عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 10:16 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون (30) ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون (31) فمن أظلم ممّن كذب على اللّه وكذّب بالصّدق إذ جاءه أليس في جهنّم مثوًى للكافرين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّك يا محمّد ميّتٌ عن قليلٍ، وإنّ هؤلاء المكذّبيك من قومك والمؤمنين منهم ميّتون). [جامع البيان: 20/200]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال الحميديّ: ثنا أبو ضمرة أنس بن عياضٍ، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير، عن الزّبير بن العوّام- رضي اللّه عنه- قال: "لما نزلت: (ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون) قال الزبير: يا رسول الله، أيكرر علينا الّذي كان بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذّنوب؟ فقال: نعم، حتّى يؤدّي إلى كلّ ذي حقٍّ حقّه".
- رواه أحمد بن منيعٍ: ثنا محمّد بن عبيدٍ، أنا محمّد بن عمرٍو، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير، عن الزّبير قال: "لمّا نزلت هذه الآية (إنك ميت وإنهم ميتون) قال الزبير: يا رسول الله، أيكرر علينا ما يكون بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذّنوب؟ فقال: نعم، ليكرّر عليكم حتّى يؤدّي إلى كلّ ذي حقٍّ حقّه. قال الزّبير: إنّ الأمر لشديدٌ".
رواه التّرمذيّ في الجامع دون قوله: "حتّى يؤدّي ... " إلى آخره من طريق محمّد بن عمرٍو به). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/261] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنك ميت وإنهم ميتون} قال: نعى لنبيه صلى الله عليه وسلم نفسه ونعى لكم أنفسكم). [الدر المنثور: 12/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رجلا أبصر جنازة فقال: من هذا قال: أبو الدرداء رضي الله عنه: هذا أنت هذا أنت، يقول الله {إنك ميت وإنهم ميتون} ). [الدر المنثور: 12/660]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني أنس بن عياض عن محمد بن عمرو بن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ عن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه أنّه قال: لمّا نزلت هذه الآية: {إنّك ميتٌ وإنّهم ميّتون (30) ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}، قال الزّبير: يا رسول اللّه، أيكرّ علينا ما كان بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذّنوب، قال رسول اللّه: نعم، يكرّ ذلك عليكم حتّى يؤدّى إلى كلّ ذي حقٍّ حقه). [الجامع في علوم القرآن: 2/103]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال جاء رجل إلى عكرمة فقال أرأيت قول الله تعالى هذا يوم لا ينطقون وقوله ثم إنكم يوم القيمة عند ربكم تختصمون قال أنها مواقف فأما موقف منها فتكلموا واختصموا ثم ختم الله على أفواههم فتكلمت أيديهم وأرجلهم فحينئذ لا ينطقون). [تفسير عبد الرزاق: 1/162]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن إسماعيل عن ابن عون عن إبراهيم النخعي قال لما نزلت ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قالوا فيم الخصومة ونحن إخوان فلما قتل عثمان قالوا هذه خصومتها). [تفسير عبد الرزاق: 2/172]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا عمران أبو الهذيل قال سمعت وهبا يقول إن النفس تخرج من جسد الإنسان قدر كل شيء من أركانه فأما الجسد فإنه مثل القميص حين يخلعه الإنسان منه فإن كان القميص يجد مس شيء فإن الجسد على ذلك ولكن النفس هي تجد الراحة والبلاء). [تفسير عبد الرزاق: 2/172-173]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن محمد بن عمرو بن علقمة بن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن الزبير قال لما نزلت ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قال الزبير أي رسول الله أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا قال نعم قال فإن الأمر إذا لشديد). [تفسير عبد الرزاق: 2/173]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) :
(حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، عن عبد الله بن الزّبير، عن أبيه، قال: لمّا نزلت {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} قال الزّبير: يا رسول الله أتكرّر علينا الخصومة بعد الّذي كان بيننا في الدّنيا؟ قال: نعم، فقال: إنّ الأمر إذًا لشديدٌ.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/223]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون}
- أخبرنا محمّد بن عامرٍ، قال: حدّثنا منصور بن سلمة، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عمر، قال: " نزلت هذه الآية، وما نعلم في أيّ شيءٍ نزلت {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} [الزمر: 31] قلنا: من نخاصم، ليس بيننا وبين أهل الكتاب خصومةٌ؟، حتّى وقعت الفتنة "، قال ابن عمر: «هذا الّذي وعدنا ربّنا أن نختصم فيه»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/238]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} يقول: ثمّ إنّ جميعكم المؤمنين والكافرين يوم القيامة عند ربّكم تختصمون فيأخذ للمظلوم منكم من الظّالم، ويفصل بين جميعكم بالحقّ.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: عنى به اختصام المؤمنين والكافرين، واختصام المظلوم به والظّالم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} يقول: يخاصم الصادق الكاذب، والمظلوم الظّالم، والمهتدي الضّالّ، والضّعيف المستكبر.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} قال: أهل الإسلام وأهل الكفر.
- حدّثني ابن البرقيّ، قال: حدّثنا ابن أبي مريم، قال: حدّثنا ابن الدّراورديّ، قال: حدّثني محمّد بن عمرٍو عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطب بن الزّبير، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} قال الزّبير: يا رسول اللّه، أيكرّو علينا ما كان بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذّنوب؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: نعم حتّى يؤدّي إلى كلّ ذي حقٍّ حقّه.
وقال آخرون: بل عني بذلك اختصام أهل الإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عمر، قال: نزلت علينا هذه الآية وما ندري ما تفسيرها حتّى وقعت الفتنة، فقلنا: هذا الّذي وعدنا ربّنا أن نختصم في {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون}.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا ابن عونٍ، عن إبراهيم، قال: لمّا نزلت: {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون ثمّ إنّكم} الآية، قالوا: ما خصومتنا بيننا ونحن إخوانٌ، قال: فلمّا قتل عثمان بن عفّان، قالوا: هذه خصومتنا بيننا.
- حدّثت عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، في قوله {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} قال: هم أهل القبلة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: عني بذلك: إنّك يا محمّد ستموت، وإنّكم أيّها النّاس ستموتون، ثمّ إنّ جميعكم أيّها النّاس تختصمون عند ربّكم، مؤمنكم وكافركم، ومحقّوكم ومبطلوكم، وظالموكم ومظلوموكم، حتّى يؤخذ لكلٍّ من كلّ منكم ممّن لصاحبه قبله حقٌّ حقّه.
وإنّما قلنا هذا القول أولى بالصّواب لأنّ اللّه عمّ بقوله: {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} خطاب جميع عباده، فلم يخصّص بذلك منهم بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه على ما عمّه اللّه به؛ وقد تنزل الآية في معنًى، ثمّ يكون داخلاً في حكمها كلّ ما كان في حكم معنى ما نزلت به). [جامع البيان: 20/200-203]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، ثنا أبو أسامة، وعبدة بن سليمان، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير، عن الزّبير بن العوّام رضي اللّه عنهما، قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون (30) ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} [الزمر: 31] قلت: أيكرّر علينا ما كان بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذّنوب، قال: «نعم ليكرّرنّ ذلك عليكم حتّى يؤدّي إلى كلّ ذي حقّ حقّه» قال الزّبير: فواللّه إنّ الأمر لشديدٌ). [المستدرك: 2/472]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) (عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -): قال: لما نزلت {ثم إنّكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} [الزمر: 31] قال الزبير: يا رسول الله، أتكرّر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا؟ قال: «نعم» فقال: «إنّ الأمر إذاً لشديدٌ». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/336]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} [الزمر: 31].
- عن ابن عمر قال: لقد غشيتنا برهةٌ من دهرنا ونحن نرى أنّ هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتاب من قبلنا {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون (30) ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} [الزمر: 30] الآية، قلنا: كيف نختصم ونبيّنا واحدٌ وكتابنا واحدٌ؟ حتّى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعضٍ بالسّيف فعرفت أنّها فينا نزلت.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ.
- وعن عبد اللّه بن الزّبير قال: «لمّا نزلت على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون (30) ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون} [الزمر: 30] قال الزّبير: أفيكرّر علينا ما كان بيننا في الدّنيا؟ قال: " نعم ليكرّر حتّى يؤدّى إلى كلّ ذي حقٍّ حقّه "، قال الزّبير: واللّه إنّ الأمر لشديدٌ».
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/100]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال الحميديّ: ثنا أبو ضمرة أنس بن عياضٍ، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير، عن الزّبير بن العوّام- رضي اللّه عنه- قال: "لما نزلت: (ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون) قال الزبير: يا رسول الله، أيكرر علينا الّذي كان بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذّنوب؟ فقال: نعم، حتّى يؤدّي إلى كلّ ذي حقٍّ حقّه".
- رواه أحمد بن منيعٍ: ثنا محمّد بن عبيدٍ، أنا محمّد بن عمرٍو، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير، عن الزّبير قال: "لمّا نزلت هذه الآية (إنك ميت وإنهم ميتون) قال الزبير: يا رسول الله، أيكرر علينا ما يكون بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذّنوب؟ فقال: نعم، ليكرّر عليكم حتّى يؤدّي إلى كلّ ذي حقٍّ حقّه. قال الزّبير: إنّ الأمر لشديدٌ".
رواه التّرمذيّ في الجامع دون قوله: "حتّى يؤدّي ... " إلى آخره من طريق محمّد بن عمرٍو به). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/261]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 30 - 31.
أخرج عبد بن حميد والنسائي، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه قال: لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين من قبل {إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلنا: كيف نختصم ونبينا واحد وكتابنا واحد حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا). [الدر المنثور: 12/655]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى هذه الآية نزلت فينا {إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} فقلت: لم نختصم، أما نحن فلا نعبد إلا الله وأما ديننا فالإسلام وأما كتابنا فالقرآن لا نغيره أبدا ولا نحرف الكتاب وأما قبلتنا فالكعبة وأما حرمنا فواحد وأما نبينا فمحمد صلى الله عليه وسلم، فكيف نختصم حتى كفح بعضنا وجه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا). [الدر المنثور: 12/655-656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نزلت علينا الآية {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري ما تفسيرها ولفظ عبد بن حميد: وما ندري فيم نزلت قلنا ليس بيننا خصومة فما التخاصم حتى وقعت الفتنة فقلنا: هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه). [الدر المنثور: 12/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن عساكر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال: أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري فيم نزلت قلنا: ليس بيننا خصومة قالوا وما خصومتنا ونحن إخوان فلما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه قالوا: هذه خصومة ما بيننا). [الدر المنثور: 12/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى رضي الله عنه قال: لما قرأت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قيل: يا رسول الله فما الخصومة قال: في الدماء). [الدر المنثور: 12/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق واحمد، وابن منيع، وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في البعث والنشور عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: لما نزلت {إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلت: يا رسول الله أينكر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب قال: نعم، لينكرن ذلك عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه، قال الزبير رضي الله عنه: فو الله إن الأمر لشديد). [الدر المنثور: 12/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: لما أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال الزبير رضي الله عنه: يا رسول الله يكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، ليكرر ذلك عليكم حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه قال الزبير رضي الله عنه: إن الأمر لشديد). [الدر المنثور: 12/658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما نزلت {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} كنا نقول ربنا واحد وديننا واحد فما هذه الخصومة فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا: نعم، هو هذا). [الدر المنثور: 12/658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليختصمن يوم القيامة كل شيء حتى الشاتين فيما انتطحتا). [الدر المنثور: 12/658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه بسند لا بأس به عن أبي أيوب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته، والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت لزوجها وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها، ثم يدعى الرجل وخادمه بمثل ذلك ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد ثم دوانق ولا قراريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم وسيئآت هذا الذي ظلمه توضع عليه ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال: أوردوهم إلى النار، فو الله ما أدري يدخلونها أو كما قال الله (وإن منكم إلا واردها) (مريم الآية 71) ). [الدر المنثور: 12/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول خصمين يوم القيامة جاران). [الدر المنثور: 12/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرعية، فيفلجون عليه فيقال له: سد ركنا من أركان جهنم "). [الدر المنثور: 12/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن منده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يختصم الناس يوم القيامة حتى يختصم الروح مع الجسد، فتقول الروح للجسد أنت فعلت ويقول الجسد للروح أنت أمرت وأنت سولت، فيبعث الله تعالى ملكا فيقضي بينهما فيقول لهما: إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير وآخر ضرير دخلا بستانا فقال المقعد للضرير: أني أرى ههنا ثمارا ولكن لا أصل إليها، فقال له الضرير: اركبني فتناولها فركبه فتناولها فأيهما المعتدي فيقولان: كلاهما فيقول لهما الملك: فإنكما قد حكمتما على أنفسكما، يعني أن الجسد للروح كالمطية وهو راكبه). [الدر المنثور: 12/660]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} يقول: يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر). [الدر المنثور: 12/660]

تفسير قوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فمن أظلم ممّن كذب على اللّه وكذّب بالصّدق إذ جاءه} يقول تعالى ذكره: فمن من خلق اللّه أعظم فريةً ممّن كذب على اللّه، فادّعى أنّ له ولدًا وصاحبةً، أو أنّه حرّم ما لم يحرّمه من المطاعم {وكذّب بالصّدق إذ جاءه} يقول: وكذّب بكتاب اللّه إذ أنزله على محمّدٍ، وابتعثه اللّه به رسولاً، وأنكر قول لا إله إلاّ اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وكذّب بالصّدق إذ جاءه}: أي بالقرآن.
وقوله: {أليس في جهنّم مثوًى للكافرين} يقول تبارك وتعالى: أليس في النّار مأوًى ومسكنٌ لمن كفر باللّه، وامتنع من تصديق محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، واتّباعه على ما يدعوه إليه ممّا أتاه به من عند اللّه من التّوحيد، وحكم القرآن). [جامع البيان: 20/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 32 - 35.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق} أي بالقرآن {وصدق به} قال: المؤمنون). [الدر المنثور: 12/660-661]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مسعر، عن منصور، عن مجاهد في قوله: {والذي جاء بالصدق وصدق به} [سورة الزمر: 33]، قال: هم الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة قد اتبعوه، أو قال: قد اتبعوا ما فيه). [الزهد لابن المبارك: 2/468]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى جاء بالصدق قال هو النبي وصدق به قال قتادة وصدق به المؤمنون). [تفسير عبد الرزاق: 2/172]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن منصور قال قلت لمجاهد يا أبا الحجاج والذي جاء بالصدق وصدق به قال هم الذين يأتون بالقرآن فيقولون هذا الذي أعطيتمونا قد علمنا بما فيه). [تفسير عبد الرزاق: 2/173]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {والّذي جاء بالصّدق} [الزمر: 33] : «القرآن» ، {وصدّق به} [الزمر: 33] : " المؤمن يجيء يوم القيامة يقول: هذا الّذي أعطيتني، عملت بما فيه "). [صحيح البخاري: 6/125]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله والّذي جاء بالصّدق القرآن وصدّق به المؤمن يجيء به يوم القيامة زاد النّسفيّ يقول هذا الّذي أعطيتني عملت بما فيه قال عبد الرّزّاق عن بن عيينة عن منصورٍ قلت لمجاهدٍ يا أبا الحجّاج والّذي جاء بالصّدق وصدّق به قال هم الّذين يأتون بالقرآن فيقول هذا الّذي أعطيتمونا قد عملنا بما فيه ووصله بن المبارك في الزّهد عن مسعرٍ عن منصورٍ عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ والّذي جاء بالصّدق وصدّق به قال هم الّذين يجيئون بالقرآن قد اتّبعوه أو قال اتّبعوا ما فيه وأمّا قتادة فقال الّذي جاء بالصّدق النّبيّ والّذي صدّق به المؤمنون أخرجه عبد الرّزّاق عن معمرٍ عنه وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ الّذي جاء بالصّدق لا إله إلّا اللّه وصدّق به أي صدّق بالرّسول ومن طريق السّدّيّ الّذي جاء بالصّدق جبريل والصّدق القرآن والّذي صدّق به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ومن طريق أسيد بن صفوانٍ عن عليٍّ الّذي جاء بالصّدق محمّدٌ والّذي صدّق به أبو بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه تعالى عنه وهذا أخصّ من الّذي قبله وعن أبي العالية الّذي جاء بالصّدق محمّدٌ وصدّق به أبو بكرٍ). [فتح الباري: 8/548]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأخبرنا محمّد بن محمّد أنا إبراهيم بن علّي أنا أبو الفرج بن الصيقل عن أحمد ابن محمّد التّيميّ أنا أبو علّي الحداد أنا أبو نعيم ثنا أبو محمّد بن حيّان ثنا علّي ابن إسحاق ثنا حسين بن حسن ثنا عبد الله بن المبارك ثنا مسعر عن منصور عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ 33 الزمر {والّذي جاء بالصّدق وصدق به} قال هم الّذين يجيئون بالقرآن قد اتّبعوه أو قال قد اتّبعنا ما فيه
وبه إلى أبي نعيم ثنا محمّد بن بدر ثنا محمّد بن مدرك ثنا عمرو بن مرزوق ثنا زائدة عن منصور نحوه
ورواه ابن عيينة في تفسيره عن منصور نحوه). [تغليق التعليق: 4/298]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {والّذي جاء بالصّدق} (الزمر: 33) القرآن وصدق به المؤمن يجيء يوم القيامة يقول هذا الّذي أعطيتني عملت بما فيه
أشار به إلى قوله عز وجل: {والّذي جاء بالصّدق وصدق به أولئك هم المتقون} وفسّر قوله: (والّذي جاء بالصّدق) بقوله: القرآن وقال السّديّ: الّذي جاء بالصّدق جبريل، عليه السلام، جاء بالقرآن، وصدق به يعني محمّدًا صلى الله عليه وسلم، تلقاه بالقبول. وقال ابن عبّاس: والّذي جاء بالصّدق. يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلا إلاه إلاّ الله وصدق به هو أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه إلى الخلق وعن عليّ بن أبي طالب وأبي العالية والكلبي، والّذي جاء بالصّدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق به أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، وعن قتادة ومقاتل: والّذي جاء بالصّدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق به المؤمنون، وعن عطاء، والّذي جاء بالصّدق الأنبياء، عليهم الصّلاة والسّلام، وصدق به الأتباع، فعلى هذا يكون الّذي بمعنى الّذين كما في قوله تعالى: {وخضتم كالّذي خاضوا} (التّوبة: 69) قوله: (يقول هذا الّذي) إلى آخره، في رواية النّسفيّ لا غير). [عمدة القاري: 19/141-142]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({والذي جاء بالصدق}) أي (القرآن) وفي نسخة القرآن بالرفع بتقدير هو ({وصدق به}) [الزمر: 33] هو (المؤمن يجيء يوم القيامة) حال كونه (يقول) رب (هذا الذي أعطيتني) يريد القرآن (عملت بما فيه) رواه عبد الرزاق عن ابن عيينة عن منصور وقيل الذي جاء هو الرسول عليه الصلاة والسلام والمصدق أبو بكر قاله أبو العالية قال في الأنوار وذلك يقتضي إضمار الذي وهو غير جائز وقوله والذي جاء بالصدق لفظه مفرد ومعناه جمع لأنه أريد به الجنس فيتناول الرسل والمؤمنين لقوله: {أولئك هم المتقون} [الزمر: 33] فجمع أو الذي صفة لموصوف محذوف بمعنى الجمع أي والفريق أو الفوج ولذلك قال أولئك). [إرشاد الساري: 7/318]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (والذي جاء بالصدق القرآن) بالجر، وفي نسخة بالرفع بتقدير هو والذي جاء بالصدق جبريل، والمصدّق به محمد. وقيل: الذي جاء به وصدّق به محمد. وقيل: الذي جاء به محمد، والمصدّق به أبو بكر. وقيل: الذي جاء به محمد، والمصدّق به المؤمنون. وقيل: الذي جاء به الأنبياء، والمصدّق به الأتباع، وعليه يكون الذي بمعنى الذين كما في قوله تعالى: {وخضتم كالذي خاضوا} ). [حاشية السندي على البخاري: 3/67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون (33) لهم ما يشاءون عند ربّهم ذلك جزاء المحسنين}.
اختلف أهل التّأويل في الّذي جاء بالصّدق وصدّق به، وما ذلك، فقال بعضهم: الّذي جاء بالصّدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: والصّدق الّذي جاء به: لا إله إلاّ اللّه، والّذي صدّق به أيضًا، هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والّذي جاء بالصّدق} يقول: من جاء بلا إله إلاّ اللّه {وصدّق به} يعني: رسوله.
وقال آخرون: الّذي جاء بالصّدق: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والّذي صدّق به: أبو بكرٍ رضي اللّه عنه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أحمد بن منصورٍ، قال: حدّثنا أحمد بن مصعبٍ المروزيّ، قال: حدّثنا عمر بن إبراهيم بن خالدٍ، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن أسيد بن صفوان، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، في قوله: {والّذي جاء بالصّدق} قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، وصدّق به، قال: أبو بكرٍ رضي اللّه عنه.
وقال آخرون: الّذي جاء بالصّدق: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والصّدق: القرآن، والمصّدّقون به: المؤمنون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذي جاء بالصّدق} قال: هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جاء بالقرآن، وصدّق به المؤمنون.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والّذي جاء بالصّدق} رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وصدّق به المسلمون.
وقال آخرون: الّذي جاء بالصّدق جبريل، والصّدق: القرآن الّذي جاء به من عند اللّه، وصدّق به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به} محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: الّذي جاء بالصّدق: المؤمنون، والصّدق: القرآن، وهم المصّدّقون به.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به} قال: الّذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة، فيقولون: هذا الّذي أعطيتمونا فاتّبعنا ما فيه.
- قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به} قال: هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون: هذا الّذي أعطيتمونا، فاتّبعنا ما فيه.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره عنى بقوله: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به} كلّ من دعا إلى توحيد اللّه، وتصديق رسله، والعمل بما ابتعث به رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم من بين رسول اللّه وأتباعه والمؤمنين به، وأن يقال: الصّدق هو القرآن، وشهادة أنّ لا إله إلاّ اللّه، والمصدّق به: المؤمنون بالقرآن، من جميع خلق اللّه كائنًا من كان من نبيّ اللّه وأتباعه.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب، لأنّ قوله تعالى ذكره: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به} عقيب قوله: {فمن أظلم ممّن كذب على اللّه وكذّب بالصّدق إذ جاءه} وذلك ذمٍّ من اللّه للمفترين عليه، المكذّبين بتنزيله ووحيه، الجاحدين وحدانيّته، فالواجب أن يكون عقيب ذلك مدح من كان بخلاف صفة هؤلاء المذمومين، وهم الّذين دعوهم إلى توحيد اللّه، ووصفه بالصّفة الّتي هو بها، وتصديقهم بتنزيل اللّه ووحيه، والّذي كانوا يوم نزلت هذه الآية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه ومن بعدهم، القائمون في كلّ عصرٍ وزمانٍ بالدّعاء إلى توحيد اللّه، وحكم كتابه، لأنّ اللّه تعالى ذكره لم يخصّ وصفه بهذه لصفة الّتي في هذه الآية على أشخاصٍ بعينهم، ولا على أهل زمانٍ دون غيرهم، وإنّما وصفهم بصفةٍ، ثمّ مدحهم بها، وهي المجيء بالصّدق والتّصديق به، فكلّ من كان كذلك وصفه فهو داخلٌ في جملة هذه الآية إذا كان من بني آدم.
ومن الدّليل على صحّة ما قلنا أنّ ذلك كذلك في قراءة ابن مسعودٍ: ( والّذي جاءوا بالصّدق وصدّقوا به) فقد بيّن ذلك من قراءته أنّ الّذي من قوله {والّذي جاء بالصّدق} لم يعن بها واحدٌ بعينه، وأنّه مرادٌ بها جماع ذلك صفتهم، ولكنّها أخرجت بلفظ الواحد، إذ لم تكن مؤقّتةً.
وقد زعم بعض أهل العربيّة من البصريّين، أنّ (الّذي) في هذا الموضع جعل في معنى جماعةٍ بمنزلة من وممّا يؤيّد ما قلنا أيضًا قوله: {أولئك هم المتّقون} فجعل الخبر عن الّذي جماعًا، لأنّها في معنى جماعٍ وأمّا الّذين قالوا: عني بقوله: {وصدّق به}: غير الّذي جاء بالصّدق فقولٌ بعيدٌ من المفهوم، لأنّ ذلك لو كان كما قالوا لكان التّنزيل: والّذي جاء بالصّدق، والّذي صدّق به أولئك هم المتّقون؛ فكانت تكون الّذي مكرّرةً مع التّصديق، ليكون المصدّق غير المصدّق؛ فأمّا إذا لم يكرّر، فإنّ المفهوم من الكلام، أنّ التّصديق من صفة الّذي جاء بالصّدق؛ لا وجه للكلام غير ذلك.
وإذا كان ذلك كذلك، وكانت الّذي في معنى الجماع بما قد بيّنّا، كان الصّواب من القول في تأويله ما بيّنّا.
وقوله: {أولئك هم المتّقون} يقول جلّ ثناؤه: هؤلاء الّذين هذه صفتهم هم الّذين اتّقوا اللّه بتوحيده والبراءة من الأوثان والأنداد، وأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، فخافوا عقابه.
- كما حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {أولئك هم المتّقون} يقول: اتّقوا الشّرك). [جامع البيان: 20/204-208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 32 - 35.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق} أي بالقرآن {وصدق به} قال: المؤمنون). [الدر المنثور: 12/660-661] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {والذي جاء بالصدق} يعني بلا إله إلا الله {وصدق به} يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم {أولئك هم المتقون} يعني اتقوا الشرك). [الدر المنثور: 12/661]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والباوردي في معرفة الصحابة، وابن عساكر من طريق أسيد بن صفوان وله صحبة عن علي بن أبي طالب قال {والذي جاء بالصدق} محمد {وصدق به} أبو بكر رضي الله عنه هكذا الرواية {بالحق} ولعلها قراءة لعلي رضي الله عنه). [الدر المنثور: 12/661]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة {والذي جاء بالصدق} قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم {وصدق به} . أبو بكر ). [الدر المنثور: 12/661]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن مجاهد في قوله: (والذي جاء بالصدق) قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (وصدق به). قال: علي بن أبي طالب رضي الله عنه). [الدر المنثور: 12/661-662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {والذي جاء بالصدق} قال: هو جبريل عليه السلام {وصدق به} قال: هو النّبيّ صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/662]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد أنه كان يقرأ والذي جاء بالصدق وصدقوا به قال: هم أهل القرآن يجيئون بالقرآن يوم القيامة يقولون: هذا ما أعطيتمونا قد اتبعنا ما فيه). [الدر المنثور: 12/662]

تفسير قوله تعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لهم ما يشاءون عند ربّهم} يقول تعالى ذكره: لهم عند ربّهم يوم القيامة، ما تشتهيه أنفسهم، وتلذّه أعينهم {ذلك جزاء المحسنين} يقول تعالى ذكره: هذا الّذي لهم عند ربّهم جزاء من أحسن في الدّنيا فأطاع اللّه فيها، وائتمر لأمره، وانتهى عمّا نهاه فيها عنه). [جامع البيان: 20/208]

تفسير قوله تعالى: (لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليكفّر اللّه عنهم أسوأ الّذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الّذي كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: وجزى هؤلاء المحسنين ربّهم بإحسانهم، كي يكفّر عنهم أسوأ الّذي عملوا في الدّنيا من الأعمال، فيما بينهم وبين ربّهم، بما كان منهم فيها من توبةٍ وإنابةٍ ممّا اجترحوا من السّيّئات فيها {ويجزيهم أجرهم} يقول: ويثيبهم ثوابهم {بأحسن الّذي كانوا} في الدّنيا {يعملون} ممّا يرضى اللّه عنهم دون أسوئها.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون}: أي ولهم ذنوبٌ، أي ربّ نعمٌ {لهم} فيها {ما يشاءون عند ربّهم ذلك جزاء المحسنين ليكفّر اللّه عنهم أسوأ الّذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الّذي كانوا يعملون}، وقرأ: {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} إلى أن بلغ: {ومغفرةٌ} لئلاّ ييأس من لهم الذّنوب أن لا يكونوا منهم {ورزقٌ كريمٌ}، وقرأ: {إنّ المسلمين والمسلمات} إلى آخر الآية). [جامع البيان: 20/208-209]


رد مع اقتباس