عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 02:42 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {فلن يقبل من أحدهم مّلء الأرض ذهباً...}
نصبت الذهب لأنه مفسّر لا يأتي مثله إلا نكرة، فخرج نصبه كنصب قولك: عندي عشرون درهما، ولك خيرهما كبشا. ومثله قوله: {أو عدل ذلك صياماً}
وإنما ينصب على خروجه من المقدار الذي تراه قد ذكر قبله، مثل ملء الأرض، أو عدل ذلك، فالعدل مقدار معروف، وملء الأرض مقدار معروف، فانصب ما أتاك على هذا المثال ما أضيف إلى شيء له قدر؛ كقولك: عندي قدر قفيز دقيقا، وقدر حملةٍ تبنا، وقدر رطلين عسلا، فهذه مقادير معروفة يخرج الذي بعدها مفسّرا؛ لأنك ترى التفسير خارجا من الوصف يدلّ على جنس المقدار من أي شيء هو؛ كما أنك إذا قلت: عندي عشرون فقد أخبرت عن عدد مجهول قد تمّ خبره، وجهل جنسه وبقي تفسيره، فصار هذا مفسّرا عنه، فلذلك نصب. ولو رفعته على الاستئناف لجاز؛ كما تقول: عندي عشرون، ثم تقول بعد: رجالٌ، كذلك لو قلت: ملء الأرض، ثم قلت: ذهبٌ، تخبر على غير اتّصال.
وقوله: {ولو افتدى به} الواو ها هنا قد يستغنى عنها، فلو قيل ملء الأرض ذهبا لو افتدى به كان صوابا وهو بمنزلة قوله: {وليكون من الموقنين} فالواو ها هنا كأن لها فعلا مضمرا بعدها). [معاني القرآن: 1/225-226]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ فلن يقبل من أحدهم مّلء الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذابٌ أليمٌ وما لهم مّن نّاصرين}
قال تعالى: {مّلء الأرض ذهباً} مهموزة من "ملأت" وانتصب {ذهبا} كما تقول: "لي مثلك رجلاً" أي: لي مثلك من الرجال، وذلك لأنك شغلت الإضافة بالاسم الذي دون "الذهب" وهو "الأرض" ثم جاء "الذهب" وهو غيرها فانتصب كما ينتصب المفعول إذا جاء من بعد الفاعل، وهكذا تفسير الحال، لأنك إذا قلت: "جاء عبد الله راكباً" فقد شغلت الفعل بـ"عبد الله" وليس "راكب" من صفته لأن هذا نكرة وهذا معرفة. وإنما جئت به لتجعله اسما للحال التي جاء فيها. فهكذا تفسيره، وتفسير "هذا أحسن منك وجهاً"، لأن "الوجه" غير الكاف التي وقعت عليها "من" و"أحسن" في اللفظ إنما هو الذي تفضله فـ"الوجه" غير ذينك في اللفظ فلما جاء بعدهما وهو غيرهما انتصب انتصاب المفعول به بعد الفاعل). [معاني القرآن: 1/176-177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين}
ومعنى {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا}أي: لو عمل من الخير وقدم ملء الأرض ذهبا يتقرب به إلى اللّه لم ينفعه ذلك مع كفره.
قال أبو إسحاق: وكذلك لو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه. فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنه لا يثيبهم على أعمالهم بالخير ولا يقبل منهم الفداء من العذاب.
وقال بعض النحويين: أن الواو مسقطة - قال المعنى: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لو افتدى به - وهذا غلط لأن الفائدة في الواو بينة وليست الواو مما يلغي.
يقال ملأت الشيء أملؤه ملئا، المصدر بالفتح لا غير - قال سيبويه والخليل: الملء - بفتح الميم - الفعل.
وتقول: هذا ملء هذا، أي: مقدار ما يملؤه.
كما يقال: رعيت رعيا والمال في الرعي فهذا فرق بين.
وقال بعض النحويين: يقال ملأت ملئا وملئا وهذا غلط بين لأن الموصوف ههنا إنه لو ملك مقدار ما يملأ الأرض ما قبل منه، وليس يقال. إن قدر أن يفعل، أي: أن يملأ الأرض، إنما المتقرب به الذهب الذي هو ملء الأرض، لا أن يملأ: يقال ملأت الشيء ملئا وقد ملئ فلان ملأ وهو مملوء إذا زكم والملأ أشراف القوم، وتقول أنت أملأ بهذا أي أثرى وأوثق، ورجل مليء بين الملاءة، يا هذا.
فأما ما يكتبه الكتاب، أنت المليّ بالياء فخطأ وهم مجمعون عليه، هذا غلط.
والملاءة التي تلبس، ممدود، والملاوة من الدهر القطعة الطويلة، ومن هذا قولهم. أبل جديدا وتمل حبيبا أي عش مع حبيبك دهرا طويلا.

و{ذهبا} منصوب على التمييز - قال سيبويه وجميع البصريين: إن الاسم المخفوض قد حال بين الذهب وبين الملء أن يكون جرّا
وحقيقة تفسيره: أن المعنى ما يملؤه من الذهب وكذلك إذا قلت: عندي عشرون درهما أي ما يعادل هذا المقدار من الدراهم.
وجائز أن يكون - واللّه أعلم قوله - عزّ وجلّ -: {إنّ الّذين كفروا بعد إيمانهم ثمّ ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضّالّون}يعني: اليهود لأنهم كانوا تائبين في وقت إيمانهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل مبعثه، فأعلم اللّه أن تلك التوبة وذلك الإيمان ليس بمقبول، لأنهم كفروا بعده وزادوا كفرا، فإن كفرهم بما كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقتا بعد وقت زيادة في الكفر - وكذلك الإقامة عليه زيادة فيه). [معاني القرآن: 1/441-443]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من حدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين}
روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به؟
فيقول:نعم فيقال له: كذبت قد سئلت أقل من هذا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم{إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا} إلى آخر الآية.
وقال بعض أهل اللغة: الواو مقحمة والمعنى فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لو افتدى به.
وقال أهل النظر من النحويين: لا يجوز أن تكون الواو مقحمة لأنها تدل على معنى ومعنى الآية فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا تبرعا ولو أفتدى به والملء مقدار ما يملا الشيء والملأ بالفتح المصدر). [معاني القرآن: 1/436-438]

تفسير قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون وما تنفقوا من شيء فإنّ اللّه به عليم}
قال بعضهم: إن كل ما يتقرب به إلى اللّه من عمل خير فهو إنفاق.
وروي عن ابن عمر أنه اشترى جارية كان هويها فلمّا ملكها أعتقها ولم يصب منها، فقيل له: أعتقتها بعد أن كنت هويتها ولم تصب منها، فتلا هذه الآية {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا}.
وفعل ابن عمر هذا ينبغي أن يقتدي به الناس في أن لا يضنوا بجليل ما يملكونه في التقرب به إلى اللّه تعالى وقوله عزّ وجلّ: {وما تنفقوا من شيء فإنّ اللّه به عليم}أي: فإن اللّه يجازي عليه لأنه قال: {فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره} فإذا عمله جوزي عليه.
وتأويل (ما) تأويل الشرط والجزاء، وموضعها نصب بـ " تنفقوا " المعنى: وأي شيء تنفقوا فإن اللّه عليم به والفاء جواب الجزاء). [معاني القرآن: 1/443]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.
قال ابن مسعود وعمرو بن ميمون: البر الجنة، يكون التقدير على ذا لن تنالوا ثواب البر.
وقال غيرهما: البر العمل الصالح.
وفي الحديث: ((عليكم بالصدق فإنه يدعو إلى البر والبر يدعو إلى الجنة وإياكم والكذب فإنه يدعو إلى الفجور والفجور يدعو إلى النار))

وروى أنس بن مالك انه لما نزلت هذه الآية قال أبو طلحة: أنا أتصدق بأرضي فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بها على أقربائه فقسمها بين أبي وحسان.
وروي أن عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يشتري له جارية حين فتحت مدائن كسرى فاشتراها ووجه بها إليه فلما رآها أعجب بها ثم أعتقها وقرأ {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}
وقال مجاهد وهو مثل قوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه}.
ومعنى {حتى تنفقوا}:حتى تتصدقوا.
ثم قال تعالى: {وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم}أي: إذا علمه جازى عليه). [معاني القرآن: 1/438-440]

رد مع اقتباس