عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 05:31 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلا (73) ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلا (74) إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا (75)}.
يخبر تعالى عن تأييد رسوله، صلوات اللّه عليه وسلامه، وتثبيته، وعصمته وسلامته من شرّ الأشرار وكيد الفجّار، وأنّه تعالى هو المتولّي أمره ونصره، وأنّه لا يكله إلى أحدٍ من خلقه، بل هو وليّه وحافظه وناصره ومؤيّده ومظفّره، ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه، في مشارق الأرض ومغاربها، صلّى اللّه عليه وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدّين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 100]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلا (76) سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلا (77)}.
قيل: نزلت في اليهود، إذ أشاروا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بسكنى الشّام بلاد الأنبياء، وترك سكنى المدينة.
وهذا القول ضعيفٌ؛ لأنّ هذه الآية مكّيّةٌ، وسكنى المدينة بعد ذلك.
وقيل: إنّها نزلت بتبوك. وفي صحّته نظرٌ.
قال البيهقيّ، عن الحاكم، عن الأصمّ، عن أحمد بن عبد الجبّار العطاردي، عن يونس بن بكير، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرّحمن بن غنم؛ أنّ اليهود أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا فقالوا: يا أبا القاسم، إن كنت صادقًا أنّك نبيٌّ، فالحق بالشّام؛ فإنّ الشّام أرض المحشر وأرض الأنبياء. فصدّق ما قالوا، فغزا غزوة تبوك، لا يريد إلّا الشّام. فلمّا بلغ تبوك، أنزل اللّه عليه آياتٍ من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السّورة: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها} إلى قوله: {تحويلا} فأمره اللّه بالرّجوع إلى المدينة، وقال: فيها محياك ومماتك، ومنها تبعث.
وفي هذا الإسناد نظرٌ. والأظهر أنّ هذا ليس بصحيحٍ؛ فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يغز تبوك عن قول اليهود، إنّما غزاها امتثالًا لقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار} [التّوبة: 123]، وقوله تعالى: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التّوبة: 29]. وغزاها ليقتصّ وينتقم ممّن قتل أهل مؤتة، من أصحابه، واللّه أعلم. ولو صحّ هذا لحمل عليه الحديث الّذي رواه الوليد بن مسلمٍ، عن عفير بن معدان، عن سليم بن عامرٍ، عن أبي أمامة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنزل القرآن في ثلاثة أمكنةٍ: مكّة، والمدينة، والشّام". قال الوليد: يعني بيت المقدس. وتفسير الشّام بتبوك أحسن ممّا قال الوليد: إنّه بيت المقدس واللّه أعلم.
وقيل: نزلت في كفّار قريشٍ، همّوا بإخراج الرّسول من بين أظهرهم، فتوعّدهم اللّه بهذه الآية، وأنّهم لو أخرجوه لما لبثوا بعده بمكّة إلّا يسيرًا. وكذلك وقع؛ فإنّه لم يكن بعد هجرته من بين أظهرهم، بعد ما اشتدّ أذاهم له، إلّا سنةٌ ونصفٌ. حتّى جمعهم اللّه وإيّاه ببدرٍ على غير ميعادٍ، فأمكنه منهم وسلّطه عليهم وأظفره بهم، فقتل أشرافهم وسبى سراتهم ؛ ولهذا قال: {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا} أي: هكذا عادتنا في الّذين كفروا برسلنا وآذوهم: يخرج الرّسول من بين أظهرهم: ويأتيهم العذاب. ولولا أنّه عليه [الصّلاة و] السّلام رسول الرّحمة، لجاءهم من النّقم في الدّنيا ما لا قبل لأحدٍ به؛ ولهذا قال تعالى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 100-101]

رد مع اقتباس