عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 03:55 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله وجعلوا له من عباده جزءا أي عدلا). [تفسير عبد الرزاق: 2/195]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {جزءًا} [الزخرف: 15] : «عدلًا»). [صحيح البخاري: 6/131]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله جزءًا عدلًا وصله عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة بهذا وهو بكسر العين وكذا أخرجه البخاريّ في كتاب خلق أفعال العباد من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مثله وأمّا أبو عبيدة فقال جزءًا أي نصيبًا وقيل جزءًا إناثًا تقول جزّأت المرأة إذا أتت بأنثى). [فتح الباري: 8/569]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ثنا يونس عن شيبان عن قتادة في قوله 15 الزخرف {وجعلوا له من عباده جزءا} قال عدلا
وقال البخاريّ في كتاب خلق أفعال العباد ثنا روح بن عبد المؤمن ثنا يزيد ابن زريع ثنا سعيد عن قتادة في قوله 15 الزخرف {وجعلوا له من عباده جزءا} قال عدلا). [تغليق التعليق: 4/309]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (جزءًا عدلاً
أشار به إلى قوله عز وجل: {وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين} (الزخرف: 15) وفسّر جزءا بقوله: (عدلا) بكسر العين، وكذا رواه عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة، وفي التّفسير: أي: نصيبا وبعضا. وذلك قولهم: الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك.
قوله: (وجعلوا) ، أي: المشركون. قوله: (له) ، أي: الله تعالى). [عمدة القاري: 19/161]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({جزءًا}) في قوله تعالى: {وجعلوا له من عباده جزءًا} [الزخرف: 15] أي (عدلًا) بكسر العين وسكون الدال وفي آل ملك عدلًا بفتح العين وسكون الدال أي مثلًا فالمراد بالجزء هنا إثبات الشركاء لله تعالى لأنهم لما أثبتوا الشركاء زعموا أن كل العبادة ليست لله بل بعضها جزء له تعالى وبعضها جزء لغيره، وقيل معنى الجعل أنهم أثبتوا لله ولدًا لأن ولد الرجل جزء منه والأول أولى لأنّا إذا حملنا الآية على إنكار الشريك لله والآية اللاحقة على إنكار الولد كان ذلك جامعًا للرد على جميع المبطلين). [إرشاد الساري: 7/334-335]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عزّ وجلّ: {وجعلوا له من عباده جزءاً} قال: جعلوا له نصيبًا وشريكًا من عباده). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجعلوا له من عباده جزءًا إنّ الإنسان لكفورٌ مبينٌ (15) أم اتّخذ ممّا يخلق بناتٍ وأصفاكم بالبنين (16) وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرّحمن مثلاً ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء المشركون للّه من خلقه نصيبًا، وذلك قولهم للملائكة: هم بنات اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٌ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {وجعلوا له من عباده جزءًا} قال: ولدًا وبناتٍ من الملائكة.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {وجعلوا له من عباده جزءًا} قال: البنات.
وقال آخرون: عنى بالجزء هاهنا: العدل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وجعلوا له من عباده جزءًا} أي عدلاً.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وجعلوا له من عباده جزءًا} أي عدلاً.
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترناه في تأويل ذلك، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه أتبع ذلك قوله: {أم اتّخذ ممّا يخلق بناتٍ وأصفاكم بالبنين} توبيخًا لهم على قولهم ذلك، فكان معلومًا أنّ توبيخه إيّاهم بذلك إنّما هو عمّا أخبر عنهم من قيلهم ما قالوا في إضافة البنات إلى اللّه عزّ وجلّ.
وقوله: {إنّ الإنسان لكفورٌ مبينٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ الإنسان لذو جحدٍ لنعم ربّه الّتي أنعمها عليه، مبينٌ: يقول: يبين كفرانه نعمه عليه، لمن تأمّله بفكر قلبه، وتدبّر حاله). [جامع البيان: 20/560-562]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وجعلوا له من عباده جزءا يعني ولدا بنات من الملائكة). [تفسير مجاهد: 580]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وجعلوا له من عباده جزءا} قال: عدلا). [الدر المنثور: 13/191]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وجعلوا له من عباده جزءا} قال: ولدا وبنات من الملائكة، وفي قوله: {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا} قال: ولدا). [الدر المنثور: 13/191-192]

تفسير قوله تعالى: (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أم اتّخذ ممّا يخلق بناتٍ} يقول جلّ ثناؤه موبّخًا هؤلاء المشركين الّذين وصفوه بأنّ الملائكة بناته: اتّخذ ربّكم أيّها الجاهلون ممّا يخلق بناتٍ، وأنتم لا ترضون لأنفسكم، وأصفاكم بالبنين: يقول: وأخلصكم بالبنين، فجعلهم لكم). [جامع البيان: 20/562]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرّحمن مثلاً} يقول تعالى ذكره: وإذا بشّر أحد هؤلاء المشركين الجاعلين للّه من عباده جزءًا بما ضرب للرّحمن مثلاً: يقول: بما مثّل للّه، فشبّهه شبهًا، وذلك ما وصفه به من أنّ له بناتٍ.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {بما ضرب للرّحمن مثلاً} قال: ولدًا.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بما ضرب للرّحمن مثلاً} بما جعل للّه.
وقوله: {ظلّ وجهه مسودًّا} يقول تعالى ذكره: ظلّ وجه هذا الّذي بشّر بما ضرب للرّحمن مثلاً من البنات مسودًّا من سوء ما بشّر به {وهو كظيمٌ} يقول: وهو حزينٌ
- كما حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وهو كظيمٌ} أي حزينٌ). [جامع البيان: 20/562-563]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا يعني البنات). [تفسير مجاهد: 580]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم} قال: حزين). [الدر المنثور: 13/192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {بما ضرب للرحمن مثلا} بنصب الضاد). [الدر المنثور: 13/192]

تفسير قوله تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال زيد: إن الذي قال الله الذي {ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ}، إنها الأصنام). [الجامع في علوم القرآن: 2/140]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة أو من ينشأ في الحلية قال جعلوا له البنات وهم إذا بشر أحدهم بهن ظل وجهه مسودا وهو كظيم وأما قوله وهو في الخصام غير مبين يقول قل ما تكلمت امرأة تريد أن تكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها). [تفسير عبد الرزاق: 2/195]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال أخبرني الثوري عن علقمة بن مرثد عن مجاهد قال ذكر له أنهم يقولون من تحلى بمثل حر بصيصة يعني دابة صغيرة فقال مجاهد رخص للنساء في الذهب ثم تلا هذه الآية أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين). [تفسير عبد الرزاق: 2/195]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( (ينشأ في الحلية) : «الجواري، جعلتموهنّ للرّحمن ولدًا، فكيف تحكمون؟» ). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أو من ينشأ في الحلية الجواري يقول جعلتموهنّ للرّحمن ولدًا فكيف تحكمون وصله الفريابيّ عن مجاهدٍ بلفظه والمعنى أنّه تعالى أنكر على الكفرة الّذين زعموا أنّ الملائكة بنات اللّه فقال أم اتّخذ ممّا يخلق بنات وأصفاكم بالبنين وأنتم تمقتون البنات وتنفرون منهنّ حتّى بالغتم في ذلك فوأدتموهنّ فكيف تؤثرون أنفسكم بأعلى الجزأين وتدّعون له الجزء الأدنى مع أنّ صفة هذا الصّنف الّذي هو البنات أنّها تنشّأ في الحلية والزّينة المفضية إلى نقص العقل وعدم القيام بالحجّة وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله أو من ينشأ في الحلية قال البنات وهو في الخصام غير مبينٍ قال فما تكلّمت المرأة تريد أن تكلّم بحجّةٍ لها إلّا تكلّمت بحجّةٍ عليها تنبيهٌ قرأ ينشأ بفتح أوّله مخفّفًا الجمهور وحمزة والكسائيّ وحفصٌ بضمّ أوّله مثقّلًا والجحدريّ مثله مخفّفًا). [فتح الباري: 8/567]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 5 الزخرف {أفنضرب عنكم الذّكر صفحا} قال تكذبون بالقرآن فلا تعاقبون فيه
وفي قوله 8 الزخرف {ومضى مثل الأوّلين} قال سننهم
وفي قوله 13 الزخرف {وما كنّا له مقرنين} الإبل والخيل والبغال والحمير
وفي قوله 18 الزخرف {أو من ينشأ في الحلية} قال الجواري جعلتموهن للرحمن ولدا فكيف تحكمون). [تغليق التعليق: 4/306] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ينشأ في الحلية الجواري جعلتموهنّ للرّحمان ولدا فكيف تحكمون
أشار به إلى قوله تعالى: {أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} (الزخرف: 18) قوله: (ينشأ) ، أي يكبر ويثبت في الحلية أي في الزّينة، وفسره بقوله: الجواري يعني: جعلتم الإناث ولد الله حيث قالوا: الملائكة بنات الله فكيف تحكمون بذلك ولما ترضون به لأنفسكم؟ وقال عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة. في قوله: (أو من ينشأ في الحلية) ، قال: البنات. وقراءة الجمهور: ينشاه، بفتح أوله مخففا، وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص بضم أوله مثقلًا وقرأ الجحدري بضم أوله مخففا). [عمدة القاري: 19/159]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ينشأ في الحلية}) أي (الجواري) اللاتي ينشأن في الزينة أي النبات (جعلتموهن) وللأصيلي وأبي ذر يقول جعلتموهن (للرحمن ولد {فكيف تحكمون}) بذلك ولا ترضونه لأنفسكم). [إرشاد الساري: 7/332]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (ينشأ في الحلية الخ) فسر ينشأ في الحلية، أي الزينة بقوله: الجواري الخ، يعني جعلتم الإناث ولد الله حيث قلتم: الملائكة بنات الله فكيف تحكمون بذلك ولا ترضون به لأنفسكم ولا يخفى أن تفسير ما ذكر بما قاله باللازم، وإلا فمعنى الآية، أو يجعلون من ينشأ في الحلية، وهو في الخصام غير مبين، أي: غير مظهر لحجته لضعفه عنها بالأنوثة، فالهمزة للإنكار، والواو للعطف على مقدر). [حاشية السندي على البخاري: 3/68]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ}.
يقول تعالى ذكره: أومن ينبت ويربّى في الحلية ويزيّن بها {وهو في الخصام} يقول: وهو في مخاصمة من خاصمه عند الخصام غير مبينٍ، ومن خصمه ببرهانٍ وحجّةٍ، لعجزه وضعفه، جعلتموه جزء اللّه من خلقه وزعمتم أنّه نصيبه منهم، وفي الكلام متروكٌ استغني بدلالة ما ذكر منه وهو ما ذكرت.
واختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ}، فقال بعضهم: عني بذلك الجواري والنّساء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ} قال: يعني المرأة.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن علقمة، عن مرثدٍ، عن مجاهدٍ قال: رخّص للنّساء في الحرير والذّهب، وقرأ {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ} قال: الجواري جعلتموهنّ للرّحمن ولدًا، كيف تحكمون؟!.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ} قال: الجواري يسفّههنّ بذلك، غير مبينٍ بضعفهنّ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {أومن ينشّأ في الحلية} يقول: جعلوا له البنات وهم إذا بشّر أحدهم بهنّ ولّى على وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ، قال: وأمّا قوله: {وهو في الخصام غير مبينٍ} يقول: قلّما تتكلّم امرأةٌ فتريد أن تتكلّم بحجّتها إلاّ تكلّمت بالحجّة عليها.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبينٍ} قال: النّساء.
وقال آخرون: عني بذلك أوثانهم الّتي كانوا يعبدونها من دون اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أومن ينشّأ في الحلية} الآية قال: هذه تماثيلهم الّتي يضربونها من فضّةٍ وذهبٍ يعبدونها هم الّذين أنشأوها، ضربوها من تلك الحلية، ثمّ عبدوها {وهو في الخصام غير مبينٍ} قال: لا يتكلّم، وقرأ {فإذا هو خصيمٌ مبينٌ}.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: عني بذلك الجواري والنّساء، لأنّ ذلك عقيب خبر اللّه عن إضافة المشركين إليه ما يكرهونه لأنفسهم من البنات، وقلّة معرفتهم بحقّه، ونحلتهم إيّاه من الصّفات والنّحل، وهو خالقهم ومالكهم ورازقهم، والمنعم عليهم النّعم الّتي عدّدها في أوّل هذه السّورة ما لا يرضونه لأنفسهم، فاتّباع ذلك من الكلام ما كان نظيرًا له أشبه وأولى من اتّباعه ما لم يجر له ذكرٌ.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: {أومن ينشّأ في الحلية} فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكّيّين والكوفيّين (أومن ينشأ) بفتح الياء والتّخفيف من نشأ ينشأ وقرأته عامّة قرّاء الكوفة {ينشّأ} بضمّ الياء وتشديد الشّين، من: نشّأته فهو ينشّأ.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنّهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، لأنّ المنشّأ من الإنشاء ناشئٌ، والنّاشئ منشّأ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: (أو من لا ينشّأ إلاّ في الحلية).
وفي {من} وجوهٌ من الإعراب؛ الرّفع على الاستئناف، والنّصب على إضمار يجعلون كأنّه قيل: أومن ينشّأ في الحلية يجعلون بنات اللّه وقد يجوز النّصب فيه أيضًا على الرّدّ على قوله: {أم اتّخذ ممّا يخلق بناتٍ} {أومن ينشّأ في الحلية}، فيردّ {من} على البنات، والخفض على الرّدّ على (ما) الّتي في قوله: {وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرّحمن مثلاً} ). [جامع البيان: 20/563-566]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل أو من ينشأ في الحلية يعني الجواري يقول جعلتموهن للرحمن ولدا فكيف تحكمون عز وجل عن ذلك). [تفسير مجاهد: 580]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {أو من ينشأ في الحلية} قال: الجواري جعلتموهن للرحمن ولدا {كيف تحكمون} الصافات الآية 154). [الدر المنثور: 13/192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما {أو من ينشأ في الحلية} قال: هن النساء فرق بين زيهن وزي الرجال ونقصهن من الميراث وبالشهادة وأمرهن بالقعدة وسماهن الخوالف). [الدر المنثور: 13/192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أو من ينشأ في الحلية} قال: جعلوا لله البنات {وإذا بشر أحدهم} بهن {ظل وجهه مسودا وهو كظيم} حزين.
وأمّا قوله: {وهو في الخصام غير مبين} قال: قلما تكلمت امرأة تريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها). [الدر المنثور: 13/192-193]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {أو من ينشأ في الحلية} مخففة الياء). [الدر المنثور: 13/193]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {ينشأ في الحلية} مخففة منصوبة الياء مهموزة). [الدر المنثور: 13/193]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية رضي الله عنه أنه سئل عن الذهب للنساء فقال لا بأس به، يقول الله: {أو من ينشأ في الحلية} ). [الدر المنثور: 13/193]


رد مع اقتباس