وقيل: هو من القرن، كأنّه أراد: وما كنّا له مقاومين في القوّة). [عمدة القاري: 19/158]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مقرنين}). في قوله تعالى: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} [الزخرف: 13] أي (مطيقين) من أقرن الشيء إذا أطاقه ومعنى الآية ليس عندنا من القوّة والطاقة أن نقرن هذه الدابة والفلك أو نضبطها فسبحان من سخر لنا هذا بقدرته وحكمته). [إرشاد الساري: 7/332]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {وما كنّا له مقرنين} [الزخرف: 13] : «يعني الإبل والخيل والبغال والحمير» ). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مقرنين يعني الإبل والخيل والبغال وصله الفريابيّ عن مجاهدٍ بلفظه وزاد والحمير وهذا تفسير المراد بالضّمير في قوله له وأمّا لفظ مقرنين فتقدم معناه قريبا). [فتح الباري: 8/567]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 5 الزخرف {أفنضرب عنكم الذّكر صفحا} قال تكذبون بالقرآن فلا تعاقبون فيه
وفي قوله 8 الزخرف {ومضى مثل الأوّلين} قال سننهم
وفي قوله 13 الزخرف {وما كنّا له مقرنين} الإبل والخيل والبغال والحمير). [تغليق التعليق: 4/306] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {وما كنّا له مقرنين} يعني الإبل والخيل والبغال والحمير قد مر عن قريب معنى، مقرنين، والضّمير في: له، يرجع إلى الأنعام المذكورة قبله، وإنّما ذكر الضّمير لأن الأنعام في معنى الجمع كالجند والجيش والرهط ونحوها من أسماء الجنس، قاله الفراء، وقيل: ردها إلى ما). [عمدة القاري: 19/158-159]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مقرنين}) وللأصيلي وما كنا له مقرنين (يعني الإبل والخيل والبنال والحمير) وهو تفسير للمراد بالضمير في له). [إرشاد الساري: 7/332]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(وقال غيره: {مقرنين} [الزخرف: 13] : " ضابطين، يقال: فلانٌ مقرنٌ لفلانٍ ضابطٌ له). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره مقرنين ضابطين يقال فلانٌ مقرنٌ لفلانٍ ضابطٌ له هو قول أبي عبيدة واستشهد بقول الكميت ولستم للصعاب مقرنينا). [فتح الباري: 8/568-569]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره مقرنين ضابطين يقال فلانٌ مقرنٌ لفلانٍ ضابطٌ له
أي: قال غير قتادة في قوله تعالى: {وما كنّا له مقرنين} وقد مضى الكلام فيه عن قريب). [عمدة القاري: 19/160]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره) أي غير قتادة في قوله: ({مقرنين}) من قوله تعالى: {وما كنا له مقرنين} السابق ذكره أي (ضابطين يقال فلان مقرن لفلان) أي (ضابط له) قاله أبو عبيدة). [إرشاد الساري: 7/333]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لتستووا على ظهوره ثمّ تذكروا نعمة ربّكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين (13) وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون}.
يقول تعالى ذكره: كي تستووا على ظهور ما تركبون.
واختلف أهل العربيّة في وجه توحيد الهاء في قوله: {على ظهوره} وتذكيرها، فقال بعض نحويّي البصرة: تذكيره يجوز على {ما تركبون}، وما هو مذكّرٌ، كما يقال: عندي من النّساء من يوافقك ويسرّك، وقد تذكّر الأنعام وتؤنّث وقد قال في موضعٍ آخر: {ممّا في بطونه} وقال في موضعٍ آخر: {بطونها}.
وقال بعض نحويّي الكوفة: أضيفت الظّهور إلى الواحد، لأنّ ذلك الواحد في معنى جمعٍ بمنزلة الجند والجيش.
قال: فإن قيل: فهلاّ قلت: لتستووا على ظهره، فجعلت الظّهر واحدًا إذا أضفته إلى واحدٍ قلت: إنّ الواحد فيه معنى الجمع، فردّت الظّهور إلى المعنى، ولم يقل ظهره، فيكون كالواحد الّذي معناه ولفظه واحدٌ وكذلك تقول: قد كثر نساء الجند، وقلت: ورفع الجند أعينه ولم يقل عينه قال: وكذلك كلّ ما أضفت إليه من الأسماء الموصوفة، فأخرجها على الجمع، وإذا أضفت إليه اسمًا في معنى فعلٍ جاز جمعه وتوحيده، مثل قولك: رفع العسكر صوته، وأصواته أجود وجاز هذا لأنّ الفعل لا صورة له في الاثنين إلاّ الصّورة في الواحد.
وقال آخر منهم: قيل: لتستووا على ظهره، لأنّه وصفٌ للفلك، ولكنّه وحّد الهاء، لأنّ الفلك بتأويل جمعٍ، فجمع الظّهور ووحّد الهاء، لأنّ أفعال كلّ واحدٍ تأويله الجمع توحّد وتجمع مثل: الجند منهزمٌ ومنهزمون، فإذا جاءت الأسماء خرج على العدد لا غير، فقلت: الجند رجالٌ، فلذلك جمعت الظّهور ووحّدت الهاء، ولو كان مثل الصّوت وأشباهه جاز الجند رافعٌ صوته وأصواته.
وقوله: {ثمّ تذكروا نعمة ربّكم} يقول تعالى ذكره: ثمّ تذكروا نعمة ربّكم الّتي أنعمها عليكم بتسخيره ذلك لكم مراكب في البرّ والبحر {إذا استويتم عليه} فتعظّموه وتمجّدوه، وتقولوا تنزيهًا للّه الّذي سخّر لنا هذا الّذي ركبناه من هذه الفلك والأنعام، ممّا يصفه به المشركون، وتشرك معه في العبادة من الأوثان والأصنام {وما كنّا له مقرنين}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، وعبيد بن إسماعيل الهبّاريّ قالا: حدّثنا المحاربيّ، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ قال: ركبت دابّةً، فقلت: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين}، فسمعني رجلٌ من أهل البيت قال أبو كريبٍ والهبّاريّ: قال المحاربيّ: فسمعت سفيان يقول: هو الحسن بن عليٍّ رضوان اللّه تعالى عليهما، فقال: أهكذا أمرت؟ قال: قلت: كيف أقول؟ قال: تقول الحمد للّه الّذي هدانا الإسلام، الحمد للّه الّذي منّ علينا بمحمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام، الحمد للّه الّذي جعلنا في خير أمّةٍ أخرجت للنّاسٍ، فإذا أنت قد ذكرت نعمًا عظامًا، ثمّ يقول بعد ذلك {سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين (13) وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن أبي مجلزٍ، أنّ الحسن بن عليٍّ رضي اللّه عنه، رأى رجلاً ركب دابّةً، فقال: الحمد للّه الّذي سخّر لنا هذا، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لتستووا على ظهوره ثمّ تذكروا نعمة ربّكم إذا استويتم عليه} يعلّمكم كيف تقولون إذا ركبتم في الفلك تقولون: {بسم اللّه مجراها ومرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيمٌ} وإذا ركبتم الإبل قلتم: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون} ويعلّمكم ما تقولون إذا نزلتم من الفلك والأنعام جميعًا تقولون: اللّهمّ أنزلنا منزلاً مباركًا وأنت خير المنزلين.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، أنّه كان إذا ركب قال: اللّهمّ هذا من منّك وفضلك، ثمّ يقول: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون}.
وقوله: {وما كنّا له مقرنين} وما كنّا له مطيقين ولا ضابطين، من قولهم: قد أقرنت لهذا: إذا صرت له قرنًا وأطقته، وفلانٌ مقرّنٌ لفلانٍ: أي ضابطٌ له مطيقٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {وما كنّا له مقرنين} يقول: مطيقين.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {مقرنين} قال: الإبل والخيل والبغال والحمير.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما كنّا له مقرنين} أي مطيقين، لا واللّه لا في الأيدي ولا في القوّة.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {وما كنّا له مقرنين} قال: في القوّة.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {وما كنّا له مقرنين} قال: مطيقين.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه جلّ ثناؤه: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين} قال: لسنا له مطيقين قال: لا نطيقها إلاّ بك، لولا أنت ما قوينا عليها ولا أطقناها). [جامع البيان: 20/556-560]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن منصور عن إبراهيم قال وضع علقمة بن قيس رجله في الغرز فقال بسم الله فلما قعد على ظهرها قال الحمد لله فلما نهض قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون). [تفسير مجاهد: 579]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما كنا له مقرنين يعني الإبل والخيل والبغال والحمير). [تفسير مجاهد: 579-580]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه} أن تقولوا: الحمد لله الذي من علينا بمحمد عبده ورسوله ثم تقولوا: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} ). [الدر المنثور: 13/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر ركب راحلته ثم كبر ثلاثا ثم قال: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} ). [الدر المنثور: 13/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وأحمد، وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه، وابن جرير والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي رضي الله عنه أنه أتى بدابة فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله ثلاثا والله أكبر ثلاثا {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} سبحانك لا إله إلا أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك فقلت: مم ضحكت يا أمير المؤمنين قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت ثم ضحك فقلت يا رسول الله: مم ضحكت فقال: يعجب الرب من عبده إذا قال: رب اغفر لي ويقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري). [الدر المنثور: 13/187-188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى عليها (كبر ثلاثا وهلل الله وحده ثم ضحك إليه كما ضحكت إليك) ). [الدر المنثور: 13/188]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن محمد بن حمزة بن عمر الأسلمي عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوق ظهر كل بعير شيطان فإذا ركبتموه فاذكروا اسم الله ثم لا تقصروا عن حاجاتكم). [الدر المنثور: 13/189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على ذروة كل بعير شيطان فامتهنوهن بالركوب فإنما يحمل الله). [الدر المنثور: 13/189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد وأحمد والبغوي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن أبي لاس الخزاعي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من بعير إلا في ذروته شيطان فاذكروا اسم الله عليه إذا ركبتموه كما أمركم ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله). [الدر المنثور: 13/189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله {ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه} قال: نعمة الإسلام). [الدر المنثور: 13/189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي مجلز رضي الله عنه قال: رأى حسين بن علي رضي الله عنه رجلا يركب دابة فقال {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} قال: أو بذلك أمرت قال: فكيف أقول قال: الحمد لله الذي هدانا للإسلام الحمد لله الذي من علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي جعلني في خير أمة أخرجت للناس ثم تقول: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} ). [الدر المنثور: 13/189-190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن طاووس رضي الله عنه أنه كان إذ ركب دابة قال: بسم الله اللهم هذا من منك وفضلك علينا فلك الحمد ربنا {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} ). [الدر المنثور: 13/190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما كنا له مقرنين} قال: الإبل والخيل والبغال والحمير). [الدر المنثور: 13/190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وما كنا له مقرنين} قال: مطيقين). [الدر المنثور: 13/191]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وما كنا له مقرنين} قال: لا في الأيدي ولا في القوة). [الدر المنثور: 13/191]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سليمان بن يسار رضي الله عنه أن قوما كانوا في سفر فكانوا إذا ركبوا قالوا: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} وكان فيهم رجل له ناقة رازم فقال: أما أنا فأنا لهذه مقرن فقمصت به فصرعته فاندقت عنقه، والله أعلم). [الدر المنثور: 13/191]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون} يقول جلّ ثناؤه: وليقولوا أيضًا: وإنّا إلى ربّنا من بعد مماتنا لصائرون إليه راجعون). [جامع البيان: 20/560]


رد مع اقتباس