عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 02:49 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {وإن أحدٌ مّن المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه ثمّ أبلغه مأمنه}.
يقول: ردّه إلى موضعه ومأمنه.
وقوله: {وإن أحدٌ مّن المشركين استجارك} في موضع جزم وإن فرق بين الجازم والمجزوم بـ {أحد}. وذلك سهل في {إن} خاصّة دون حروف الجزاء؛ لأنها شرط وليست باسم، ولها عودة إلى الفتح فتلقى الاسم والفعل وتدور في الكلام فلا تعمل، فلم يحفلوا أن يفرقوا بينها وبين المجزوم بالمرفوع والمنصوب. فأما المنصوب فمثل قولك: إنّ أخاك ضربت ظلمت. والمرفوع مثل قوله: {إن امرؤٌ هلك ليس له ولدٌ} ولو حوّلت {هلك} إلى {إن يهلك} لجزمته، وقال الشاعر:
فان أنت تفعل فللفاعليـ =ن أنت المجيزين تلك الغمارا
ومن فرق بين الجزاء وما جزم بمرفوع أو منصوب لم يفرق بين جواب الجزاء وبين ما ينصب بتقدمة المنصوب أو المرفوع؛ تقول: إن عبد الله يقم يقم أبوه، ولا يجوز أبوه يقم، ولا أن تجعل مكان الأب منصوبا بجواب الجزاء. فخطأ أن تقول: إن تأتني زيدا تضرب. وكان الكسائيّ يجيز تقدمة النصب في جواب الجزاء، ولا يجوّز تقدمة المرفوع، ويحتجّ بأن الفعل إذا كان للأول عاد في الفعل راجع ذكر الأول، فلم يستقم إلغاء الأوّل. وأجازه في النصب؛ لأن المنصوب لم يعد ذكره فيما نصبه، فقال: كأن المنصوب لم يكن في الكلام. وليس ذلك كما قال؛ لأن الجزاء له جواب بالفاء. فإن لم يستقبل بالفاء استقبل بجزم مثله ولم يلق باسم،
إلا أن يضمر في ذلك الاسم الفاء. فإذا أضمرت الفاء ارتفع الجواب في منصوب الأسماء ومرفوعها لا غير. واحتجّ بقول الشاعر:
وللخيل أيّامٌ فمن يصطبر لها =ويعرف لها أيامها الخير تعقب
فجعل (الخير) منصوبا بـ (تعقب). (والخير) في هذا الموضع نعت للأيام؛ كأنه قال: ويعرف لها أيامها الصالحة تعقب. ولو أراد أن يجعل (الخير) منصوبا بـ (تعقب) لرفع (تعقب) لأنه يريد: فالخير تعقبه). [معاني القرآن: 1/421-423]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإن أحدٌ مّن المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه ثمّ أبلغه مأمنه ذلك بأنّهم قومٌ لاّ يعلمون}
وقال: {وأن أحدٌ مّن المشركين استجارك} فابتدأ بعد {أن}، وأن يكون رفع أحداً على فعل مضمر أقيس الوجهين لأن حروف المجازاة لا يبتدأ بعدها. إلا أنهم قد قالوا ذلك في "أن" لتمكنها وحسنها إذا وليتها الأسماء وليس بعدها فعل مجزوم في اللفظ كما قال الشاعر
* عاود هراة وأن معمورها خربا *
وقال الآخر:
لا تجزعي أن منفساً أهلكته = وأذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وقد زعموا أن قول الشاعر:

أتجزع أن نفسٌ أتاها حمامها = فهلاّ الّتي عن بين جنبيك تدفع
لا ينشد إلاّ رفعاً وقد سقط الفعل على شيء من سببه. وهذا قد ابتدئ بعد "أن" وإن شئت جعلته رفعا بفعل مضمر). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه ثمّ أبلغه مأمنه ذلك بأنّهم قوم لا يعلمون}
المعنى إن طلب منك أحد منهم أن تجيره من القتل إلى أن يسمع كلام اللّه {فأجره حتّى يسمع كلام اللّه ثمّ أبلغه مأمنه}.
{ذلك بأنّهم قوم لا يعلمون}.
أي الأمر ذلك، أي وجب أن يعرفوا وأن يجازوا بجهلهم وبما يتبينون الإسلام.
وأما الإعراب في أحد مع " إن " فالرفع بفعل مضمر الذي ظهر يفسره.
المعنى وإن استجارك أحد.
ومن زعم أنه يرفع أحدا بالابتداء فخطأ.
لأن الجزاء لا يتخطى ما يرفع بالابتداء ويعمل فيما بعده.
فلو أظهرت المستقبل لقلت: إن أحد يقم أكرمه ولا يجوز إن يقم أحد زيد يقم. لا يجوز أن ترفع زيدا بفعل مضمر الذي ظهر يفسّره ويجزم.
وإنما جاز في " إن، لأن " إن، يلزمها الفعل.
وجواب الجزاء يكون بالفعل وغيره.
ولا يجوز أن تضمر وتجزم بعد المبتدأ.
لأنك تقول ههنا إن تأتني فزيد يقوم، فالموضع موضع ابتداء.
وإنما يجوز الفصل في باب " إن " لأن " إن " أمّ الجزاء، ولا تزول عنه إلى غيره، فأما أخواتها فلا يجوز ذلك فيها إلا في الشعر.
قال عدي بن زيد:
فمتى واغل يزرهم يحيوه... وتعطف عليه كأس السّاقي). [معاني القرآن: 2/431-432]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}
أي استجارك من القتل حتى يسمع كلام الله فأجره). [معاني القرآن: 3/185]

تفسير قوله تعالى: (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ الّذين عاهدتّم...}
استثناء في موضع نصب. وهم قوم من بني كنانة كان قد بقي من أجلهم تسعة أشهر.
قال الله تبارك وتعالى: {فأتمّوا إليهم عهدهم إلى مدّتهم}؛ يقول: لا تحطّوهم إلى الأربعة). [معاني القرآن: 1/421]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كيف يكون للمشركين عهدٌ عند اللّه...}
على التعجب؛ كما تقول: كيف يستبقى مثلك؛ أي لا ينبغي أن يستبقى. وهو في قراءة عبد الله (كيف يكون للمشركين عهد عند الله ولا ذمة) فجاز دخول (لا) مع الواو لأن معنى أوّل الكلمة جحد، وإذا استفهمت بشيء من حروف الاستفهام فلك أن تدعه استفهاما، ولك أن تنوي به الجحد. من ذلك قولك: هل أنت إلاّ كواحد منّا؟! ومعناه: ما أنت إلا واحد منا، وكذلك تقول: هل أنت بذاهب؟ فتدخل الباء كما تقول: ما أنت بذاهب. وقال الشاعر:
يقول إذا اقلولي عليها وأقردت =ألا هل أخو عيشٍ لذيذٍ بدائم
وقال الشاعر:
فاذهب فأيّ فتى في الناس أحرزه =من يومه ظلمٌ دعجٌ ولا جبل
[معاني القرآن: 1/423]
فقال: ولا جبل، للجحد وأوّله استفهام ونيّته الجحد؛ معناه ليس يحرزه من يومه شيء. وزعم الكسائي أنه سمع العرب تقول: أين كنت لتنجو مني، فهذه اللام إنما تدخل لـ {ما} التي يراد بها الجحد؛ كقوله: {ما كانوا ليؤمنوا}، {وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}). [معاني القرآن: 1/424]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {كيف يكون للمشركين عهدٌ عند اللّه وعند رسوله إلاّ الّذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إنّ اللّه يحبّ المتّقين}
وقال: {كيف يكون للمشركين عهدٌ عند اللّه وعند رسوله إلاّ الّذين} فهذا استثناء خارج من أول الكلام. و{الذين} في موضع نصب). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ( {كيف يكون للمشركين عهد عند اللّه وعند رسوله إلّا الّذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إنّ اللّه يحبّ المتّقين}
{إلّا الّذين عاهدتم عند المسجد الحرام}.
أي ليس العهد إلا لهؤلاء الذين لم ينكثوا.
فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم).
أي ما أقاموا على الوفاء بعهدهم، وموضع " الذين " نصب بالاستثناء). [معاني القرآن: 2/432]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم}
أي فما أقاموا على العهد ولم ينقضوه فأوفوا لهم). [معاني القرآن: 3/185]

تفسير قوله تعالى: (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كيف وإن يظهروا عليكم...}
اكتفى بـ {كيف} ولا فعل معها؛ لأن المعنى فيها قد تقدّم في قوله: {كيف يكون للمشركين عهدٌ} وإذا أعيد الحرف وقد مضى معناه استجازوا حذف الفعل؛ كما قال الشاعر:
وخبرتماني أنما الموت في القرى =فكيف وهذي هضبةٌ وكثيب
وقال الحطيئة:
فكيف ولم أعلمهم خذلوكم =في معظمٍ ولا أديمكم قدّوا
وقال آخر:
* فهل إلى عيش يا نصاب وهل *
فأفرد الثانية لأنه يريد بها مثل معنى الأوّل). [معاني القرآن: 1/424-425]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاًّ ولا ذمّةً يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون}
وقال: {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم} فأضمر كأنه [قال] "كيف لا تقتلونهم" والله أعلم). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {إلا ولا ذمة} (الإل): العهد وقال بعضهم القرابة {والذمة} الأمان ومنه سمي المعاهد ذميا لأنه أعطي الأمان. ومنه في الحديث " ويسعى بذمتهم أدناهم"). [غريب القرآن وتفسيره: 161]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و {الإلّ}: العهد، ويقال: القرابة، ويقال: اللّه جل ثناؤه.
و{الذمة}: العهد). [تفسير غريب القرآن: 183]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلّا ولا ذمّة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون}
وحذف مع كيف جملة " يكون لهم عهد " لأنه قد ذكر قبل ذلك.
قال الشاعر يرثي أخا له مات:
وخبرتماني أنما الموت بالقرى.=.. فكيف وهاتا هضبة وقليب
أي فكيف مات وليس بقرية. ومثله قول الحطيئة:
وكيف ولم أعلمهمو خذلوكمو.=.. على معظم ولا أديمكمو قدّوا
أي فكيف تلومونني على مدح قوم، وتذمونهم، واستغنى عن ذكر " ذلك " مع ذكر كيف، لأنه قد جرى في القصيدة ما يدل على ما أضمر.
قال أبو عبيدة الإل: العهد، والذّمّة ما يتذمم منه، وقال غيره: الذمة: العهد، وقيل في الإل غير قول.
قيل: الإل: القرابة، وقيل: الإل: الحلف، وقيل: الإل: العهد، وقيل الإل اسم من أسماء اللّه، وهذا عندنا ليس بالوجه لأن أسماء اللّه جلّ وعز معروفة معلومة كما سمعت في القرآن وتليت في الأخبار قال الله جلّ وعزّ:
{وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها}.
فالداعي يقول: يا اللّه، يا رحمن، يا ربّ، يا مؤمن، يا مهيمن.
[معاني القرآن: 2/433]
ولم يسمع " يا إلّ في الدعاء.
وحقيقة " الإلّ " عندي على ما توحيه اللغة تحديد الشيء فمن ذلك: الإلّة: الحربة، لأنّها محدّدة، ومن ذلك: إذن مؤلّلة، إذا كانت محدّدة.
والأل يخرج في جميع ما فسر من العهد والجوار على هذا، وكذلك القرابة، فإذا قلت في العهد بينهما إلّ فمعناه جواز يحاد الإنسان، وإذا قلته في القرابة فتأويله القرابة الدانية التي تحادّ الإنسان). [معاني القرآن: 2/434]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كيف وإن يظهروا عليكم}
معناه كيف يكون لهم عهد {وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة}
روى سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ألإل الله جل وعز
وروى ابن جريج عن مجاهد قال الإل العهد
وقال أبو عبيدة الإل العهد والذمة التذمم
وقال قتادة الحلف والذمة العهد
وقال الضحاك الإل القرابة والذمة العهد
قال أبو جعفر وهذا أحسنها والأصل في هذا أنه يقال أذن موللة أي محددة والألة الحربة فإذا قيل للعهد إل فمعناه أنه قد حدد وإذا قيل للقرابة فمعناه إن أحدهما يحاد صاحبه ويقاربه وأنشد أهل اللغة:
لعمرك إن إلك من قريش = كإل السقب من رأل النعام
فأما ما روي عن أبي مجلز ومجاهد أن الإل الله جل وعز فغير معروف لأن أسماء الله جل وعز معروفة والذمة العهد
قول معروف ومنه أهل الذمة إنما هم أهل العهد وتذممت أن أفعل استحييت فصرت بمنزلة من عليه عهد). [معاني القرآن: 3/186-188]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا ولا ذمة} فالإل: الله - عز وجل، والذمة: العهد). [ياقوتة الصراط: 241]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والإلَ} العهد، ويقال: القرابة. {والذمة} العهد. وقيل: الإلَ هو الله جل ذكره). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 96]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الإِل}: العهد {الذِمَّةً}: الأمان). [العمدة في غريب القرآن: 146]

تفسير قوله تعالى: (اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) )

تفسير قوله تعالى: (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا يرقبوا فيكم إلاًّ ولا ذمّة} مجاز الإلّ: العهد والعقد واليمين، ومجاز الذمة التذمم ممن لا عهد له، والجميع ذمم؛ {يرقبوا} أي يراقبوا.
{وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} أي أداموها في مواقيتها، وأعطوا زكاة أموالهم). [مجاز القرآن: 1/253]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {لا يرقبون} المصدر: رقبة ورقبانًا ورقوبًا.
وقوله {إلا ولا ذمة} فالإل: الحلف، وقالوا: العهد وقالوا أيضًا، وكان ابن عباس يقول: الإل القرابة؛ وكان يقول: الذمة العهد؛ وقالوا أيضًا: الإلة إلة الرجل: عشيرته.
وقال المسيب بن علس:
وجدناهم كاذبًا إلهم = وذو الإل والعهد لا يكذب
وقال الكميت:
من يمت منهم حمد ومن = يحيى فلا ذو إل ولا ذو ذمام
[معاني القرآن لقطرب: 638]
قال قطرب وسمعنا من ينشد هذا البيت عن ابن عباس:
فأقسم أن إلك من قريش = كإل السقب من ولد النعام
وقال ابن مقبل أيضًا:
أفسد الناس خلوف خلفوا = قطعوا الإل وأعراق الرحم). [معاني القرآن لقطرب: 639]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإلّ هو: الله تعالى. قال مجاهد في قوله سبحانه: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} ويعني الله عز وجل. ومنه (جبر إلّ) في قراءة من قرأه بالتشديد.
ويقال للرحم: إلّ كما اشتق لها الرّحم من الرّحمن.
وقال حسّان:
لعمركَ إِنَّ إِلَّكَ فِي قُرَيْشٍ = كإِلِّ السَّقْبِ مِن رَأْلِ النَّعَامِ
أي: رَحِمُكَ فِيهم، وقُرْبَاكَ مِنْهُمْ.
ومن ذهب بالإلِّ في قوله تعالى: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا} إلى الرَّحِم، فهو وجهٌ حَسَن.
كما قال الشاعر:
دَعَوْا رَحِمًا فِينَا وَلا يَرْقُبونَهَا = وَصَدَّتْ بأَيدِيهَا النِّسَاءُ عَنِ الدَّمِ
يريد: أن المشركين لم يكونوا يرقبون في قراباتهم من المسلمين رحما، وقد قال الله تعالى لنبيه عليه السلام: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].
قال ابن عباس: يريد لا أسألكم على ما أتيتكم به من الهدى أجرا إلا أن تودّوني في القرابة منكم. وكانت لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم، ولادات كثيرة في بطون قريش. وقال الله عز وجل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128].
قال ابن عباس: قالت قريش: يسألنا أن نودّه في القرابة وهو يشتم آلهتنا ويعيبها؟! فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ: 47].
ويقال للعهد: {إلّ}، لأنّه بالله يكون). [تأويل مشكل القرآن: 449-450]


رد مع اقتباس