عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:43 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) }

قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما جاء في القرآن من الموات قد حذفت فيه التاء قوله عز وجل: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى} وقوله: {من بعد ما جاءهم البينات}.
وهذا النحو كثير في القرآن وهو في [الواحدة إذا كانت من] الآدميين أقل منه في سائر الحيوان. ألا ترى أن لهم في الجميع حالا ليست لغيرهم لأنهم الأولون وأنهم قد فضلوا بما لم يفضل به غيرهم من العقل والعلم.
وأما الجميع من الحيوان الذي يكسر عليه الواحد فبمنزلة الجميع من غيره الذي يكسر عليه الواحد [في أنه مؤنث]. ألا ترى أنك تقول هو رجل وتقول هي الرجال فيجوز لك. وتقول هو جمل وهي الجمال وهو عير وهي الأعيار فجرت هذه كلها مجرى هي الجذوع. وما أشبه ذلك يجري هذا المجرى لأن الجميع يؤنث وإن كان كل واحد منه مذكرا من الحيوان. فلما كان كذلك صيروه بمنزلة الموات لأنه قد
خرج من الأول الأمكن حيث أردت الجميع. فلما كان ذلك احتملوا أن يجروه مجرى الجميع الموات قالوا جاء جواريك وجاء نساؤك وجاء بناتك. وقالوا فيما لم يكسر عليه الواحد لأنه في معنى الجمع كما قالوا في هذا كما قال الله تعالى جده: {ومنهم من يستمعون إليك} إذ كان في معنى الجميع وذلك قوله تعالى: {وقال نسوة في المدينة}.
واعلم أن من العرب من يقول ضربوني قومك وضرباني أخواك فشبهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في قالت فلانة وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث وهي قليلة. قال الشاعر وهو الفرزدق:
ولكن ديافىٌّ أبوه وأمّه = بحوران يعصرن السّليط أقاربه
وأما قوله جل ثناؤه: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} فإنما يجيء على البدل وكأنه قال انطلقوا فقيل له من فقال بنو فلان. فقوله جل وعز: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} على هذا فيما زعم يونس). [الكتاب: 2/39-41] (م)
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ):
(يحدثن بعد اليأس من غير ريبة = أحاديث تشفي المدنفين وتشغف
...
قوله تشعف يقول تذهب هذه المرأة بالقلوب وتغلب على العقل وهو من قوله تعالى: {قد شغفها حبا} جميعا يقرأ بهما وهما في المعنى سواء بالعين والغين وهو ذهاب القلب وميله إلى من يحبه ويهواه). [نقائض جرير والفرزدق: 550]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
وتزعم أن البين لا يشعف الفتى = بلى مثل بيني يوم لبنان يشعف
قوله يشعف يعني يغلب على القلب وهو من قوله تعالى: {قد شغفها حبا} و{قد شغفها حبا} بالعين والغين قد قرأ القراء بهما جميعا ومعناهما واحد وهو أن يغلب على القلب الحب ولا يعقل غيره). [نقائض جرير والفرزدق: 578]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والمشغوف الذي قد بلغ الحب شغاف قلبه). [الغريب المصنف: 3/814]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والتأنيث، والتذكير في الواحد على ضربين: أحدهما: حقيقة، والآخر: لفظ، فهما في ترك الصرف سواءٌ، لأن الصرف إنما هو للفظ، وليسا في الإخبار عنهما سواءً. فأما الحقيقي فما كان في الرجل والمرأة، وجميع الحيوان؛ لأنك لو سميت رجلاً طلحة لخبرت عنه كما يخبر إذا كان اسمه مذكراً. ولو سميت امرأة، أو غيرها من إناث الحيوان باسمٍ مذكر لخبرت عنها كما تخبر عنها واسمها مؤنث. وذلك نحو امرأةً سميتها جعفرا فتقول: جاءتني جعفر؛ كما تقول: جاءتني حمدة، ولا يجوز أن تقول: جاءني؛ لأن التأنيث حقيقة، كما لا يجوز أن تقول: جاءتني طلحة وأنت تعني رجلاً. والتأنيث الثاني، والتذكير نحو قولك: يوم، وليلة، وبلدة، ودار ومنزل، فليس في هذا أكثر من اللفظ. فلو قلت: قصر ليلتك، وعمر دارك لجاز؛ لأن الدار والمنزل شيءٌ واحد. ليس في الدار حقيقة تصرفها عن ذلك، وكذلك البلد والبلدة. قال الله عز وجل: {فمن جاءه موعظةٌ من ربه} وقال: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة}. وقال في تأنيث الجمع: (وقالت نسوةٌ في المدينة)؛ لأن الإخبار ليس عن واحد). [المقتضب: 3/348-349]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: ضرب هند، وشتم جاريتك لم يصلح حتى تقول: ضربت هند، وشتمت جاريتك؛ لأن هنداً، والجارية مؤنثات على الحقيقة، فلا بد من علامة التأنيث.
ولو كان مؤنث الاسم، لا معنى لتأنيث، ولا تذكير تحته، كالدار والنار وما كان غير ذلك مما ليست له حقيقة التأنيث لجاز أن تذكر الفعل إن شئت فتقول: أطفئ نارك. وجئ نساؤك؛ لأن هذا إنما هو تأنيث الجمع؛ كما قال الله جل ثناؤه: {وقال نسوة في المدينة} وقال: {فمن جاءه موعظة من ربه}، {أخذ الذين ظلموا الصيحة} ). [المقتضب: 4/59]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وتترك ليس في الاستثناء موحدة من التثنية، والجمع، وفي المؤنث بغير علامة تأنيث تقول: ذهب القوم ليس أخاك، وليس أخويك، وليس إخوتك، ليس موحدة، وذهب النساء ليس جارية أو جاريتين، وقد يقال ذهب النساء ليست جارية أو جاريتين، فتدخل التاء مرة، وتحذفها مرة لأن مذهبها كمذهب الاسم المجهول مثله إنه ذاهبة جاريتك، وإنها ذاهبة جاريتك، فمن قال: إنه ذاهبة جاريتك، فهو الذي يقول: قام النساء، ليس جاريتك، ومن قال: إنها فهو الذي يقول: ليست جاريتك، ويجريه على هذا، ولا تثنية في ليس، ولا جمع لأن الضمير الذي فيها ليس بمعروف إنما هو مجهول، تقول: ذهبت الجواري ليست جاريتك، وليست جاريتيك، وليست جواريك تؤثر التأنيث إذا كان الجمع كثيرًا، فإذا قل آثرت تذكير ليس، فتقول ذهب النساء ليس ثلاثًا أو أربعًا ذكرت لقلته كقول الله عز وجل: {وقال نسوة في المدينة}، ولو كان العدد أكثر من عشر لقلت: ذهب النساء، ليست خمس عشرة لأنك إذا جاوزت العشر قلت: هذه نساء، وإن كان دون العشر، قلت هؤلاء نسوة، فتذكير، ليس لمعنى هؤلاء وتأنيثها لمعنى هذه، ويجوز في هذا ما جاز في هذا، وفي هذا ما جاز في هذا، والكلام هو الأول، وهو قول الفراء، فإذا كنت شئت، قلت: قام القوم ليس إياك، وإياي، وإياني بالنون وبالياء، وليسني، وليسي، ومن روى غير ذي عذر، فهو استثناء أيضًا). [شرح المفضليات: 10]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ويئست مما قد شغفت به = منها ولا يسليك كاليأس
يقول: كنت أطمع فيها وأرجو رجعتها ثم يئست منها، والشغف: احتراق القلب ولوعته للحزن والحرقة والفرقة وعند الذكر يقال شغفت وشغفت، غيره: الشغف أن يقع في القلب شيء فلا يذهب أي لا تسلو مما في قلبك منها حتى تيأس منها، فإذا يئست منها ذهب ما في قلبك، ومنه: {قد شغفها حبًا} ). [شرح المفضليات: 264]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (مطلب شرح مادة الشعف بالمهملة
قال أبو علي الشعف: حرقة يجدها الرجل مع لذّة في قلبه، ولذلك قال امرؤ القيس:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها = كما شعف المهنوءة الرّجل الطالي
لأن المهنوءة تجد للهناء لذة مع حرقة.
والشّغف أن يبلغ الحب شغاف القلب، وهي جلدة دونه، والشّغاف أيضًا: داء يكون في أحد شقيّ البطن، ولذلك قال النابغة:
وقد حال همّ دون ذلك والج = ولوج الشّغاف تبتغيه الأصابع).
[الأمالي: 1/205]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب تحرك أواخر الكلم الساكنة
إذا حذفت ألف الوصل لالتقاء الساكنين
وإنما حذفوا ألف الوصل هاهنا بعد الساكن لأن من كلامهم أن يحذف وهو بعد غير الساكن فلما كان ذلك من كلامهم حذفوها ههنا وجعلوا التحرك للساكنة الأولى حيث لم يكن ليلتقي ساكنان وجعلوا هذا سبيلها ليفرقوا بينها وبين الألف المقطوعة فجملة هذا الباب في التحرك أن يكون الساكن الأول مكسوراً وذلك قولك اضرب ابنك وأكرم الرجل واذهب اذهب و: {قل هو الله أحد الله} لأن التنوين ساكن وقع بعده حرف ساكن فصار بمنزلة باء اضرب ونحو ذلك.
ومن ذلك إن الله عافاني فعلت وعن الرجل وقط الرجل ولو استطعنا.
ونظير الكسر هاهنا قولهم حذار وبداد ونظار ألزموها الكسر في كلامهم فجعلوا سبيل هذا الكسر في كلامهم فاستقام هذا الضرب على هذا ما لم يكن اسماً نحو حذام لئلا يلتقي ساكنان ونحوه جير يا فتى وغاق غاق كسروا هذا إذ كان من كلامهم أن يكسروا إذا التقى الساكنان.
وقال الله تبارك وتعالى: {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}
فضموا الساكن حيث حركوه كما ضموا الألف في الابتداء وكرهوا الكسر ههنا كما كرهوه في الألف فخالفت سائر السواكن كما خالفت الألف سائر الألفات يعني ألفات الوصل.
وقد كسر قومٌ فقالوا: {قل انظروا} وأجروه على الباب الأول ولم يجعلوها كالألف ولكنهم جعلوها كآخر جير.
وأما الذين يضمون فإنهم يضمون في كل ساكن يكسر في غير الألف المضمومة فمن ذلك قوله عز وجل: {وقالت اخرج عليهن}: {وعذاب اركض برجلك} ومنه: {أو انقص منه قليلا} وهذا كله عربي قد قرئ به.
ومن قال قل انظروا كسر جميع هذا.
والفتح في حرفين أحدهما قوله عز وجل: {الم الله} لما كان من كلامهم أن يفتحوا لالتقاء الساكنين فتحوا هذا وفرقوا بينه وبين ما ليس بهجاءٍ.
ونظير ذلك قولهم من الله ومن الرسول ومن المؤمنين لما
كثرت في كلامهم ولم تكن فعلا وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف.
وزعموا أن ناساً من العرب يقولون من الله فيكسرونه ويجرونه على القياس.
فأما: {الم} فلا يكسر لأنهم لم يجعلوه في ألف الوصل بمنزلة غيره ولكنهم جعلوه كبعض ما يتحرك لالتقاء الساكنين ونحو ذلك لم يلده واعلمن ذلك لأن للهجاء حالاً قد تبين). [الكتاب: 4/152-154] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«السِّكين» ذكر، وربما أُنث في الشعر. قال الشاعر:
فعيث في السنام غداة قر = بسكين موثقة النصاب).
[المذكور والمؤنث: 86]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب

ما جرى في بعض اللغات مجرى الفعل لوقوعه في معناه
وهو حرف جاء لمعنى، ويجري
في غير تلك اللغة مجرى الحروف غير العوامل
وذلك الحرف ما النافية.
تقول: ما زيد قائماً، وما هذا أخاك. كذلك يفعل أهل الحجاز. وذلك أنهم رأوها في معنى ليس، تقع مبتدأة، وتنفي ما يكون في الحال، وما لم يقع. فلما خلصت في معنى ليس ودلت على ما تدل عليه، ولم يكن بين نفييهما فصل البتة حتى صارت كل واحدة تغني عن الأخرى أجروها مجراها.
فمن ذلك قول الله عز وجل: {ما هذا بشراً} و{ما هن أمهاتهم} ). [المقتضب: 4/188]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما نقض الخبر فقولك: ما زيد إلا منطلق؛ لأنك نفيت عنه كل شيء إلا الانطلاق. فلم تصلح ما أن تكون عاملة في نقض النفي؛ كما لم تعمل في تقديم الخبر.
قال الله عز وجل: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح} و{ما هذا إلا بشر مثلكم} وقال حيث كانت في موضعها {ما هذا بشراً} و{ما هن أمهاتهم}.
فهذا أصلها الذي شرحنا، وسنفرد باباً للمسائل؛ إذ كانت لا تصح إلا بعد الفراغ من الأصول). [المقتضب: 4/190] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} قال: أعظمنه، أي كبر في عيونهن). [مجالس ثعلب: 253]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال: إنما قالوا: ما عبد الله قائمًا. وهو قول أهل الحجاز وقد جاء القرآن {مَا هَذَا بَشَرًا}. وبنو تميمٍ يرفعون فيقولون: ما زيدٌ قائمٌ). [مجالس ثعلب: 596]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
كفاك الإله إذ عصاك معاشر = ضعاف قليل للعدو عتادها
قال الضبي: العتاد: العدة ومنه قوله عز وجل: {وأعتدت لهن متكئًا} ). [شرح المفضليات: 745-746]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فمما جاء فيه النون في كتاب الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غداً} وقوله تعالى: {ولآمرنهم فليبنكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} و: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وليكونن خفيفة
وأما الخفيفة فقوله تعالى: {لنسفعن بالناصية} ). [الكتاب: 3/509-510] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: {ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين}. وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:

ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن سألت نساءً عن رجل قلت بغير اللام: كيف ذاكن الرجل? وباللام: كيف ذلكن الرجل? كما قال الله عز وجل: {فذلكن الذي لمتنني فيه} ). [المقتضب: 3/276]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (" في الحديث المرفوع: " شكا يوسف عليه السلام إلى اللّه عزّ وجلّ طول الحبس فأوحى اللّه إليه: من حبسك يا يوسف، أنت حبست نفسك حيث قلت {ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه} ولو قلت: العافية أحبّ عليّ لعوفيت "). [عيون الأخبار: 1/79]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقالوا: لئن زرته ما يقبل منك وقال لئن فعلت ما فعل يريد معنى ما هو فاعلٌ وما يفعل كما كان لظلوا مثل ليظلن وكما جاءت: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} على قوله: أم صمتم فكذلك جاز هذا على ما هو فاعلٌ قال عز وجل: {ولئن أتيت الذين أوتوا
الكتاب بكل آيةٍ ما تبعوا قبلتك} أي ما هم تابعين.
وقال سبحانه: {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده} أي ما يمسكهما من أحدٍ.
وأما قوله عز وجل: {وإن كلاً لما ليوفينهم ربك أعمالهم} فإن إن حرف توكيد فلها لامٌ كلام اليمين لذلك أدخلوها كما أدخلوها في {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} ودخلت اللام التي في الفعل على اليمين كأنه قال إن زيداً لما والله ليفعلن.
وقد يستقيم في الكلام إن زيداً ليضرب وليذهب ولم يقع ضربٌ والأكثر على ألسنتهم كما خبرتك في اليمين فمن ثم ألزموا النون في اليمين لئلا يلتبس بما هو واقعٌ قال الله عز وجل: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة} وقال لبيد:

ولقد علمت لتأتين منيّتي = إنّ المنايا لا تطيش سهامها
كأنه قال والله لتأتين كما قال قد علمت لعبد الله خيرٌ منك وقال أظن لتسبقنني وأظن ليقومن لأنه بمنزلة علمت وقال عز وجل: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} لأنه موضع ابتداء ألا ترى أنك لو قلت بدا لهم أيهم أفضل لحسن كحسنه في علمت كأنك قلت ظهر لهم أهذا أفضل أم هذا). [الكتاب: 3/108-110] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال: وقال الأخفش: معنى قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ}. قال: لما كانت أي تقع ها هنا وقعت اللام هو المفعول المرفوع). [مجالس ثعلب: 591]

رد مع اقتباس