عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:18 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة فكلا من حيث شئتما}.
يقول اللّه تعالى ذكره: وقال اللّه لآدم: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة فكلا من حيث شئتما}: فأسكن جلّ ثناؤه آدم وزوجته الجنّة بعد أن أهبط منها إبليس وأخرجه منها، وأباح لهما أن يأكلا من ثمارها من أيّ مكانٍ شاءا منها، ونهاهما أن يقربا ثمر شجرةٍ بعينها.
وقد ذكرنا اختلاف أهل التّأويل في ذلك، وما نرى من القول فيه صوابًا في غير هذا الموضع، فكرهنا إعادته.
{فتكونا من الظّالمين} يقول: فتكونا ممّن خالف أمر ربّه، وفعل ما ليس له فعله). [جامع البيان: 10/ 105]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين (19)}
قوله عزّ وجلّ: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قال: قال اللّه تبارك وتعالى: {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}؛ قال: خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة فجعله في جنان الفردوس.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: أخرج إبليس من الجنّة وأسكن آدم الجنّة فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليها، فنام نومةً فاستيقظ وإذا عند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه عزّ وجلّ من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ فقالت: امرأةٌ، قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ: قالت له الملائكة- ينظرون ما بلغ من علمه ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء، قالوا: ولم حوّاء؟
قال: إنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ قال اللّه عزّ وجلّ: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}.
- ذكره أبي، ثنا عبد الرّحمن بن عمر بن رستة الأصبهانيّ، ثنا أبو قتيبة، ثنا سعيدٌ الهنانيّ قال: سمعت أشعث الحدّانيّ يقول: كانت حوّاءٌ من نساء الجنّة، وكان الولد يرى في بطنها إذا حملت أذكرٌ أم أنثى من صفائها.
قوله تعالى: {من حيث شئتما}
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ- يعني قوله: {فكلا من حيث شئتما}- قال: لا حساب عليكم.
قوله تعالى: {ولا تقربا هذه الشّجرة}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل عن السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ: قال: الشّجرة الّتي نهي عنها آدم الكرم. وروي عن سعيد بن جبيرٍ والشّعبيّ وجعد بن هبيرة والسّدّيّ ومحمّد بن قيسٍ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن سمرة، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، ثنا النّضر أبو عمر الخزّاز عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: قال: الشّجرة الّتي نهى اللّه تعالى عنها آدم السّنبلة- وروي عن الحسن: البصريّ ووهب بن منبّهٍ وعطيّة العوفيّ وعبد الرّحمن بن أبي ليلى وأبي مالكٍ ومحارب بن دثارٍ مثل ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن عيسى ثنا سلمة بن الفضل، حدّثني محمّد بن إسحاق عن بعض أهل اليمن عن وهب بن منبّهٍ أنّه كان يقول: هي البرّ ولكنّ الحبّة منها في الجنّة ككلى البقر، ألين من الزّبد، وأحلى من العسل.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو أحمد عن سفيان، عن حصينٍ عن أبي مالكٍ: ولا تقربا هذه الشّجرة قال: النّخلة.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا عمر بن شبّة بن عبيدة النّميريّ، ثنا أبو خلفٍ- يعني عبد اللّه بن عيسى الحريريّ- عن سعيدٍ عن قتادة: ولا تقربا هذه الشّجرة قال: هي التّين.
وروي عن مجاهدٍ: وابن جريجٍ نحو ذلك.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية قال: كانت الشّجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنّة حدثٌ.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ عمر بن عبد الرّحمن بن مهربٍ قال: سمعت وهب بن منبّهٍ يقول: لمّا أسكن اللّه تعالى آدم وزوجه الجنّة، نهاه عن الشّجرة وكانت شجرةً، غصونها متشعّبٌ بعضها في بعضٍ، وكان لها ثمرٌ تأكله الملائكة لخلدهم، وهي الثّمرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجه.
قوله تعالى: {فتكونا من الظّالمين}
- أخبرنا محمّد بن عبيد اللّه بن المنادي فيما كتب إليّ، ثنا يونس بن محمّدٍ المؤدّب ثنا شيبان عن قتادة قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين}، قال: ابتلى اللّه آدم كما ابتلى الملائكة قبله، وكلّ شيءٍ خلق مبتلًى، ولم يدع اللّه شيئًا من خلقه إلا ابتلاه بالطّاعة فما زال البلاء بآدم حتّى وقع فيما نهي عنه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1448-1450]

تفسير قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فوسوس لهما الشّيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {فوسوس لهما}: فوسوس إليهما، وتلك الوسوسة كانت قوله لهما: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين}، وإقسامه لهما على ذلك.
وقيل: وسوس لهما، والمعنى ما ذكرت، كما قيل: غرضت له، بمعنى: اشتقت إليه، وإنّما يعني: غرضت من هؤلاء إليه، فكذلك معنى ذلك: فوسوس من نفسه إليهما الشّيطان بالكذب من القيل {ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما}، كما قال رؤبة:
وسوس يدعو مخلصًا ربّ الفلق
ومعنى الكلام: فجذب إبليس إلى آدم حوّاء، وألقى إليهما: ما نهاكما ربّكما عن أكل ثمر هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين، أو تكونا من الخالدين ليبدي لهما ما واراه اللّه عنهما من عوراتهما. فغطّاه بستره الّذي ستره عليهما.
- وكان وهب بن منبّهٍ يقول في السّتر الّذي كان اللّه سترهما به ما حدّثني به، حوثرة بن محمّدٍ المنقريّ قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرٍو، عن ابن منبّهٍ، في قوله: {فبدت لهما سوآتهما}؛ قال: كان عليهما نورٌ لا ترى سوآتهما.
القول في تأويل قوله تعالى: {وقال ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين}.
يقول جلّ ثناؤه: وقال الشّيطان لآدم وزوجته حوّاء: ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة أن تأكلا ثمرها إلاّ لئلاّ تكونا ملكين.
وأسقطت (لا) من الكلام لدلالة ما ظهر عليها، كما أسقطت من قوله: {يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا}، والمعنى: يبيّن اللّه لكم أن لا تضلّوا.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يزعم أنّ معنى الكلام: ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ كراهة أن تكونا ملكين، كما يقال: إيّاك أن تفعل كراهية أن تفعل، أو تكونا من الخالدين في الجنّة الماكثين فيها أبدًا فلا تموتا.
والقراءة على فتح اللاّم بمعنى ملكين من الملائكة.
- وروي عن ابن عبّاسٍ ما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي حمّادٍ، قال: حدّثنا عيسى الأعمى، عن السّدّيّ، قال: كان ابن عبّاسٍ يقرأ: (إلاّ أن تكونا، ملكين) بكسر اللاّم.
- وعن يحيى بن أبي كثيرٍ ما حدّثني أحمد بن يوسف، قال: حدّثني القاسم بن سلاّمٍ قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: حدّثنا يعلى بن حكيمٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، أنّه قرأها: (ملكين) بكسر اللاّم.
وكأنّ ابن عبّاسٍ ويحيى وجّها تأويل الكلام إلى أنّ الشّيطان قال لهما: (ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين) من الملوك، وأنّهما تأوّلا في ذلك قول اللّه في موضعٍ آخر: {قال يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى}.
والقراءة الّتي لا أستجيز القراءة في ذلك بغيرها، القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار، وهي فتح اللاّم من (ملكين)، بمعنى: ملكين من الملائكة، لما قد تقدّم من بياننا في أنّ كلّ ما كان مستفيضًا في قراءة الإسلام من القراءة، فهو الصّواب الّذي لا يجوز خلافه). [جامع البيان: 10/ 106-108]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فوسوس لهما الشّيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20)}
قوله تعالى: {فوسوس لهما الشّيطان}
- حدّثنا أبي ثنا خالد بن خداشٍ ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن الزّبير بن خرّيتٍ عن عكرمة قال: إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن.
قوله تعالى: {ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما} بهتك لباسهما، وكان قد علم أنّ لهما سوأةٌ لمّا كان يقرأ من كتب الملائكة ولم يكن آدم يعلم ذلك، وكان لباسهما الظّفر.
قوله تعالى: {وقال ما نهاكما ربّكما عن هذه الشجرة}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى عن إسرائيل عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ: قال: فآتاهما إبليس فقال: ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة، فلم يصدّقاه حتّى دخل في جوف الحيّة فكلّمهما.
قوله تعالى: {إلا أن تكونا ملكين}
- وبه عن ابن عبّاسٍ: {إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين} قال: يعني ملكين، تكونا مثله. يعني: مثل اللّه عزّ وجلّ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا المقدّميّ، ثنا أبو معشرٍ البراء ثنا أبو رجاءٍ عن الحسن: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين} قال: ذكر تفضيل الملائكة، فضّلوا بالصّور وفضّلوا بالأجنحة، وفضّلوا بالكرامة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو معمرٍ المنقريّ، ثنا عبد الوارث، عن حميدٍ قال: كان مجاهدٌ يقرأ: {إلاّ أن تكونا ملكين} بنصب اللام، من الملائكة. وروي عن قتادة والأعمش وطلحة بن مصرّفٍ والأعرج نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا ابن نفيلٍ، ثنا عتّاب، عن خصيفٍ عن ابن منبّهٍ قال: إنّ في الجنّة شجرةٌ لها غصنان، أحدهما تطوف به الملائكة، والآخر قوله: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلا أن تكونا ملكين}؛ يعني من الملائكة الّذين يطوفون بذلك الغصن.
قوله تعالى: {أو تكونا من الخالدين}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أو تكونا من الخالدين}، يقول: لا تموتون أبدًا. وروي عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ ووهب بن منبّهٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1450-1451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال: نهى الله آدم وحواء أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنة فجاء الشيطان فدخل في جوف الحية فكلم حواء ووسوس إلى آدم فقال: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين } وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فقطعت حواء الشجرة فدميت الشجرة وسقط عنهما رياشهما الذي كان عليهما: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين} لم أكلتها وقد نهيتك عنها قال: يا رب أطعمتني حواء، قال لحواء: لم أطعمتيه قالت: أمرتني الحية، قال للحية: لم أمرتها قالت: أمرني إبليس، قال: ملعون مدحور أما أنت يا حواء كما أدميت الشجرة تدمين في كل هلال وأما أنت يا حية فأقطع قوائمك فتمشين جرا على وجهك وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر اهبطوا بعضكم لبعض عدو.
- وأخرج ابن المنذر عن أبي غنيم سعيد بن حدين الحضرمي قال: لما أسكن الله آدم وحواء الجنة خرج آدم يطوف في الجنة فاغتنم إبليس غيبته فأقبل حتى بلغ المكان الذي فيه حواء فصفر بقصبة معه صفيرا سمعته حواء وبينها وبينه سبعون قبة بعضها في جوف بعض فأشرفت حواء عليه فجعل يصفر صفيرا لم يسمع السامعون بمثله من اللذة والشهوة والسماع حتى ما بقي من حواء عضو مع آخر إلا تخلج فقالت: أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عني فإنك قد أهلكتني فنزع القصبة ثم قلبها فصفر صفيرا آخر فجاش البكاء والنوح والحزن بشيء لم يسمع السامعون بمثله حتى قطع فؤادها بالحزن والبكاء فقالت: أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عني ففعل فقالت له: ما هذا الذي جئت به أخذتني بأمر الفرح وأخذتني بأمر الحزن، قال: ذكرت منزلتكما من الجنة وكرامة الله إياكما ففرحت لكما بمكانكما وذكرت أنكما تخرجان منها فبكيت لكما وحزنت عليكما ألم يقل لكما ربكما متى تأكلان من هذه الشجرة تموتان وتخرجان منها انظري إلي يا حواء فإذا أنا أكلتها فإن أنا مت أو تغير من خلقي شيء فلا تأكلا منها أقسم لكما بالله إني لكما لمن الناصحين، فانطلق إبليس حتى تناول من تلك الشجرة فأكل منها وجعل يقول: يا حواء انظري هل تغير من خلقي شيء هل مت قد أخبرتك ما أخبرتك، ثم أدبر منطلقا، وأقبل آدم من مكانه الذي كان يطوف به من الجنة فوجدها منكبة على وجهها حزينة فقال لها آدم: ما شأنك، قالت: أتاني الناصح المشفق قال: ويحك، لعله إبليس الذي حذرناه الله قالت: يا آدم والله لقد مضى إلى الشجرة فأكل منها وأنا أنظر فما مات ولا تغير من جسده شيء فلم تزل به تدليه بالغرور حتى مضى آدم وحواء إلى الشجرة فأهوى آدم بيده إلى الثمرة ليأخذها فناداه جميع شجرالجنة: يا آدم لا تأكلها فإنك إن أكلتها تخرج منها فعزم آدم على المعصية فأخذ ليتناول الشجرة فجعلت الشجرة تتطاول ثم جعل يمد يده ليأخذها فلما وضع يده على الثمرة اشتدت فلما رأى الله منه العزم على المعصية أخذها وأكل منها وناول حواء فأكلت فسقط منها لباس الجمال الذي كان عليها في الجنة وبدت لهما سوأتهما وابتدرا يستكنان بورق الجنة يخصفان عليهما من ورق الجنة ويعلم الله ينظر أيهما، فأقبل الرب في الجنة فقال: يا آدم أين أنت أخرج قال: يا رب أنا ذا أستحي أخرج إليك، قال: فلعلك أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها قال: يا رب هذه التي جعلتها معي أغوتني، قال: فمتى تختبئ يا آدم أولم تعلم أن كل شيء لي يا آدم وأنه لا يخفى علي شيء في ظلمة ولا في نهار قال: فبعث إليهما ملائكة يدفعان في رقابهما حتى أخرجوهما من الجنة فأوقفا عريانين وإبليس معهما بين يدي الله فعند ذلك قضى عليهما وعلى إبليس ما قضى وعند ذلك أهبط إبليس معهما وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه وأهبطوا جميعا.
- وأخرج الحكيم والترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن عساكر عن وهب بن منبه في قوله: {ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما}، قال: كان على كل واحد منهما نور لا يبصر كل واحد منهما عورة صاحبه فلما أصابا الخطيئة نزع منهما.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: ليهتك لباسهما وكان قد علم أن لهما سوءة لما كان يقرأ من كتب الملائكة ولم يكن آدم يعلم ذلك وكان لباسهما الظفر.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أتاهما إبليس قال: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين} تكونا مثله - يعني مثل الله عز وجل - فلم يصدقاه حتى دخل في جوف الحية فكلمهما.
- وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ (إلا أن تكونا ملكين) بكسر اللام.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه كان يقرأ (إلا أن تكونا ملكين) بنصب اللام من الملائكة.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {إلا أن تكونا ملكين} قال: ذكر تفضيل الملائكة فضلوا بالصور وفضلوا بالأجنحة وفضلوا بالكرامة.
- وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: إن في الجنة شجرة لها غصنان أحدهما تطوف به الملائكة والآخر قوله: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين} يعني من الملائكة الذين يطوفون بذلك الغصن.
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس، أنه كان يقرأ هذه الآية: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين} فإن أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطئكما أن تكونا خالدين فلا تموتان فيها أبدا {وقاسمهما} قال: حلف لهما {إني لكما لمن الناصحين}.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {أو تكونا من الخالدين}؛ يقول: لا تموتون أبدا، وفي قوله: {وقاسمهما}؛ قال: حلف لهما بالله). [الدر المنثور: 6/ 341-346]

تفسير قوله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {وقاسمهما}: وحلف لهما، كما قال في موضعٍ آخر: {تقاسموا باللّه لنبيّتنّه} بمعنى: تحالفوا باللّه، وكما قال خالد بن زهيرٍ عمّ أبي ذؤيبٍ:
وقاسمها باللّه جهدًا لأنتم ....... ألذّ من السّلوى إذا ما نشورها
بمعنى: وحالفها باللّه.
وكما قال أعشى بني ثعلبة:
رضيعي لبان ثدي أمٍّ تقاسما ....... بأسحم داجٍ عوض لا نتفرّق
بمعنى: تحالفا.
وقوله: {إنّي لكما لمن النّاصحين}: أي لممّن ينصح لكما في مشورته لكما، وأمره إيّاكما بأكل ثمر الشّجرة الّتي نهيتما عن أكل ثمرها، وفي خبري إيّاكما بما أخبركما به من أنّكما إن أكلتماه كنتما ملكين، أو كنتما من الخالدين.
- كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال حدّثنا يزيد، قال حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين} فحلف لهما باللّه حتّى خدعهما، وقد يخدع المؤمن باللّه، فقال: إنّي خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما، فاتّبعاني أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: من خادعنا باللّه خدعنا). [جامع البيان: 10/ 108-109]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين (21)}
قوله تعالى: {وقاسمهما}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباط عن السّدّيّ: قوله:
{وقاسمهما}؛ قال: وحلف لهما باللّه إنّي لكما لمن النّاصحين. وروي عن محمّد بن كعبٍ نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن الصّبّاح القطّان، أنبأ عبد الوهاب، أنبأ سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن مطرّفٍ، يعني قوله: {وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين} قال لهما: إنّي خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتّبعاني أرشدكما. وإنّما يخدع المؤمن باللّه.
قال قتادة: وكان بعض أهل العلم يقول: من خادعنا باللّه خدعنا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس، أنه كان يقرأ هذه الآية: {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين} فإن أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطئكما أن تكونا خالدين فلا تموتان فيها أبدا {وقاسمهما} قال: حلف لهما {إني لكما لمن الناصحين}.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {أو تكونا من الخالدين} يقول: لا تموتون أبدا، وفي قوله: {وقاسمهما}؛ قال: حلف لهما بالله.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين}؛ قال: حلف لهما بالله حتى خدعهما وقد يخدع المؤمن بالله، قال لهما: إني خلقت قبلكما وأعلم منكما فاتبعاني أرشدكما قال قتادة: وكان بعض أهل العلم يقول: من خادعنا بالله خدعنا.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال: في بعض القراءة (وقاسمهما بالله إني لكما لمن الناصحين) ). [الدر المنثور: 6/ 346]

تفسير قوله تعالى: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني من سمع عقيل بن خالد يحدث عن ابن شهاب أنه كان يقرأ: {يُخَصْفَان عليهما من ورق الجنة}.
قال عقيل: وكان ابن شهاب يقول: لن تنال الله لحومها ولا دماءها ولكن تناله التقوى منكم). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 49-50]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن عبّاسٍ: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة}؛ قال: [التين: 22]). [تفسير الثوري: 111]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {يخصفان}: «أخذا الخصاف من ورق الجنّة، يؤلّفان الورق، يخصفان الورق بعضه إلى بعضٍ» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {يخصفان} أخذا الخصاف من ورق الجنّة يؤلّفان الورق يخصفان الورق بعضه إلى بعضٍ كذا لأبي عبيدة لكن باختصارٍ، وروى بن جرير بإسناد حسن، عن بن عبّاسٍ، في قوله: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة}؛ قال: جعلا يأخذان من ورق الجنّة فيجعلان على سوآتهما.
ومن طريق بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يخصفان}؛ قال: يرقّعان كهيئة الثّوب، ومن طريق سعيد بن جبير، عن بن عبّاسٍ، قال: أخذا من ورق التّين وأخرجه الحاكم من هذا الوجه
ومن طريق قتادة قال: كان لباس آدم في الجنّة ظفرًا كلّه فلمّا أكل من الشّجرة كشط عنه وبدت سوأته ومن طريق بن عيينة عن عمرو بن دينارٍ عن وهب بن منبّه قال كان لباس آدم وحوّاء النّور فكان أحدهما لا يرى عورة الآخر وقد تقدّم شيءٌ من هذا في أحاديث الأنبياء أيضًا). [فتح الباري: 8/ 298-299]

- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({يخصفان} أخذا الخصاف من ورق الجنّة. يؤلّفان الورق يخصفان الورق بعضه إلى بعضٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة}وفسّر (يخصفان) بقوله: أخذا الخصاف، وهو بكسر الخاء جمع خصفة وهي الجلة الّتي يكنز فيها التّمر. قوله: (وطفقا) ، من أفعال المقاربة أي: جعلا أي: آدم وحواء، عليهما الصّلاة والسّلام، يخصفان عليهما من ورق الجنّة، قيل: ورق التّين يعني يجعلان ورقة فوق ورقة على عوراتهما ليستترا بها كما يخصف النّعل بأن تجعل طرفة على طرقة وتوثق بالسبور، وقرأ الحسن: يخصفان، بكسر الخاء وتشديد الصّاد، وأصله يختصفان. وقرأ الزّهريّ: يخصفان، من أخصف، أي: يخصفان أنفسهما. وقرىء: يخصفان، من خصف بالتّشديد). [عمدة القاري: 18/ 233]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {وطفقا يخصفان}: أخذا أي آدم وحوّاء الخصاف بكسر الخاء، {من ورق الجنة} يؤلفان الورق يخصفان الورق بعضه إلى بعض لما ذاقا طعم الشجرة آخذين في الأكل نالهما شؤم المخالفة، وسقطت عنهما ثيابهما وظهرت لهما سوآتهما، وقيل كانت من نور، وكان أحدهما لا يرى سوأة الآخرة فأخذا يجعلان ورقة على ورقة لستر السوأة كما تخصف النعل بأن تجعل طرقة على طرقة وتوثق بالسيور حتى صارت الأوراق كالثوب وهو ورق التين، وقيل اللوز. والخصفة بالتحريك الجلة أي القفة الكبيرة التي تعمل من الخوص للتمر وجمعها خصف وخصاف. قال أبو البقاء: يخصفان ماضيه خصف وهو متعد إلى مفحول واحد والمفعول شيئًا من ورق الجنة). [إرشاد الساري: 7/ 124]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ...
{سوآتهما} «كنايةٌ عن فرجيهما» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله:
{سوآتهما} كنايةٌ عن فرجيهما هو كلام أبي عبيدة ولم يقع في رواية أبي ذرٍّ). [فتح الباري: 8/ 299]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (
{سوآتهما}كنايةٌ عن فرجيهما أشار به إلى قوله تعالى: {فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما} وقال. قوله: سوآتهما، كناية عن فرجيهما. أي: فرجي آدم وحواء، عليهما الصّلاة والسّلام، وفي التّفسير: سقط عنهما اللباس وظهرت لهما عوراتهما وكانا لا يريان من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر.
وعن وهب كان لباسهما فورًا يحول بينهما وبين النّظر، وقال الجوهري: السوأة العورة، وفي قول البخاريّ: كناية نظر لا يخفى). [عمدة القاري: 18/ 233]

- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقال أبو عبيدة في قوله: {سوآتهما} كناية عن فرجيهما وسقط هذا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/ 124]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فدلاّهما بغرورٍ فلمّا ذاقا الشّجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {فدلاّهما بغرورٍ}: فخدعهما بغرورٍ، يقال منه: ما زال فلانٌ يدلّي فلانًا بغرورٍ، بمعنى: ما زال يخدعه بغرورٍ ويكلّمه بزخرفٍ من القول باطلٍ.
{فلمّا ذاقا الشّجرة} يقول: فلمّا ذاق آدم وحوّاء ثمر الشّجرة يقول: طعماه. {بدت لهما سوآتهما} يقول: انكشفت لهما سوآتهما، لأنّ اللّه أعراهما من الكسوة الّتي كان كساهما قبل الذّنب والخطيئة، فسلبهما ذلك بالخطيئة الّتي أخطآ، أو المعصية الّتي ركبا. {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} يقول: أقبلا وجعلا يشدّان عليهما من ورق الجنّة ليواريا سوآتهما.
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} قال: جعلا يأخذان من ورق الجنّة فيجعلان على سوآتهما.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كان آدم كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، كثير شعر الرّأس، فلمّا وقع بالخطيئة بدت له عورته وكان لا يراها، فانطلق فارًّا، فتعرّضت له شجرةٌ فحبسته بشعره، فقال لها: أرسليني، فقالت: لست بمرسلتك، فناداه ربّه: يا آدم، أمنّي تفرّ؟ قال: لا، ولكنّي استحيتك».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، وابن مباركٍ عن الحسن، عن عمارة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كانت الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته: السّنبلة، فلمّا أكلا منها بدت لهما سوآتهما، وكان الّذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما، {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} ورق التّين يلصقان بعضها إلى بعضٍ، فانطلق آدم مولّيًا في الجنّة، فأخذت برأسه شجرةٌ من الجنّة، فناداه: أي آدم أمنّي تفرّ؟ قال: لا، ولكنّي استحيتك يا ربّ، قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنّة وأبحتك منها مندوحةٌ عمّا حرّمت عليك؟ قال: بلى يا ربّ، ولكن وعزّتك ما حسبت أنّ أحدًا يحلف بك كاذبًا. قال: وهو قول اللّه: {وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين}، قال: فبعزّتي لأهبطنّك إلى الأرض، ثمّ لا تنال العيش إلاّ كدًّا، قال: فأهبط من الجنّة، وكانا يأكلان فيها رغدًا، فأهبطا في غير رغدٍ من طعامٍ وشرابٍ، فعلّم صنعة الحديد، وأمر بالحرث، فحرث وزرع ثمّ سقى. حتّى إذا بلغ حصده ثمّ داسه، ثمّ ذراه، ثمّ طحنه، ثمّ عجنه، ثمّ خبزه، ثمّ أكله، فلم يبلغه حتّى بلغ منه ما شاء اللّه أن يبلغ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {يخصفان}، قال: يرقّعان كهيئة الثّوب.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: يخصفان عليهما من الورق كهيئة الثّوب.
- حدّثنا بشر، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلمّا ذاقا الشّجرة بدت لهما سوآتهما} وكانا قبل ذلك لا يريانها، {وطفقا يخصفان} الآية.
- حدّثنا بشر، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: حدّثنا الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّ آدم، عليه السّلام كان رجلاً طوالاً، كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، كثير شعر الرّأس، فلمّا وقع بما وقع به من الخطيئة، بدت له عورته عند ذلك، وكان لا يراها. فانطلق هاربًا في الجنّة، فعلّقت برأسه شجرةٌ من شجر الجنّة، فقال لها: أرسليني، قالت: إنّي غير مرسلتك. فناداه ربّه: يا آدم، أمنّي تفرّ؟ قال: ربّ، إنّي استحيتك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جعفر بن عونٍ، عن سفيان الثّوريّ، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} قال: ورق التّين.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريكٍ، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن حسام بن مصكٍّ، عن قتادة، وأبي بكرٍ عن غير قتادة قال: كان لباس آدم في الجنّة ظفرًا كلّه، فلمّا وقع بالذّنب كشط عنه وبدت سوأته.
قال أبو بكرٍ: قال غير قتادة: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} قال: ورق التّين.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {بدت لهما سوآتهما} قال: كانا لا يريان سوآتهما.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير، عن ابن عيينة، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: سمعت وهب بن منبّهٍ، يقول: {ينزع عنهما لباسهما}، قال: كان لباس آدم وحوّاء عليهما السّلام نورًا على فروجهما، لا يرى هذا عورة هذه، ولا هذه عورة هذا. فلمّا أصابا الخطيئة بدت لهما سوآتهما.
القول في تأويل قوله تعالى: {وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة وأقل لكما إنّ الشّيطان لكما عدوٌّ مبينٌ}.
يقول تعالى ذكره: ونادى آدم وحوّاء ربّهما: ألم أنهكما عن أكل ثمرة الشّجرة الّتي أكلتما ثمرها، وأعلمكما أنّ إبليس لكما عدوٌّ مبينٌ؟ يقول: قد أبان عداوته لكما بترك السّجود لآدم حسدًا وبغيًا.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، قوله: {وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة وأقل لكما إنّ الشّيطان لكما عدوٌّ مبينٌ}؟ لم أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال: يا ربّ، أطعمتني حوّاء، قال لحوّاء: لم أطعمته؟ قالت: أمرتني الحيّة. قال للحيّة: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس. قال: ملعونٌ مدحورٌ، أمّا أنت يا حوّاء فكما دميت الشّجرة تدمين كلّ شهرٍ، وأمّا أنت يا حيّة فأقطع قوائمك فتمشين على وجهك، وسيشدخ رأسك من لقيك، {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن سفيان بن حسينٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا أكل آدم من الشّجرة قيل له: لم أكلت من الشّجرة الّتي نهيتك عنها؟ قال: حوّاء أمرتني، قال: فإنّي قد أعقبتها أن لا تحمل إلاّ كرهًا ولا تضع إلاّ كرهًا. قال: فرنّت حوّاء عند ذلك، فقيل لها: الرّنّة عليك وعلى ولدك). [جامع البيان: 10/ 110-115]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فدلّاهما بغرورٍ فلمّا ذاقا الشّجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة وأقل لكما إنّ الشّيطان لكما عدوٌّ مبينٌ (22)}
قوله تعالى: {فدلاهما بغرورٍ}
- ذكر عن محمّد بن حاتمٍ المؤدّب، ثنا عليّ بن ثابتٍ، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ: {فدلاهما بغرورٍ} قال: منّاهما بغرورٍ.
قوله تعالى: {فلمّا ذاقا الشّجرة}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: فأبى آدم أن يأكل منها، فتقدّمت حوّاء فأكلت ثمّ قالت: يا آدم، كل فإنّي قد أكلت فلم تنظرني. فلما أكل آدم بدت لهما سوآتهما.
قوله تعالى:{ بدت لهما سوآتهما}
- حدّثنا عليّ بن الحسين بن أشكاب، ثنا عليّ بن عاصمٍ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن: عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرّأس كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، فلمّا ذاق الشّجرة سقط عنه لباسه، فأوّل ما بدا منه عورته، فلمّا نظر إلى عورته جعل يشتدّ في الجنّة، فأخذت شعره شجرةٌ فنازعها، فناداه الرّحمن: يا آدم، منّي تفرّ؟ فلمّا سمع كلام الرّحمن قال: يا ربّ لا، ولكن استحياءً، أرأيت إن تبت ورجعت أعائدٌ إلى الجنّة؟ قال: نعم، فذلك قوله: {فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ ... الآية}.
- ذكره أبي ثنا عبد الرّحمن بن عمرو بن رستة، ثنا أبو قتيبة، ثنا الحسن بن أبي جعفرٍ عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {فبدت لهما سوآتهما} قال: لمّا أسكن اللّه آدم الجنّة كساه سربالاً من الظّفر، فلمّا أصاب الخطيئة سلبه السّربال فبقي في أطراف أصابعه.
قوله تعالى: {وطفقا}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ:
قوله: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} قال: أقبلا يغطّيان عليهما من ورق الجنّة، التّين.
قوله تعالى: {يخصفان عليهما}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا جعفر بن عونٍ ثنا سفيان عن ابن أبي ليلى، عن المنهال عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة}؛ قال: ينزعان ورق التّين ويجعلانه على سوءاتهما.
- وحدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: {يخصفان} يرقّعان كهيئة الثّوب.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وطفقا يخصفان عليهما}؛ أقبلا يغطّيان عليهما.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة: في قوله: {يخصفان عليهما من ورق الجنّة}؛ يوصلان عليهما من ورق الجنّة.
- ذكر عن محمّد بن حاتمٍ، ثنا عليّ بن ثابتٍ عن موسى بن عبيدة عن محمّد بن كعبٍ: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة}؛ قال: يأخذان ما يواريان به عورتهما.
قوله تعالى: {من ورق الجنّة}
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، ثنا النّضر أبو عمر الخزّاز عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {يخصفان عليهما من ورق الجنّة}؛ قال: ورق التّين. وروي عن السّدّيّ: مثل ذلك.
قوله تعالى: {وناداهما ربهما}
- حدّثنا عليّ بن الحسين بن أشكاب، ثنا عليّ بن عاصمٍ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن الحسن: عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرّأس كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، فلمّا ذاق الشّجرة سقط عنه لباسه، فأوّل ما بدا منه عورته، فلمّا نظر إلى عورته جعل يشتدّ في الجنّة، فأخذت شعره شجرةٌ فنازعها، فناداه الرّحمن عزّ وجلّ: يا آدم، منّي تفرّ؟ فلمّا سمع كلام الرّحمن قال: يا ربّ لا، ولكن استحياءً».
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ عمر بن عبد الرّحمن بن مهربٍ قال: سمعت وهب بن منبّهٍ قال: دخل آدم في جوف الشّجرة فناداه ربّه عزّ وجلّ: يا آدم، أين أنت؟ قال: أنا هذا يا ربّ. قال: ألا تخرج. قال: أستحي منك يا ربّ.
قوله تعالى:{ ألم أنهكما عن تلكما الشجرة}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة} قال آدم: ربّ إنّه حلف لي بك، ولم أكن أظنّك أنّ أحدًا من خلقك يحلف بك إلا صادقًا.
قوله تعالى: {وأقل لكما إنّ الشّيطان لكما عدوٌّ مبينٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1451-1454]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يخصفان يعني يرقعان كهيئة الثوب).[تفسير مجاهد: 232-233]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد الصّمد بن عليٍّ البزّاز، ببغداد، ثنا أحمد بن محمّد بن عبد الحميد الجعفيّ، ثنا عبد العزيز بن أبان، ثنا سفيان الثّوريّ، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «كان لباس آدم وحوّاء مثل الظّفر، فلمّا ذاقا الشّجرة، جعلا يخصفان عليهما، من ورق الجنّة». قال: هو ورق التّين «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/ 350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله: {فدلاهما بغرور}؛ قال: مناهما بغرور
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما} وكانا قبل ذلك لا يريانها.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن عكرمة قال: لباس كل دابة منها ولباس الإنسان الظفر فأدركت آدم التوبة عند ظفره.
- وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في "سننه"، وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال: كان لباس آدم وحواء كالظفر فلما أكلا من الشجرة لم يبق عليهما إلا مثل الظفر {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} قال: ينزعان ورق التين فيجعلانه على سوءاتهما.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما أسكن الله آدم الجنة كساه سربالا من الظفر فلما أصاب الخطيئة سلبه السربال فبقي في أطراف أصابعه.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: كان لباس آدم الظفر بمنزلة الريش على الطير فلما عصي سقط عنه لباسه وتركت الأظفار زينة ومنافع.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال: كان لباس آدم في الجنة الياقوت فلما عصى تقلص فصار الظفر.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: كان آدم طوله ستون ذراعا فكساه الله هذا الجلد وأعانه بالظفر يحتك به.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وطفقا يخصفان}؛ قال: يرقعان كهيئة الثوب.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وطفقا يخصفان عليهما}؛ قال: أقبلا يغطيان عليهما.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {يخصفان عليهما من ورق الجنة} قال: يوصلان عليهما من ورق الجنة.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} قال: يأخذان ما يواريان به عورتهما.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي: {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة} قال آدم: رب إنه خلف لي بك ولم أكن أظن أن أحدا من خلقك يحلف بك إلا صادقا). [الدر المنثور: 6/ 346-349]

تفسير قوله تعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري، عن خصيف الجزري، عن مجاهد وسعيد بن جبير في قول الله: {فتلقى آدم من ربه كلماتٍ فتاب عليه}، {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 112] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}.
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن آدم وحوّاء فيما أجاباه به، واعترافهما على أنفسهما بالذّنب، ومسألتهما إيّاه المغفرة منه والرّحمة، خلاف جواب اللّعين إبليس إيّاه.
ومعنى قوله: {قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا} قال: آدم وحوّاء لربّهما: يا ربّنا فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك وبطاعتنا عدوّنا وعدوّك، فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه من أكل الشّجرة الّتي نهيتنا عن أكلها. {وإن لم تغفر لنا}؛ يقول: وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطّيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيّانا عليه، وترحمنا بتعطّفك علينا، وتركك أخذنا به، {لنكوننّ من الخاسرين} يعني: لنكوننّ من الهالكين.
وقد بيّنّا معنى الخاسر فيما مضى بشواهده والرّواية فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: قال آدم عليه السّلام: يا ربّ، أرأيت إن تبت واستغفرتك؟ قال: إذًا أدخلك الجنّة، وأمّا إبليس فلم يسأله التّوبة، وسأل النّظرة، فأعطي كلّ واحدٍ منهما ما سأل.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا} الآية، قال: هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه). [جامع البيان: 10/ 115-116]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين (23)}
قوله تعالى: {قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عباس: قال آدم وحواء: ربّنا ظلمنا أنفسنا يعني ذنبًا أذنباه. فغفره لهما.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان الثّوريّ عن خصيفٍ عن مجاهدٍ: وسعيد بن جبيرٍ: فتلقّى آدم من ربّه كلماتٍ قالا: قوله: {ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين}. وروي عن الحسن: وقتادة ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ وخالد بن معدان وعطاءٍ الخراسانيّ والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {قالا} قال: آدم وحواء {ربنا ظلمنا أنفسنا} يعني ذنبا أذنبناه فغفره لهما.
- وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا} الآية، قال: هي الكلمات التي تلقى آدم من ربه.
- وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك، مثله.
- وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن قتادة قال: إن المؤمن ليستحي ربه من الذنب إذا وقع به ثم يعلم بحمد الله أين المخرج يعلم أن المخرج في الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل فلا يحتشمن رجل من التوبة فإنه لولا التوبة لم يخلص أحدا من عباد الله وبالتوبة أدرك الله أباكم الرئيس في الخير من الذنب حين وقع به). [الدر المنثور: 6/ 349]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني ابن مهديٍّ أيضًا عن إسرائيل عن إسماعيل السّدّيّ قال: حدّثني من سمع ابن عبّاسٍ يقول: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌ}، قال: آدم، وحواء، وإبليس، والحيّة؛ قال: {ولكم في الأرض مستقرٌ}، قال: القبور؛ قال: {ومتاعٌ إلى حينٍ}، قال: الحياة). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 112-113]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدو} قال: آدم والحية والشيطان ). [تفسير الثوري: 111]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {قال اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ ولكم في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حينٍ}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا الحسن بن يزيد، عن السّدّي في قوله عزّ وجلّ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ ولكم في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: آدم وحواء والحيّة، حيث ما أدركها ابن آدم قتلها، وحيثما أدركت ابن آدم أخذت بعضده). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 135]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {ومتاعٌ إلى حينٍ}: «هو ها هنا إلى يوم القيامة، والحين عند العرب من ساعةٍ إلى مالا يحصى عدده). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {ومتاعٌ إلى حينٍ} إلخ تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/ 299]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({ومتاعٌ إلى حينٍ} إلى يوم القيامة والحين عند العرب من ساعةٍ إلى ما لا يحصي عددها.
أشار به إلى قوله تعالى: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} ونبه على أن المراد من الحين، هنا هو: إلى يوم القيامة وفي بعض النّسخ، ومتاع إلى حين، هو هاهنا إلى يوم القيامة، ثمّ أشار بقوله: والحين عند العرب إلى الحين يستعمل لأعداد كثيرة، وأدناه ساعة، وقال ابن الأثير: الحين الوقت، وفي (المغرب) الحين كالوقت لأنّه بهم يقع على القليل والكثير وقد مضى الكلام فيه في بدء الخلق). [عمدة القاري: 18/ 233]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {ومتاع إلى حين} هو هاهنا إلى يوم القيامة وثبت للأبوين هو وسقط لأبي ذر يوم (والحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عددها) ولأبوي ذر والوقت عدده وأقله ساعة). [إرشاد الساري: 7/ 124]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ ولكم في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حينٍ}. وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن فعله بإبليس وذرّيّته، وآدم وولده، والحيّة، يقول تعالى ذكره لآدم وحوّاء وإبليس والحيّة: اهبطوا من السّماء إلى الأرض بعضكم لبعضٍ عدوٌّ.
- كما حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن طلحة، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ}، قال: فلعن الحيّة، وقطع قوائمها، وتركها تمشي على بطنها، وجعل رزقها من التّراب، واهبطوا إلى الأرض: آدم وحوّاء وإبليس والحيّة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: آدم وحوّاء والحيّة.
وقوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} يقول: ولكم يا آدم وحوّاء وإبليس والحيّة، في الأرض قرارٌ تستقرّونه وفراشٌ تمتهدونه.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: هو قوله: {الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}.
- وروي عن ابن عبّاسٍ، في ذلك ما حدّثت عن عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: القبور.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر آدم وحوّاء وإبليس والحيّة إذ أهبطوا إلى الأرض، أنّهم عدوٌّ بعضهم لبعضٍ، وأنّ لهم فيها مستقرًّا يستقرّون فيه، ولم يخصّصها بأنّ لهم فيها مستقرًّا في حال حياتهم دون حال موتهم، بل عمّ الخبر عنها بأنّ لهم فيها مستقرًّا، فذلك على عمومه كما عمّ خبر اللّه، ولهم فيها مستقرٌّ في حياتهم على ظهرها وبعد وفاتهم في بطنها، كما قال جلّ ثناؤه: {ألم نجعل الأرض كفاتًا}، {أحياءً وأمواتًا}.
وأمّا قوله: {ومتاعٌ إلى حينٍ}، فإنّه يقول جلّ ثناؤه: ولكم فيها متاعٌ تستمتعون به إلى انقطاع الدّنيا، وذلك هو الحين الّذي ذكره.
- كما حدّثت عن عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: إلى يوم القيامة وإلى انقطاع الدّنيا.
والحين نفسه الوقت، غير أنّه مجهول القدر، يدلّ على ذلك قول الشّاعر:
وما مراحك بعد الحلم والدّين ....... وقد علاك مشيبٌ حين لا حين
أي وقت لا وقت). [جامع البيان: 10/ 116-118]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قال اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ ولكم في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حينٍ (24)}
قوله تعالى: {قال اهبطوا}
- حدّثنا أبو هارون محمّد بن خالدٍ الخزّاز، ثنا يحيى بن زيادٍ، أخبرني ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال: أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئًا رأسه، وأهبط إبليس مشبّكًا بين أصابعه رافعًا رأسه إلى السّماء.
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ عن أبي عديّ الزّبير بن عديٍّ عن ابن عمر قال: أهبط آدم بالصّفا، وحوّاء بالمروة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا المقدسيّ ثنا عمران بن عيينة عن عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: إنّ أوّل ما أهبط اللّه آدم إلى الأرض أهبطه بدحناء أرضٌ بالهند.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جريرٌ عن عطاءٍ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: قال: أهبط آدم عليه السّلام إلى أرضٍ يقال لها دحنا، بين مكّة والطّائف.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا صدقة بن عمرو الغساني ثنا عبّاد بن ميسرة، عن الحسن قال: هبط آدم بالهند، وحوّاء بجدّة، وإبليس بدست ميسان- من البصرة على أميالٍ، وهبطت الحيّة بأصبهان.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قال: قال اللّه: اهبطوا منها جميعًا فهبطوا: فنزل آدم بالهند وأنزل معه بقبضةٍ من ورق الجنّة فبثّه بالهند فنبتت شجرة الطّيب فإنّما أصل ما يجاء به من الهند من الطّيب من قبضة الورق الّتي هبط بها آدم، وإنّما قبضها آدم حين أخرج من الجنّة أسفًا على الجنّة حين أخرج منها.
- أخبرنا أبي، ثنا أيّوب بن محمّدٍ الرّقّيّ ثنا ضمرة عن النّسريّ بن يحيى قال: أهبط آدم من الجنّة ومعه البذور، فوضع إبليس عليها يده، فما أصاب يده ذهب منفعته.
قوله تعالى: {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ}
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنبأ ابن وهبٍ قال: وحدّثني عبد الرّحمن بن مهديٍّ عن إسرائيل عن إسماعيل السّدّيّ: حدّثني من سمع ابن عبّاسٍ يقول: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: آدم وحوّاء وإبليس والحيّة.
قوله تعالى: {ولكم في الأرض مستقرٌّ}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل عن السّدّيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله:
{ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: مستقرٌّ، القبور. وروي عن ابن مسعودٍ والسّدّيّ: نحو ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن حاتمٍ الزّمّيّ ثنا عبيدة بن حميدٍ، عن عمّارٍ الدّهنيّ عن حميدٍ المدنيّ عن كريبٍ عن ابن عبّاسٍ: قوله:
{ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: مستقرٌّ فوق الأرض ومستقرٌّ تحت الأرض.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية في قوله:
{ولكم في الأرض مستقرٌّ}؛ قال: هو قوله: الّذي جعل لكم الأرض فراشًا.
قوله: {ومتاعٌ إلى حين}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله:
{ومتاعٌ إلى حين}؛ يقول: بلاغٌ إلى الموت.
قوله تعالى: {إلى حينٍ}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل عن السّدّيّ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ:
{ومتاعٌ إلى حين}؛ قال: الحياة.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن حاتمٍ الزّمّيّ ثنا عبيدة بن حميدٍ عن عمّارٍ الدّهنيّ عن حميدٍ المدنيّ عن كريبٍ عن ابن عبّاسٍ: قوله:
{ومتاعٌ إلى حين} قال: حتّى يصير إلى الجنّة أو إلى النّار.
- حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن سعدٍ حدّثني أبي عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ قال: قال عكرمة
{ومتاعٌ إلى حين}؛ قال: الحين الّذي لا يدرك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1454-1456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن كريب قال: دعاني ابن عباس فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله إلى فلان حبر تيما حدثني عن قوله: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} فقال: هو مستقره فوق الأرض ومستقره في الرحم ومستقره تحت الأرض ومستقره حيث يصير إلى الجنة أو إلى النار). [الدر المنثور: 6/ 349]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون}.
يقول تعالى ذكره: قال اللّه للّذين أهبطهم من سمواته إلى أرضه: {فيها تحيون} يقول: في الأرض تحيون، يقول: تكونون فيها أيّام حياتكم، {وفيها تموتون}؛ يقول: في الأرض تكون وفاتكم، {ومنها تخرجون}؛ يقول: ومن الأرض يخرجكم ربّكم، ويحشركم إليه لبعث القيامة أحياءً). [جامع البيان: 10/ 118]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال الحارث بن محمّد بن أبي أسامة: ثنا محمد بن عمر الواقديّ، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن أبي فروة، عن عبد اللّه بن عمرو بن الحارث: "سمعت تبيع بن امرأة كعبٍ يقول في قوله عزّ وجلّ: (فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) قال: يعني الأرض منها خلق اللّه- عزّ وجلّ- آدم وفيها يدفنون إذا ماتوا ومنها يخرجون، تمطر السماء أربعين ليلة فتخرج الموتى من الأرض".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 209]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحارث: حدثنا محمّد بن عمر، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن عمرو بن الحارث، قال: سمعت تبيع ابن امرأة كعبٍ يقول في قوله عزّ وجلّ: {فيها تحيون وفيها تموتون}، قال: الأرض منها خلق اللّه تعالى (آدم)، وفيها يدفنون إذا ماتوا، ومنها يخرجون، تمطر السّماء أربعين ليلةً، فيخرج الموتى من الأرض.
(وله شاهد في الصحيح) ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/ 662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن كريب قال: دعاني ابن عباس فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله إلى فلان حبر تيما حدثني عن قوله: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}؛ فقال: هو مستقره فوق الأرض ومستقره في الرحم ومستقره تحت الأرض ومستقره حيث يصير إلى الجنة أو إلى النار). [الدر المنثور: 6/ 349] (م)


رد مع اقتباس