الموضوع: سورة البقرة
عرض مشاركة واحدة
  #41  
قديم 26 جمادى الآخرة 1434هـ/6-05-2013م, 09:06 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قوله تعالى: { لَا إِكْرَ‌اهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّ‌شْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ‌ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْ‌وَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الرابعة والعشرون: قوله تعالى: {لا إكراه في الدين...} الآية [256 / البقرة / 2] منسوخة وناسخها قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم...} الآية [5 مدنية / التوبة / 9].) .[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 19-30]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال جلّ وعزّ: {لا إكراه في الدّين} [البقرة: 256] فمن العلماء من قال: هي منسوخةٌ لأنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلّا بالإسلام
فممّن قال بذلك سليمان بن موسى قال:
نسخها {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين} [التوبة: 73]
وقال زيد بن أسلم أقام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بمكّة عشر سنين يدعو النّاس إلى الإسلام ولا يقاتل أحدًا فأبى المشركون إلّا قتاله فاستأذن اللّه عزّ وجلّ في قتالهم فأذن له
وقال بعض العلماء ليست منسوخةً ولكن {لا إكراه في الدّين} [البقرة: 256] نزلت في أهل الكتاب لا يكرهون على الإسلام إذا أدّوا الجزية والّذين يكرهون أهل الأوثان فهم الّذين نزلت فيهم {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين} [التوبة : 73]
وممّا يحتجّ به لهذا القول
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/99]
ما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال أخبرنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال سمعت عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه يقول لعجوزٍ نصرانيّةٍ: " أسلمي أيّتها العجوز تسلمي، إنّ اللّه جلّ وعزّ بعث محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم بالحقّ، فقالت: أنا عجوزٌ كبيرةٌ وأموت إلى قريبٍ، فقال عمر اللّهمّ اشهد، ثمّ تلا {لا إكراه في الدّين} [البقرة: 256] "
وممّن قال إنّها مخصوصة ابن عبّاسٍ
كما قرئ على أحمد بن شعيبٍ، عن محمّد بن بشّارٍ، عن ابن أبي عديٍّ، في حديثه عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " كانت المرأة تجعل على نفسها إن عاش لها ولدٌ أن تهوّده فلمّا أجليت بنو النّضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالت الأنصار: لا ندع أبناءنا فأنزل اللّه جلّ وعزّ {لا إكراه في الدّين قد تبيّن الرّشد من الغيّ} [البقرة: 256] "
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/100]
قول ابن عبّاسٍ في هذه الآية أولى الأقوال لصحّة إسناده وأنّ مثله لا يؤخذ بالرّأي فلمّا خبّر أنّ الآية نزلت في هذا وجب أن يكون أولى الأقوال وأن تكون الآية مخصوصةً نزلت في هذا، وحكم أهل الكتاب كحكمهم
فأمّا دخول الألف واللّام في الدّين فللتّعريف لأنّ المعنى لا إكراه في الإسلام
وفي ذلك قول آخر يكون التّقدير لا إكراه في دين الإسلام والألف واللّام عوضٌ من المضاف إليه مثل {يصهر به ما في بطونهم والجلود}[الحج: 20] أي وجلودهم
واختلف العلماء أيضًا في الآية الثّامنة والعشرين، فقال بعضهم هي ناسخةٌ وقال بعضهم نزلت في شيءٍ بعينه غير ناسخةٍ وقال بعضهم هي عامّةٌ
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/101]

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية السّابعة والعشرون قوله تعالى {لا إكراه في الدّين} الآية نسخها الله تعالى بآية السّيف وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما أجلى اليهود إلى أذرعات من الشّام كان لهم في أولاد الأنصار رضاع فقال أولاد الأنصار نخرج مع أمهاتنا أين خرجن فمنعهم آباؤهم فنزلت هذه الآية {لا إكراه في الّدين} ثمّ صار ذلك منسوخا نسخته آية السّيف
الآية الثّامنة والعشرون قوله تعالى {وأشهدوا إذا تبايعتم} فأمر الله بالشّهادة وقد كان جماعة من التّابعين يرون أن يشهدوا في كل بيع وابتياع منهم الشّعبيّ
وإبراهيم النّخعيّ كانوا يقولون إنّا نرى أن نشهد ولو على جرزة بقل ويروي حزمة ثمّ نسخت الشّهادة بقوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤدّ الّذي أؤتمن أمانته}
). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 31-59]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {لا إكراه في الدّين} الآية:هذه الآية عند جماعةٍ منسوخةٌ بقوله: {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم} [التوبة: 73]، جعلوها عامّة، فلم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزولها من العرب إلاّ بالإسلام وإكراههم عليه.
وقد روي عن عمر أنه عرض على مملوك له الإسلام فأبى فتركه ولم يكرهه، فهي على هذا القول محكمة.
وقد قيل: إن الآية مخصوصةٌ نزلت في أهل الكتاب ألاّ يكرهوا إذا أدّوا الجزية، ودلّ على أنها في أهل الكتاب قوله: {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين} [التوبة: 73] ولم يذكر أهلاً لكتاب.
ودلّ على ذلك أيضًا قوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التوبة: 29]. فقد منع من قتالهم وإكراههم إذا أعطوا الجزية.
وقال ابن عباس: الآية محكمةٌ مخضوضةٌ نزلت في أبناء الأنصار،
وذلك أن الأنصار كان تتزوج في اليهود بني النضير، وكانت المرأة منهم تجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن يهوّدوه، فلما أجلى النبي صلى الله عليه وسلم بني النّضير، وأخرجهم من جزيرة العرب، كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالت الأنصار: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله: لا إكراه في الدين، فكان من شاء لحق بأبيه، ومن شاء لم يلحق.
وقال الشعبي: نزلت هذه الآية في قومٍ من الأنصار كانوا يهوّدون أبناءهم قبل الإسلام، إذ لا يعلمون دينًا أفضل من اليهوديّة، فلمّا أتى الله بالإسلام وأسلم الآباء أرادوا أن يكرهوا أبناءهم على الإسلام، فأنزل الله: {لا إكراه في الدّين}.
وقال أبو عبيد: وجهها عندي أن تكون لأهل الذّمّة، يعني لا يكرهون على الإسلام إذا أدّوا الجزية.
فالآية محكمة على هذه الأقوال. وهو الأظهر فيها والأولى.
).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:123- 200]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الرّابعة والثّلاثين: قوله تعالى: {لا إكراه في الدّين}.اختلف العلماء هل هذا القدر من الآية محكم أو منسوخ.
فذهب قومٌ إلى أنّه محكمٌ، ثمّ اختلفوا في وجه إحكامه على قولين:
أحدهما: أنّه من العامّ المخصوص وأنّه خصّ منه أهل الكتاب فإنّهم لا يكرهون على الإسلام بل يخيّرون بينه وبين أداء الجزية وهذا المعنى مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وقتادة.
وكان السّبب في نزول هذه الآية ما أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه البقّال، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحق الكاذيّ، قال: أبنا عبد اللّه بن أحمد، قال حدّثني أبي، قال: بنا علي بن عاصم قال: بنا داود بن أبي هندٍ عن عامرٍ، قال: كانت المرأة في الأنصار إذا كانت لا يعيش لها ولدٌ تدعى المقلاة، فكانت المرأة إذا كانت كذلك نذرت إن هي أعاشت ولدًا تصبغه يهوديًّا، فأدرك الإسلام طوائفٌ من أولاد الأنصار - وهم كذلك - فقالوا إنّما صبغناهم يهودًا ونحن نرى أن اليهود خيرٌ من (عبّاد) الأوثان. فإمّا إذ جاء اللّه بالإسلام فإنّا نكرههم على الإسلام، فأنزل اللّه تعالى: {لا إكراه في الدّين}.
قال أحمد، وحدثنا حسن، قال: بنا أبو هلال، قال بنا داود، قال: قال (عامرٌ) {لا إكراه في الدّين} كانت تكون المرأة مقلاةً في الجاهليّة لا يعيش لها ولدٌ فكانت تنذر اللّه عليها، إن عاش لها ولدٌ لتسلّمنّه في خير دينٍ تعلمه، ولم يكن في الجاهليّة دينٌ أفضل من اليهوديّة فتسلّمه في اليهوديّة فلمّا جاء الله بالإسلام قالوا: يا نبي اللّه كنّا لا نعلم
أو لا نرى أنّ دينًا أفضل من اليهوديّة، فلمّا جاء اللّه بالإسلام نرتجعهم، فأنزل الله عز وجل {لا إكراه في الدّين} لا تكرهوهم ولا نرتجعهم.
قال أحمد: (وبنا) وكيع، قال: بنا سفيان، عن خصيفٍ عن مجاهدٍ، قال: كان ناسٌ مسترضعون في بني قريظة فأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت: {لا إكراه في الدّين}.
أخبرنا عبد الوهّاب الحافظ، قال: أبنا ابن جبرون، وأبو ظاهرٍ الباقلاويّ، قالا: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا ابن كامل (قال) بنا محمد ابن (سعدٍ) قال: أخبرني أبي، قال: حدّثني عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {لا إكراه في الدّين} قال: وذلك لمّا دخل النّاس في الإسلام وأعطى أهل الكتاب الجزية.
والثّاني: (أنّ المراد به) ليس الدين ما يدين به في الظّاهر على جهة الإكراه عليه ولم يشهد به القلب وينطوي عليه الضمائر، إنما الدّين هو المعتقد بالقلب، وهذا قول أبي بكر بن الأنباريّ.
والقول الثّاني: أنّه منسوخٌ، (لأنّ هذه الآية) نزلت قبل الأمر بالقتال ثمّ نسخت بآية السّيف، وهذا قول الضّحّاك والسّدّيّ وابن زيدٍ.
أخبرنا ابن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكرٍ النّجّاد، قال: أبنا أبو داود قال: بنا جعفر بن محمد قال: بنا عمرو بن طلحة (القنّاد) قال: بنا أسباط بن نصرٍ عن إسماعيل السّدّيّ فأسنده إلى من فوقه {لا إكراه في الدّين} قال نسخ وأمر بقتال أهل الكتاب في براءة.
أخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسن بن قريشٍ، قال: أبنا أبو إسحاق البرمكيّ قال: أبنا محمّد بن إسماعيل بن العبّاس، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا حمر بن نوح، قال بنا أبو معاذ قال: بنا أبو مصلحٍ، عن الضّحّاك {لا إكراه في الدّين} قال: نزلت هذه الآية قبل أن يؤمر بالقتال قال أبو بكرٍ: وذكر المسيّب [بن واضحٍ عن بقيّة] بن الوليد
عن عتبة بن أبي حكيمٍ عن سليمان بن موسى قال: هذه الآية منسوخةٌ {لا إكراه في الدّين} نسختها: {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين}.
). [نواسخ القرآن:125- 236]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الثانية والعشرون: {لا إكراه في الدّين} اختلفوا فيه فقيل هو من العام المخصص خص منه أهل الكتاب فعلى هذا هو محكم وقيل نزلت قبل الأمر بالقتال ثمّ نسخ بآية السّيف.). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 14-21]

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (ومن ذلك قوله عز وجل: {لا إكراه في الدين} الآية [البقرة: 256] قال قوم: هي منسوخة بقوله عز وجل: {جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} الآية [التوبة: 73] والجمهور على أنها محكمة.
قال ابن عباس رحمه الله: (نزلت في أهل الكتاب، لا يكرهون إذا أدوا الجزية).
). [جمال القراء: 1/249-271]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس