عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 10:00 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرةٍ...}
نصبت المواطن لأن كلّ جمع كانت فيه ألف قبلها حرفان وبعدها حرفان فهو لا يجري؛ مثل صوامع، ومساجد، وقناديل، وتماثيل، ومحاريب. وهذه الياء بعد الألف لا يعتدّ بها؛ لأنها قد تدخل فيما ليست هي منه، وتخرج ممّا هي منه، فلم يعتدّوا بها؛ إذ لم تثبت كما ثبت غيرها. وإنما منعهم من إجرائه أنه مثال لم يأت عليه شيء من الأسماء المفردة، وأنه غاية للجماع؛ إذا انتهى الجماع إليه فينبغي له ألاّ يجمع. فذلك أيضا منعه من الانصراف؛ ألا ترى أنك لا تقول: دراهمات، ولا دنانيرات، ولا مساجدات. وربّما اضطرّ إليه الشاعر فجمعه. وليس يوجد في الكلام ما يجوز في الشعر. قال الشاعر:
* فهنّ يجمعن حدائداتها *
فهذا من المرفوض إلا في الشعر.
ونعت {المواطن} إذا لم يكن معتلاّ جرى. فلذلك قال: {كثيرةٍ}.
[قوله: {ويوم حنينٍ} وحنين وادٍ بين مكة والطائف. وجرى {حنين} لأنه اسم لمذكّر. وإذا سمّيت ماء أو واديا أو جبلا باسم مذكّر لا علّة فيه أجريته. من ذلك حنين، وبدر، وأحد، وحراء، وثبير، ودابق، وواسط. وإنما سمّى واسطا بالقصر الذي بناه الحجّاج بين الكوفة والبصرة. ولو أراد البلدة أو اسما مؤنّثا لقال: واسطة. وربما جعلت العرب واسط وحنين وبدر، اسما لبلدته التي هو بها فلا يجرونه؛ وأنشدني بعضهم:
نصروا نبيّهم وشدّوا أزره =بحنين يوم تواكل الأبطال
وقال الآخر:
ألسنا أكرم الثّقلين رجلا= وأعظمه ببطن حراء نارا
فجعل حراء اسما للبلدة التي هو بها، فكان مذكرا يسمى به مؤنّث فلم يجر. وقال آخر:

لقد ضاع قوم قلّدوك أمورهم =بدابق إذ قيل العدوّ قريب
رأوا جسدا ضخما فقالوا مقاتل =ولم يعلموا أن الفؤاد نخيب
ولو أردت ببدر البلدة لجاز أن تقول مررت ببدر يا هذا). [معاني القرآن: 1/428-429]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لقد نصركم الله في مواطن كثيرةٍ ويوم حنينٍ إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مّدبرين}
وقال: {في مواطن كثيرةٍ} لا تنصرف. وكذلك كل جمع ثالث حروفه ألف وبعد الألف حرف ثقيل أو اثنان خفيفان فصاعدا فهو لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة نحو "محاريب" و"تماثيل" و"مساجد" وأشباه ذلك إلا أن يكون في آخره الهاء فإن كانت في آخره الهاء انصرف في النكرة نحو "طيالسة" و"صياقلة". وإنما منع العرب من صرف هذا الجمع أنه مثال لا يكون للواحد ولا يكون إلا للجمع والجمع أثقل من الواحد. فلما كان هذا المثال لا يكون إلا للأثقل لم يصرف. وأما الذي في آخره الهاء فانصرف لأنها منفصلة كأنها اسم على حيالها. والانصراف إنما يقع في آخر الاسم فوقع على الهاء فلذلك انصرف فشبه بـ"حضرموت" و"حضرموت" مصروف في النكرة). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين}
أي وفي حنين، أي ونصركم في يوم حنين، وحنين: اسم واد بين مكة والطائف.
وقوله: {في مواطن كثيرة} أي في أمكنة، كقولك في مقامات.
تقول استوطن فلان بالمكان إذا أقام فيه.
وزعم بعض النحويين أن {مواطن} لم ينصرف ههنا لأنه جمع.
وأنها لا تجمع.
قال أبو إسحاق: وإنما لم تجمع لأنها لا تدخل عليها الألف والتاء، لا نقول مواطنات، ولا حدائدات إلا في شعر، وإنما سمع قول الخليل أنه جمع لا يكون عنى مثال الواحد، وتأويله عند الخليل أن الجموع أبدا تتناهى إليه فليس بعده جمع، لو كسرت أي جمعت على التكسير أقوال، فقلت أقاويل لم يتهيأ لك أن تكسر أقاويل، ولكنك قد تقول أقاويلات.
قال الشاعر:
فهنّ يعلكنّ حدائداتها
وإنما لم ينصرف {مواطن} عند الخليل لأنه جمع وأنه ليس على مثال.
الواحد ومعنى ليس على مثال الواحد، أي ليس في ألفاظ الواحد ما جاء على لفظه وأنه لا يجمع كما يجمع الواحد جمع تكسير.
ومعنى الآية أن اللّه جلّ وعزّ أعلمهم أنّه ليس بكثرتهم يغلبون وأنهم إنما يغلبون بنصر اللّه إياهم فقال جلّ وعزّ:
{ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا}.
يروى أنهم كانوا اثني عشر ألفا في ذلك اليوم، وقال بعضهم: كانوا عشرة آلاف فأعجبوا بكثرتهم، فجعل الله عقوبتهم على إعجابهم بالكثرة - وقولهم: " لن نغلب اليوم من قلّة بأن رعّبهم حتى ولّوا مدبرين، فلم يبق مع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن حرب، ثم أنزل اللّه عليهم السكينة حتى عادوا وظفروا فأراهم اللّه في ذلك اليوم من آياته ما زادهم تبيينا بنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: {إنّما يعمر مساجد اللّه}.
وقرئت مسجد اللّه، فمن قرأ (مسجد اللّه) عنى به المسجد الحرام ودخل معه غيره، كما تقول: ما أسهل على فلان إنفاق الدّرهم والدينار، أي هذا الجنس سهل عليه إنفاقه.
ويجوز أن يكون مساجد الله يعني به المسجد الحرام، كما تقول إذا
ركب الرجل الفرس، قد صار فلان يركب الخيل، فعلى هذا تجري الأسماء التي تعبّر عن الأجناس). [معاني القرآن: 2/439-441]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة}
أي في أماكن ومنه استوطن فلان المكان أي أقام به). [معاني القرآن: 3/194]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}
أي ونصركم يوم حنين
قال قتادة حنين اسم ماء بين مكة والطائف قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفا من المهاجرين والأنصار وألفين من الطلقاء فقال رجل لن تغلبوا اليوم فتفرق أكثرهم ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم فأجيب ونصر فأعلمهم الله جل وعز أنهم لم يغلبوا من كثرة وإنما يغلبون بأن ينصرهم الله). [معاني القرآن: 3/194]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بما رحبت} أي: اتسعت، يقال منه: فعل يفعل فعلا). [ياقوتة الصراط: 242]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أنزل الله سكينته} مجازه مجاز فعليه من السكون، قال أبو عريف الكليبيّ:
لله قبرٌ غالها ماذا يجنّ... لقد أجنّ سكينةً ووقارا). [مجاز القرآن: 1/254 -255]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سكنيته}: من السكون). [غريب القرآن وتفسيره: 162]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَكِينَتَهُ}: التثبيت والنصر). [العمدة في غريب القرآن: 147]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)

رد مع اقتباس