عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لا يسأم الإنسان} آيات نزلت في كفار، قيل: في الوليد بن المغيرة، وقيل: في عتبة بن ربيعة، وجل الآية يعطي أنها نزلت في كفار وإن كان أولها يتضمن خلقا ربما شارك فيها بعض المؤمنين، و"دعاء الخير" إضافته إضافة المصدر إلى المفعول، والفاعل محذوف تقديره: من دعاء الخير هو، وفي مصحف ابن مسعود رضي الله عنه: "من دعاء بالخير" والخير في هذه الآية: المال والصحة، وبذلك تليق الآية بالكافرين، وإن قدرناه خير الآخرة فهي للمؤمنين، وأما اليأس والقنط على الإطلاق، فمن صفة الكافر وحده). [المحرر الوجيز: 7/ 493-494]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {ليقولن هذا لي} أي بفعلي وبما سعيت، ولا يرى أن النعم إنما هي بتفضل من الله تعالى، وما أظن الساعة قائمة قول بين فيه الجحد والكفر، ثم يقول هذا الكافر: ولئن كان ثم رجوع كما تقولون، لتكونن لي حال ترضيني من غنى ومال وبنين، فتوعدهم الله تعالى بأنه سيعرفهم بأعمالهم الخبيثة مع إذاقتهم العذاب عليها، فهذا عذاب وخزي، وغلظة العذاب: شدته وصعوبته، وقال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: للكافر أمنيتان، أما في دنياه فهذه: إن لي عنده للحسنى، وأما في الآخرة فـ"ليتني كنت ترابا".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والأماني على الله تعالى وترك الجد في الطاعة مذموم لكل أحد، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني").[المحرر الوجيز: 7/ 494]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض * قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد * سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد * ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط}
ذكر الله تعالى الخلق الذميمة من الإنسان جملة، وهي في الكفار بينة متمكنة، وأما المؤمن في الأغلب، فيشكر عند النعمة، وكثيرا ما يصبر عند الشدة. وقرأ جمهور القراء والناس: "ونأى"، الهمزة عين الفعل، وقرأ ابن عامر: "وناء"، الهمزة لام الفعل، وهي قراءة أبي جعفر، والمعنى فيهما واحد، قال أبو علي: ناء قلب نأى، "رجع فعل فلع"، ومنه قول الشاعر:
وكل خليل راءني فهو قائل ... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
ومنه قول الآخر:
وقد شاءني أهل السباق وأمعنوا
و"ناء" معناه: بعد ولم يمل إلى شكر ولا طاعة.
وقوله تعالى: {فذو دعاء عريض}، أي طويل أيضا، فاستغنى بالصفة الواحدة عن لزيمتها، إذ العرض يقتضي الطول ويتضمنه، ولم يقل: "طويل" لأن الطويل قد لا يكون عريضا، فعريض أدل على الكثرة). [المحرر الوجيز: 7/ 495-496]

رد مع اقتباس