عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه قد ضلّوا ضلالاً بعيدًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّ الّذين جحدوا يا محمّد نبوّتك بعد علمهم بها من أهل الكتاب الّذين اقتصصت عليك قصّتهم، وأنكروا أن يكون اللّه جلّ ثناؤه أوحى إليك كتابه {وصدّوا عن سبيل اللّه} يعني عن الدّين الّذي بعثك اللّه به إلى خلقه وهو الإسلام. وكان صدّهم عنه: قيلهم للنّاس الّذين يسألونهم عن محمّدٍ من أهل الشّرك: ما نجد صفة محمّدٍ في كتابنا، وادّعاءهم أنّهم عهد إليهم أنّ النّبوّة لا تكون إلاّ في ولد هارون ومن ذرّيّة داود، وما أشبه ذلك من الأمور الّتي كانوا يثبّطون النّاس بها عن اتّباع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والتّصديق به وبما جاء به من عند اللّه.
وقوله: {قد ضلّوا ضلالاً بعيدًا} يعني: قد جاروا عن قصد السبيل جورًا شديدًا، وزالوا عن المحجّة، وإنّما يعني جلّ ثناؤه بجورهم عن المحجّة، وضلالهم عنها: إخطاءهم دين اللّه الّذي ارتضاه لعباده وابتعث به رسله، يقول: من جحد رسالة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وصدّ عمّا بعث به من الملّة من قبل منه، فقد ضلّ فذهب عن الدّين الّذي هو دين اللّه الّذي ابتعث به أنبياءه ضلالاً بعيدًا). [جامع البيان: 7/695]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه قد ضلّوا ضلالًا بعيدًا (167)
قوله تعالى: إنّ الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه قد ضلوا ضلالاً بعيداً
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: عن سبيل اللّه عن الحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/1121]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا وظلموا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقًا (168) إلاّ طريق جهنّم خالدين فيها أبدًا وكان ذلك على اللّه يسيرًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّ الّذين جحدوا رسالة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم،فكذبوه وكفروا باللّه بجحود ذلك وظلموا بمقامهم على الكفر، على علمٍ منهم بظلمهم عباد اللّه، وحسدًا للعرب، وبغيًا على رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، {لم يكن اللّه ليغفر لهم} يعني: لم يكن اللّه لهم ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها، ولكنّه يفضحهم بها بعقوبته إيّاهم عليها. {ولا ليهديهم طريقًا} يقول: ولم يكن اللّه تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الّذين كفروا وظلموا، الّذين وصفنا صفتهم، فيوفّقهم لطريقٍ من الطّرق الّتي ينالون بها ثواب اللّه، ويصلون بلزومهم إيّاها إلى الجنّة، ولكنّه يخذلهم عن ذلك، حتّى يسلكوا طريق جهنّم، وإنّما كنّى بذكر الطّريق عن الدّين؛ وإنّما معنى الكلام: لم يكن اللّه ليوفّقهم للإسلام، ولكنّه يخذلهم عنه إلى طريق جهنّم، وهو الكفر، يعني: حتّى يكفروا باللّه ورسله فيدخلوا جهنّم خالدين فيها أبدًا يقول: مقيمين فيها أبدًا {وكان ذلك على اللّه يسيرًا} يقول: وكان تخليد هؤلاء الّذين وصفت لكم صفتهم في جهنّم على اللّه يسيرًا، لأنّه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه، ولا له أحدٌ يمنعه منه، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك، وكان ذلك على اللّه يسيرًا، لأنّ الخلق خلقه، والأمر أمره). [جامع البيان: 7/696]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ الّذين كفروا وظلموا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقًا (168)
قوله تعالى: إنّ الّذين كفروا وظلموا.
- حدّثنا أبي، ثنا مقاتل بن محمّدٍ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ عن إبراهيم قوله: وظلموا قال: الظّلم: الفاحشة). [تفسير القرآن العظيم: 4/1121]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إلّا طريق جهنّم خالدين فيها أبدًا وكان ذلك على اللّه يسيرًا (169)
قوله تعالى: ولا ليهديهم (168) طريقًا إلا طريق جهنّم.
- حدّثنا أبي، ثنا الحكم بن موسى، ثنا مروان بن معاوية، أنبأ جويبرٌ عن الضّحّاك أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ كان يقول: صعود جهنّم صخرةٌ ملساء.
قوله تعالى: خالدين فيها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى: خالدين فيها يعني: لا يموتون.
قوله تعالى: أبدًا وكان ذلك على اللّه يسيرًا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال: محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة، أو سعيد جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: خالدين فيها أبدًا قال: لا انقطاع له). [تفسير القرآن العظيم: 4/1121]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها النّاس قد جاءكم الرّسول بالحقّ من ربّكم فآمنوا خيرًا لكم وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّموات والأرض وكان اللّه عليمًا حكيمًا}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {يا أيّها النّاس} مشركي العرب، وسائر أصناف الكفر {قد جاءكم الرّسول} يعني: محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، قد جاءكم {بالحقّ من ربّكم} يقول: بالإسلام الّذي ارتضاه اللّه لعباده دينًا، يقول: من ربّكم: يعني من عند ربّكم. {فآمنوا خيرًا لكم} يقول: فصدّقوه وصدّقوا بما جاءكم به من عند ربّكم من الدّين، فإنّ الإيمان بذلك خيرٌ لكم من الكفر به. {وإن تكفروا} يقول: وإن تجحدوا رسالته، وتكذّبوا به وبما جاءكم به من عند ربّكم فإنّ جحودكم ذلك وتكذيبكم به لن يضرّ غيركم، وإنّما مكروه ذلك، عائد عليكم دون الّذي اللّه أمركم بالّذي بعث به إليكم رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وذلك أنّ {للّه ما في السّموات والأرض} ملكًا وخلقًا لا ينقص كفركم بما كفرتم به من أمره، وعصيانكم إيّاه فيما عصيتموه فيه من ملكه وسلطانه شيئًا. {وكان اللّه عليمًا حكيما} يقول: وكان اللّه عليمًا بما أنتم صائرون إليه من طاعته فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه ومعصيته في ذلك، وعلى علمٍ منه بذلك منكم أمركم ونهاكم، {حكيمًا} يعني: حكيمًا في أمره إيّاكم بما أمركم به وفي نهيه إيّاكم عمّا نهاكم عنه، وفي غير ذلك من تدبيره فيكم وفي غيركم من خلقه.
واختلف أهل العربيّة في المعنى الّذي من أجله نصب قوله: {خيرًا لكم} فقال بعض نحويّي الكوفة: نصب خيرًا على الخروج ممّا قبله من الكلام، لأنّ ما قبله من الكلام قد تمّ، وذلك قوله: {فآمنوا} وقال: قد سمعت العرب تفعل ذلك في كلّ خبرٍ كان تامًّا ثمّ اتّصل به كلامٌ بعد تمامه على نحو اتّصال خيرٌ بما قبله، فتقول: لتقومنّ خيرًا لك، ولو فعلت ذلك خيرًا لك، واتّق اللّه خيرًا لك. قال: وأمّا إذا كان الكلام ناقصًا، فلا يكون إلاّ بالرّفع كقولك: إن تتّق اللّه خيرٌ لك، و{وأن تصبروا خيرٌ لكم}.
وقال آخر منهم: جاء النّصب في خيرٍ، لأنّ أصل الكلام: فآمنوا هو خيرٌ لكم، فلمّا سقط هو الّذي هو مصدرٌ اتّصل الكلام بما قبله، والّذي قبله معرفةٌ وخيرٌ نكرةٌ، فانتصب لاتّصاله بالمعرفة، لأنّ الإضمار من الفعل: قم فالقيام خيرٌ لك، ولا تقم فترك القيام خيرٌ لك؛ فلمّا سقط اتّصل بالأوّل. وقال: ألا ترى أنّك ترى الكناية عن الأمر تصلح قبل الخبر، فتقول للرّجل: اتّق اللّه هو خيرٌ لك، أي الاتّقاء خيرٌ لك. وقال: ليس نصبه على إضمار يكن، لأنّ ذلك يأتي بقياسٍ يبطل هذا، ألا ترى أنّك تقول: اتّق اللّه تكن محسنًا، ولا يجوز أن تقول: اتّق اللّه محسنًا، وأنت تضمر كان، ولا يصلح أن تقول: انصرنا أخانا، وأنت تريد: تكن أخانا. وزعم قائل هذا القول أنّه لا يجيز ذلك إلاّ في أفعل خاصّةً، فتقول: افعل هذا خيرًا لك، ولا تفعل هذا خيرًا لك وأفضل لك؛ ولا تقول: صلاحًا لك. وزعم أنّه إنّما قيل مع أفعل، لأنّ أفعل يدلّ على أنّ هذا أصلح من ذلك.
وقال بعض نحويّي البصرة: نصب خيرًا لأنّه حين قال لهم: آمنوا، أمرهم بما هو خيرٌ لهم، فكأنّه قال: اعملوا خيرًا لكم، وكذلك: انتهوا خيرًا لكم، قال: وهذا إنّما يكون في الأمر والنّهي خاصّةً، ولا يكون في الخبر، لا تقول: أن أنتهي خيرًا لي، ولكن يرفع على كلامين لأنّ الأمر والنّهي يضمر فيهما، فكأنّك أخرجته من شيءٍ إلى شيءٍ، لأنّك حين قلت له انته، كأنّك قلت له: اخرج من ذا، وادخل في آخر؛ واستشهد بقول الشّاعر عمر بن أبي ربيعة:
فواعديه سرحتي مالكٍ = أو الرّبا بينهما أسهلا
كما تقول: واعديه خيرًا لك. قال: وقد سمعت نصب هذا في الخبر، تقول العرب: آتي البيت خيرًا لي وأتركه خيرًا لي، وهو على ما فسّرت لك في الأمر والنّهي.
وقال آخر منهم: نصب خيرًا بفعلٍ مضمرٍ، واكتفى من ذلك المضمر بقوله: لا تفعل هذا وافعل الخير، وأجازه في غير أفعل، فقال: لا تفعل ذاك صلاحًا لك.
وقال آخر منهم: نصب خيرًا على ضمير جوابٍ: يكن خيرًا لكم، وقال: كذلك كلّ أمرٍ ونهي). [جامع البيان: 7/697-700]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها النّاس قد جاءكم الرّسول بالحقّ من ربّكم فآمنوا خيرًا لكم وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّماوات والأرض وكان اللّه عليمًا حكيمًا (170)
قوله تعالى: يا أيها النّاس قد جاءكم الرّسول بالحقّ من ربّكم
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد ابن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: يا أيّها النّاس أي الفرقين جميعًا من الكافرين والمنافقين). [تفسير القرآن العظيم: 4/1122]


رد مع اقتباس