عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 30 ذو الحجة 1431هـ/6-12-2010م, 11:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 41 إلى 50]

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) )

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب...}
إن شئت رفعت قوله "سمّاعون للكذب" بمن ولم تجعل (من) في المعنى متصلة بما قبلها، كما قال الله: {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد} وإن شئت كان المعنى: لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من هؤلاء ولا {ومن الّذين هادوا} فترفع حينئذ (سمّاعون) على الاستئناف، فيكون مثل قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم} ثم قال تبارك وتعالى: {طوّافون عليكم} ولو قيل: سماعين، وطوّافين لكان صوابا؛ كما قال: {ملعونين أينما ثقفوا} وكما قال: {إن المتّقين في جنّاتٍ وعيونٍ} ثم قال: {آخذين – وفاكهين - ومتكئين} والنصب أكثر. وقد قال أيضا في الرفع: {كلاّ إنها لظى نزّاعة للشوى} فرفع (نزّاعة) على الاستئناف، وهي نكرة من صفة معرفة. وكذلك قوله: {لا تبقي ولا تذر لوّاحة} وفي قراءة أبيّ "إنها لإحدا الكبر نذير للبشر" بغير ألف. فما أتاك من مثل هذا في الكلام نصبته ورفعته. ونصبه على القطع وعلى الحال. وإذا حسن فيه المدح أو الذمّ فهو وجه ثالث. ويصلح إذا نصبته على الشتم أو المدح أن تنصب معرفته كما نصبت نكرته. وكذلك قوله: {سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت} على ما ذكرت لك). [معاني القرآن: 1/308-309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (لا يحزنك) (41) يقال: حزنته وأحزنته، لغتان، وهو محزون، وحزنت أنا لغة واحدة.
(ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب) (41) وهو ها هنا من الذين تهوّدوا، فصاروا يهوداً. (ومن يرد الله فتنته) (41): أي كفره). [مجاز القرآن: 1/166]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يا أيّها الرّسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقومٍ آخرين لم يأتوك يحرّفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لّم تؤتوه فاحذروا ومن يرد اللّه فتنته فلن تملك له من اللّه شيئاً أولئك الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم لهم في الدّنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذابٌ عظيمٌ}
وقال: {لا يحزنك} خفيفة مفتوحة الياء وأهل المدينة يقولون {يحزنك} يجعلونها من"أحزن" والعرب تقول: "أحزنته" و"حزنته".
وقال: {الّذين يسارعون في الكفر من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم} أي: "من هؤلاء ومن هؤلاء" ثم قال مستأنفاً {سمّاعون لقومٍ آخرين} أي: هم سماعون. وإن شئت جعلته على {ومن الّذين هادوا} {سمّاعون لقومٍ آخرين} ثم تقطعه من الكلام الأول. ثم قال: {سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت} على ذلك الرفع للأول وأما قوله: {لم يأتوك} فههنا انقطع الكلام والمعنى "ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب يسمعون كلام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليكذبوا عليه سمّاعون لقومٍ آخرين لم يأتوك بعد" يقول: "يسمعون لهم فيخبرونهم وهم لم يأتوك"). [معاني القرآن: 1/224]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الأخذ: أصله باليد، ثم يستعار في مواضع:
فيكون بمعنى: القبول، قال الله تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} أي: قبلتم عهدي.
وقال تعالى: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} أي فاقبلوه). [تأويل مشكل القرآن: 502] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعز: (يا أيّها الرّسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرّفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد اللّه فتنته فلن تملك له من اللّه شيئا أولئك الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم لهم في الدّنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (41)
(يا أيّها الرّسول لا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر)
إن شئت قلت يحزنك ويحزنك بالفتح والضم.
أي لا يحزنك مسارعتهم في الكفر إذ كنت موعودا بالنصر عليهم.
والله أعلم.
وقوله: (من الّذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم).
أي لا تحزنك المسارعة في الكفر من المنافقين ومن الذين هادوا.
ثم قال: (سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك).
هذا تمام الكلام، ورفع (سمّاعون) من جهتين:
إحداهما هم (سمّاعون) للكذب أي منافقون، واليهود سماعون للكذب.
و(سمّاعون)، فيه وجهان - واللّه أعلم -:
أحدهما أنّهم مستمعون للكذب، أي قابلون للكذب، لأن الإنسان يسمع الحق والباطل، ولكن يقال: لا تسمع من فلان قوله أي لا تقبل قوله، ومنه " سمع اللّه لمن حمده "، أي تقبّل الله حمده، فتأويله أنهم يقبلون الكذب.
والوجه الآخر في (سمّاعون) أن معناه أنهم يسمعون منك ليكذبوا عليك.
وذلك أنهم إذا جالسوه تهيأ أن يقولوا سمعنا منه كذا، وكذا.
(سمّاعون لقوم آخرين).
أي هم مستمعون منك لقوم آخرين " لم يأتوك " أي هم عيون لأولئك الغيّب ويجوز أن يكون رفع " سماعون " على معنى ومن الذين هادوا سماعون فيكون الإخبار أن السّماعين منهم، ويرتفع منهم كما تقول: في قومك عقلاء.
هذا مذهب الأخفش، وزعم سيبويه أن هذا يرتفع بالابتداء.
وقوله: (يحرّفون الكلم من بعد مواضعه)
أي من بعد أن وضعه اللّه موضعه أي فرض فروضه، وأحلّ حلاله وحرم حرامه.
وقوله: (إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا).
(إن أوتيتم) هذا الحكم المحرّف فخذوه.
(وإن لم تؤتوه فاحذروا) أي احذروا إن أفتاكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير ما حدّدنا لكم، فاحذروا أن تعملوا به.
وكان السبب في هذا فيما روي أن الزنا كثر في أشراف اليهود وخيبر.
وكان في التوراة أن على المحصنين الرجم فزنى رجل وامرأة، فطمعت اليهود أن يكون نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الجلد في المحصنين، وكانوا قد حرّفوا وصاروا يجلدون المحصنين ويسودون وجوههما، فأوحى الله جل ثناؤه أنّهم يستفتونه في أمر هاتين المرأتين، وأعلمه أن اللّه يأمرهم عن أعلمهم بالتوراة، فأعلموه إنّه ليس بحاضر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علمت، وكان جبريل قد أعلمه مكانه فأمرهم أن يحضروه، فأحضروه، وأوحى اللّه إلى نبيه أن يستحلفهم ليصدقنّه، فلما حضر عالمهم قال له النبي: أسالك بالذي أنزل التوراة على موسى، ورفع فوقكم الطور، وفلق لكم البحر، هل في التوراة أن يرجم المحصنان إذا زنيا؟ قال: نعم. فوثب عليه سفلة اليهود، فقال خفت إن كذبته أن ينزل بنا عذاب.
ويقال إن الذي سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن صوريا اليهودي، وكان حديث السّن، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت أعلم قومك بالتوراة؟ قال: كذا يقولون.
وكان هو المخبر له بأن الرجم فيها، وأنّه ساءل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء كان يعرفها من أعلامه فلما أنبأه النبي - صلى الله عليه وسلم - بها قال أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول الله الأمي العربي الذي بشّر به المرسلون.
وهذا الذي ذكرناه من أمر الزانيين مشهور في رواية المفسرين وهو يبين قوله: (إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا).
والقائل: يقول ما تفسير هذا، فلذلك شرحناه، وبالله الحول والقوة.
وقوله: (ومن يرد اللّه فتنته).
قيل: فضيحته.
وقيل: أيضا كفره، ويجوز أن يكون اختباره بما يظهر به أمره، يقال: فتنت الحديد إذا أحميته، وفتنت الرجل إذا أزلته عما كان عليه، ومنه قوله: (وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك) أي وإن كادوا ليزيلونك.
وقوله: (أولئك الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم).
أي أن يهينهم.
(لهم في الدّنيا خزي).
قيل: لهم في الدنيا فضيحة بما أظهر الله من كذبهم.
وقيل: لهم في الدنيا خزي بأخذ الجزية منهم، وضرب الذلة والمسكنة عليهم). [معاني القرآن: 2/174-177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} أي لا يحزنك مسارعتهم إلى الكفر لأن الله جل وعز قد وعدك النصر). [معاني القرآن: 2/305]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم} قال مجاهد يعني المنافقين). [معاني القرآن: 2/306]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن الذين هادوا سماعون للكذب} قال مجاهد يعني اليهود فأما معنى سماعون للكذب والإنسان يسمع الخير والشر ففيه قولان:
أحدهما أن المعنى قابلون للكذب، وهذا معروف في اللغة أن يقال: لا تسمع من فلان أي لا تقبل منه، ومنه سمع الله لمن حمده معناه: قبل؛ لأن الله جل وعز سامع لكل شيء
والقول الآخر أنهم سماعون من أجل الكذب كما تقول أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك). [معاني القرآن: 2/306-307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {سماعون لقوم آخرين لم يأتوك} أي هم عيون لقوم آخرين لم يأتوك). [معاني القرآن: 2/307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يحرفون الكلم من بعد مواضعه} أي من بعد أن وضعه الله مواضعه فأحل حلاله وحرم حرامه). [معاني القرآن: 2/307]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا} أي تقول اليهود إن أوتيتم هذا الحكم المحرف فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا أن تعملوا به ومعنى هذا أن رجلا منهم زنى وهو محصن وقد كتب الرجم على من زنى وهو محصن في التوراة فقال بعضهم ائتوا محمدا لعله يفتيكم بخلاف الرجم فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بالرجم بعد أن أحضرت التوراة ووجد فيها فرض الرجم وكانوا قد أنكروا ذلك). [معاني القرآن: 2/307-308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا} قيل معنى الفتنة ههنا الاختبار وقيل معناها العذاب). [معاني القرآن: 2/308]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي} أي فضيحة وذل حين أحضرت التوراة فتبين كذبهم وقيل خزيهم في الدنيا أخذ الجزية والذل). [معاني القرآن: 2/308]

تفسير قوله تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (للسّحت) (42) السحت: كسب مالا يحلّ.
(فاحكم بينهم بالقسط) (42) أي بالعدل.
(إنّ الله يحبّ المقسطين) (42) أي العادلين.
يقال: أقسط يقسط، إذا عدل، وقوله عز وجل: (وأمّا القاسطون) (72/15) الجائرون الكفّار، كقولهم هجد: نام، وتهجّد: سهر). [مجاز القرآن: 1/166-167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({السحت}: كسب ما لا يحل). [غريب القرآن وتفسيره: 130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أكّالون للسّحت} أي للرّشي: وهو من أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه.
{فاحكم بينهم بالقسط} أي بالعدل). [تفسير غريب القرآن: 143]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (ثم عاد عزّ وجل في وصفهم فقال: سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضرّوك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إنّ اللّه يحبّ المقسطين (42)
(سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت)
ويقرأ (للسّحت) جميعا، تأويله أن الرشا التي يأكلونها يعاقبهم الله بها أن يسحتهم بعذاب، كما قال جل وعز: (لا تفتروا على اللّه كذبا فيسحتكم بعذاب).
ومثل هذا قوله: (إنما يأكلون في بطونهم نارا). أي يأكلون ما عاقبته النار، يقال سحته وأسحته إذا استأصله، وقال بعضهم سحته: أذهبه قليلا قليلا إلى أن استأصله ومثل أسحته قول الفرزدق.
وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع... من المال إلاّ مسحتا أو مجلّف
ويجوز أن يكون سحته وأسحته إذا استأصله، كان ذلك شيئا بعد شيء.
أو كان دفعة واحدة.
وقوله (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم).
أجمعت العلماء على أن هذه الآية تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مخيّر بها في الحكم بين أهل الذمّة.
وقيل في بعض الأقاويل: إن التخيير نسخ بقوله: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله).
وقوله: (فاحكم بينهم بالقسط). أي العدل). [معاني القرآن: 2/177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {سماعون للكذب أكالون للسحت} روى زر عن عبد الله بن مسعود أنه قال السحت الرشوة وقال مسروق سألت عبد الله عن الجور في الحكم قال ذلك الكفر قلت فما السحت قال أن يقضي الرجل لأخيه حاجة فيهدي إليه هدية فيقبلها والسحت في كلام العرب على ضروب يجمعها أنه ما يسحت دين الإنسان يقال سحته وأسحته إذا استأصله ومنه:
وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتا أو مجلف). [معاني القرآن: 2/309]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} في هذا قولان: أحدهما روي عن ابن عباس أنه قال هي منسوخة نسخها {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} وكذا قال مجاهد وعكرمة قال الشعبي إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم وكذلك قال إبراهيم وقال الحسن ليس في المائدة شيء منسوخ والاختيار عند أهل النظر القول الأول لأنه قول ابن عباس ولا يخلو قوله عز وجل: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} من أن يكون ناسخا لهذه الآية أو يكون معناه وأن احكم بينهم بما أنزل الله إن حكمت فقد صار مصيبا أن حكم بينهم بإجماع وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقويه
روي عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب أن يهوديا مر به على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حمم وجهه فسأل عن شأنه فقيل زنى وهو محصن وذكر الحديث وقال في آخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول من أحيا ما أماتوا من أمر الله فأمر به فرجم ويبين لك أن القول هذا قوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط}). [معاني القرآن: 2/310-311]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاحكم بينهم بالقسط} أي بالعدل). [معاني القرآن: 2/311]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (و(للسحت): الحرام). [ياقوتة الصراط: 209]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((والسحت) الرُشا في الأحكام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 69]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((السُّحْتِ): الحرام). [العمدة في غريب القرآن: 121]

تفسير قوله تعالى: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) )
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (بما استحفظوا من كتاب الله) (44) أي بما استودعوا، يقال استحفظته شيئاً: أي استودعته). [مجاز القرآن: 1/167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({الرّبّانيّون}: العلماء، وكذلك (الأحبار) واحدهم حبر وحبر.
{بما استحفظوا} أي استودعوا). [تفسير غريب القرآن: 144-144]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (إنّا أنزلنا التّوراة فيها هدى ونور يحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا للّذين هادوا والرّبّانيّون والأحبار بما استحفظوا من كتاب اللّه وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا النّاس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون (44)
أي فيها نور أي بيان أن أمر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - حق، وفيها بيان الحكم الذي جاءوا يستفتون فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويجوز أن يكون المعنى على التقديم والتأخير، على معنى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور للذين هادوا، يحكم بها النبيون الذين أسلموا والربانيون، ويجوز أن يكون " يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا.
أي يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما سألوه بما في التوراة.
ويجوز أن يكون للذين هادوا للذين تابوا، أي النبيون والربانيون هم العلماء والأحبار وهم العلماء الخيار يحكمون للتائبين من الكفر.
(بما استحفظوا من كتاب اللّه).
أي استوعوا.
وقوله: (ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون)
أي من زعم أن حكما من أحكام اللّه التي أتت بها الأنبياء عليهم السلام باطل فهو كافر، أجمعت الفقهاء أن من قال إن المحصنين لا يجب أن يرجما إذا زنيا وكانا حرّين - كافر، وإنما كفر من رد حكما من أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مكذب له، ومن كذب النبي فهو كافر). [معاني القرآن: 2/178]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور} أي فيها بيان أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما جاءوا يستفتون فيه). [معاني القرآن: 2/312]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا} يجوز أن يكون المعنى فيها هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون ويجوز أن يكون المعنى يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا وعليهم ثم حذف وقد قيل إن لهم بمعنى عليهم وتأول حديث النبي صلى الله عليه وسلم في أمر بريرة حين قال: اشترطي لهم الولاء أن معناه عليهم لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمرها بشيء لا يجب وقال الله جل ذكره: {وإن أسأتم فلها} والذين أسلموا ههنا نعت فيه معنى المدح مثل بسم الله الرحمن الرحيم). [معاني القرآن: 2/312-313]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {والربانيون والأحبار} قال أبو رزين الربانيون العلماء الحكماء والرباني عند أهل اللغة معناه رب العلم أي صاحب العلم وجيء بالألف والنون للمبالغة ويقوي هذا أنه يروى أن ابن الحنفية رحمة الله عليه قال لما مات ابن عباس مات رباني العلم
وقال مجاهد الربانيون فوق الأحبار والأحبار العلماء لأنهم يحبرون لشيء وهو في صدورهم محبر وقال ابن عباس سمي الحبر الذي يكتب به حبرا لأنه يحبر به أي يحقق به وقال الثوري سألت الفراء لم سمي الحبر حبرا فقال يقال للعالم حبر وحبر والمعنى مداد حبر ثم حذف كما قال تعالى: {واسأل القرية} فسألت الأصمعي فقال ليس هذا بشيء إنما سمي حبرا لتأثيره يقال على أسنانه حبرة أي صفرة أو سواد). [معاني القرآن: 2/313-314]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {بما استحفظوا من كتاب الله} أي استودعوا). [معاني القرآن: 2/314]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.
قال ابن عباس: هو به كافر لا كفرا بالله وملائكته وكتبه.
وقال الشعبي: الأولى في المسلمين، والثانية في اليهود، والثالثة في النصارى.
وقال غيره: من رد حكما من أحكام الله فقد كفر.
قلت: وقد أجمعت الفقهاء على أنه من قال: لا يجب الرجم على من زنى وهو محصن أنه كافر؛ لأنه رد حكما من أحكام الله جل وعز.
ويروى أن حذيفة سئل عن هذه الآيات: أهي في بني إسرائيل؟ فقال: نعم هي فيهم ولتسلكن سبيلهم حذو النعل بالنعل
وقال الحسن: أخذ الله جل وعز على الحكام ثلاثة أشياء أن لا يتبعوا الهوى وأن لا يخشوا الناس ويخشوه وأن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا.
وأحسن ما قيل في هذا، ما رواه الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء قال: هي في الكفار كلها يعني {فأولئك هم الكافرون} {فأولئك هم الظالمون} {فأولئك هم الفاسقون}، والتقدير على هذا القول والذين لم يحكموا بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). [معاني القرآن: 2/315-316]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بمَا اسْتُحْفِظُواْ} أي استُدعوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 69]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الرَّبَّانِيُّونَ}: العلماء). [العمدة في غريب القرآن: 122]

تفسير قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) )
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس...}
تنصب (النفس) بوقوع (أنّ) عليها. وأنت في قوله: {والعين بالعين والأنف بالأنف} إلى قوله: {والجروح قصاصٌ} بالخيار. إن شئت رفعت، وإن شئت نصبت. وقد نصب حمزة ورفع الكسائيّ.
قال الفراء: وحدثني إبراهيم بن محمد ابن أبي يحيى عن أبان بن أبي عياش عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: (والعين بالعين) رفعا.
قال الفرّاء: فإذا رفعت العين أتبع الكلام العين، وإن نصبنه فجائز. وقد كان بعضهم ينصب كله، فإذا انتهى إلى {والجروح قصاصٌ} رفع. وكل صواب، إلا أن الرفع والنصب في عطوف إنّ وأنّ إنما يسهلان إذا كان مع الأسماء أفاعيل؛ مثل قوله: {وإذا قيل إن وعد اللّه حق والساعة لا ريب فيها} كان النصب سهلا؛ لأنّ بعد الساعة خبرها. ومثله {إن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} ومثله {وإن الظالمين بعضهم أولياء بعضٍ والله ولي المتقين} فإذا لم يكن بعد الاسم الثاني خبر رفعته، كقوله عزّ وجلّ: {أنّ الله برئ من المشركين ورسوله} وكقوله: {فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين} وكذلك تقول: إنّ أخاك قائم وزيد، رفعت (زيد) بإتباعه الاسم المضمر في قائم. فابن على هذا). [معاني القرآن للفراء: 1/309-310]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فمن تصدّق به فهو كفّارةٌ لّه...}
كنى (عن [الفعل] بهو) وهي في الفعل الذي يجرى منه فعل ويفعل، كما تقول: قد قدمت القافلة ففرحت به، تريد: بقدومها.
وقوله: {كفّارةٌ لّه} يعني: للجارح والجاني، وأجر للمجروح). [معاني القرآن: 1/312]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وآتيناه الإنجيل فيه هدًى...}
ثم قال {ومصدّقاً} فإن شئت جعل {مصدّقاً} من صفة عيسى، وإن شئت من صفة الإنجيل.
وقوله: {وهدًى وموعظةً لّلمتّقين} متبع للمصدّق في نصبه، ولو رفعته على أن تتبعهما قوله: {فيه هدًى ونورٌ} كان صوابا). [معاني القرآن: 1/312]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (فمن تصدّق به فهو كفّارةٌ له) (45) أي عفا عنه.
(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظّالمون) (45): أي الكافرون، ومن ها هنا في معنى الجميع، فلذلك كان فأولئك هم الظالمون؛ وللظلم موضعٌ غير هذا؛ ظلم النّاس بعضهم بعضاً، وظلم اللّبن: أن يمخص قبل أن يروب، وظلم السائل مالا يطيق المسئول عفواً. كقول زهير:
=ويظلم أحياناً فينظلم
والأرض مظلومة: لم ينبط بهان ولا أوقد بها نار). [مجاز القرآن: 1/167]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسّنّ بالسّنّ والجروح قصاصٌ فمن تصدّق به فهو كفّارةٌ لّه ومن لّم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الظّالمون}
وقال: {والجروح قصاصٌ} إذا عطف على ما بعد "أنّ" نصب والرفع على الابتداء كما تقول: "إنّ زيداً منطلقٌ وعمرٌ ذاهبٌ" وإن شئت قلت: "وعمراً ذاهبٌ" نصب ورفع). [معاني القرآن: 1/225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فمن تصدّق به فهو كفّارةٌ له} أي للجارح وأجر للمجروح). [تفسير غريب القرآن: 144]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسّنّ بالسّنّ والجروح قصاص فمن تصدّق به فهو كفّارة له ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الظّالمون (45)
أي في التوراة.
(أنّ النّفس بالنّفس والعين بالعين).
وروي أن النبي قرأ والعين بالعين والقراءة والعين بالعين
(والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسّنّ بالسّنّ والجروح قصاص).
بالرفع والنصب جميعا لا اختلاف بين أهل العربية في ذلك، فمن قرأ العين بالعين أراد أن العين بالعين، ومن قرأ، والعين بالعين فرفعه على وجهين، على العطف على موضع النفس بالنفس والعامل فيها.
المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس، أي قلنا لهم النفس بالنفس، ويجوز كسر إن، ولا أعلم أحدا قرأ بها فلا تقرأنّ بها إلا أن تثبت رواية صحيحة.
ويجوز أن تكون العين بالعين، ورفعه على الاستئناف.
وفيها وجه آخر، يجوز أن يكون عطفا على المضمر في النفس، لأن المضمر في النفس في موضع رفع.
المعنى أن النفس مأخوذة هي بالنفس، والعين معطوفة على هي.
وقوله: (فمن تصدّق به فهو كفّارة له)
قال بعضهم من تصدق به أي بحقه فهو كفارة للجارح إذا ترك المجروح حقه، رفع القصاص عن الجارح.
وقال بعضهم هو كفارة للمجروح أي يكفر الله عنه بعفوه ما سلف من ذنوبه). [معاني القرآن: 2/178-179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال ابن عباس فهو كفارة للجارح وكذلك قال عكرمة والمعنى فمن تصدق بحقه وقال عبد الله بن عمرو فهو كفارة للمجروح أي يكفر عنه من ذنوبه مثل ذلك وكذلك قال ابن مسعود وجابر بن زيد رحمهما الله). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ} أي للجارح، والهاء عائدة على الجارح، وقيل: الهاء تعود على المجروح، وقيل: تعود على ولي المقتول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 69]

تفسير قوله تعالى: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وآتيناه الإنجيل فيه هدًى...}
ثم قال {ومصدّقاً} فإن شئت جعل {مصدّقاً} من صفة عيسى، وإن شئت من صفة الإنجيل.
وقوله: {وهدًى وموعظةً لّلمتّقين} متبع للمصدّق في نصبه، ولو رفعته على أن تتبعهما قوله: {فيه هدًى ونورٌ} كان صوابا). [معاني القرآن: 1/312]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقفّينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدّقاً لّما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدًى ونورٌ ومصدّقاً لّما بين يديه من التّوراة وهدًى وموعظةً لّلمتّقين}
[و] قال: {وآتيناه الإنجيل فيه هدًى ونورٌ} لأنّ بعضهم يقول: "هي الإنجيل" وبعضهم يقول: "هو الإنجيل". وقد يكون على أنّ "الإنجيل" كتاب فهو مذكر في المعنى فذكروه على ذلك. كما قال: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} ثم قال: {فارزقوهم مّنه} فذكّر و"القسمة" مؤّنّثة لأنّها في المعنى "الميراث" و"المال" فذكر على ذلك). [معاني القرآن: 1/225]

تفسير قوله تعالى: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وليحكم أهل الإنجيل...}
قرأها حمزة وغيره نصبا، وجعلت اللام في جهة كي. وقرئت {وليحكم} جزما على أنها لام أمر). [معاني القرآن: 1/312]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وقفّينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدّقاً لما بين يديه من التّوراة) (47) أي لما كان قبله، (وقفّينا) أي أتبعنا، وقفيت أنا على أثره). [مجاز القرآن: 1/168]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ومهيمناً عليه) (48) أي مصدّقاً مؤتمناً على القرآن وشاهداً عليه.
(لكلٍ ّجعلنا منكم شرعةً) (48) أي سنة (ومنهاجاً) (48) سبيلا واضحاً بينّاً، وقال:
من يك ذا شكٍّ فهذا فلج=ماءٌ رواء وطريقٌ نهج). [مجاز القرآن: 1/168]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقاً لّما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً ولكن لّيبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون}
وقال: {ومهيمناً عليه} يقول: "وشاهداً عليه" نصب على الحال.
وقال: {شرعةً ومنهاجاً} فـ"الشّرعة": الدين، من "شرع" "يشرع"، و"المنهاج": الطريق من "نهج" "ينهج"). [معاني القرآن: 1/225-226]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({مهيمنا}: مؤتمنا على ما قبله من الكتب.
48- {شرعة}: شريعة.
48- {منهاجا}: سبيلا). [غريب القرآن وتفسيره: 130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فمن تصدّق به فهو كفّارةٌ له} أي للجارح وأجر للمجروح.
48 - {ومهيمناً عليه} أي أمينا عليه.
{شرعةً} وشريعة هما واحد.
و(المنهاج): الطريق الواضح. يقال: نهجت لي الطريق: أي أوضحته.
{ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً} أي لجمعكم على دين واحد.
والأمة تتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 144]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل اللّه ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ لكلّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء اللّه لجعلكم أمّة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعا فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون (48)
(ومهيمنا عليه)
رواها بعضهم ومهيمنا - بفتح الميم الثانية - وهي عربية ولا أحب القراءة بها، لأن الإجماع في القراءة على كسر الميم في قوله: (المؤمن المهيمن).
واختلف الناس في تفسير قوله: (المؤمن المهيمن)، واختلف الناس في تفسير قوله: (ومهيمنا عليه)
فقال بعضهم: معناه وشاهدا عليه.
وقال بعضهم: رقيبا عليه، وقال
بعضهم: معناه: مؤتمنا عليه.
وقال بعضهم: المهيمن اسم من أسماء الله في الكتب القديمة.
وقال بعضهم: مهيمن في معنى مؤتمن إلا أن الهاء بدل من الهمزة، والأصل مؤتمنا عليه كما قالوا: هرقت الماء، وأرقت الماء، وكما قالوا: إياك وهياك، وهذا قول أبي العباس محمد بن يزيد، وهو على مذهب العربية حسن وموافق لبعض ما جاء في التفسير، لأن معناه مؤتمن.
وقوله: (وليحكم أهل الإنجيل).
قرئت بإسكان اللام وجزم الميم على مذهب الأمر، وقرئت وليحكم بكسر اللام وفتح الميم على معنى ولأن يحكم ويجوز كسر اللام مع الجزم وليحكم أهل الإنجيل، ولكنه لم يقرأ به فيما علمت، والأصل كان كسر اللام، ولكن الكسرة حذفت استثقالا. والإنجيل القراءة فيه بكسر الهمزة.
ورويت عن الحسن: الأنجيل بفتح الهمزة، وهذه قولة ضعيفة، لأن أنجيل أفعيل، وليس في كلام العرب هذا المثال، وإنجيل إفعيل من النجل وهو الأصل، وللقائل أن يقول إن إنجيل اسم أعجمي فلا ينكر أن يقع بفتح الهمزة؛ لأن كثيرا من الأسماء الأعجمية تخالف أمثلة العرب نحو آجرّ وإبراهيم وهابيل وقابيل، فلا ينكر أن يجيء إنجيل وإنما كرهت القراءة بها لأن إسنادها عن الحسن لا أدري هل هو من ناحية يوثق بها أم لا). [معاني القرآن: 2/180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومهيمنا عليه} قال ابن عباس أي مؤتمنا عليه وقال سعيد بن جبير القرآن مؤتمن على ما قبله من الكتب وقال قتادة: أي شاهد
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: الأصل مؤيمن عليه أي أمين فأبدل من الهمزة هاء كما يقال هرمت الماء وأرمت الماء وقال أبو عبيد يقال هيمن على الشيء يهيمن إذا كان له حافظا وهذه الأقوال كلها متقاربة المعاني لأنه إذا كان حافظا للشيء فهو مؤتمن عليه وشاهد وقرأ مجاهد وابن محيص (ومهيمنا عليه) بفتح الميم وقال مجاهد أي محمد صلى الله عليه وسلم مؤتمن على القرآن). [معاني القرآن: 2/317-318]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}
قال ابن عباس: سبيلا وسنة
وقال قتادة: الدين كله واحد والشرائع مختلفة وشرعة وشريعة عند أهل اللغة بمعنى واحد وهو ما بان ووضح ومنه طريق للشارع أي ظاهر بين ومنه هما في الأمر شرع أي ظهورهما فيه واحد والمنهاج في اللغة الطريق البين.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: الشريعة ابتداء الطريق والمنهاج الطريق المستمر). [معاني القرآن: 2/318-319]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة} قال ابن عباس: على دين واحد). [معاني القرآن: 2/320]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولكن ليبلوكم فيما آتاكم} أي ليختبركم). [معاني القرآن: 2/320]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (ومهيمنا عليه) أي: شاهدا).[ياقوتة الصراط: 210]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (شرعة) أي: ملة. و(مِنْهَاجاً) أي: طريقة دين). [ياقوتة الصراط: 210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَمُهَيْمِنًا} أي أميناً
{شِرْعَةً} مثل شريعة، {وَمِنْهَاجًا} طريقا واضحاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 70]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُهَيْمِنًا}: مؤتمناً على ما قبله
48- {شِرْعَةً}: شريعة
48- {مِنْهَاجًا}: طريقاً). [العمدة في غريب القرآن: 122]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأن احكم بينهم...}
دليل على أنّ قوله (وليحكم) جزم. لأنه كلام معطوف بعضه على بعض). [معاني القرآن: 1/313]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (واحذرهم) أن يفتنوك) (49) أن يضلّوك ويستزلّوك.
(عن بعض ما أنزل الله إليك) (49)، وأفتنت لغة، وقال الأعشى أعشى همدان:
لئن فتنتنى لهى بالأمس أفتنت... سعيداً فأمسى قد قلا كلّ مسلمٍ
فيه لغتان). [مجاز القرآن: 1/168]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: الصدّ والاستزلال. قال الله عز وجل: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}، أي: يصدّوك ويستزلوك. وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}، وقال: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} أي: صادين). [تأويل مشكل القرآن: 473]

تفسير قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون (50)
أي تطلب اليهود في حكم الزانيين حكما لم يأمر الله به وهو أهل الكتاب كما تفعل الجاهلية.
وقوله: (ومن أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون).
أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون (50)
أي من أيقن تبيّن عدل اللّه وحكمه.
و(حكما) منصوب على التفسير). [معاني القرآن: 2/180-181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفحكم الجاهلية يبغون} روي عن الحسن وقتادة والأعرج والأعمش أنهم قرءوا {أفحكم الجاهلية يبغون} الحكم والحاكم في اللغة واحد وكأنهم يريدون الكاهن وما أشبهه من حكام الجاهلية وهذا في قراءة من قرأ (أفحكم) ومعنى يبغون يطلبون.
وقال مجاهد: يراد بهذا اليهود يعني في أمر الزانيين حين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتوهمون أنه يحكم عليهما بخلاف الرجم). [معاني القرآن: 2/320]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} أي من أيقن تبين أن حكم الله جل وعز هو الحق). [معاني القرآن: 2/321]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (يبغون) أي: يطلبون). [ياقوتة الصراط: 210]


رد مع اقتباس