عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 02:10 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واللّه أنزل من السّماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها} الأرض اليابسة الّتي ليس فيها نباتٌ فيحييها بالمطر وتنبت بعد إذ لم يكن فيها نباتٌ.
{إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون} فيعلمون أنّ الّذي أحيا هذه الأرض الميتة حتّى أنبتت قادرٌ على أن يحيي الموتى؛ لأنّ المشركين لا يقرّون بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/72]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا سائغًا للشّاربين} ،
يقول: ففي هذا اللّبن الّذي أخرجه اللّه من بين فرثٍ ودمٍ آية لقومٍ يعقلون، فيعلمون أنّ الّذي أخرجه من بين فرثٍ ودمٍ قادرٌ على أن يحيي الموتى). [تفسير القرآن العظيم: 1/72]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {نّسقيكم مّمّا في بطونه...}
العرب تقول لكلّ ما كان من بطون الأنعام ومن السّماء أو نهر يجري لقوم: أسقيت. فإذا سقاك الرّجل ماء لشفتك قالوا: سقاه. ولم يقولوا: أسقاه؛
كما قال الله عزّ وجل: {وسقاهم ربّهم شراباً طهوراً} وقال {والّذي هو يطعمني ويسقين} وربما قالوا لما في بطون الأنعام ولماء السّماء سقى وأسقى،
كما قال لبيد:

سقى قومي بني مجد وأسقى = نميرا والقبائل من هلال
رعوه مربعاً وتصيّفوه = بلا وبأٍ سميّ ولا وبال
وقد اختلف القراء فقرأ بعضهم {نسقيكم} وبعضهم {نسقيكم}.
وأمّا قوله: {مّمّا في بطونه} ولم يقل بطونها فإنه قيل - والله أعلم - إن النّعم والأنعام شيء واحد، وهما جمعان، فرجع التذكير إلى معنى النّعم إذا كان يؤدى عن الأنعام،
أنشدني بعضهم:

إذا رأيت أنجما من الأسد = جبهته أو الخراة والكتد
بال سهيل في الفضيح. ففسد = وطاب ألبان الّلقاح وبرد
فرجع إلى اللبن لأن اللبن والألبان يكون في معنى واحد. وقال الكسائي {نسقيكم ممّا بطونه}: بطون ما ذكرناه، وهو صواب،
أنشدني بعضهم:
* مثل الفراخ نتقت حواصله *
وقال الآخر:
* كذاك ابنة الأعيار خافي بسالة الـ = ـرجال وأصلال الرجال أقاصره *
ولم يقل أقاصرهم. أصلال الرجال: الأقوياء منهم.
وقوله: {سائغاً للشّاربين} يقول: لا يشرق باللبن ولا يغصّ به). [معاني القرآن: 2/109-108]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونه} يذكّر ويؤنث، وقال آخرون: المعنى على النّعم لأن النعم يذكر ويؤنث،
قال:
أكلّ عامٍ نعمٌ تحوونه= يلقحه قومٌ وتنتجونه
أربابه نوكي ولا يحمونه
والعرب قد تظهر الشيء ثم تخبر عن بعض ما هو بسببه وإن لم يظهروه كقوله:
قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثةٌ= وللسّبع أزكي من ثلاثٍ وأكثر
قال أنتم أحياءٍ ثم قال: من ثلاث، فذهب به إلى القبائل وفي آية أخرى: {وعلى الله قصد السّبيل ومنها جائرٌ} أي من السبل سبيل جائر). [مجاز القرآن: 1/362]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن والأرج {نسقيكم} من سقى.
أبو عمرو وأهل مكة {نسقيكم} من أسقى؛ وقالوا: سقيت وأسقيت، وقالوا: أسقيته: جعلت له سقيا.
وقال لبيد:
سقى قومي بني مجد وأسقى = نميرا والقبائل من هلال
فجاء بهما جميعًا.
وقال الراجز أيضًا:
.................. = هل أنت مسقيها سقاك الساقي
فجاء بهما). [معاني القرآن لقطرب: 808]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نسقيكم ممّا في بطونه} ذهب إلى النّعم. والنّعم تؤنث وتذكر والفرث: ما في الكرش.
وقوله: {من بين فرثٍ ودمٍ لبناً} لأن اللبن كان طعاما فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فرث في الكرش، وخلص من الدم لبن.
{سائغاً للشّاربين} أي سهلا في الشراب لا يشجي به شاربه ولا يغص). [تفسير غريب القرآن: 245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإنّ لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشّاربين}
وتقرأ {نسقيكم} ويقال سقيته وأسقيته في معنى واحد.
قال سيبويه والخليل سقيته كما تقول ناولته فشرب. وأسقيته جعلت له سقيا، وكذلك قول الشاعر يحتمل المذهبين:
سقى قومي بني مجد وأسقى= نميرا والقبائل من هلال
وهذا البيت وضعه النحويون على أنّه سقى وأسقى بمعنى واحد، وهو يحتمل التفسير الثاني.
والأنعام لفظه لفظ جمع، وهو اسم للجنس يذكر ويؤنث، يقال هو الأنعام وهي الأنعام. نسقيكم مما في بطونه.
وفي موضع آخر {مما في بطونها}. فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن في إخراجه اللبن {من بين فرث ودم} دليلا على قدرة لا يقدر عليها إلا الله الذي ليس كمثله شيء).
[معاني القرآن: 3/209-208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا} الفرث ما يكون في الكرش يقال أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها والمعنى أن الطعام يكون فيه ما في الكرش ويكون منه الدم ثم يخلص اللبن من الدم
ثم قال تعالى: {سائغا للشاربين} أي سهلا لا يشجي به من شربه). [معاني القرآن: 4/81]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من بين فرث ودم} الفرث - هاهنا: السرجين). [ياقوتة الصراط: 295]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {سائغا للشاربين} أي: لذة للشاربين، قال ثعلب: وروي.
عن ابن عباس أنة قال: ما غص إنسان بلبن قط). [ياقوتة الصراط: 296-295]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والفرث} ما يكون من كروش الأنعام، من غذائها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} ،
أي: وجعل لكم من ثمرات النّخيل والأعناب ما تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا.
تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {سكرًا} الخمر قبل تحريمها.
{ورزقًا حسنًا} طعامًا.
- المعلّى بن هلالٍ ومندل بن عليٍّ عن الأسود بن قيسٍ عن عمرو بن سفيان عن ابن عبّاسٍ قال: السّكر ما حرّم من ثمرتها، والرّزق الحسن ما أحلّ من ثمرتها.
همّامٌ وعثمان عن قتادة قال: نزلت قبل تحريم الخمر.
فأمّا الرّزق الحسن فهو ما أحلّ اللّه من ثمرتها ممّا تأكلون، وتعتصرون وتنتبذون، وتخلّلون، وأمّا السّكر فهو خمور الأعاجم.
- حمّادٌ عن عليّ بن زيدٍ عن صفوان بن محرزٍ عن أبي موسى الأشعريّ، قال: إنّ لكلّ قومٍ خمرًا وإنّ خمر المدينة البسر والتّمر، وإنّ خمر فارس العنب، وإنّ خمر اليمن البتع.
قال حمّادٌ: يعني العسل وإنّ خمر الحبشة السّكركة قال حمّادٌ: يعني الأرزّ.
- أبو أميّة عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي كثيرٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (( إنّ الخمر من هاتين الشّجرتين: النّخلة والعنبة )).
- أبو بكر بن عيّاشٍ عن أبي إسحاق الهمدانيّ عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريّ قال: قال عمر بن الخطّاب: إنّ هذه الأنبذة تنبذ من خمسة أشياء، من التّمر والزّبيب والعسل والبرّ والشّعير، فما خمّرتم منه فعتّقتم فهو خمرٌ.
قوله: {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعقلون} هي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 1/73-72]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تتّخذون منه سكراً} أي طعماً، ويقال: جعلوا لك هذا سكراً أي طعماً، وهذا له سكرٌ أي طعم،
وقال جندل:
جعلت عيب الأكرمين سكرا
وله موضع آخر مجازه: سكناً،
وقال:
جاء الشتاء واجثالّ القنبر= وجعلت عين الحرور تسكر
أي يسكن حرها ويخبو، ويقال ليلة ساكرة أي ساكنة،
وقال:
تريد الليالي في طولها= وليست بطلقٍ ولا ساكرة
ويروى تزيد ليالي في طولها). [مجاز القرآن: 1/363]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً إنّ في ذلك لآيةً لّقومٍ يعقلون}
وقال: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً} ولم يقل "منها" لأنه أضمر "الشيء" كأنه قال "ومنها شيءٌ تتّخذون منه سكراً "). [معاني القرآن: 2/66]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {سكرا ورزقا حسنا} فقالوا: السكر ما أسكر من الشراء؛ وسكر الرجل سكرا، وسكرا بالضم، وسكرا بالفتح، وقالوا أيضًا: جعلته سكرًا أي طعمًا؛ فيجوز أن يكون أراد تتخذون منه طعمًا؛ وهو أغلب على المعنى.
وقال الراجز:
جعلت عيب الأكرمين سكرا
أي طعمًا؛ وهو عيب فيما يغلب علي.
وكان ابن عباس يقول سكرًا: أي خمرًا، وهو حلال يومئذ). [معاني القرآن لقطرب: 814]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} {السكر}: الحرام {الرزق الحسن}: الحلال). [غريب القرآن وتفسيره: 208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تتّخذون منه سكراً} أي خمرا. ونزل هذا قبل تحريم الخمر.
{ورزقاً حسناً} يعني التمر والزبيب.
وقال أبو عبيدة: السّكر: الطّعم.
ولست أعرف هذا في التفسير). [تفسير غريب القرآن: 245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرا ورزقا حسنا إنّ في ذلك لآية لقوم يعقلون}
أي فيما بيّنّا علامة تدل على توحيد اللّه.
وقالوا في تفسير قوله: {سكرا ورزقا حسنا} إنه الخمر من قبل أن تحرم.
والرزق الحسن يؤكل من الأعناب والتمور.
وقيل إن معنى السكر الطعم
وأنشدوا:
جعلت أعراض الكرام سكرا
أي جعلت دمهم طعما لك. وهذا بالتفسير الأول أشبه.
المعنى جعلت تتخمر بأعراض الكرام، وهو أبين - فيما يقال: الذي يتبرك. في أعراض الناس). [معاني القرآن: 3/209]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} روى عمرو بن سفيان عن ابن عباس
قال السكر ما حرم من ثمرتها والزرق الحسن ما كان حلالا من ثمرتها وروى شعبة عن مغيره عن إبراهيم والشعبي قالا السكر ما حرم وقد نسخ
وروى معمر عن قتادة قال السكر نبيذ للأعاجم وقد نسخت
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال السكر قد حرم وقال مجاهد السكر ما حرم من الخمر والرزق الحسن ما أحل من التمر والعنب قال أبو جعفر الأولى أن تكون الآية منسوخة
لأن تحريم الخمر كان بالمدينة والنحل مكية
والرواية عن ابن عباس كأن معناها أن الآية على الإخبار بأنهم يفعلون ذلك لا أنه أذن لهم في ذلك وذلك معناه وهي رواية تضعف من جهة عمرو بن سفيان
قال أبو جعفر وفي معنى السكر قول آخر قال أبو عبيدة السكر الطعم وأنشد:
جعلت عيب الأكرمين سكرا
أي جعلت ذمهم طعما
قال أبو جعفر قال الزجاج وقول أبي عبيدة هذا لا يعرف وأهل التفسير على خلافة ولا حجة له في البيت الذي أنشده لأن معناه عند غيره أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس). [معاني القرآن: 4/83-81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سكرا} أي خمرا، نزل هذا قبل تحريم الخمر.
وقيل: السكر الحرام. والرزق الحلال الحسن. وقيل: السكر: الطعم).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {السَكَرُ}: الخمر.
{الرِزْقُ الحَسَنُ}: الحلال). [العمدة في غريب القرآن: 178]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل} ، أي: ألهمها.
قال السّدّيّ: وكلّ شيءٍ من الحيوان إلهامٌ.
{أن اتّخذي من الجبال بيوتًا ومن الشّجر وممّا يعرشون}، أي: وممّا يبنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/73]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل...}
ألهمها ولم يأتها رسول.
وقوله: {أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشّجر وممّا يعرشون} وهي سقوف البيوت). [معاني القرآن: 2/109]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وممّا يعرشون} أي يجعلونه عريشاً، ويقال: يعرش ويعرش). [مجاز القرآن: 1/364]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأوحى ربّك إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشّجر وممّا يعرشون}
وقال: {إلى النّحل أن اتّخذي} على التأنيث في لغة أهل الحجاز. وغيرهم يقول "هو النّحل" وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء نحو "البرّ" و"الشعير"
هو في لغتهم مؤنث). [معاني القرآن: 2/66]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {ومما يعرشون} بكسر الراء.
الحسن {يعرشون} بضم الراء). [معاني القرآن لقطرب: 808]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {وأوحى ربك إلى النحل} فالواحدة: نحلة، كما حكي عن بعضهم: غنم وغنمة؛ يريد: شاة.
وقال ابن مقبل:
كأن على فيها جنى ريق نحلة = يباكره سار من الثلج أملح). [معاني القرآن لقطرب: 814]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأوحى ربّك إلى النّحل} [أي ألهمها. وقيل:] سخّرها.
وقد بينت في كتاب «المشكل» أنه قد يكون كلاما وإشارة وتسخيرا.
{وممّا يعرشون} كل شيء عرش من كرم أو نبات أو سقف: فهو عرش ومعروش.
{ثمّ كلي من كلّ الثّمرات} أي من الثمرات. وكل هاهنا ليس على العموم. ومثل هذا قوله تعالى: {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها} ). [تفسير غريب القرآن: 245-246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («اللام» مكان «إلى»
قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}، أي أوحى إليها.
قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا}، أي إلى هذا.
يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} وقوله: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ). [تأويل مشكل القرآن: 572] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحيُ: كلُّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة...
والوحي: إلهام، كقوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ}، و{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، أي ألهمها). [تأويل مشكل القرآن: 489] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بيوتا ومن الشّجر وممّا يعرشون}
وبيوتا. فمن قرأ بيوتا بالضم فهو القياس، مثل كعب وكعوب وقلب وقلوب، ومن قرأ بيوتا بالكسر فهذا لم يذكر مثله أحد من البصريين لأنهم لا يجيزون مثله.
ليس في الكلام مثل فعل ولا فعول، والذين قرأوا به قلبوا الضمة إلى الكسرة من أجل الياء التي بعدها.
ومعنى الوحي في اللغة على وجهين يرجعان إلى معنى الإعلام والإفهام فمن الوحي وحي الله إلى أنبيائه بما سمعت الملائكة من كلامه، ومنه الإلهام كما قال اللّه:
(وأخرجت الأرض أثقالها) إلى {بأن ربّك أوحى لها} معناه ألهمها. فاللّه أوحى إلى كل دابّة وذي روح في التماس منافعها واجتناب مضارها، فذكر من ذلك أمر النحل.
وواحد النحل نحلة، مثل نخل ونخلة - لأن فيها من لطيف الصنعة وبديع الخلق ما فيه أعظم معتبر بأن ألهمها اتخاذ المنازل والمساكن، وأن تأكل من كل الثمرات على اختلاف طعومها..
ثم سهل عليها سبيل ذلك فقال جلّ وعزّ: {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للنّاس إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكّرون} ). [معاني القرآن: 3/210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا} روى عن الضحاك أنه قال ألهمها وأصل الوحي في اللغة الإعلان بالشيء في ستره فيقع ذلك بالإلهام وبالإشارة وبالكتابة وبالكلام الخفي). [معاني القرآن: 4/84-83]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك} طرق ربّك الّتي جعل اللّه لك.
{ذللا} مطيعةً في تفسير قتادة.
يعني أنت مطيعةٌ.
وقال مجاهدٌ: {فاسلكي سبل ربّك ذللا} ، ذلّلت لها السّبل لا يتوعّر عليها مكانٌ.
{يخرج من بطونها شرابٌ} يعني العسل.
{مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للنّاس} دواءٌ.
- إسماعيل بن مسلمٍ عن أبي المتوكّل النّاجيّ أنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه إنّ أخي يشتكي بطنه.
قال: اذهب فاسقه عسلا.
فذهب فسقاه عسلا، فلم ينفعه شيئًا.
فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه فقال: يا رسول اللّه إنّي سقيته، فلم ينفعه شيئًا.
فقال: اذهب فاسقه.
فذهب فسقاه، فلم ينفعه شيئًا، فجاء النّبيّ فأخبره فقال: اذهب فاسقه عسلا.
فذهب فسقاه، فلم يغن عنه شيئًا فأتى إلى النّبيّ فأخبره، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه في الثّالثة أو في الرّابعة: «صدق اللّه وكذب بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلا،
فذهب فسقاه فبرأ بإذن اللّه».
قوله: {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون} هي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 1/74]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذللاً...}نعت للسبل.
يقال: سبيل ذلول وذلل للجمع ويقال: إن الذّلل نعت للنحل أي ذلّلت لأن يخرج الشراب من بطونها.
وقوله: {شفاء للنّاس} يعني العسل دواء ويقال {فيه شفاء للنّاس} يراد بالهاء القرآن، فيه بيان الحلال والحرام). [معاني القرآن: 2/109]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللاً يخرج من بطونها شرابٌ مّختلفٌ ألوانه فيه شفاء للنّاس إنّ في ذلك لآيةً لّقومٍ يتفكّرون}
وقال: {ذللاً} وواحدها "الذلول" وجماعة "الذّلول" "الذلل"). [معاني القرآن: 2/66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاسلكي سبل ربّك ذللًا} أي منقادة بالتّسخير. وذل: جمع ذلول). [تفسير غريب القرآن: 246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: وأين قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ} من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} .
ولم يرد الله في هذا الموضع معنى الصبر والشكر خاصة، وإنما أراد: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن. والصبر والشكر أفضل ما في المؤمن من خلال الخير، فذكره الله عز وجل في هذا الموضع بأفضل صفاته.
وقال في موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وفي موضع آخر: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} و{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} و{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يعني المؤمنين). [تأويل مشكل القرآن: 75] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للنّاس إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكّرون}
أي قد ذللها اللّه لك وسهل عليك مسالكها.
ثم قال {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه}.
فهي تأكل الحامض والمرّ وما لا يوصف طعمه فيحيل الله ذلك عسلا يخرج من بطونها إلا أنها تلقيه من أفواهها ولكنه قال: {من بطونها} لأن استحالة الأطعمة لا تكون إلا في البطون فيخرج بعضها من الفم كالريق الدائم الذي يخرج من فم ابن آدم، فالنحل تخرج العسل من بطونها إلى أفواهها.
{فيه شفاء للنّاس} في هذا قولان، قيل إن. الهاء يرجع على العسل، المعنى في العسل شفاء للناس. وقيل إن الهاء للقرآن، المعنى في القرآن شفاء للناس وهذا القول إذا فسّر علم أنه حسن، المعنى فيما قصصنا عليكم من قصة النحل في القرآن وسائر القصص التي تدل على أن اللّه واحد شفاء للناس.
والتفسير في العسل حسن جدا.
فإن قال قائل: قد رأينا من ينفعه العسل ومن يضره العسل، فكيف يكون فيه شفاء للناس؟
فجواب هذا أن يقال له الماء حياة كل شيء فقد رأينا من يقتله الماء إذا أخذه على ما يصادف من علة في البدن، وقد رأينا شفاء العسل في أكثر هذه الأشربة، لأن الجلّاب والسكنجيين، إنما أصلهما العسل، وكذلك سائر المعجونات.
وهذا الاعتراض في أمر العسل إنما هو اعتراض جهلة لا يعرفون قدرة في النفع، فأمّا من عرف مقدار النفع فهو وإن كان من غير أهل هذه الملة فهو غير رافع أن في العسل شفاء).
[معاني القرآن: 3/211-210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فاسلكي سبل ربك ذللا} روى معمر وسعيد عن قتادة قال مطيعة قال أبو جعفر ويحتمل في اللغة أن يكون قوله: {ذللا} للسبل لأنه يقال سبيل ذلول وسبل ذلل أي سهلة السلوك ويحتمل أن يكون للنحل أي هي منقادة مسخرة). [معاني القرآن: 4/84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء} للشفاء فيه قولان: أحداهما أن المعنى في القرآن شفاء للناس وهذا قول حسن
أي فيما قصصنا عليكم من الآيات والبراهين شفاء للناس
وقيل في العسل شفاء للناس وهذا القول بين أيضا لأن أكثر الأشربة والمعجونات التي يتعالج بها أصلها من العسل). [معاني القرآن: 4/85-84]


رد مع اقتباس