عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 03:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فلما غلبهم إبراهيم عليه السلام من جهة النظر والحجة نكسوا رؤوسهم وأخذتهم عزة بإثم وانصرفوا إلى طريق الغشم والغلبة فقالوا: "حرقوه"، وروي أن قائل هذه المقالة هو رجل من الأكراد من أعراب فارس، أي من باديتها، فخسف الله به الأرض فهو يتلجلج فيها إلى يوم القيامة. وقوله تعالى: {إن كنتم فاعلين} تحريض، كما تقول: أعزم على كذا إن كنت عازما). [المحرر الوجيز: 6/179]

تفسير قوله تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وروي أنهم لما اجتمع رأيهم على تحريقه حبسه نمرود الملك، وأمر بجمع الحطب فجمع في مدة أشهر، وكان المريض يجعل على نفسه نذرا إن هو برئ أن يجمع كذا وكذا حزمة حتى اجتمع من الحطب - مما تبرع به الناس ومما جلب للملك من أهل الرساتيق - كالجبل من الحطب، ثم أضرم نارا، فلما أرادوا طرح إبراهيم عليه السلام فيه لم يقدروا على القرب منه، فجاءهم إبليس في صورة شيخ فقال لهم: أنا أصنع لكم آلة يلقى بها في النار، فعلمهم صنعة المنجنيق، ثم أخرج إبراهيم عليه السلام فشد برباط ووضع في كفة المنجنيق ورمي به فوضع في النار، وقد قيل للنار: كوني بردا وسلاما على إبراهيم فاحترق الحبل الذي ربط به فقط، وروي أن جبريل عليه السلام جاءه وهو في الهواء فقال له: ألك حاجة؟ فيروى أنه قال: أما إليك فلا. ويروى أنه قال له: إني خليل، وإنما أطلب حاجتي من خليلي لا من رسوله، فقال الله تعالى: يا إبراهيم قطعت الواسطة بيني وبينك لأقطعنها بيني وبين النار، يا نار كوني بردا
[المحرر الوجيز: 6/179]
وسلاما، وروي أنه حين خوطبت النار خمدت كل نار في الأرض، وروي أن الغراب كان ينقل الحطب إلى نار إبراهيم عليه السلام، وروي أن الوزغة كانت تنفخ عليه لتضرم، وكذلك البغل، وروي أن العضرفوط والخطاف والضفدع كانوا ينقلون الماء لتطفأ النار، فأبقى الله على هذه الوقاية وسلط على تلك الأخرى النوائب والأيدي، وقال بعض العلماء فيما روي: إن الله تعالى لو لم يقل: "وسلاما" لهلك إبراهيم من برد النار.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقد أكثر الناس في قصص حرق إبراهيم عليه السلام، وذكروا تحديد مدة بقائه في النار وصورة بقائه فيها مما رأيت اختصاره لقلة صحته، والصحيح من ذلك أنه ألقي في النار فجعلها الله تعالى عليه بردا وسلاما فخرج منها سالما، وكانت أعظم آية، وروي أنهم قالوا: إنها نار مسحورة لا تحرق، فرموا فيها شيخا منهم فاحترق، وروي أن إبراهيم عليه السلام كان له بسطة وطعام في تلك النار، كل ذلك من الجنة، وروي أن العيدان أينعت وأثمرت له هنالك ثمارها التي كانت أصولها.
وقوله: "وسلاما" معناه: وسلامة، وقال بعضهم: هي تحية من الله تعالى لإبراهيم عليه السلام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف، وكان الوجه أن يكون مرفوعا). [المحرر الوجيز: 6/180]

تفسير قوله تعالى: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الكيد" هو ما أرادوا من حرقه، وكانوا في خسارة من كفرهم وغلبته لهم وحرق الشيخ الذي جربوا به النار، وروي أن الملك بنى بنيانا واطلع منه على النار فرأى إبراهيم عليه السلام ومعه ناس فعجب وسأل: هل طرح معه أحد؟ فقيل له: لا، فناداه فقال: من أولئك؟ فقال: هم ملائكة ربي.
[المحرر الوجيز: 6/180]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمروي في هذا كثير غير صحيح). [المحرر الوجيز: 6/181]

تفسير قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين}
روي أن إبراهيم عليه السلام لما أخرج من النار أحضره النمرود وكلمه، ثم ختم الله عليه بالكفر فلج وقال لإبراهيم في بعض قوله: {يا إبراهيم} أين جنود ربك الذي تزعم؟ فقال له: سيريك فعل أضعف جنوده، فبعث الله تعالى على نمرود وأصحابه سحابة من بعوض فأكلتهم عن آخرهم ودوابهم حتى كانت العظام تلوح بيضا، ودخلت منها بعوضة في رأس نمرود فكان رأسه يضرب بالعيدان وغيرها، ودام تعذيبه بها زمنا طويلا وهلك منها، وخرج إبراهيم عليه السلام وابن أخيه لوط عليه السلام من تلك الأرض مهاجرين، وهي كوثا من العراق، ومع إبراهيم عليه السلام ابنة عمه سارة زوجه، وفي تلك السفرة لقي الجبار الذي رام أخذها منه.
واختلف الناس في الأرض التي بورك فيها ونجى الله إليها إبراهيم ولوطا عليهما السلام، فقالت فرقة: هي مكة، وذكروا قول الله عز وجل: {للذي ببكة مباركا}، وقال الجمهور: من أرض الشام، وهي الأرض التي بارك الله فيها، أما من جهة الآخرة فبالنبوة والإيمان، وأما من جهة الدنيا ففي أطيب بلاد الله أرضا، وأعذبها ماء، وأكثرها ثمرة ونعمة، وهو الموضع المعروف بسكنى إبراهيم وعقبه، وروي أنه ليس في الأرض ماء عذب إلا وأصله وخروجه من تحت صخرة بيت المقدس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف. وهي أرض المحشر، وفيها يجمع الناس، وفيها ينزل عيسى بن مريم عليه السلام، وبها يهلك المسيح الدجال، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما في خطبة: إنه كان بالشام جند، وبالعراق جند، وباليمن جند"، فقال رجل:
[المحرر الوجيز: 6/181]
يا رسول الله، خر لي، فقال: "عليك بالشام فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله، ومن بقي فليلحق بأمنه، وقال عمر رضي الله تعالى عنه لكعب الأحبار: ألا تتحول إلى المدينة؟ فقال: يا أمير المؤمنين إني أجد في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله من أرضه، وبها كنزه من عباده، وروي أن إبراهيم ولوطا عليهما السلام هاجرا من كوثا ومرا بمصر، وليست بالطريق ولكنهم نكبوا خوف الاتباع حتى جاءوا الشام، فنزل إبراهيم السبع من أرض فلسطين وهي برية الشام، ونزل لوط بالمؤتفكة). [المحرر الوجيز: 6/182]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "إسحاق" هو ابن إبراهيم عليهما السلام، و" يعقوب " ولد إسحاق عليهما السلام، و"النافلة": العطية، كما تقول: نفلني الإمام كذا، ونافلة الطاعة كأنها عطية من الله تعالى لعباده يثيبهم عليها، وقالت فرقة: الموهوب إسحاق، و"النافلة" يعقوب عليهما السلام، والأول أبين). [المحرر الوجيز: 6/182]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"يهدون" معناه: يرشدون غيرهم، و"إقام" مصدر، وفي هذا نظر). [المحرر الوجيز: 6/182]

رد مع اقتباس