عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 08:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون}
قال ابن جبير: هذه الآيات نزلت بسبب أن العاص بن وائل السهمي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم، ففته وقال: يا محمد، من يحيي هذا؟ وقال مجاهد وقتادة: إن الذي جاء بالعظم النخر أمية بن خلف، وقاله الحسن، ذكره الرماني، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو عبد الله بن أبي بن سلول.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهو وهم ممن نسبه إلى ابن عباس رضي الله عنهما; لأن السورة مكية، والآية مكية بإجماع، ولأن عبد الله بن أبي لم يجاهر قط هذه المجاهرة، واسم "أبي" هو الذي خلط على الرواة; لأن الصحيح هو ما رواه ابن وهب عن مالك، وقاله ابن إسحق وغيره: إن أبي بن خلف أخا أمية بن خلف هو الذي جاء بالعظم الرميم بمكة ففته في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: من يحيي هذا يا محمد؟ ولأبي مع النبي صلى الله عليه وسلم مقامات ومقالات إلى أن قتله بيده يوم أحد بالحربة بجرح في عنقه، وروي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له حين فت العظم: "الله يحييه ويحييك ويدخلك جهنم". ثم نزلت الآية مبينة الحجة في أن الإنسان نطفة ثم يكون بعد ذلك خصيما مبينا، فهل هذا إلا إحياء بعد موت وعدم حياة؟
وقوله: "ونسي" يحتمل أن يكون نسيان الذهول، ويحتمل أن يكون نسيان الترك، و"الرميم": البالي المفتت، وهو الرفات.
ثم دلهم تبارك وتعالى على الاعتبار بالنشأة الأولى،
ثم عقب ذلك تعالى بدليل ثالث في إيجاد النار في العود الأخضر المرتوي ماء، وهذا هو زناد العرب، والنار موجودة في كل عود غير أنها في المتخلخل المفتوح المسام أوجد، وكذلك هو المرخ والعفار، وأعاد الضمير على الشجر مذكرا من حيث راعى اللفظ فجاء كالتمر والحصا وغيره). [المحرر الوجيز: 7/ 267-268]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون}
هذا تقرير وتوقيف على أمر تدل صحته على جواز بعث الأجساد من القبور وإعادة الموتى.
وجمع الضمير جمع من يعقل في قوله سبحانه: "مثلهم" من حيث كانتا متضمنتين من يعقل من الملائكة والثقلين. هذا تأويل جماعة من المفسرين، وقال الرماني وغيره: الضمير عائد على الناس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهم مثال للبعث، وتكون الآية نظير قوله تعالى: {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس}، وقرأ سلام أبو المنذر، وابن أبي إسحق، ويعقوب، والأعرج: "ويقدر" على الاستقبال، وقرأ الجمهور: "بقادر" على اسم الفاعل، وقرأ الجمهور: "الخلاق"، وقرأ الحسن: "الخالق"). [المحرر الوجيز: 7/ 268]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ورفع "فيكون" على معنى: فهو يكون، وهي قراءة الجمهور، وقرأ ابن عباس، والكسائي: [فيكون] بالنصب، قال أبو علي: لا ينصب الكسائي إذا لم تتقدم (أن)، ونصب ابن عامر وإن لم تتقدم (أن)، والنصب هاهنا قراءة ابن محيصن، وقوله تعالى: "كن" أمر للشيء المخترع عند تعلق القدرة به لا قبل ذلك ولا بعده، وإنما يؤمر تأكيدا للقدرة وإشارة بها، وهذا أمر دون حروف ولا أصوات، بل من كلامه القائم بالذات). [المحرر الوجيز: 7/ 268-269]

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم نزه الله تبارك وتعالى نفسه تنزيها عاما مطلقا، وقرأ الجمهور: "ملكوت"، وقرأ الأعمش والتيمي: "ملكة" ومعناه: ضبط كل شيء والقدرة عليه.
كمل تفسير سورة يس والحمد لله رب العالمين).[المحرر الوجيز: 7/ 269]

رد مع اقتباس