عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 10:07 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض ثمّ يخرج به زرعًا مختلفًا ألوانه ثمّ يهيج فتراه مصفرًّا ثمّ يجعله حطامًا إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ألم تر} يا محمّد {أنّ اللّه أنزل من السّماء ماءً} وهو المطر {فسلكه ينابيع في الأرض} يقول: فأجراه عيونًا في الأرض؛ واحدها ينبوعٌ، وهو ما جاش من الأرض.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن جابرٍ، عن الشّعبيّ، في قوله: {فسلكه ينابيع في الأرض} قال: كلّ ندًى وماءٍ في الأرض من السّماء نزل.
- قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن جابرٍ، عن الحسن بن مسلم بن ينّاق، قال: ثمّ ينبت بذلك الماء الّذي أنزله من السّماء فجعله في الأرض عيونًا زرعًا {مختلفًا ألوانه} يعني: أنواعًا مختلفةً من بين حنطةٍ وشعيرٍ وسمسمٍ وأرزٍ، ونحو ذلك من الأنواع المختلفة {ثمّ يهيج فتراه مصفرًّا} يقول: ثمّ ييبس ذلك الزّرع من بعد خضرته، يقال للأرض إذا يبس ما فيها من الخضر وذوي: هاجت الأرض، وهاج الزّرع.
وقوله: {فتراه مصفرًّا} يقول: فتراه من بعد خضرته ورطوبته قد يبس فصار أصفر، وكذلك الزّرع إذا يبس اصفرّ {ثمّ يجعله حطامًا} والحطام: فتات التّبن والحشيش، يقول: ثمّ يجعل ذلك الزّرع بعدما صار يابسًا فتاتًا متكسّرًا.
وقوله: {إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب} يقول تعالى ذكره: إنّ في فعل اللّه ذلك كالّذي وصف لذكرى وموعظةً لأهل العقول والحجا يتذكّرون به، فيعلمون أنّ من فعل ذلك فلن يتعذّر عليه إحداث ما شاء من الأشياء، وإنشاء ما أراد من الأجسام والأعراض، وإحياء من هلك من خلقه من بعد مماته وإعادته من بعد فنائه، كهيئته قبل فنائه، كالّذي فعل بالأرض الّتي أنزل عليها من بعد موتها الماء، فأنبت بها الزّرع المختلف الألوان بقدرته). [جامع البيان: 20/187-189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 21
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض} قال: ما أنزل الله من السماء ولكن عروق في الأرض تغمره فذلك قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعد). [الدر المنثور: 12/644]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} أصله من السماء). [الدر المنثور: 12/644]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} قال: عيونا). [الدر المنثور: 12/644-645]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الكبي رضي الله عنه قال: العيون والركايا مما أنزل الله من السماء {فسلكه ينابيع في الأرض} والله أعلم). [الدر المنثور: 12/645]

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر - رجل من بني هاشم، وليس محمد بن علي - قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {أفمن شرح الله صدره للإسلام} [سورة الزمر: 22] فقال: إذا دخل الصدر النور انشرح وانفسح، قيل: هل لذلك من آيةٍ يعرف بها، قال: التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل الموت). [الزهد لابن المبارك: 2/140]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفصٌ عن ابن عجلان قال: لما أنزلت هذه الآية على رسول اللّه: {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نورٍ من ربه}، قال أصحاب رسول الله عليه السلام: أو ينشرح الصّدر، قال: نعم، إذا جعل اللّه فيه النّور انشرح وانفسح، قالوا: فهل لذلك علامةٌ يعرف بها، قال: التّجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والإعداد للموت قبل الموت.
وحدّثني سفيان بن عيينة، عن خالد بن أبي كريمة، عن عبد اللّه بن المسور عن رسول اللّه بنحو ذلك أيضًا). [الجامع في علوم القرآن: 1/37-38]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نورٍ من ربّه فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه أولئك في ضلالٍ مبينٍ}.
يقول تعالى ذكره: أفمن فسح اللّه قلبه لمعرفته، والإقرار بوحدانيّته، والإذعان لربوبيّته، والخضوع لطاعته {فهو على نورٍ من ربّه} يقول: فهو على بصيرةٍ ممّا هو عليه ويقينٍ، بتنوير الحقّ في قلبه، فهو لذلك لأمر اللّه متّبعٌ، وعمّا نهاه عنه منتهٍ فيما يرضيه، كمن أقسى اللّه قلبه، وأخلاه من ذكره، وضيّقه عن استماع الحقّ، واتّباع الهدى، والعمل بالصّواب؟ وترك ذكر الّذي أقسى اللّه قلبه، وجواب الاستفهام اجتزاءً بمعرفة السّامعين المراد من الكلام، إذ ذكر أحد الصّنفين، وجعل مكان ذكر الصّنف الآخر الخبر عنه بقوله: {فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نورٍ من ربّه} يعني: كتاب اللّه، هو المؤمن به يأخذ، وإليه ينتهي.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام} قال: وسّع صدره للإسلام، والنّور: الهدى.
- حدّثت عن ابن أبي زائدة، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام} قال: ليس المنشرح صدره مثل القاسي قلبه.
قوله: {فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه} يقول تعالى ذكره: فويلٌ للّذين جفّت قلوبهم ونأت عن ذكر اللّه وأعرضت، يعني: عن القرآن الّذي أنزله تعالى ذكره، مذكّرًا به عباده، فلم يؤمن به، ولم يصدّق بما فيه وقيل: {من ذكر اللّه} والمعنى: عن ذكر اللّه، فوضعت من مكان عن، كما يقال في الكلام: أتخمت من طعامٍ أكلته، وعن طعامٍ أكلته بمعنًى واحدٍ.
وقوله: {أولئك في ضلالٍ مبينٍ} يقول تعالى ذكره: هؤلاء القاسية قلوبهم من ذكر اللّه في ضلالٍ مبينٍ، لمن تأمّله وتدبّره بفهم أنّه في ضلالٍ عن الحقّ جائرٌ). [جامع البيان: 20/189-190]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 22.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن شرح الله صدره للإسلام} الآية، قال: ليس المشروح صدره كالقاسية قلوبهم). [الدر المنثور: 12/645]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} قالوا: يا رسول الله فهل ينفرج الصدر قال: نعم، قالوا: هل لذلك علامة قال: نعم، التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت). [الدر المنثور: 12/645]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} فقلنا يا رسول الله كيف انشراح صدره قال: إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح، قلنا يا رسول الله فما علامة ذلك قال: الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت). [الدر المنثور: 12/645-646]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا قال: يا نبي الله أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم ذكر للموت وأحسنهم له استعدادا وإذا دخل النور القلب انفسح واستوسع، فقالوا ما آية ذلك يا نبي الله قال: الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت ثم أخرج عن أبي جعفر عبد الله بن المسور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد فيه {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}، أما قوله تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم} ). [الدر المنثور: 12/646]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي، وابن مردويه، وابن شاهين في الترغيب في الذكر في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القاسي). [الدر المنثور: 12/646]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد رضي الله عنه، أن عيسى عليه السلام أوصى إلى الحواريين: أن لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم وإن القاسي قلبه بعيد من الله ولكن لا يعلم). [الدر المنثور: 12/647]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل العباد ونومهم عليه قسوة في قلوبهم). [الدر المنثور: 12/647]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج العقيلي والطبراني في الأوسط، وابن عدي، وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب والبيهقي في شعب الإيمان، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم). [الدر المنثور: 12/647]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يورث القسوة في القلب ثلاث خصال، حب الطعام وحب النوم وحب الراحة، والله أعلم). [الدر المنثور: 12/647]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى كتابا متشابها قال متشابها في حلاله وحرامه لا يختلف منه شيء تشبه الآية الآية والحرف الحرف مثاني.
قال معمر وقال قتادة قد ثناه الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/172]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال تلا قتادة تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله قال هذا نعت أولياء الله نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما هذا في أهل البدع وهذا من الشيطان). [تفسير عبد الرزاق: 2/172]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {متشابهًا} [الزمر: 23] : «ليس من الاشتباه، ولكن يشبه بعضه بعضًا في التّصديق»). [صحيح البخاري: 6/125]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله متشابهًا ليس من الاشتباه ولكن يشبه بعضه بعضًا في التّصديق قال أبو عبيدة في قوله متشابهًا قال يصدّق بعضه بعضًا وروى الطّبريّ من طريق السّدّيّ في قوله كتابًا متشابهًا قال يشبه بعضه بعضًا ويدلّ بعضه على بعضٍ ومن طريق سعيد بن جبيرٍ نحوه وقوله مثاني يجوز أن يكون بيانًا لقوله متشابهًا لأنّ القصص المتكرّرة تكون متشابهةٌ والمثاني جمع مثنى بمعنى مكرّرٍ لما أعيد فيه من قصصٍ وغيرها). [فتح الباري: 8/549]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (متشابهاً ليس من الاشتباه ولكن يشبه بعضه بعضاً في التّصديق
أشار به إلى قوله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابهاً} (الزمر: 23) وأشار إلى أن معنى: متشابهاً ليس من الاشتباه الّذي بمعنى الالتباس والاختلاط، ولكن معناه أنه يشبه بعضه بعضًا في التّصديق لأن القرآن يفسر بعضه بعضًا، وقيل: في تصديق الرّسول صلى الله عليه وسلم، في رسالته بسبب إعجازه، وكذا رواه ابن جرير عن ابن حميد عن جرير عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير). [عمدة القاري: 19/142]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({متشابهًا}) في قوله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا} [الزمر: 23] (ليس من الاشتباه ولكن يشبه بعضه بعضًا في التصديق) والحسن ليس فيه تناقض ولا اختلاف). [إرشاد الساري: 7/319]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ}.
يقول تعالى ذكره: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتابًا} يعني به القرآن {متشابهًا} يقول: يشبه بعضه بعضًا، لا اختلاف فيه، ولا تضادّ.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا} الآية تشبه الآية، والحرف يشبه الحرف.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {كتابًا متشابهًا} قال: المتشابه: يشبه بعضه بعضًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {كتابًا متشابهًا} قال: يشبه بعضه بعضًا، ويصدق بعضه بعضًا، ويدلّ بعضه على بعضٍ.
وقوله: {مثاني} يقول: تثنى فيه الأنباء والأخبار والقضاء والأحكام والحجج.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني} قال: ثنى اللّه فيه القضاء، تكون السّورة فيها الآية في سورةٍ أخرى آيةٌ تشبهها، وسئل عنها عكرمة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {كتابًا متشابهًا مثاني} قال: في القرآن كلّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {مثاني} قال: ثنى اللّه فيه الفرائض، والقضاء، والحدود.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مثاني} قال: كتاب اللّه مثاني، ثنى فيه الأمر مرارًا.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {مثاني} قال: كتاب اللّه مثاني، ثنى فيه الأمر مرارًا.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {مثاني} ثنى في غير مكانٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {مثاني} مردّدٌ، ردّد موسى في القرآن وصالحٌ وهودٌ والأنبياء في أمكنةٍ كثيرةٍ.
وقوله: {تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم} يقول تعالى ذكره: تقشعرّ من سماعه إذا تلي عليهم جلود الّذين يخافون ربّهم {ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه} يعني إلى العمل بما في كتاب اللّه، والتّصديق به.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أجل أنّ أصحابه سألوه الحديث.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا نصر بن عبد الرّحمن الأوديّ، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن أيّوب بن موسى، عن عمرٍو الملائيّ، عن ابن عبّاسٍ، قالوا: يا رسول اللّه لو حدّثتنا؟ قال: فنزلت: {اللّه نزّل أحسن الحديث}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أيّوب بن سيّارٍ أبي عبد الرّحمن، عن عمرو بن قيسٍ، قال: قالوا: يا نبيّ اللّه، فذكر مثله.
{ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء} يقول تعالى ذكره: هذا الّذي يصيب هؤلاء القوم الّذين وصفت صفتهم عند سماعهم القرآن من اقشعرار جلودهم، ثمّ لينها ولين قلوبهم إلى ذكر اللّه من بعد ذلك، {هدى اللّه} يعني: توفيق اللّه إيّاهم وفّقهم له {يهدي به من يشاء} يقول: يهدي تبارك وتعالى بالقرآن من يشاء من عباده.
وقد يتوجّه معنى قوله: {ذلك هدى} إلى أن يكون ذلك من ذكر القرآن، فيكون معنى الكلام: هذا القرآن بيان اللّه يهدي به من يشاء، يوفّق للإيمان به من يشاء.
وقوله: {ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ} يقول تعالى ذكره: ومن يخذله اللّه عن الإيمان بهذا القرآن والتّصديق بما فيه، فيضلّه عنه، فما له من هادً؛ يقول: فما له من موفّقٍ له، ومسدّدٍ يسدّده في اتّباعه). [جامع البيان: 20/190-193]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الله نزل أحسن الحديث يعني القرآن). [تفسير مجاهد: 557]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 23
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالوا: يا رسول الله لو حدثتنا فنزل {الله نزل أحسن الحديث} ). [الدر المنثور: 12/647]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني} قال: القرآن كله مثاني). [الدر المنثور: 12/647-648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مثاني} قال: القرآن يشبه بعضه بعضا ويرد بعضه إلى بعض). [الدر المنثور: 12/648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {كتابا متشابها} حلاله وحرامه لا يختلف شيء منه، الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف {مثاني} قال: يثني الله فيه الفرائض والحدود والقضاء). [الدر المنثور: 12/648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {كتابا متشابها} قال: القرآن كله مثاني، قال: من ثناء الله إلى عبده). [الدر المنثور: 12/648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {متشابها} قال: يفسر بعضه بعضا ويدل بعضه على بعض). [الدر المنثور: 12/648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي رجاء رضي الله عنه قال: سألت الحسن رضي الله عنه عن قول الله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} قال: ثنى الله فيه القضاء، تكون في هذه السورة الآية وفي السورة الآية الأخرى تشبه بها). [الدر المنثور: 12/649]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي رضي الله عنه قال: سأل عكرمة رضي الله عنه عنها وأنا أسمع فقال: ثنى الله فيه القضاء). [الدر المنثور: 12/649]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} هذا نعت أولياء الله نعتهم الله تعالى قال: تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى، ولم ينعتهم الله تعالى بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما هذا في أهل البدع وإنما هو من الشيطان). [الدر المنثور: 12/649]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} قال: إذا سمعوا ذكر الله والوعيد اقشعروا {ثم تلين جلودهم} إذا سمعوا ذكر الجنة واللين {يرجون رحمة الله}). [الدر المنثور: 12/649]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء رضي الله عنها كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأوا القرآن قالت: كانوا كما نعتهم الله تعالى تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم، قلت: فإن ناسا ههنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). [الدر المنثور: 12/649-650]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: جئت أمي فقلت: وجدت قوما ما رأيت خيرا منهم قط يذكرون الله تعالى فيرعد أحدهم حتى يغشى عليه من خشية الله فقالت: لا تقعد معهم، ثم قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن ورأيت أبا بكر وعمر يتلوان القرآن فلا يصيبهم هذا، أفتراهم أخشى من أبي بكر وعمر). [الدر المنثور: 12/650]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن قيس بن جبير رضي الله عنه قال: الصعقة من الشيطان). [الدر المنثور: 12/650]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر عن إبراهيم رضي الله عنه في الرجل يرى الضوء قال: من الشيطان لو كان يرى خيرا لأوثر به أهل بدر). [الدر المنثور: 12/650]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة البالية ورقها). [الدر المنثور: 12/650-651]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ليس من عبد على سبيل ذكر سنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة الله تعالى إلا كان مثله مثل شجرة يبس ورقها وهي كذلك فأصابتها ريح تحات ورقها كما تحات عن الشجرة البالية ورقها وليس من عبد على سبيل وذكر سنة وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبدا). [الدر المنثور: 12/651]


رد مع اقتباس