الموضوع: سورة البقرة
عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 26 جمادى الآخرة 1434هـ/6-05-2013م, 05:39 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قوله تعالى: {لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِ‌ضُوا لَهُنَّ فَرِ‌يضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُ‌هُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ‌ قَدَرُ‌هُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُ‌وفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ(236)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال جلّ وعزّ: {لا جناح عليكم إن طلّقتم النّساء ما لم تمسّوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضةً ومتّعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًّا على المحسنين} [البقرة: 236]
فممّن قال بظاهر الآية وأنّه واجبٌ على كلّ مطلّقٌ المتعة للمطلّقة كما قال اللّه جلّ وعزّ {ومتّعوهنّ} [البقرة: 236] من الصّحابة عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه ومن التّابعين الحسن
قال الحسن وأبو العالية: لكلّ مطلّقةٍ متعةٌ مدخولٍ بها أو غير مدخولٍ بها مفروضٍ لها أو غير مفروضٍ لها
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/93]
وهذا قول سعيد بن جبيرٍ والضّحّاك وهو قول أبي ثورٍ
قال أبو جعفرٍ وحدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ، أنّه كان يقول: «لكلّ مطلّقةٍ متعةٌ» وأمّا من قال قد أخرج منها شيءٌ فعبد اللّه بن عمر
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال أخبرنا مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: «لكلّ مطلقةٍ متاعٌ إلّا الّتي لم يسمّ لها صداقٌ ولم تمسّ فحسبها نصف ما فرض لها»
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/94]
وأمّا قول من قال ومتّعوهنّ على النّدب لا على الحتم والإيجاب فهو قول شريحٍ قال:
«متّع إن كنت من المحسنين ألا تحبّ أن تكون من المتّقين» فهذا قول مالك بن أنسٍ أنّه لا يجبر على المتعة لامرأةٍ من المطلّقات كلّهنّ
وأمّا قول أبي حنيفة وأصحابه وهو يروى عن الشّافعيّ أنّه لا يجبر على
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/95]
المتعة إلّا أن يتزوّج امرأةً ولا يسمّي لها صداقًا فيطلّقها قبل أن يمسّها فإنّه يجبر على تمتيعها
وأمّا قول من قال بالنّسخ فيها فهو قول سعيد بن المسيّب
كما حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزدي، قال حدّثنا أحمد بن الحسن الكوفيّ، قال حدّثنا أسباط بن محمّدٍ، قال حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، قال: «كانت المتعة واجبةً لمن لم يدخل بها من النّساء في سورة الأحزاب ثمّ نسختها الآية الّتي في البقرة»
قال أبو جعفرٍ: يجب أن تكون الّتي في سورة الأحزاب {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها فمتّعوهنّ} [الأحزاب: 49] فهذا إيجاب المتعة، والنّاسخة لها عنده الّتي في البقرة {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم} [البقرة: 237] الآية
وهذا لا يجب فيه ناسخٌ ولا منسوخٌ لأنّه ليس في الآية لا تمتّعوهنّ ولكنّ
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/96]
القول الصّحيح البيّن أنّه اجتزئ بذكر المتعة ثمّ فلم تذكرها هنا ولا سيّما وبعده {وللمطلّقات متاعٌ بالمعروف} [البقرة: 241]
فهذا أوكد من متّعوهنّ؛ لأنّ متّعوهنّ قد يقع على النّدب وذكره التّمتيع في القرآن مؤكّدٌ قال اللّه جلّ وعزّ {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف} [البقرة: 236] وكذا ظاهر القرآن وهو قول عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه ومن ذكرناه وهو أحد قولي الشّافعيّ: إنّ على كلّ مطلّقٍ متعةً إذا كان الطّلاق من قبله
فأمّا تفرضوا لهنّ فريضةً ففيه أنّ عليّ بن أبي طلحة روى عن ابن عبّاسٍ قال:
«الفريضة الصّداق»
قال أبو جعفرٍ: الفرض في اللّغة الإيجاب ومنه فرض الحاكم على فلانٍ كذا كما قال:

كانت فريضةً ما تقول كما = كان الزّناء فريضة الرّجم


<iframe src"http://static.ak.facebook.com/connect/xd_arbiter.php?version=24#channel=f3e2a1361a4a602&origin=http%3A%2F%2Fjamharah.net&channel_path=%2Fshowthread.php%3Ft%3D17055%26fb_xd_fragment%23xd_sig%3Df30fb6d87625aa%26" style="border: medium none;" tab-index="-1" title="Facebook Cross Domain Communication Frame" aria-hidden="true" id="fb_xdm_frame_http" allowtransparency="true" name="fb_xdm_frame_http" frameborder="0" scrolling="no"></iframe><iframe src="https://s-static.ak.facebook.com/connect/xd_arbiter.php?version=24#channel=f3e2a1361a4a602&origin=http%3A%2F%2Fjamharah.net&channel_path=%2Fshowthread.php%3Ft%3D17055%26fb_xd_fragment%23xd_sig%3Df30fb6d87625aa%26" style="border: medium none;" tab-index="-1" title="Facebook Cross Domain Communication Frame" aria-hidden="true" id="fb_xdm_frame_https" allowtransparency="true" name="fb_xdm_frame_https" frameborder="0" scrolling="no"></iframe>

[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/97]
وقد احتجّ قومٌ في أنّ التّمتيع ليس بواجبٍ لقول اللّه تبارك وتعالى {حقًّا على المحسنين} [البقرة: 236] وكذا {حقًّا على المتّقين} [البقرة: 180] وهذا لا يلزم لأنّه إذا كان واجبًا على المحسنين فهو على غيرهم أوجب وأيضًا فإنّ النّاس جميعًا مأمورون بأن يكونوا محسنين متّقين لأنّ معنى يجب أن تكون محسنًا يجب أن تحسن إلى نفسك بأن تؤدّي فرائض اللّه جلّ وعزّ وتجتنب معاصيه فتكون محسنًا إلى نفسك حتّى لا تدخل النّار ويجب أن تتّقي اللّه بترك معاصيه والانتهاء إلى ما كلّفكه من فرائضه فوجب على الخلق أن يكونوا محسنين متّقين
واختلف العلماء في الآية السّابعة والعشرين فقال بعضهم هي منسوخةٌ وقال بعضهم هي مخصوصةٌ
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/98]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلّقتم النّساء ما لم تمسّوهنّ}:
أمر الله في هذه الآية بالمتعة على من طلّق قبل الدخول ولم يفرض. قال ابن المسيّب: كانت المتعة واجبةً لمن لم يدخل بها من النساء، بقوله في الأحزاب: {فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحًا جميلاً} [الأحزاب: 49]، وبقوله في هذه السّورة: {ومتّعوهنّ على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره} [البقرة: 236]. فنسخ ذلك بقوله: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم} [البقرة: 237].
وعنه أيضًا أنه قال: كانت المتعة واجبةً بالآية التي في الأحزاب قوله: {فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحًا جميلاً}، قال: ثمّ نسخها بالآية التي في البقرة، قوله: {حقًّا على المحسنين}، ولم يقل عليكم ولا واجبٌ عليكم.
قال أبو محمد: ويلزم من قال بهذا القول أن يكون المنسوخ منها التي قد فرض لها خاصة، وتكون التي لم يفرض لها باقيةً على حكم إيجاب المتعة؛ لأنه قال في الآية النّاسخة: {وقد فرضتم لهنّ فريضةً}، فإذا كانت المطلّقة قبل الدّخول بها لم يفرض لها شيءٌ، فهي باقيةٌ على حكم الآية الأولى في إيجاب المتعة وهو قول ابن عباس وجماعةٍ من الفقهاء.
لكن إيجاب ذلك على المتقين وعلى المحسنين دون غيرهم يدلّ على
أنه ندبٌ غير فرض؛ إذ لم يقل حقًا عليكم وإذ لم يأت بتحديد ما يمتّع به في كتابٍ ولا سنّةٍ ولا إجماعٍ. فالنّدب أولى به؛ إذ لا يعلم قدره.
وعن علي رضي الله عنه أنه قال: المتعة واجبةٌ لكلّ مطلّقةٍ وبه قال الحسن وابن جبيرٍ والضّحاك.
وقال شريح: المتعة: ندب الله إلى فعلها عباده: قال: ولو كانت واجبةً لم تجب على المحسنين وعلى المتقين دون غيرهم، ولكان يقول: حقًا عليكم. وكان شريح يقول: متّع إن كنت من المحسنين. ألا تحبّ أن تكون من المتقين.
وهذا القول هو الاختيار وهو مذهب مالك.
وأكثر الفقهاء يأمر من عقد النّكاح على التعريض ولم يفرض
وطلّق قبل الدخول بالمتعة، ولا يحكم عليه بها.
ويكون قوله تعالى في الأحزاب: {فمتّعوهنّ}، على الندب بدلالة آية البقرة في قوله: "على المحسنين"، "وعلى المتقين"؛ وبدلالة أنها غير محدودةٍ "ولا مقدّرةٍ"، من كتاب الله ولا من سنّة رسول الله ولا من إجماع.
فمن متّع بدرهمٍ فأقل وجب له اسم الإمتاع، وكذلك من متّع بألف مثقال.
وليس لهذا في الفروض نظيرٌ يحمل عليه. فهو بالنّدب أولى منه بالفرض. وهو قول عامّة الفقهاء والصّحابة والتابعين إلا اليسير منهم.
وقد أجمعوا على أن المطلّقة قبل الدخول لا تضرب مع الغرماء بالمتعة كان قد فرض لها أو لم يفرض، وتضرب معهم بنصف ما فرض لها. فدلّ ذلك على أن المتعة غير واجبةٍ.
وليس قول من احتجّ بأن سورة الأحزاب نزلت بعد البقرة فلا ينسخ ما في البقرة ما في الأحزاب بشيءٍ، لأنه لا يدّعي أحدٌ أن البقرة كلّها نزلت بعد الأحزاب. بل نزل منها شيءٌ قبل الأحزاب وبعدها.
فقد قال ابن عباسٍ وعمر بن عبد العزيز: آخر آيةٍ نزلت: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: 281].
وقال عمرٌ رضي الله عنه: آخر ما نزل آية الرّبا.
وروي أن قوله: {واتّقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} نزل قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ساعات، فقال: اجعلوها بعد ثمانين ومائتين من البقرة. فهذا يدلّ على أنّ أشياء من البقرة نزلت بعد الأحزاب. ولسنا نعيّن شيئًا من ذلك إلا برواية صحيحة.
فلا حجّة في أن الأحزاب نزلت بعد البقرة.
وعن ابن عباس: أنّ المتعة واجبةٌ للتي طلّقت قبل الدخول ولم يفرض لها. وبه قال العراقيون غير أنّهم حدّوا ما تمتّع به، فقالوا: إذا طلّق قبل الدخول ولم يفرض لها، متّعها بمثل نصف صداق مثلها.
).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:123- 200]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (ومن ذلك قوله عز وجل: {ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين} الآية [البقرة: 236].
قال ابن المسيب: وجبت المتعة لغير المدخول بها بهذه الآية، وبقوله تعالى في الأحزاب: {فمتعوهن وسرحوهن} الآية [الأحزاب: 49] قال: ثمنسخ ذلك بقوله عز وجل: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} الآية [البقرة: 237] وهذا ليس بنسخ لذلك؛ لأن الأولى في التي لم يفرض لها، والثانية في التي قد فرض لها.
وقال ابن المسيب أيضا: كانت المتعة واجبة بقوله عز وجل في سورة الأحزاب: {فمتعوهن وسرحوهن} الآية [الأحزاب: 49] ثم نسخت بآية البقرة، وهو قوله عز وجل: {حقا على المحسنين} الآية [البقرة: 236]، قال: ولم يقل: حقا عليكم، وهذا أيضا ليس كذلك؛ لأن قوله عز وجل {حقا على المحسنين} الآية [البقرة: 236] و{حقا على المتقين} الآية [البقرة: 241] لا يعارض قوله عز وجل: {فمتعوهن} ولذلك قال علي رضي الله عنه: المتعة واجبة لكل مطلقة، وإليه ذهب الحسن البصري والضحاك وابن جبير، وقال شريح: هي مندوب إليها، فمتع إن كنت تحب أن تكون من المحسنين، ألا تحب أن تكون من المتقين، وقال ابن عباس رحمه الله وغيره: (هي واجبة للتي لم يفرض لها إذا طلقت قبل الدخول، على الموسر خادم، ويمتع المتوسط بالورق، ودون المتوسط بالكسوة والنفقة)، وكذلك قال قتادة. وليس الغرض إيراد المذاهب وإنما الغرض أن الآية غير منسوخة ولا ناسخة.
). [جمال القراء: 1/249-271]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس