عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {هو الّذي يريكم آياته} أي: يظهر قدرته لخلقه بما يشاهدونه في خلقه العلويّ والسّفليّ من الآيات العظيمة الدّالّة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها، {وينزل لكم من السّماء رزقًا}، وهو المطر الّذي يخرج به من الزّروع والثّمار ما هو مشاهدٌ بالحسّ، من اختلاف ألوانه وطعومه، وروائحه وأشكاله وألوانه، وهو ماءٌ واحدٌ، فبالقدرة العظيمة فاوت بين هذه الأشياء، {وما يتذكّر} أي: يعتبر ويتفكّر في هذه الأشياء ويستدلّ بها على عظمة خالقها {إلا من ينيب} أي: من هو بصيرٌ منيبٌ إلى اللّه، عزّ وجلّ). [تفسير ابن كثير: 7/ 134]

تفسير قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فادعوا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون} أي: فأخلصوا للّه وحده العبادة والدّعاء، وخالفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد اللّه بن نميرٍ، حدّثنا هشامٌ -يعني بن عروة بن الزّبير-عن أبي الزّبير محمّد بن مسلم بن مدرس المكّيّ قال: كان عبد اللّه بن الزّبير يقول في دبر كلّ صلاةٍ حين يسلّم: لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، لا إله إلّا اللّه، ولا نعبد إلّا إيّاه، له النّعمة وله الفضل، وله الثّناء الحسن، لا إله إلّا اللّه، مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون" قال: وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يهلّل بهنّ دبر كلّ صلاةٍ.
ورواه مسلمٌ وأبو داود والنّسائيّ، من طرقٍ، عن هشام بن عروة، وحجّاج بن أبي عثمان، وموسى بن عقبة، ثلاثتهم عن أبي الزّبير، عن عبد اللّه بن الزّبير قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في دبر الصّلاة: "لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وذكر تمامه.
وقد ثبت في الصّحيح عن ابن الزّبير؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول عقب الصّلوات المكتوبات: "لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ. لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، لا إله إلّا اللّه ولا نعبد إلّا إيّاه، له النّعمة وله الفضل، وله الثّناء الحسن، لا إله إلّا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الرّبيع حدّثنا الخصيب بن ناصحٍ، حدّثنا صالحٌ -يعني المرّي-عن هشام بن حسّان، عن ابن سيرين عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ اللّه لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ"). [تفسير ابن كثير: 7/ 134-135]

تفسير قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق (15) يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار (16) اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب (17) }
يقول تعالى [مخبرًا] عن عظمته وكبريائه، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسّقف لها، كما قال تعالى: {من اللّه ذي المعارج تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ [فاصبر]} [المعارج:3، 4]، وسيأتي بيان أنّ هذه مسافة ما بين العرش إلى الأرض السّابعة، في قول جماعةٍ من السّلف والخلف، وهو الأرجح إن شاء اللّه [تعالى]. وقد ذكر غير واحدٍ أنّ العرش من ياقوتةٍ حمراء، اتّساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنةٍ. وارتفاعه عن الأرض السّابعة مسيرة خمسين ألف سنةٍ. وقد تقدّم في حديث "الأوعال" ما يدلّ على ارتفاعه عن السموات السّبع بشيءٍ عظيمٍ.
وقوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} كقوله تعالى: {ينزل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنّه لا إله إلا أنا [فاتّقون]} [النّحل: 2]، وكقوله: {وإنّه لتنزيل ربّ العالمين. نزل به الرّوح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. [بلسانٍ عربيٍّ مبين]} [الشّعراء: 192 -194] ؛ ولهذا قال: {لينذر يوم التّلاق} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {يوم التّلاق} اسمٌ من أسماء يوم القيامة، حذّر منه عباده.
وقال ابن جريج: قال ابن عبّاسٍ: يلتقي فيه آدم وآخر ولده.
وقال ابن زيدٍ: يلتقي فيه العباد.
وقال قتادة، والسّدّيّ، وبلال بن سعدٍ، وسفيان بن عيينة: يلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض.
وقال قتادة أيضًا: يلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض، والخالق والخلق.
وقال ميمون بن مهران: يلتقي [فيه] الظّالم والمظلوم.
وقد يقال: إنّ يوم القيامة هو يشمل هذا كلّه، ويشمل أنّ كلّ عاملٍ سيلقى ما عمل من خيرٍ وشرٍّ. كما قاله آخرون). [تفسير ابن كثير: 7/ 135-136]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يوم هم بارزون} أي: ظاهرون بادون كلّهم، لا شيء يكنّهم ولا يظلّهم ولا يسترهم. ولهذا قال: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ} أي: الجميع في علمه على السّواء.
وقوله: {لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار} قد تقدّم في حديث ابن عمر: أنّه تعالى يطوي السموات والأرض بيده، ثمّ يقول: أنا الملك، أنا الجبّار، أنا المتكبّر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبّارون؟ أين المتكبّرون؟
وفي حديث الصّور: أنّه تعالى إذا قبض أرواح جميع خلقه، فلم يبق سواه وحده لا شريك له، حينئذٍ يقول: لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرّاتٍ، ثمّ يجيب نفسه قائلًا {للّه الواحد القهّار} أي: الّذي هو وحده قد قهر كلّ شيءٍ وغلبه.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن غالبٍ الدّقّاق، حدّثنا عبيد بن عبيدة، حدّثنا معتمرٌ، عن أبيه، حدّثنا أبو نضرة، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما] قال: ينادي منادٍ بين يدي السّاعة: يا أيّها النّاس، أتتكم السّاعة. فيسمعها الأحياء والأموات، قال: وينزل اللّه [عزّ وجلّ] إلى سماء الدّنيا ويقول: {لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}). [تفسير ابن كثير: 7/ 136]

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب} يخبر تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه، أنّه لا يظلم مثقال ذرّةٍ من خيرٍ ولا من شرٍّ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها، وبالسّيّئة واحدةً؛ ولهذا قال: {لا ظلم اليوم} كما ثبت في صحيح مسلمٍ، عن أبي ذرٍّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -فيما يحكي عن ربّه عزّ وجلّ-أنّه قال: "يا عبادي، إنّي حرّمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا -إلى أن قال-: يا عبادي، إنّما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثمّ أوفّيكم إيّاها، فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
وقوله: {إنّ اللّه سريع الحساب} أي: يحاسب الخلائق كلّهم، كما يحاسب نفسًا واحدةً، كما قال: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28]، وقال [تعالى]: {وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبصر} [القمر: 50]).[تفسير ابن كثير: 7/ 136]

رد مع اقتباس