عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك}، معناه: أنزله عليك وأثبته، والفرض أصله عمل فرضه في عود أو نحوه، فكأن الأشياء التي تثبت وتمكن وتبقى تشبه ذلك الفرض. وقال مجاهد: معناه: أعطاك القرآن، وقالت فرقة: في هذا القول حذف مضاف، والمعنى: فرض عليك أحكام القرآن.
واختلف المتأولون في معنى قوله تعالى: {لرادك إلى معاد}، فقال جمهور المتأولين: أراد: إلى الآخرة، أي: باعثك بعد الموت، فالآية -على هذا- مقصدها إثبات الحشر، والإعلام بوقوعه. وقال ابن عباس، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم: وغيرهما: المعاد: الجنة، وقال ابن عباس أيضا وجماعة: المعاد: الموت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فكأن الآية -على هذا- واعظة ومذكرة.
وقال ابن عباس أيضا ومجاهد: المعاد مكة، وهذه الآية نزلت بالجحفة، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فالآية -على هذا- معلمة بغيب قد ظهر للأمة، ومؤنسة بفتح، و"المعاد": الموضع الذي يعاد إليه، وقد اشتهر به يوم القيامة لأنه معاد للكل.
وقوله تعالى: {قل ربي أعلم} الآية، آية متاركة للكفار وتوبيخ. وأسند الطبري في تفسير قوله تعالى: {لرادك إلى معاد} قال: الجنة، وسماها معادا إما من حيث قد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج وغيره، وإما من حيث قد كان فيها آدم عليه السلام، فهي معاد لذريته.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإنما قال هذا من حيث تعطي لفظة "المعاد" أن المخاطب قد كان في حال يعود إليها، وهذا وإن كان مما يظهر في اللفظة فيتوجه أن يسمى معادا ما لم يكن المرء فيه مجوزا; ولأنها أحوال تابعة للمعاد الذي هو النشور من القبور). [المحرر الوجيز: 6/ 619-620]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما كنت ترجو} الآية. قال بعض المفسرين: هذا ابتداء كلام مضمنه تقدير النعمة على محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الله تبارك وتعالى رحمه رحمة لم يحتسبها ولا بلغها أمله، وقال بعضهم: بل قوله تعالى: {وما كنت ترجو} الآية كلام معلق بقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن} أي: وأنت بحال من لا يرجو ذلك. وقوله تعالى: {يلقى إليك} عبارة عن إعلان النبوة وتبليغ القرآن، كما تقول: ألقى فلان إلى فلان بالرياسة، ونحو هذا، وقوله تعالى: {إلا رحمة من ربك} نصب على استثناء منقطع، و"الظهير": المعين، أي: اشتد يا محمد في تبليغك، ولا تلن، ولا تفشل، فتكون معونته للكافرين بهذا الوجه، أي: بالفتور عنهم). [المحرر الوجيز: 6/ 620]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون}
وقوله تعالى: "ولا يصدنك" أي: بأقوالهم وكذبهم وأذاهم، ولا تلتفت نحوه وامض لشأنك. وقرأ يعقوب: "ولا يصدنك" بجزم النون. وقوله: {وادع إلى ربك} وجميع الآية يتضمن المهادنة والموادعة، وهذا كله منسوخ بآية السيف.
وسبب هذه الآية ما كانت قريش تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه من تعظيم أوثانهم، وعند ذلك ألقى الشيطان في أمنيته أمر الغرانيق).[المحرر الوجيز: 6/ 620-621]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تدع مع الله إلها آخر} نهي عما هم بسبيله، فهم المراد وإن عري اللفظ من ذكرهم، وقوله سبحانه: {إلا وجهه} قالت فرقة: هي عبارة عن الذات، والمعنى: هالك إلا هو، قاله الطبري وجماعة منهم أبو المعالي رحمه الله، وقال الزجاج: إلا إياه، وقال سفيان الثوري: المراد: إلا ما أدي لوجهه، أي: ما عمل لذاته من طاعة، وتوجه به نحوه، ومن هذا قول الشاعر:
.... رب العباد إليه الوجه والعمل
ومنه قول القائل: "أردت بفعلي وجه الله تعالى". ومنه قوله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.
وقوله تعالى: {له الحكم} أي فصل القضاء وإنفاذه في الدنيا والآخرة، وقوله: {وإليه ترجعون} إخبار بالحشر والعودة من القبور. وقرأ الجمهور: "ترجعون" بالتاء وفتح الجيم، وقرأ عيسى: "يرجعون" بفتح التاء وكسر الجيم، وقرأ أبو عمرو بالوجهين.
كمل تفسير سورة القصص والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين). [المحرر الوجيز: 6/ 621]

رد مع اقتباس