عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 9 محرم 1432هـ/15-12-2010م, 05:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 17]

{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)}

تفسير قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قول الله عزّ وجل: {إلى صراط العزيز الحميد...}
{اللّه الّذي...}
يخفض في الإعراب ويرفع. الخفض على أن تتبعه (الحميد) والرّفع على الاستئناف لانفصاله من الآية؛ كقوله عزّ وجلّ: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة}
إلى آخر الآية، ثم قال {التّائبون} وفي قراءة عبد الله (التائبين) كل ذلك صواب). [معاني القرآن: 2/67]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ألر) ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور.
{كتابٌ أنزلناه إليك} مجازه مستأنف أو مختصر فيه ضمير كقولك: هذا كتاب أنزلناه إليك، وفي آية أخرى: {ألم * ذلك الكتاب} وفي غيرها ما قد أظهر). [مجاز القرآن: 1/335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد}
(كتاب) مرفوع على خبر الابتداء، المعنى هذا كتاب أنزلناه إليك.
وقال بعضهم كتاب مرتفع بقوله (الر) و (الر) ليست هي الكتاب إنما هي شيء من الكتاب. ألا ترى قوله {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين}.
فإنما الكتاب جملة الآيات وجملة القرآن.
وقوله: {لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم}.
{الظلمات} ما كانوا فيه من الكفر، لأن الكفر غير بين فمثل بالظلمات.
والإيمان بين نيّر فمثل بالنور، والباء متصلة بـ يخرج، المعنى ليخرج الناس بإذن ربّهم، أي بما أذن اللّه لك من تعليمهم، ويجوز أن يكون بإذن ربّهم أنه لا يهتدي مهتد إلا بإذن اللّه ومشيئته، ثم بيّن ما النور فقال:
{إلى صراط العزيز الحميد} {الحميد} خفض من صفة (العزيز) ويجوز الرفع على معنى الحميد اللّه ويرتفع {الحميد} بالابتداء وقولك " اللّه " خبر الابتداء، ويجوز أن يرفع اللّه ويخفض {الحميد} على ما وصفنا.
ويكون اسم اللّه يرتفع بالابتداء). [معاني القرآن: 3/154-153]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله تبارك وتعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم}
الظلمات الكفر والنور الإسلام على التمثيل لأن الكفر بمنزلة الظلمة، والإسلام بمنزلة النور
والباء في قوله: {بإذن ربهم} متعلقة بقوله: {لتخرج الناس} والمعنى في قوله: {بإذن ربهم} أنه لا يهتدي أحد إلا بإذن الله
ويجوز أن يكون المعنى بتعليمك إياهم
ثم بين النور فقال إلى صراط العزيز الحميد). [معاني القرآن: 3/514-513]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)}

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} يختارون.
{ويبغونها عوجاً} يلتمسون، ويحتالون لها عوجاً، مكسور الأول مفتوح الثاني وذلك في الدّين وغيره، وفي الأرض مما لم يكن قائماً وفي الحائط وفي الرمح وفي السّن عوج وهو مفتوح الحروف). [مجاز القرآن: 1/335]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجاً أولئك في ضلالٍ بعيدٍ}
قال: {يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} فأوصل الفعل بـ"على" كما قالوا "ضربوه في السيف" يريدون "بالسيف". وذلك أن هذه الحروف يوصل بها كلها وتحذف نحو قول العرب: "نزلت زيداً" تريد "نزلت عليه"). [معاني القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يستحبون الحياة الدنيا}: يختارون). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد}
{ويبغونها عوجا}.
أي يطلبون غير سبيل القصد وصراط الله وهو القصد، والعوج في الدين مبني على فعل، وفي العصا عوج بفتح العين.
ونصب (عوجا) على الحال مصدر موضوع في موضع الحال). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ومعنى قوله تعالى: {ويبغونها عوجا}
ويطلبون غير القصد). [معاني القرآن: 3/514]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَسْتَحِبُّونَ}: يختارون). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أرسلنا من رّسولٍ إلاّ بلسان قومه ليبيّن لهم...}
يقول: ليفهمهم وتلزمهم الحجّة. ثم قال عز وجل: {فيضلّ اللّه من يشاء} فرفع لأنّ النيّة فيه الاستئناف لا العطف على ما قبله. ومثله {لنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء}
ومثله في براءة {قاتلوهم يعذّبهم الله بأيدكم} ثم قال {ويتوب الله على من يشاء} فإذا رأيت الفعل منصوباً وبعده فعل قد نسق عليه بواو أو فاء أو ثمّ أو أو فإن كان يشاكل معنى الفعل الذي قبله نسقته عليه. وإن رأيته غير مشاكل لمعناه استأنفته فرفعته.
فمن المنقطع ما أخبرتك به. ومنه قول الله عز وجل: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الّذين يتّبعون الشّهوات} رفعت {ويريد الذين} لأنها لا تشاكل {أن يتوب} ألا ترى أن ضمّك إيّاهما لا يجوز، فاستأنفت أو رددته على قوله: {والله يريد} ومثله {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره} فيأبى في موضع رفع لا يجوز إلا ذلك.
ومثله قوله:

والشعر لا يسطيعه من يظلمه = يريد أن يعربه فيعجمه
وكذلك تقول: آتيك أن تأتيني وأكرمك فتردّ (أكرمك) على الفعل الأول لأنه مشاكل له وتقول آتيك أن تأتيني وتحسن إليّ فتجعل (وتحسن) مردوداً على ما شاكلها ويقاس على هذا). [معاني القرآن: 2/68-67]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أرسلنا من رسول إلّا بلسان قومه ليبيّن لهم فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم}
أي بلغة قومه ليعقل عنه قومه، {فيضل اللّه من يشاء}، الرفع هو الوجه وهو الكلام وعليه القراءة، والمعنى إنما وقع الإرسال للبيان لا للإضلال.
ويجوز النصب على وجه بعيد، فيكون {ليبيّن لهم فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي}، ويكون سبب الإضلال الصيرورة إليه كما قال: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا}،
أي التقطوه فآل ذلك إلى أن صار لهم عدوا وحزنا، ولم يلتقطوه هم ليكون لهم عدوا وحزنا، وكذلك يكون: (فيضلّ اللّه من يشاء)، أي فيؤول الأمر إلى أن يضلوا فيضلهم اللّه.
والقول الأول هو القول وعليه القراءة). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}
أي بلغة قومه ليبين لهم أي ليفهمهم لتقوم عليهم الحجة). [معاني القرآن: 3/515-514]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا بلسان قومه} أي: بلغة قومه). [ياقوتة الصراط: 285]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وذكّرهم بأيّام اللّه...}
يقول: خوّفهم بأيّام عاد وثمود وأشباههم بالعذاب وبالعفو عن آخرين. وهو في المعنى كقولك: خذهم بالشدّة واللين). [معاني القرآن: 2/68]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وذكرهم بأيام الله}: أيامه: نعمه). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وذكّرهم بأيّام اللّه} أي بأيام النّعم). [تفسير غريب القرآن: 230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظّلمات إلى النّور وذكّرهم بأيّام اللّه إنّ في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور} أي البرهان الذي دل على صحة نبوته، نحو إخراج يده بيضاء وكون العصا حيّة.
وقوله عزّ وجلّ: {أن أخرج قومك}.
أي بأن أخرج قومك. المعنى أرسلناه بأن يخرج قومه {من الظلمات إلى النور}، أي من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام.
و " أن " ههنا يصلح أن يكون لي معنى " أن " المخففة، وتكون مفسّرة، ويكون المعنى ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أي أخرج قومك، كأن المعنى قلنا له: أخرج قومك، ومثل هذا: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} أي امشوا. والتأويل: قالوا لهم: امشوا.
قال سيبويه تقول كتبت إليه أن قم، وأمرته أن قم، إن شئت كانت " أن " وصلت بالأمر، والتأويل تأويل الخبر، المعنى كتبت إليه أن يقوم وأمرته أن يقوم، إلا أنها وصلت بلفظ الأمر للمخاطب، والمعنى معنى الخبر، كما تقول، أنت الذي فعلت، والمعنى أنت الذي فعل، قال: ويجوز أن يكون في معنى أي، ومثله أرسلت إليه أن ما أنت وذا.
وقوله: {وذكّرهم بأيّام اللّه}.
{وذكّرهم} عطف على {اخرج}، وتذكيرهم بأيام اللّه، أي تذكيرهم بنعم أيام الله عليهم، وبنقم اللّه التي انتقم فيها من قوم نوح وعاد وثمود، أي ذكرهم بالأيام التي سلفت لمن كفر وما نزل بهم فيها، وذكرهم. بنعم اللّه.
والدليل على أن التذكير مشتمل على الإنذار والتّحذير مما نزل بمن قبلهم قوله عزّ وجلّ بعد هذه الآية: {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكّ ممّا تدعوننا إليه مريب}. [معاني القرآن: 3/155-154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا}
قال مجاهد أي بالآيات البينات يعني قوله: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات}
وقوله تعالى: {وذكرهم بأيام الله}
قال أبي بن كعب أي بنعم الله
وقال غيره بإهلاكه من قبلهم وبانتقامه منهم بكفرهم). [معاني القرآن: 3/515]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وذكرهم بأيام الله} أي بنعمة الله. وقيل: أيامه في القرون الخالية، أي: كيف أهلكهم بكفرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِأَيَّامِ اللهِ}: نعم الله). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله ها هنا: {ويذبّحون...}
وفي موضع آخر {يذبّحون} بغير واو وفي موضع آخر {يقتّلون} بغير واو. فمعنى الواو أنهم يمسّهم العذاب غير التذبيح كأنه قال: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح. ومعنى طرح الواو كأنه تفسير لصفات العذاب.
وإذا كان الخبر من العذاب أو الثواب مجملاً في كلمة ثم فسرته فاجعله بغير الواو. وإذا كان أوّله غير آخره فبالواو.
فمن المجمل قول الله عز وجل: {ومن يفعل ذلك يلق آثاماً} فالآثام فيه نيّة العذاب قليله وكثيره. ثم فسّره بغير الواو فقال {يضاعف له العذاب يوم القيامة} ولو كان غير مجمل لم يكن ما ليس به تفسيراً له،
ألا ترى أنك تقول عندي دابّتان بغل وبرذون ولا يجوز عندي دابّتان وبغل وبرذونٌ وأنت تريد تفسير الدّابتين بالبغل والبرذون، ففي هذا كفاية عمّا نترك من ذلك فقس عليه.
وقوله: {وفي ذالكم بلاءٌ مّن رّبّكم عظيمٌ} يقول: فيما كان يصنع بكم فرعون من أصناف العذاب بلاء عظيم من البليّة. ويقال: في ذلكم نعم من ربّكم عظيمة إذ أنجاكم منها. والبلاء قد يكون نعماً، وعذاباً.
ألا ترى أنك تقول: إن فلاناً لحسن البلاء عندك تريد الإنعام عليك). [معاني القرآن: 2/69-68]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يسومونكم} أي يولونكم ويبلونكم). [مجاز القرآن: 1/335]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم}
وفي موضع آخر يذبحون بغير واو
ومعنى الواو يوجب انه قد أصابهم من العذاب شيء سوى التذبيح وإذا كان بغير واو فإنما هو تبيين الأول). [معاني القرآن: 3/516]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويستحيون نساءكم} أي لا يقتلونهن من الحياة أي يدعونهن يحيين
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم). [معاني القرآن: 3/517-516]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}
قال المعنى في إنجائه إياكم منهم نعمة عظيمة ويكون البلاء ههنا النعمة
وقيل فيما جرى منهم عليكم بلاء أي بلية
وقيل البلاء ههنا الاختبار). [معاني القرآن: 3/517]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ تأذّن ربّكم...}
معناه: أعلم ربّكم وربما قالت العرب في معنى أفعلت تفعّلت فهذا من ذلك والله أعلم. أوعدني وتوعّدني وهو كثير). [معاني القرآن: 2/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذ تأذّن ربّكم} مجازه: وآذنكم ربكم، وإذ من حروف الزوائد، وتأذن تفعل من قولهم: أذنته). [مجاز القرآن: 1/335]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذ تأذّن ربّكم} مبين في سورة الأعراف). [تفسير غريب القرآن: 230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}
تأذن بمعنى أعلم من قولهم آذنه فأذن بالأمر وهذا كما يقال توعدته وأوعدته بمعنى واحد). [معاني القرآن: 3/517]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم...}
جاء فيها أقاويل. حدثنا محمّد قال حدّثنا الفراء قال: حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كانوا إذا جاءهم الرسول قالوا له: اسكت وأشاروا بأصابعهم إلى أفواه أنفسهم؛ كما تسكّت أنت - قال: وأشار لنا الفراء بأصبعه السبّابة على فيه - ردّا عليهم وتكذيبا. وقال بعضهم: كانوا يكذّبونهم ويردّون القول بأيديهم إلى أفواه الرسل وأشار لنا الفراء هكذا بظهر كفه إلى من يخاطبه. قال وأرانا ابن عبد الله الإشارة في الوجهين (وأرانا الشيخ ابن العباس بالإشارة بالوجهين) وقال بعضهم: فردّوا أيديهم في أفواههم يقول ردّوا ما لو قبلوه لكان نعماً وأيادي من الله في أفواههم، يقول بأفواههم أي بألسنتهم. وقد وجدنا من العرب من يجعل (في) موضع الباء فيقول: أدخلك الله بالجنّة يريد: في الجنة.
قال: وأنشدني بعضهم:
وأرغب فيها عن لقيطٍ ورهطه = ولكنّني عن سنبس لست أرغب
فقال: أرغب فيها يعني بنتاً له. أي إني أرغب بها عن لقيط). [معاني القرآن: 2/70-69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فردّوا أيديهم في أفواههم} مجازه مجاز المثل، وموضعه موضع كفوا عما أمروا بقوله من الحق ولم يؤمنوا به ولم يسلموا،
ويقال: رد يده في فمه، أي أمسك إذا لم يجب). [مجاز القرآن: 1/336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ردوا أيديهم في أفواههم}: هذا مثل، كفوا عما أمروا به ولم يسلموا). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال أبو عبيدة: تكروا ما أمروا به، ولم يسلموا.
ولا أعلم أحدا قال: ردّ يده في فيه، إذا أمسك عن الشيء! والمعنى: ردّوا أيديهم في أفواههم، أي عضّوا عيها حنقا وغيظا، كما قال الشاعر:
يردّون في فيه عشر الحسود
يعني: أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر ونحوه قول الهذلي:
قد أفنى أنامله أزمه فأضحى بعضّ على الوظيفا
يقول: قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض، فأضحى بعضّ عليّ وظيف الذراع. وهكذا فسر هذا الحرف ابن مسعود واعتباره قوله عز وجل في موضع آخر: {وإذا خلوا عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ} ). [تفسير غريب القرآن: 231-230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكّ ممّا تدعوننا إليه مريب}
أي ألم يأتهم أخبار أولئك والنوازل بهم، {لا يعلمهم إلّا اللّه}.
فأعلم الله أن بعد هؤلاء أمما قد مضى من كان يعلم أنباءها، ومن هذا
قيل: كذب النّسّابون لأنهم لا يعلمون من كان بعد هؤلاء.
وهذا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
{جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم}.
يروى عن ابن مسعود أنهم عضوا أناملهم غيظا مما أتتهم به الرسل.
وقيل: {ردّوا أيديهم في أفواههم}، أومأوا إلى الرسل أن اسكتوا.
وقيل ردوا أيديهم، الهاء والميم يرجعان على الرسل، المعنى ردوا أيدي الرسل أي نعم الرسل لأن مجيئهم بالبيّنّات نعم، تقول: لفلان عندي يد أي نعمة، ومعنى في أفواههم بأفواههم،
أي ردوا تلك النعم بالنطق بالتكذيب لما جاءت به الرسل، والمعنى أن الردّ جاء في هذه الجهة، وفي معناها، كما تقول: جلست في البيت، وجلست بالبيت.
وقالوا: {وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به} هذا هو الرد). [معاني القرآن: 3/156-155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله تعالى: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله}
روى سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله في قوله: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله قال كذب النسابون}
وروي عن ابن عباس قال بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون
وروي عن عروة بن الزبير أنه قال ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل
وقوله تعالى: {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم}
في معنى هذا أقوال:
أ-قال مجاهد ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم
ب-قال قتادة ردوا على الرسل ما جاءوا به
فهذا على التمثيل وهو مذهب أبي عبيدة أي تركوا ما جاءهم به الرسل فكانوا بمنزلة من رده إلى فيه وسكت فلم يقل
وقيل فردوا أيديهم في أفواههم ردوا ما لو قبلوه كان نعما في أفواههم أي بأفواههم أي بألسنتهم
ج- وقيل ردوا نعم الرسل لأن إرسالهم نعم عليهم بالنطق وبالتكذيب
د- وفي الآية قول رابع وهو أولاها وأجلها إسنادا
قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله:
{فردوا أيديهم في أفواههم} قال عضوا عليها غيضا
قال أبو جعفر والدليل على صحة هذا القول قوله عز وجل: {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ}
قال الشاعر:

لو أن سلمى أبصرت تخددي = ودقة في عظم ساقي ويدي
وبعد أهلي وجفاء عودي = عضت من الوجد بأطراف اليد).
[معاني القرآن: 3/520-518]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فردوا أيديهم في أفواههم} أي ليعضوا عليها حنقا وغيظا. وقيل: معناه كفروا بما أمروا به.
وقيل: وضعوا أيديهم على أفواه الرسل ليسكتوهم. وقيل: جعلوا أيديهم على أفواههم يشيرون بذلك إلى تسكيت الرسل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَدُّوا أَيْدِيَهم}: سكتوا فلم يجيبوا). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاطر} أي خالق.
{ليغفر لكم من ذنوبكم} مجازه: ليغفر لكم ذنوبكم، ومن؛ من حروف الزوائد، وفي آية أخرى: {فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} مجازه: ما منكم أحد،
وقال أبو ذويب:
جزيتك ضعف الحبّ لمّا شكوته= وما إن جزاك الضّعف من أحدٍ قبلي
أي أحدٌ قبلي). [مجاز القرآن: 1/336]

تفسير قوله تعالى:{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولكن الله يمن على من يشاء من عباده} أي: يتفضل على من يشاء.
قال ثعلب: والمن من الله - عز وجل - محمود، لأنه تفضل منه، والمن من العباد مذموم، لأنهم يعددون نعمهم على الإنسان، ومنه قوله - جل وعز: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ}.
قال ثعلب: فأجمع أهل اللغة كلهم على أن المن من الله محمود، لأنه تفضل، وأن المن من العباد مذموم، لأنهم يعددون نعمهم، ولأن المن من العباد مذموم، وأنه من الله - جل وعز - نعمة وتفضل، ومن الآدميين تقريع وتوبيخ أو من). [ياقوتة الصراط: 286-285]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقال الّذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم مّن أرضنا أو لتعودنّ في ملّتنا...}
قال {أو لتعودنّ} فجعل فيها لاماً كجواب اليمين وهي في معنى شرط، مثله من الكلام أن تقول: والله لأضربنّك أو تقرّ لي: فيكون معناه معنى حتّى أو إلاّ، إلا أنها جاءت بحرف نسق. فمن العرب من يجعل الشرط متبعاً للذي قبله، إن كانت في الأول لام كان في الثاني لام، وإن كان الأول منصوبا أو مجزوماً نسقوا عليه كقوله: {أو لتعودنّ} ومن العرب من ينصب ما بعد أو ليؤذن نصبه بالانقطاع عمّا قبله.
وقال الشاعر:

لتقعدنّ مقعد القصي = منّي ذي القاذورة المقلي
أو تحلفي بربّك العليّ = أنيّ أبو ذيّالك الصبيّ
فنصب (تحلفي) لأنه أراد: أن تحلفي. ولو قال أو لتحلفنّ كان صوابا
ومثله قول امرئ القيس:

بكى صاحبي لمّا رأى الدرب دونه = وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنّما = نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
فنصب آخره ورفع (نحاول) على معنى إلاّ أو حتى. وفي إحدى القراءتين: {تقاتلونهم أو يسلموا} والمعنى - والله أعلم - تقاتلونهم حتى يسلموا.
وقال الشاعر:
لا أستطيع نزوعاً عن مودّتها = أو يصنع الحبّ بي غير الذي صنعا
وأنت قائل في الكلام: لست لأبي إن لم أقتلك أو تسبقني في الأرض فتنصب (تسبقني) وتجزمها. كأنّ الجزم في جوازه: لست لأبي إن لم يكن أحد هذين، والنصب على أنّ آخره منقطع عن أوّله؛ كما قالوا: لا يسعني شيء ويضيق عنك، فلم يصلح أن تردّ (لا) على (ويضيق) فعلم أنها منقطعة من معناها.
كذلك قول العرب: لو تركت والأسد لأكلك لمّا جاءت الواو تردّ اسماً على اسم قبله، وقبح أن تردّ الفعل الذي رفع الأوّل على الثاني نصب؛ ألا ترى أنك لا تقول لو تركت وترك الأسد لأكلك. فمن ها هنا أتاه النصب. وجاز الرفع لأن الواو حرف نسق معروف فجاز فيه الوجهان للعلّتين). [معاني القرآن: 2/71-70]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو لتعودنّ في ملّتنا} أي في ديننا وأهل ملتنا). [مجاز القرآن: 1/336]

تفسير قوله تعالى: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك لمن خاف مقامي...}
معناه: ذلك لمن خاف مقامه بين يديّ ومثله قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} معناه: رزقي إيّاكم أنكم تكذّبون والعرب تضيف أفعالها إلى أنفسها وإلى ما أوقعت عليه، فيقولون: قد ندمت على ضربي إيّاك وندمت على ضربك فهذا من ذلك والله أعلم). [معاني القرآن: 2/71]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {خاف مقامي} مجازه: حيث أقيمه بين يدي للحساب). [مجاز القرآن: 1/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}
أي ذلك لمن خاف مقامه بين يديه والمصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول لأنه متشبث بهما). [معاني القرآن: 3/520]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {واستفتحوا} مجازه: واستنصروا.
عنود وعنيدٍ وعاند كلها، واحد والمعنى جائر عاند عن الحق، قال:
إذا نزلت فاجعلاني وسطا=إنّي كبير لا أطيق العنّدا).
[مجاز القرآن: 1/337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واستفتحوا} أي استنصروا. {وخاب كلّ جبّارٍ عنيدٍ} ). [تفسير غريب القرآن: 231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {واستفتحوا وخاب كلّ جبّار عنيد}
{استفتحوا} يعنى به الرسل، سألوا اللّه أن يفتح عليهم أي ينصرهم.
وكل نصر فهو فتح، والجبّار الذي لا يرى لأحد عليه حقّا، والعنيد الذي يعدل عن القصد، يقال جبّار بين الجبريّة، والجبريّة - بكسر الجيم - والجبرية بكسر الجيم والباء، والجبروّة والجبروّة، والتجبار والجبرياء، والجبّورة والجبروت).
[معاني القرآن: 3/156]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {واستفتحوا}
قال مجاهد وقتادة واستنصروا
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح القتال بصعاليك المهاجرين
ثم قال تعالى: {وخاب كل جبار عنيد}
قال أبو إسحاق الجبار عند أهل اللغة الذي لا يرى لأحد عليه حقا
قال مجاهد العنيد المعاند المجانب للحق
وقال قتادة العنيد الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله). [معاني القرآن: 3/521]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {واستفتحوا} أي استنصروا.
{وخاب كل جبار عنيد} أي خسر، و(عنيد) مثل معاند). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 121]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {من ورائه جهنّم} مجازه: قدامه وأمامه، يقال إن الموت من ورائك أي قدامك، وقال:
أتوعدني وراء بني رياحٍ= كذبت لتقصرنّ يداك دوني
أي قدام بني رياح وأمامهم، وهم دوني أي بيني وبينك، وقال:
أترجو بني مروان سمعي وطاعتي= وقومي تميم والفلاة ورائيا
وقال: {من ماءٍ صديدٍ} والصديد القيح والدّم). [مجاز القرآن: 1/338-337]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {مّن ورائه جهنّم ويسقى من مّاء صديدٍ}
وقال: {مّن ورائه} أي: من أمامه. وإنما قال: {وراء} أي: أنه وراء ما هو فيه كما تقول للرجل: "هذا من ورائك" أي: "سيأتي عليك" و"هو من وراء ما أنت فيه" لأنّ ما أنت فيه قد كان مثل ذلك فهو وراؤه. وقال: {وكان وراءهم مّلكٌ} في هذا المعنى. أي: كان وراء ما هم فيه). [معاني القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومن ورائه جهنّم} أي أمامه.
{ويسقى من ماءٍ صديدٍ} والصديد: القيح والدم. أي يسقى الصديد مكان الماء. كأنه قال: يجعل ماؤه صديدا.
ويجوز أن يكون على التشبيه. أي يسقى ماء كأنه صديد). [تفسير غريب القرآن: 231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {من ورائه جهنّم ويسقى من ماء صديد} أي جهنم بين يديه، و " وراء " يكون لخلف وقدّام، وإنما معناه ما توارى عنك
أي ما استتر عنك، وليس من الأضداد كما يقول بعض أهل اللغة، قال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة= وليس وراء الله للمرء مذهب
أي ليس بعد مذاهب الله للمرء مذهب.
{ويسقى من ماء صديد} أي مما يسيل من أهل النّار من الدّم والقيح). [معاني القرآن: 3/157-156]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {من ورائه جهنم} أي من أمامه وليس من الأضداد ولكنه من توارى أي استتر
ثم قال تعالى: {ويسقى من ماء صديد}
قال ابن عباس أي قد خالط لحمه ودمه
قال الضحاك يعني القيح والصديد
وقال مجاهد هو القيح والصديد
وقال غيره يجوز أن يكون هذا تمثيلا أي يسقى ما هو بمنزلة القيح والصديد
ويجوز أن يكون يسقى القيح والصديد). [معاني القرآن: 3/522-521]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من ورائه جهنم} أي من أمامه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ وَرَائِهِ}: قدامه.
(الصَّديدُ): ما يسيل من جلودهم). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يكاد يسيغه...}
فهو يسيغه. والعرب قد تجعل (لا يكاد) فيما قد فعل وفيما لم يفعل. فأمّا ما قد فعل فهو بيّن هنا من ذلك لأن الله عزّ وجلّ يقول لما جعله لهم طعاماً
{إنّ شجرّة الزّقّوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون} فهذا أيضاً عذاب في بطونهم يسيغونه. وأمّا ما دخلت فيه (كاد) ولم يفعل فقولك في الكلام: ما أتيته ولا كدت،
وقول الله عزّ وجلّ في النور {إذا أخرج يده لم يكد يراها} فهذا عندنا - والله أعلم - أنه لا يراها. وقد قال ذلك بعض الفقهاء لأنها لا ترى فيما هو دون هذا من الظلمات،
وكيف بظلمات قد وصفت بأشدّ الوصف.
وقوله: {ويأتيه الموت من كلّ مكانٍ}: ... حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: (يأتيه الموت) يعني: يأتيه العذاب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. حدثني هشيم عن العوّام بن حوشب عن إبراهيم التّيمي قال: من كل شعرة.
وقوله: {وما هو بميّتٍ} العرب إذا كان الشيء قد مات قالوا: ميت وميّت. فإن قالوا: هو ميت إن ضربته قالوا: مائت وميّت. وقد قرأ بعض القراء {إنّك مائتٌ وإنّهم مائتون} وقراءة العوامّ على (ميّت). وكذلك يقولون هذا سيّد قومه وما هو بسائدهم عن قليل، فيقولون: بسائدهم وسيّدهم، وكذلك يفعلون في كل نعت مثل طمع، يقال: طمعٌ إذا وصف بالطمع، ويقال هو طامع أن يصيب منك خيراً، ويقولون: هو سكران إذا كان في سكره، وما هو ساكر عن كثرة الشراب، وهو كريم إذا كان موصوفاً بالكرم، فإن نويت كرماً يكون منه فيما يستقبل قلت: كارم). [معاني القرآن: 2/72-71]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ومن ورائه جهنم}: أي قدامه وأمامه يقال الموت من وراء يده.
(الصديد): القيح والدم). [غريب القرآن وتفسيره: 197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويأتيه الموت من كلّ مكانٍ} أي من كل مكان من جسده. {وما هو بميّتٍ} ). [تفسير غريب القرآن: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):(وراء) تكون بمعنى (خلف) وبمعنى (قدّام).
ومنها المواراة والتّواري. فكلّ ما غاب عن عينك فهو وراء، كان قدّامك أو خلفك.
قال الله عز وجل: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}، أي أمامهم.
وقال: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}، أي أمامهم.
وقال: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} ). [تأويل مشكل القرآن: 189] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كلّ مكان وما هو بميّت ومن ورائه عذاب غليظ }
أي لا يقدر على ابتلاعه، يقال ساغ لي الشراب وأسغته.
{ومن ورائه عذاب غليظ} أي من بعد ذلك). [معاني القرآن: 3/157]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {يتجرعه ولا يكاد يسيغه} أي يبلعه
ثم قال تعالى: {ويأتيه الموت من كل مكان} أي من كل مكان من جسده
ثم قال تعالى: {وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ} أي من أمامه عذاب جهنم
حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثنا أحمد بن الحسين قال قال فضيل بن عياض في قول الله تبارك وتعالى: {ومن ورائه عذاب غليظ} قال حبس الأنفاس). [معاني القرآن: 3/523]


رد مع اقتباس