عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 11:44 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)}


تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قل لاّ أجد في ما أوحي إليّ محرّماً...}
ثم قال جلّ وجهه: {إلاّ أن يكون ميتةً} وإن شئت (تكون) وفي (الميتة) وجهان الرفع والنصب. ولا يصلح الرفع في القراءة؛ لأنّ الدم منصوب بالردّ على الميتة وفيه ألف تمنع من جواز الرفع. ويجوز (أن تكون) لتأنيث الميتة، ثم تردّ ما بعدها عليها.
ومن رفع (الميتة) جعل (يكون) فعلا لها، اكتفى بيكون بلا فعل. وكذلك (يكون) في كل الاستثناء لا تحتاج إلى فعل؛ ألا ترى أنك تقول: ذهب الناس إلا أن يكون أخاك، وأخوك. وإنما استغنت كان ويكون عن الفعل كما استغنى ما بعد إلا عن فعل يكون للاسم. فلما قيل: قام الناس إلا زيدا وإلا زيد فنصب بلا فعل ورفع بلا فعل صلحت كان تامة. ومن نصب: قال كان من عادة كان عند العرب مرفوع ومنصوب، فأضمروا في كان اسما مجهولا، وصيّروا الذي بعده فعلا لذلك المجهول. وذلك جائز في كان، وليس، ولم يزل، وفي أظنّ وأخواتها: أن تقول (أظنه زيد أخوك و) أظنّه فيها زيد. ويجوز في إنّ وأخواتها؛ كقول الله تبارك وتعالى: {يا بنيّ إنّها إن تك مثقال حبّةٍ} وكقوله: {إنّه أنا اللّه العزيز الحكيم} فتذكّر الهاء وتوحّدها، ولا يجوز تثنيتها ولا جمعها مع جمع ولا غيره. وتأنيثها مع المؤنث وتذكيرها مع المؤنث جائز؛ فتقول: إنها ذاهبة جاريتك، وإنه ذاهبة جاريتك.
فإن قلت: كيف جاز التأنيث مع الأنثى، ولم تجز التثنية مع الاثنين؟
قلت: لأن العرب إنما ذهبت إلى تأنيث الفعل وتذكيره، فلما جاز {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} {وأخذت} جاز التأنيث، والتذكير. ولما لم يجز: قاما أخواك ولا قاموا قومك، لم يجز تثنيتها ولا جمعها.
فإن قلت: أتجيز تثنيتها في قول من قال: ذهبا أخواك؟ قلت: لا، من قبل أنّ الفعل واحد، والألف التي فيها كأنها تدلّ على صاحبي الفعل، والواو في الجمع تدل على أصحاب الفعل، فلم يستقم أن يكنى عن فعل واسم في عقدة، فالفعل واحد أبدا؛ لأن الذي فيه من الزيادات أسماء.
وتقول في مسألتين منه يستدلّ بهما على غيرهما: إنها أسد جاريتك، فأنثت لأن الأسد فعل للجارية، ولو جعلت الجارية فعلا للأسد ولمثله من المذكر لم يجز إلا تذكير الهاء. وكذلك كل اسم مذكّر شبهته بمؤنث فذكّر فيه الهاء، وكل مؤنث شبهته بمذكر ففيه تذكير الهاء وتأنيثها؛ فهذه واحد. ومتى ما ذكّرت فعل مؤنث فقلت: قام جاريتك، أو طال صلاتك، (ثم أدخلت عليه إنه) لم يجز إلا تذكيرها، فتقول: إنه طال صلاتك؛ فذكّرتها لتذكير الفعل، لا يجوز أن تؤنث وقد ذكّر الفعل.
وإذا رأيت الاسم مرفوعا بالمحالّ - مثل عندك، وفوقك، وفيها - فأنّث وذكّر في المؤنث ولا تؤنث في المذكر. وذلك أن الصفة لا يقدر فيها على التأنيث كما يقدر (في قام) جاريتك على أن تقول: قامت جاريتك. فلذلك كان في الصفات الإجراء على الأصل.
وإذا أخليت كان باسم واحد جاز أن ترفعه وتجعل له الفعل. وإن شئت أضمرت فيه مجهولا ونصبت ما بعده فقلت: إذا كان غدا فأتنا. وتقول: اذهب فليس إلا أباك، وأبوك. فمن رفع أضمر أحدا؛ كأنه قال: ليس أحد إلا أبوك، ومن نصب أضمر الاسم المجهول فنصب؛ لأن المجهول معرفة فلذلك نصبت.
ومن قال: إذا كان غدوةً فأتنا لم يجز له أن يقول: إذا غدوةً كان فأتنا، كذلك الاسم المجهول لا يتقدمه منصوبه. وإذا قرنت بالنكرة في كان صفة فقلت: إن كان بينهم شرّ فلا تقربهم، رفعت. وإن بدأت بالشر وأخرت الصفة كان الوجه الرفع فقلت: إن شر بينهم فلا تقربهم، ويجوز النصب.
قال وأنشدني بعضهم:
فعينيّ هلاّ تبكيان عفاقا ....... إذا كان طعنا بينهم وعناقا
فإذا أفردت النكرة بكان اعتدل النصب والرفع. وإذا أفردت المعرفة بكان كان الوجه النصب؛ يقولون: لو كان إلا ظله لخاب ظله. فهذه على ما وصفت لك). [معاني القرآن: 1/ 361-364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أو دماً مسفوحاً} أي مهراقاً مصبوباً، ومنه قولهم: سفح دمعى، أي: سال. قال الشاعر:
هاج سفح دموعي ....... ما تحنّ ملوعي).
[مجاز القرآن: 1/ 207-208]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل لاّ أجد في ما أوحي إليّ محرّماً على طاعمٍ يطعمه إلاّ أن يكون ميتةً أو دماً مّسفوحاً أو لحم خنزيرٍ فإنّه رجسٌ أو فسقاً أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ ربّك غفورٌ رّحيمٌ}
وقال: {فإنّه رجسٌ أو فسقاً} يقول: "إلاّ أن يكون ميتةً أو فسقاً فإنّه رجسٌ"). [معاني القرآن: 1/ 252]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {فمن اضطر} يرفع النون للضمة التي بعدها، كما قالوا: اقتل، ولغة أخرى {فمن اضطر} بكسر النون، مثل {وقالت اخرج} و{قل انظروا} وهو القياس؛ لأنه منفصل.
[معاني القرآن لقطرب: 532]
الحسن "فمن اضطر" بكسر الطاء.
وبعض العرب يقولها، حكى لنا: ذلك؛ كأنه قال: اضطرر، ثم رمى بكسرة الراء الأولى على الطاء؛ على مثل ما ذكرنا من "ولو ردوا لعادوا" وقد فسرنا ذلك في أول السورة). [معاني القرآن لقطرب: 533]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {أو دما مسفوحا} يقال: سفحت دمه أي أسلته، وسفح هو أي سال؛ والدمع أيضًا.
قال طرفة:
إني وجدك ما هجوتك = والأنصاب يسفح فوقهن دم
وقال عبيد:
إذا ما عاده منها نساء = سفحن الدمع من بعد الرنين). [معاني القرآن لقطرب: 554]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {فإنه رجس أو فسقا} فنصب على: "إلا أن يكون فسقا"، ولم يرده على "الرجس" كقوله {ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده} فرفع على الابتداء، ولم يرده على الأول.
وكذلك {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} فرفع على الابتداء ولم يرد "وختم غشاوة على أبصارهم"، ولو أريد لكان معنى؛ وكقوله {ولولا كلمة
[معاني القرآن لقطرب: 558]
سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} فرفع الأجل؛ كأنه قال: "ولولا أجل مسمى"، ولم يرده على خبر كان.
وما ورد من القرآن من هذا فاعتبره به، وقسه عليه إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 559]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({دما مسفوحا}: أي سائلا). [غريب القرآن وتفسيره: 143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أو دماً مسفوحاً} أي سائلا.
{أو فسقاً أهلّ لغير اللّه به} أي: ما ذبح لغيره وذكر عليه غير اسمه). [تفسير غريب القرآن: 162-163]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم قال: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّما على طاعم يطعمه إلّا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنّه رجس أو فسقا أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغ ولا عاد فإنّ ربّك غفور رحيم}
فأعلمهم - صلى الله عليه وسلم - أن التحريم والتحليل إنما يقبله بالوحي أو التنزيل فقال: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّما على طاعم يطعمه إلّا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا}.
والمسفوح المصبوب، فكأنه إذا ذبحوا أكلوا الدّم كما يأكلون اللحم.
{أو لحم خنزير فإنّه رجس} والرجس اسم لما يستقذر، وللعذاب.
{أو فسقا أهلّ لغير اللّه به} أي رفع الصوت على ذبحه باسم غير اللّه، وكانوا يذكرون أسماء أوثانهم على ذبائحهم.
{ففسق} عطف على لحم خنزير، المعنى إلا أن يكون المأكول ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير أو فسقا.
فسمّي ما ذكر عليه غير اسم اللّه فسقا، أي خروجا من الدّين.
{فمن اضطرّ غير باغ} أي دعته الضرورة إلى أكله فأكله غير باغ، أي غير قاصد لتحليل ما حرم اللّه.
{ولا عاد} أي ولا مجاوز للقصد وقدر الحاجة. و "العادي" الظالم.
{فإنّ ربّك غفور رحيم} أي يغفر لمن لم يتعدّ.
فأما إعراب (آلذّكرين) فالنصب بـ (حرّم).
وتثبت ألف المعرفة مع ألف الاستفهام لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، لأنه لو قيل ألذكرين حرّم بألف واحدة لالتبس الاستفهام بالخبر.
وقد يجوز جمع أم حذف الألف لأن أم تدل على الاستفهام لأنه لو قيل ألرجل ضربت أم الغلام لدلّت "أم" على أن الأول، داخل في الاستفهام.
وقد أجاز سيبويه أن يكون البيت على ذلك وهو قوله:
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ....... شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر
فأجاز أن يكون على أشعيث بن سهم، ولكن القراءة بتبيين الألف الثانية في قوله: {آلذّكرين}). [معاني القرآن: 2/ 299-301]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم بين أنه لا يحرم الله شيئا إلا بوحي فقال {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} روي عن عائشة رحمة الله عليها على طاعم طعمه وعن أبي جعفر محمد بن علي طاعم يطعمه). [معاني القرآن: 2/ 507]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا} قال قتادة المسفوح المصبوب فحرم ما كان مصبوبا خاصة فأما ما كان مختلطا باللحم فهو حلال). [معاني القرآن: 2/ 507]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به} أي ذبح لغير الله وذكر عليه غير اسم الله وسماه فسقا لأنه خارج عن الدين، والمعنى أو دما مسفوحا أو لحم خنزير أو فسقا أهل لغير الله به فإنه رجس والموقوذة والمتردية والنطيحة داخلة في هذه الآية عند قوم لأنها أصناف الميتة فأما ما لم يدخل في هذه الآية عند قوم ففيه قولان: أحدهما أنه روي عن عائشة وابن عباس أن الآية جامعة لجميع ما حرم من الحيوان خاصة وأنه ليس في الحيوان محرم إلا ما ذكر فيها والقول الآخر أن هذه الآية محكمة جامعة للحيوان وغيره وثم أشياء قد حرمها الله سوى هذه وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن لحوم الحمر الأهلية وعن كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير فقيل هذا قول قوي في اللغة لأن ما مبهمة فقوله جل وعز: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} يجب أن يكون عاما للحيوان وغيره والله أعلم بما أراد). [معاني القرآن: 2/ 507-509]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} أحسن ما قيل في الباغي الذي يأكل مضطرا لا متلذذا والعادي الذي يجاوز ما يقيم رمقه). [معاني القرآن: 2/ 509]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({مسفوحا} أي: مصبوبا). [ياقوتة الصراط: 225]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} أي سائلاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مسْفُوحًا}: مصبوباً). [العمدة في غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما...}
حرّم عليهم الثّرب، وشحوم الكلى.
ثم قال: {إلاّ ما حملت ظهورهما} و(ما) في موضع نصب بالفعل بالاستثناء. و{الحوايا} في موضع رفع، تردّها على الظهور: إلا ما حملت ظهورهما أو حملت الحوايا،وهي المباعر وبنات اللبن. والنصب على أن تريد (أو شحوم الحوايا) فتحذف الشحوم وتكتفى بالحوايا؛ كما قال: {واسأل القرية} يريد: واسأل أهل القرية.
وقوله: {أو ما اختلط بعظمٍ} وهي الألية. و(ما) في موضع نصب). [معاني القرآن: 1/ 364]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلاّ ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظمٍ ذلك جزيناهم ببغيهم وإنّا لصادقون}
وقال: {ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلاّ ما حملت ظهورهما أو الحوايا} فواحد "الحوايا": "الحاوياء" "والحاوية". ويريد بقوله - والله أعلم - {ومن البقر والغنم} أي: والبقر والغنم حرمنا عليهم. ولكنه أدخل فيها "من" والعرب تقول: "قد كان من حديثٍ" يريدون: قد كان حديثٌ" وإن شئت قلت: "ومن الغنم حرّمنا الشّحوم" كما تقول: "من الدّار أخذ النّصف والثلث" فأضفت على هذا المعنى كما تقول: "من الدّار أخذ نصفها" و"من عبد الله ضرب وجهه"). [معاني القرآن: 1/ 252-253]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {أو الحوايا} الواحد: حاوية؛ وهي بنات اللبن، وقالوا في الواحد: حاويآء، وقالوا في الواحد: حوية؛ وقالوا: هو ما اجتمع من البطن). [معاني القرآن لقطرب: 554]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ} أي كلّ ذي مخلب من الطير، وكلّ ذي ظلف ليس بمشقوق. يعني الحافر.
{شحومهما إلّا ما حملت ظهورهما} يقال: الألية. أو الحوايا المباعر، واحدها حاوية وحويّة). [تفسير غريب القرآن: 163]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} أي كلّ ذي مخلب من الطير، وكلّ ذي حافر من الدّواب كذلك قال المفسّرون: وسمّى الحافر ظفرا على الاستعارة، كما قال الآخر وذكر ضيفا طرقه:
فما رَقَد الوِلْدَانُ حتّى رأيتُه ....... على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحَافِرِ
فجعل الحافر موضع القدم.
وقال آخر:
سأمنعها أو سوف أجعل أمرها ....... إلى مَلِكِ أَظلافُهُ لَمْ تُشَقَّقِ
يريد بالأظلاف: قدميه، وإنما الأظلاف للشاء والبقر.
والعرب تقول للرجل: (هو غليظ المشافِر) تريد الشفتين، والمشافر للإبل.
وقال الحطيئة:
قَرَوْا جارَك العَيْمَان لَمَّا جفوتَه ....... وقلَّص عن بَرْدِ الشَّرابِ مَشَافِرُه).
[تأويل مشكل القرآن: 153-154]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفر ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلّا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنّا لصادقون}
يعنى به الإبل والنعام، لأن النعام ذوات ظفر كالإبل.
{ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلّا ما حملت ظهورهما}.
فقال بعض الناس:. حرمت عليهم الثروب، وأحل لهم ما سواها مما حملت الظهور.
{أو الحوايا} وهي المباعر واحدها حاوية وحاوياء وحويّة.
{أو ما اختلط بعظم} نحو شحم الإلية. وهذا أكثر القولين، وقال قوم حرمت عليهم الثروب.
وأحل لهم ما حملت الظهور وصارت الحوايا أو ما اختلط بعظم إلا ما حملت الظهور فإنه غير محرم، و " أو " دخلت على طريق الإباحة، كما قال جلّ وعزّ: {ولا تطع منهم آثما أو كفورا}، فالمعنى كل هؤلاء أهل أن يعصى.
فاعص هذا، واعص هذا و " أو " بليغة في هذا المعنى، لأنك إذا قلت: لا تطع زيدا وعمرا فجائز أن تكون نهيتني عن طاعتهما معا في حال إن أطعت زيدا على حدته لم أكن عصيتك، وإذا قلت: لا تطع زيدا أو عمرا أو خالدا، فالمعنى أن هؤلاء كلهم أهل ألا يطاع فلا تطع واحدا منهم ولا تطع الجماعة.
ومثله جالس الحسن أو ابن سيرين أو الشعبي، فليس المعنى أني آمرك بمجالسة واحد منهم، ولكن معنى " أو" الإباحة.
المعنى كلهم أهل أن يجالس، فإن جالست واحدا منهم فأنت مصيب وإن جالست الجماعة فأنت مصيب). [معاني القرآن: 2/ 301-302]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} قال مجاهد وقتادة والضحاك كل ذي ظفر الإبل والنعام قال قتادة وهو من الطير ما لم يكن مشقوق الظفر نحو البط وما أشبهه وهو عند أهل اللغة من الطير ما كان ذا مخلب ودخل في ذا ما يصطاد بظفره من الطير وجميع أنواع السباع والكلاب والسنانير). [معاني القرآن: 2/ 510]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما}
قال قتادة: هي شحوم الثروب خاصة. ومذهب ابن جريج أنه كل شحم لم يكن مختلطا بعظم ولا على عظم..
وهذا أولى لعموم الآية، وللحديث المسند: قاتل الله اليهود؛ حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها، وأكلوا أثمانها إلا ما حملت ظهورهما أي إلا شحوم الجنب وما علق بالظهر فإنها لم تحرم عليهم أو الحوايا.
قال مجاهد وقتادة: {الحوايا}: المباعر.
قال أبو عبيدة: هي عندي ما تحوى من البطن أي استدار.
قال الكسائي: واحدها حاوية وحوية.
وحكى سيبويه (حاوياء) قيل المعنى: حرمنا عليهم شحومها ثم استثنى فقال {إلا ما حملت ظهورهما} ثم عطف على الاستثناء فقال أو الحوايا أو ما اختلط بعظم أي إلا هذه الأشياء فإنها حلال.
وقيل المعنى: حرمنا عليهم شحومهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم إلا ما حملت ظهورهما فيكون ما بعد إلا استثناء على هذا القول داخلا في التحريم ويكون مثل قوله تعالى: {ولا تطع منهم آثما أو كفورا} وأو ههنا بخلاف معنى الواو أي لا تطع هذا الضرب.
وقال الكسائي إلا ما حملت ظهورهما ما في موضع نصب على الاستثناء والحوايا في موضع رفع بمعنى وما حملت الحوايا فعطف الحوايا على الظهور). [معاني القرآن: 2/ 510-512]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أو ما اختلط بعظم}
قال فعطفه على المستثنى وهذا أحد قولي الفراء وهذا أصح هذه الأقوال والله أعلم). [معاني القرآن: 2/ 512-513]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} قال قتادة حرمت عليهم هذه الأشياء عقوبة لهم على بغيهم). [معاني القرآن: 2/ 513]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({أو الحوايا} فالحوايا: بنات اللبن، واحدتها: حاوية وحوية). [ياقوتة الصراط: 226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} أي كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي ظلف ليس بمشقوق الحافر.
{إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا} المباعِر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)}

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة}
قال مجاهد: يعني اليهود). [معاني القرآن: 2/ 513]


رد مع اقتباس