عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:48 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو الّذي يريكم آياته وينزّل لكم من السّماء رزقًا وما يتذكّر إلاّ من ينيب (13) فادعوا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون}.
يقول تعالى ذكره: الّذي يريكم أيّها النّاس حججه وأدلّته على وحدانيّته وربوبيّته {وينزّل لكم من السّماء رزقًا} يقول ينزّل لكم من أرزاقكم من السّماء، بإدرار الغيث الّذي يخرج به أقواتكم من الأرض، وغذاء أنعامكم عليكم {وما يتذكّر إلاّ من ينيب} يقول: وما يتذكّر حجج اللّه الّتي جعلها أدلّةً على وحدانيّته، فيعتبر بها ويتّعظ، ويعلم حقيقة ما تدلّ عليه، إلاّ من ينيب، يقول: إلاّ من يرجع إلى توحيده، ويقبل على طاعته.
- كما حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إلاّ من ينيب} قال: من يقبل إلى طاعة اللّه). [جامع البيان: 20/293-294]

تفسير قوله تعالى: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فادعوا اللّه مخلصين له الدّين} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين به، فاعبدوا اللّه أيّها المؤمنون له، مخلصين له الطّاعة غير مشركين به شيئًا ممّا دونه {ولو كره الكافرون} يقول: ولو كره عبادتكم إيّاه مخلصين له الطّاعة الكافرون المشركون في عبادتهم إيّاه الأوثان والأنداد). [جامع البيان: 20/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 14.
أخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دبر الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون). [الدر المنثور: 13/24-25]

تفسير قوله تعالى: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة يلقي الروح قال الوحي والرحمة). [تفسير عبد الرزاق: 2/179]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم التلاق يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض والخالق وخلقه). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {رفيع الدّرجات ذو العرش يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التّلاق (15) يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار}.
يقول تعالى ذكره: هو رفيع الدّرجات؛ ورفع قوله: {رفيع الدّرجات} على الابتداء؛ ولو جاء نصبًا على الرّدّ على قوله: فادعوا اللّه، كان صوابًا. {ذو العرش} يقول: ذو السّرير المحيط بما دونه.
وقوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} يقول: ينزّل الوحي من أمره على من يشاء من عباده.
وقد اختلف أهل التّأويل في معنى الرّوح في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به الوحي.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يلقي الرّوح من أمره} قال: الوحي من أمره.
وقال آخرون: عني به القرآن والكتاب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} قال: يعني بالرّوح: الكتاب ينزّله على من يشاء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} وقرأ: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} قال: هذا القرآن هو الرّوح، أوحاه اللّه إلى جبريل، وجبريل روح نزل به على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقرأ: {نزل به الرّوح الأمين} قال فالكتب الّتي أنزلها اللّه على أنبيائه هي الرّوح، لينذر بها ما قال اللّه يوم التّلاق {يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا} قال: الرّوح: القرآن كان أبي يقوله. قال ابن زيدٍ: يقومون له صفًّا بين السّماء والأرض حين ينزل جلّ جلاله.
وقال آخرون: عني به النّبوّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قول اللّه: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده} قال: النّبوّة على من يشاء.
وهذه الأقوال متقاربات المعاني، وإن اختلفت ألفاظ أصحابها بها.
وقوله: {لينذر يوم التّلاق} يقول: لينذر من يلقى الرّوح عليه من عباده من أمر اللّه بإنذاره من خلقه عذاب يومٍ تلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض، وهو يوم التّلاق، وذلك يوم القيامة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم التّلاق} من أسماء يوم القيامة، عظّمه اللّه، وحذّره عباده.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يوم التّلاق} يومٌ تلتقي فيه أهل السّماء وأهل الأرض، والخالق والخلق.
- حدّثنا محمّدٌ، قال. حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {يوم التّلاق}: يوم تلتقي أهل السّماء وأهل الأرض.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {يوم التّلاق} قال: يوم القيامة قال: يوم تتلاقى العباد). [جامع البيان: 20/294-297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 15 - 16
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يلقي الروح من أمره} قال: الوحي والرحمة {لينذر يوم التلاق} قال: يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض والخالق وخلقه {يوم هم بارزون} ولا يسترهم جبل ولا شيء). [الدر المنثور: 13/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لينذر يوم التلاق) قال: يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض). [الدر المنثور: 13/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: (لينذر يوم التلاق) قال يوم القيامة، يلتلقي فيها آدم وأخر ولده). [الدر المنثور: 13/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: يوم التلاق ويوم الآزفة ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده). [الدر المنثور: 13/26]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: إن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد بأرض بيضاء، كأنها سبيكة فضة، لم يعص الله فيها قط، ولم يخطأ فيها، فأول ما يتكلم به أنه ينادي: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} [سورة غافر:16-17]، ثم يكون أول ما يبدؤون من الخصومات في الدنيا، فيؤتى بالقاتل والمقتول، فيقال: لم قتلت فلانا؟ قال: لتكون العزة لله، قال: فإنها لي، فإن قال: قتلته، لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له فيبوء بإثمه، فيقتله من كان قتل، بالغين ما بلغوا، ويذوق الموت عدة ما ذاقوا). [الزهد لابن المبارك: 2/753]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم هم بارزون قال بارزون لا يسترهم جبل ولا يسترهم شيء). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ} يعني بقوله {يوم هم بارزون} يعني المنذرين الّذين أرسل اللّه إليهم رسله لينذروهم ظاهرون - يعني للنّاظرين - لا يحول بينهم وبينهم جبلٌ ولا شجرٌ، ولا يستر بعضهم عن بعضٍ ساترٌ، ولكنّهم بقاعٍ صفصفٍ لا أمت فيه ولا عوج.
و{هم} من قوله: {يوم هم} في موضع رفعٍ بما بعده، كقول القائل: فعلت ذلك يوم الحجّاج أميرٌ.
واختلف أهل العربيّة في العلّة الّتي من أجلها لم تخفض {هم} بـ{يوم} وقد أضيف إليه؛ فقال بعض نحويّي البصرة: أضاف {يوم} إلى {هم} في المعنى، فلذلك لا ينوّن اليوم، كما قال: {يوم هم على النّار يفتنون} وقال: {هذا يوم لا ينطقون} ومعناه: هذا يوم فتنتهم، ولكن لمّا ابتدأ الاسم، وبنى عليه لم يقدر على جرّه، وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة، وهذا إنّما يكون إذا كان (اليوم) في معنى (إذ)، وإلاّ فهو قبيحٌ؛ ألا ترى أنّك تقول: ليتك زمن زيدٌ أميرٌ: أي إذ زيدٌ أميرٌ، ولو قلت: ألقاك زمن زيدٌ أميرٌ، لم يحسن.
وقال غيره: معنى ذلك: أنّ الأوقات جعلت بمعنى إذ وإذا، فلذلك بقيت على نصبها في الرّفع والخفض والنّصب، فقال: (ومن خزي يومئذٍ) فنصبوا، والموضع خفضٌ، فذلك دليلٌ على أنّه جعل موضع الأداة، ويجوز أن يعرب بوجوه الإعراب؛ لأنّه ظهر ظهور الأسماء؛ ألا ترى أنّه لا يعود عليه العائد كما يعود على الأسماء، فإن عاد العائد نوّن وأعرب ولم يضف، فقيل: أعجبني يومٌ فيه تقوم، لمّا أن خرج من معنى الأداة، وعاد عليه الذّكر صار اسمًا صحيحًا وقال: وجائزٌ في (إذ) أن تقول: أتيتك إذ تقوم، كما تقول: أتيتك يوم يجلس القاضي، فيكون زمنًا معلومًا، فأمّا آتيك يوم تقوم. فلا مئونة فيه وهو جائزٌ عند جميعهم، وقال: وهذه الّتي تسمّى إضافةٌ غير محضةٍ.
والصّواب من القول عندي في ذلك، أنّ نصب (يوم) وسائر الأزمنة في مثل هذا الموضع نظير نصب الأدوات؛ لوقوعها مواقعها، وإذا أعربت بوجوه الإعراب، فلأنّها ظهرت ظهور الأسماء، فعوملت معاملتها.
وقوله: {لا يخفى على اللّه منهم} يقول: لا يخفى على اللّه منهم أي ولا من أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا {شيءٌ}.
- وكان قتادة يقول في ذلك ما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يوم هم بارزون لا يخفى على اللّه منهم شيءٌ} ولكنّهم برزوا له يوم القيامة، فلا يستترون بجبلٍ ولا مدرٍ.
وقوله: {لمن الملك اليوم} يعني بذلك: يقول الرّبّ: لمن الملك اليوم؛ وترك ذكر يقول استغناءً بدلالة الكلام عليه.
وقوله: {للّه الواحد القهّار} وقد ذكرنا الرّواية الواردة بذلك فيما مضى قبل؛ ومعنى الكلام: يقول الرّبّ: لمن السّلطان اليوم؟ وذلك يوم القيامة، فيجيب نفسه فيقول: {للّه الواحد} الّذي لا مثل له ولا شبيه {القهّار} لكلّ شيءٍ سواه بقدرته، الغالب بعزّته). [جامع البيان: 20/297-299]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي نضرة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " ينادي منادٍ بين يدي السّاعة: يا أيّها النّاس أتتكم السّاعة، فيسمعها الأحياء والأموات وينزل اللّه إلى السّماء الدّنيا فينادي: لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/475]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} قال: واليوم لا يخفى على الله منهم شيء ولكنهم برزوا لله يوم القيامة لا يستترون بجبل ولا مدر). [الدر المنثور: 13/26]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد في زوائد الزهد، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ينادي مناد بين يدي الساعة: يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} ). [الدر المنثور: 13/26]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ينادي مناد بين الصيحة: يا أيها الناس أتتكم الساعة - ومد بها صوته يسمعه الأحياء والأموات - وينزل الله إلى السماء الدنيا ثم ينادي مناد: لمن الملك اليوم، لله الواحد القهار). [الدر المنثور: 13/26]

تفسير قوله تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: إن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد بأرض بيضاء، كأنها سبيكة فضة، لم يعص الله فيها قط، ولم يخطأ فيها، فأول ما يتكلم به أنه ينادي: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} [سورة غافر:16-17]، ثم يكون أول ما يبدؤون من الخصومات في الدنيا، فيؤتى بالقاتل والمقتول، فيقال: لم قتلت فلانا؟ قال: لتكون العزة لله، قال: فإنها لي، فإن قال: قتلته، لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له فيبوء بإثمه، فيقتله من كان قتل، بالغين ما بلغوا، ويذوق الموت عدة ما ذاقوا). [الزهد لابن المبارك: 2/753](م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر عن [القرظي في قول] الله: {لولا أن رأى برهان ربه}، رأى، {ولا تقربوا [الزنا إنه كان] فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ (؟) .. .. ]، {عليكم لحافظين (10) كراما [كاتبين} ........ ]، فقال: ما إليك من سبيلٍ، ثم رأى [ .... {اليوم تجزى كل] نفسٍ بما كسبت}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ .. ] وآية أخرى: {وما تكون في شأنٍ [وما تتلو منه من قرآنٍ] ولا تعملون من عملٍ إلا كنا [عليكم شهودا] إذ تفيضون فيه}). [الجامع في علوم القرآن: 2/145-146] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيله يوم القيامة حين يبعث خلقه من قبورهم لموقف الحساب: {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت} يقول: اليوم يثاب كلّ عاملٍ بعمله، فيوفّى أجر عمله، فعامل الخير يجزى الخير، وعامل الشّرّ يجزى جزاءه.
وقوله: {لا ظلم اليوم} يقول: لا بخس على أحدٍ فيما استوجبه من أجر عمله في الدّنيا، فينقص منه إن كان محسنًا، ولا حمل على مسيءٍ إثم ذنبٍ لم يعمله فيعاقب عليه.
{إنّ اللّه سريع الحساب} يقول: إنّ اللّه ذو سرعةٍ في محاسبة عباده يومئذٍ على أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا؛ ذكر أنّ ذلك اليوم لا ينتصف حتّى يقيل أهل الجنّة في الحنة، وأهل النّار في النّار، وقد فرغ من حسابهم، والقضاء بينهم). [جامع البيان: 20/299-300]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ همّام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: بلغني حديثٌ عن رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سمعه من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في القصاص، ولم أسمعه، فابتعت بعيرًا، فشددت رحلي عليه، ثمّ سرت شهرًا حتّى قدمت مصر، فأتيت عبد اللّه بن أنيسٍ فقلت للبوّاب: قل له جابرٌ على الباب. فقال: ابن عبد اللّه؟ قلت: نعم. فأتاه فأخبره فقام يطأ ثوبه حتّى خرج إليه فاعتنقني واعتنقته فقلت له: حديثٌ بلغني عنك سمعته من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ولم أسمعه في القصاص، فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه. فقال عبد اللّه: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " يحشر اللّه العباد - أو قال: النّاس - عراةً غرلًا بهمًا " قال: قلنا: ما بهمًا؟ قال: " ليس معهم شيءٌ، ثمّ يناديهم بصوتٍ يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الدّيّان لا ينبغي لأحدٍ من أهل الجنّة أن يدخل الجنّة، ولا ينبغي لأحدٍ من أهل النّار أن يدخل النّار، وعنده مظلمةٌ حتّى أقصّه منه حتّى اللّطمة " قال: قلنا: كيف ذا، وإنّما نأتي اللّه غرلًا بهمًا؟ قال: «بالحسنات والسّيّئات» قال: وتلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {اليوم تجزى كلّ نفسٍ بما كسبت لا ظلم اليوم} [غافر: 17] «صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/475]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 17
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الأية قال: ينادي بالجبارين فيجعلون في توابيت من نار ثم يقال: لمن الملك اليوم ؟ فيقال: لله الواحد القهار . قوله تعالى: (اليوم تجزى كل نفس) الآية). [الدر المنثور: 13/26-27]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن جابر رضي الله عنه قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم في القصاص فأتيت بعير فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت مصر فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت له: حديث بلغني عنك في القصاص فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الله العباد حفاة عراة غرلا، قلنا ما هما قال: ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة، قلنا كيف وإن نأتي الله غرلا بهما قال: بالحسنات والسيئآت وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم} ). [الدر المنثور: 13/27-28]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الذنوب ثلاثة، فذنب يغفر وذنب لا يغفر وذنب لا يترك منه شيء، فالذنب الذي يغفر العبد يذنب الذنب فيستغفر الله فيغفر له وأما النذب الذي لا يغفر فالشرك وأما الذنب الذي لا يترك منه شيء فمظلمة الرجل أخاه، ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} يؤخذ للشاة الجماء من ذات القرون بفضل نطحها). [الدر المنثور: 13/28]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله عليها قط ولم يخط فيها، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد: لمن الملك اليوم، لله الواحد القهار {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} فأول ما يبدؤن به من الخصومات الدماء فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقول: سل عبدك هذا فيم قتلتني فيقول: نعم، فإن قال قتلته لتكون العزة لله فإنها له وإن قال قتلته لتكون العزة لفلان فإنها ليست له ويبوء بإئمه فيقتله، ومن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوقوا الموت كما ذاقوه في الدنيا). [الدر المنثور: 13/28-29]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه بسند واه عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم، حفاة عراة غرلا، فقالت عائشة رضي الله عنها: واسوأتاه، ينظر بعضنا إلى بعض فضرب على منكبها وقال: يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر وسموا بأبصارهم إلى السماء موقوفون أربعين سنة، لا يأكلون ولا يشربون ولا يتكلمون سامين أبصارهم إلى السماء، يلجمهم العرق فمنهم من بلغ العرق قدميه ومنهم من بلغ ساقيه ومنهم من بلغ فخذيه، وبطنه ومنهم من يلجمه العرق.
ثم يرحم بعد ذلك على العباد فيأمر الملائكة المقربين فيحملون عرش الرب عز وجل حتى يوضع في أرض بيضاء كأنها الفضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة وذلك أول يوم نظرت عين إلى الله تعالى، ثم تقوم الملائكة (حافين من حول العرش) (الزمر 75) ثم ينادي مناد فينادي بصوت يسمع الثقلين الجن والإنس يستمع الناس لذلك الصوت ثم يخرج الرجل من الموقف فيعرق الناس كلهم ثم يعرق بأخذ حسناته فتخرج معه فيخرج بشيء لم ير الناس مثله كثرة ويعرف الناس تلك الحسنات فإذا وقف بين يدي رب العالمين قال: أين أصحاب المظالم فيقول له الرحمن تعالى: أظلمت فلان بن فلان في كذا وكذا، فيقول: نعم يا رب وذلك (يوم تشهد عليه ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) (النور 24) فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناته فيدع إلى من ظلمه، وذلك يوم لا دينار ولا درهم إلا أخذ من الحسنات وترك من السيئآت فإذا لم يبق حسنة قال: من بقي يا ربنا ما بال غيرنا استوفوا حقوقهم وبقينا قيل: لا تعجلوا فيؤخذ من سيئآتهم عليه فإذا لم يبق أحد يطلبه قيل له ارجع إلى أمك الهاوية فإنه {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} ولا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد إلا ظن أنه لم ينج لما رأى من شدة الحساب). [الدر المنثور: 13/29-31]


رد مع اقتباس