عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 3 جمادى الأولى 1435هـ/4-03-2014م, 04:48 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي


فضل ترك الاسترقاء توكلاً على الله عز وجل

حديث ابن عباس رضي الله عنهما
قالَ مُحمَّدُ بنُ إسْمَاعِيلَ البُخَاريُّ (ت: 256هـ): (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: ((عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلانِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي؛ فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ.
ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ؛ فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ!
فَقِيلَ لِي: انْظُرْ، هَكَذَا وَهَكَذَا؛ فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ
فَقِيلَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ))
فَتَفَرَّقَ النَّاسُ، وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ؛ فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: ((هُمُ الَّذِينَ لا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ))
فَقَامَ عُكَّاشَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: ((نَعَمْ)).
فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؛ فَقَالَ: ((سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ)) ). [صحيح البخاري: كتاب الطب/باب من لم يرق]
- قالَ ابنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ الدِّمَشْقِيُّ (ت:751هـ): (وَليسَ عندَ البُخَارِيِّ (لا يَرقُونَ) قالَ شيخُنَا: وَهُوَ الصَّوابُ وهذهِ اللَّفظةُ وقعَتْ مُقحَمَةً في الحديثِ وهيَ غَلَطٌ من بعضِ الرُّواةِ؛ فإنَّ النَّبي جَعَلَ الوَصْفَ الَّذِي يستحقُّ بهِ هؤلاءِ دُخولَ الجنَّةِ بغيرِ حِسَابٍ هُو تَحْقِيقَ التَّوحيدِ وتجريدُهُ؛ فلا يَسأَلونَ غيرَهم أنْ يرقِيَهم ولا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى ربِّهمْ يتوَكَّلونَ، والطِّيَرَةُ نوعٌ منَ الشِّركِ، وَيتوكَّلونَ علَى اللهِ وحدَهُ لا عَلَى غيرِه، وتركُهمُ الاستِرْقَاءَ والتطَيُّرَ هو من تَمَامِ التَّوَكُّلِ علَى اللهِ كَمَا في الحَدِيثِ: ((الطِّيَرَةُ الشِّركُ ))قالَ ابنُ مَسْعُودٍ: (وَمَا مِنَّا إِلا مَن تَطَيَّرَ، وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بالتَّوَكُّلِ)؛ فَالتَّوَكُّلُ يُنافِي التَّطَيُّرَ، وأمَّا رُقْيةُ العَينِ فَهِيَ إِحسَانٌ مِنَ الرَّاقِي، قَد رَقَى رَسُولَ اللهِ جِبريلُ، وأَذِنَ فِي الرُّقَى وقالَ: لا بَأْسَ بها مَا لَمْ يَكُن فِيهَا شِرْكٌ، واستأذَنُوه فِيهَا فَقَالَ: ((مَنِ استطَاعَ منِكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْينفَعْهُ)) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَفْعٌ وإحسَانٌ، وذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ مَطلوبٌ للهِ ورسولِهِ؛ فالرَّاقِي مُحْسِنٌ، والمسترْقِي سائلٌ راجٍ نفعَ الغيرِ، والتَّوَكُّلُ يُنَافِي ذَلِكَ.
فَإن قِيلَ: فَعَائشةُ قَدْ رَقَت رَسُولَ اللهِ، وَجِبرِيلُ قَدْ رَقَاهُ.
قِيلَ: أَجَلْ، وَلِكنْ هُوَ لَمْ يَستَرْقِ، وَهُو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ: (وَلا يَرْقِيهِمْ رَاقٍ) وَإنَّمَا قَالَ: لا يَطْلُبونَ مِن أَحَدٍ أَن يَرقِيَهُمْ). [حادي الأرواح: ]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (حَدِيثُ ((الطِّيَرَةُ الشِّركُ))رَوَاهُ بهَذَا اللَّفظِ أبو يَعْلَى الموصِليُّ في مُسنَدِهِ مِن حَدِيثِ إسرَائيلَ عن منصورٍ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ عَن عِيسَى بنِ عَاصِمٍ الأسَدِيُّ عَن زِرِّ بنِ حُبَيشٍ عَن عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ مَرفُوعًا.
وَقَدْ رَوَاهُ أبو دَاودَ الطَّيالِسِيُّ وابنُ أبي شَيبةَ وأحمدُ والبخَارِيُّ في الأدَبِ المفرَدِ وأبو دَاودَ وابنُ ماجَهْ والحَاكِمُ وابنُ حِبَّانَ والبيهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ وغيرُهُم بلَفْظِ: ((الطِّيَرَةُ شِرْكٌ)) كلُّهُمْ إِمَّا من طَرِيقِ سُفيانَ الثَّورِيِّ عن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ بهِ، وإِمَّا مِن طَريقِ شُعْبَةَ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ بهِ، إلا أنَّ بعضَهُمْ يَروِيهِ بالإفرَادِ، وبعضَهُمْ يَروِيهِ بالتَّثنيةِ -أي تكرير الجملة مرتين، وَبَعضَهُم يَرويهِ بالتَّثْلِيثِ.
وَرَوَاهُ أيضًا أحْمَدُ والتِّرمِذِيُّ والبَزَّارُ وابنُ الجَعْدِ والطَّحَاوِيُّ والبَغَوِيُّ بلفظِ: ((الطِّيَرَةُ مِنَ الشِّرْكِ)) ).
قالَ ابنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ الدِّمَشْقِيُّ (ت:751هـ): (وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصف السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، زاد مسلم وحده (ولا يرقون)
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذه الزيادة وَهْمٌ من الراوي لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يرقون) لأن الراقي محسن إلى أخيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم -وقد سئل عن الرقى- فقال: (( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه )).
وقال: (( لا بأس بالرُّقى ما لم تكن شركًا)) والفرق بين الراقي والمسترقي أن المسترقي سائل مسقط ملتفت إلى غير الله بقلبه والراقي محسن نافع.
قلت: والنبي صلى الله عليه وسلم لا يجعل ترك الإحسان المأذون فيه سببا للسبق إلى الجنان، وهذا بخلاف ترك الاسترقاء فإنه توكل على الله ورغبة عن سؤال غيره ورضاء بما قضاه، وهذا شيء، وهذا شيء.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا عدوى ولا طيرة، وأحبُّ الفألَ الصالح ))ونحوه من حديث أنس، وهذا يحتمل أن يكون نفيا، وأن يكون نهيًا أي: لا تطيروا، ولكن قوله في الحديث: (( ولا عدوى ولا صفر ولا هامة )) يدل على أن المرادَ النفيُ وإبطالُ هذه الأمورِ التى كانت الجاهلية تعانيها، والنفيُ في هذا أبلغُ من النهيِ لأن النفيَ يدل على بطلانِ ذلكَ وعدم تأثيرِهِ والنهي إنما يدل على المنع منه.
وقد روى ابن ماجه في سننه من حديث سفيان عن سلمة عن عيسى بن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الطيرة شرك ))، وما منا ولكن الله يذهبه بالتوكل).
وهذه اللفظة: وما منا إلى آخره مدرجة في الحديث ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك قاله بعض الحفاظ، وهو الصواب؛ فإنَّ الطيرةَ نوعٌ من الشركِ كما هو في أثر مرفوع: ((من ردته الطيرة فقد قارف الشرك )) وفي أثر (( من أرجعته الطيرة من حاجة فقد أشرك ))
قالوا: وما كفارة ذلك؟
قال: (( أن يقول أحدكم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك )) ). [مفتاح دار السعادة:2/234]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الأثر الأخير رواه ابن السني من طريق ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن ابن هبيرة السبائي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعًا.
وقال ابن وهب في جامعه: (حدثني ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن أبي الحصين عن فضالة بن عبيد الأنصاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ردته الطيرة فقد قارف الشرك)) ).
قال: (وأخبرنيه الليث بن سعد عن عياش بن عباس عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن فضالة بن عبيد مثله).
قال: (وأخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله بن هبيرة عن أبي عبد الرحمن المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص بنحو ذلك).
قال الألباني: (فهذه أسانيد ثلاثة فالأول منها والثالث صحيح، رجالهما كلهم ثقات، وأبو الحصين اسمه الهيثم بن شفي المصري، وظاهرها الوقف ولكن الثالث قد أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (287) من طريق ابن وهب به مرفوعًا، وزاد: (قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟
قال: يقول أحدهم: ((اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك)).
و كذلك أخرجه أحمد (2/220) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة به.
قال الهيثمي في المجمع (5/105): (رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات).
قلت: الضعف الذي في حديث ابن لهيعة إنما هو في غير رواية العبادلة عنه وإلا فحديثهم عنه صحيح كما حققه أهل العلم في ترجمته، ومنهم عبد الله بن وهب وقد رواه عنه كما رأيت وذلك من فوائد هذا الكتاب، والحمد لله الذي به تتم الصالحات). ا.هـ كلام الألباني.
وروى البزار من حديث شييم بن بيتان عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من ردته الطيرة عن شيء فقد قارف الشرك »
قال البزار: شييم بن بيتان غير مشهور، وقال أبو حاتم الرازي: هذا حديث منكر).


رد مع اقتباس