عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 01:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا}
"تبارك" وزنه تفاعل، وهو فعل مضارع. "بارك"، من البركة، و"بارك" فاعل من واحد، معناه: زاد، و"تبارك" فعل مختص بالله تعالى، لم يستعمل في غيره، ولذلك لم يصرف منه مستقبل، ولا اسم فاعل، وهو صفة فعل، أي: كثرت بركاته، ومن جملتها إنزال كتابه الذي هو الفرقان بين الحق والباطل. وصدر هذه الآية إنما هو رد على مقالات كانت لقريش، فمن جملتها قولهم: "إن القرآن افتراه محمد، وإنه ليس من عند الله"، فهو رد على هذه المقالات.
وقرأ الجمهور: "على عبده"، وقرأ عبد الله بن الزبير: "على عباده"، والضمير في قوله: "ليكون" يحتمل أن يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو عبده المذكور، وهذا تأويل ابن
[المحرر الوجيز: 6/416]
زيد، ويحتمل أن يكون للقرآن، وأما على قراءة ابن الزبير فهو للقرآن، لا يحتمل غير ذلك إلا بكره. وقوله تعالى: {للعالمين} عام في كل إنسي وجني، عاصره أو جاء بعده، وهو مؤيد من غير ما موضع من الحديث المتواتر وظاهر الآيات. و"النذير": المحذر من الشر، والرسول من عند الله نذير، وقد يكون نذيرا ليس برسول، كما روي في ذي القرنين، وكما ورد في رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجن، فإنهم نذر وليسوا برسل). [المحرر الوجيز: 6/417]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الذي له ملك السماوات والأرض} الآية، هي من الرد على قريش في قولهم: "إن لله شريكا"، وفي قولهم: "اتخذ البنات"، وفي قولهم في التلبية: "إلا شريك هو لك". وقوله تعالى: {وخلق كل شيء} عام في كل مخلوق، وتقدير الأشياء هو حدها بالأمكنة والأزمان والمقادير والمصلحة والإتقان). [المحرر الوجيز: 6/417]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم عقب تعالى ذكر هذه الصفات التي هي للألوهية بالطعن على قريش في اتخاذهم آلهة ليست لهم هذه الصفات، فالعقل يعطي أنهم ليسوا بآلهة. وقوله تعالى: {وهم يخلقون} يحتمل أن يريد: يخلقهم الله بالاختراع والإيجاد، ويحتمل أن يريد: يخلقهم البشر بالنحت والنجارة، وهذا التأويل أشد إبداء لخساسة الأصنام، وخلق البشر يجوز، ولكن العرب تستعمله، ومنه قول زهير:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ = ـض القوم يخلق ثم لا يفري
وهذا من: خلقت الجلد، إذا عملت فيه رسوما يقطع عليها، فالفري هو أن يقطع على ترك الرسوم، وقوله تعالى: {موتا ولا حياة} يريد: إماتة ولا إحياء، و"النشور": بعث الناس من القبور). [المحرر الوجيز: 6/417]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما}
المراد بـ الذين كفروا قريش، وذلك أن بعضهم قالوا: هذا كذب افتراه محمد، واختلف الناس في المعينين لمحمد صلى الله عليه وسلم -على زعم قريش - فقال مجاهد: أشاروا إلى قوم من اليهود، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أشاروا إلى عبيد كانوا للعرب من الفرس، أحدهم أبو فكيهة مولى الحضرميين، وجبر، ويسار، وعداس، وغيرهم. ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم ما جاؤوا إلا إثما وزورا، أي: ما قالوا إلا بهتانا وزورا. و"الزور": تحسين الباطل، هذا عرفه، وأصله التحسين مطلقا، ومنه قول عمر رضي الله عنه: " فأردت أن أقدم بين يدي أبي بكر مقالة كنت زورتها"). [المحرر الوجيز: 6/418]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقالوا أساطير الأولين}، قال ابن عباس: يعني بذلك قول النضر بن الحارث، وذلك أنهم قالوا: كل ما في القرآن من ذكر أساطير الأولين فإنما هو بسبب النضر بن الحارث المشهور في ذلك. ثم رموا محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه اكتتبها. وقرأ طلحة بن مصرف: "اكتتبها" بضم التاء الأولى وكسر الثانية، على معنى: اكتتبت له، ذكرها أبو الفتح. وقرأ طلحة: "تتلى" بتاء بدل الميم). [المحرر الوجيز: 6/418]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر الله تعالى أن يقول: الذي أنزله هو الله الذي يعلم سر جميع الأشياء التي في السماوات والأرض، ثم أعلم بأنه غفور رحيم ليرجي كل سامع في عفوه ورحمته مع التوبة والإنابة، والمعنى أن الله غفور رحيم في إبقائه على أهل هذه المقالات والكفر لعلهم أن يؤمنوا). [المحرر الوجيز: 6/418]

رد مع اقتباس